نبض أرقام
09:43 ص
توقيت مكة المكرمة

2025/12/17
2025/12/16

موقف القانون في تجريم تهريب الأصول

2010/05/30 القبس ـ المحامي عبدالرزاق عبدالله

قد تعمد الشركة في حال تعثرها وتذبذب وضعها المالي الى نقل بعض اصولها، خصوصا الثمينة منها الى شركات او اشخاص آخرين، حتى تكون هذه الاصول والاموال في مأمن من الدائنين، وخارج نطاق ذمة الشركة المالية، وبالتالي لا يمكن الحجز عليها ان عزم الدائنون اتخاذ الاجراءات القانونية ضدها. وقد يكون القصد من وراء هذا التصرف الاستئثار بالاصول القيمة للشركة من قبل كبار الملاك واعضاء مجلس الادارة، حيث تكون الشركة غارقة في الديون وعلى وشك الافلاس، ولا امل في تعافي الشركة واستمرارها، وبالتالي فانهم يحاولون الخروج باكبر غنم قبل هلاك الشركة مفضلين انفسهم على الدائنين وبقية المساهمين.

وقد يكون القصد من التصرف في اموال الشركة الاضرار بالدائنين، وذلك بالامعان في اعسار الشركة وتبديد اصولها، او يكون القصد من وراء ذلك هو تفضيل دائن على آخر بان يتم سداد كامل مديونية هذا الدائن رغم تعثر الشركة وعدم تمكنها من القيام بسداد ما هو مستحق عليها من ديون، وغالبا ما يكون هذا الدائن احد كبار الملاك او المقربين لمجلس الادارة. ومن الناحية القانونية والمستقر عليه فقها وقضاء ان هذا غير جائز، وان اموال المدين كلها ضامنة لالتزاماته، وجميع الدائنين متساوون في هذا الضمان، الا من كان له حق التقدم طبقا للقانون، والاصل ان جميع اموال المدين يجوز التنفيذ عليها الا الاموال التي استثناها القانون، والمال يكون ضامنا لالتزامات المدين ما دام على ملكه، فاذا خرج عن ملكه خرج هذا المال من الضمان العام للدائنين، لذلك فان القانون اعطى الدائن الحق في مراقبة اموال المدين وتتبعه، بل اعطاه حق المحافظة عليه، حتى يتمكن من استيفاء دينه ويأمن غش المدين او تقصيره، فللدائن حق منع اي تصرف يضعف من المركز المالي لمدينه، وذلك عن طريق اقامة دعوى عدم نفاذ التصرفات. حيث منحت المادة 310 من القانون المدني لكل دائن يكون حقه مستحق الاداء، وصدر من مدينه تصرف ضار به ان يطلب عدم نفاذ هذا التصرف في حقه اذا كان التصرف قد انقص من حقوق المدين او زاد في التزاماته وترتب عليه اعسار المدين او زيادة اعساره. الا ان المشرع ربط استعمال هذا الحق بشروط اولها واهمها انه اذا كان تصرف المدين بمقابل فيشترط لعدم نفاذه في حق الدائن وقوع غش من المدين، وان يكون المتصرف اليه يعلم بهذا الغش، والغش قد يكون ثابتا بان يكون المدين عالما بانه معسر او يفترض ان يكون عالما به، وكذلك المتصرف اليه يكون عالما بغش المدين اذا اثبت الدائن انه كان يعلم وقت التصرف ان المدين معسر او كان ينبغي عليه ان يعلم ذلك.
أما إذا كان تصرف المدين تبرعا فإنه لا يشترط لعدم نفاذه في حق الدائن غش المدين ولا حسن نية المتصرف إليه، فإن مجرد التصرف من دون مقابل يكفي بذاته سببا لمنع التصرف. وإذا تصرف المتصرف إليه إلى آخر، أي بمعنى أي بمعنى آخر إذا نقل من انتقلت إليه الملكية من المدين إلى آخر بمقابل أيضا، فيجب أن يكون هذا الأخير سيئ النية ويعلم بغش المدين وأن المتصرف الأول يعلم بهذا الغش والمراد بالغش هنا كما سبق أن أسلفنا هو العلم بإعسار المدين.

وإذا تصرف المتبرع له إلى آخر بمقابل فلا يكون للدائن أن يتمسك بعدم نفاذ التصرف إلا إدا اثبت أن المتصرف إليه الثاني كان يعلم بإعسار المدين وقت تصرفه.

وإذا كان تصرف المدين على شكل تفضيل دائن على بقية الدائنين، فإن للدائن أن يطلب عدم نفاذ التصرف في حقه مع مراعاة ما سبق ذكره من ضرورة أن يكون هذا التصرف من شأنه أن ينقص من حقوق المدين أو يزيد في التزاماته ويترتب عليه إعسار المدين أو الزيادة في إعساره. وكذلك إذا وفي المدين المعسر أحد دائنيه قبل حلول أجل سداد الدين، فإنه من حق باقي الدائنين طلب عدم نفاذ التصرف بالوفاء المبكر، أما إذا كان الوفاء بالدين من قبل المدين المعسر بعد انقضاء الأجل فإنه يجب إثبات تواطؤ بين المدين والدائن الذي استوفى حقه.

وغنى عن البيان أن طلب عدم نفاذ التصرف يكون عن طريق دعوى موضوعية ترفع أمام القضاء، وتسقط بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه الدائن بالسبب الذي يحق معه المطالبة بعدم نفاذ التصرف، أي يعلم بأن المدين قام بتحويل الأموال وأجرى هذا التصرف وهو عالم بأنه معسر أو أن هذا يزيد في إعساره، وإلى جانب حق الدائن في إقامة دعوى عدم نفاذ التصرفات التي يجريها مدينه إضرار به، فإنه لكون أموال المدين جميعها ضامنة للوفاء بدينه فإنه يجوز للدائن أن يستعمل باسم مدينه حقوق هذا المدين المالية ولو لم يكن حقه مستحق الأداء، متى ما أهمل المدين في تحصيل حقوقه المالية قبل الغير، وأن عدم قيامه بذلك من شأنه أن يسبب أو يزيد في إعساره ويعتبر الدائن عند استعمال حقوق مدينه المعسر نائبا عنه. وفي النهاية يمكن القول بأن الدائنين للشركة المتعثرة التي تقوم بتحويل ملكية أصولها إلى الغير أو تتقاعس في تحصيل ديونها من مدينيها المقربين للإدارة فإنه لهم وفق القانون وقف هذه التصرفات إضافة إلى حق المطالبة بالتعويضات.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.