ان نظرة المشرع الى الحياة التجارية تختلف عن نظرته الى الحياة المدنية، ذلك ان واقع الحياة المدنية يختلف عن واقع الحياة التجارية، وما يصلح لهذا لا يصلح لذاك، فوفقا للمادة 20 من القانون المدني يقع باطلا كل اتفاق على تقاضي فوائد مقابل الانتفاع بمبلغ من النقود او مقابل التأخير في الوفاء بالالتزام به. ويعتبر في حكم الفائدة كل منفعة او عمولة ايا كان نوعها اشترطها الدائن اذا كان ثبت ان ذلك لا يقابله خدمة حقيقية متناسبة يكون الدائن قد اداها فعلا.
ويتبين من حكم هذه المادة ان المشرع قد حظر تقاضي الفوائد في المعالمات المدنية سواء كان عقد قرض او التأخير او العجز عن الوفاء بالالتزامات، ولكن ما يناسب المعاملات المدنية لا يناسب المعاملات التجارية، لان الاخيرة قوامها السرعة والثقة والائتمان، لذلك فإن المشرع يتدخل بنصوص للحث على الوفاء بالديون والالتزامات التجارية في مواعيدها وبالسرعة التي تقتضيها ظروف الحال في الحياة التجارية.
وتعتبر الفوائد صورة من صور التعويض النقدي لجبر الضرر عن الاخلال بالالتزام العقدي، وقد تكون الفوائد اتفاقية وقد تكون محددة قانونا وعند عدم الاتفاق يتعين التقيد باحكام القانون في تحديد سعر الفائدة.
وقد اقر المشرع الفائدة في المعاملات التجارية وفق المادة 102 بأن اباح للدائن اقتصاء فائدة في القرض التجاري، وتعتبر الفائدة في هذه الحالة مقابلا للانتفاع بمبلغ القرض، وهذه تعتبر وسيلة قصد بها المشرع التشجيع على توفير وسائل تمويل العمليات التجارية.
كما اجاز المشرع الفوائد التأخيرية في المادة 110 من القانون التجاري اذا تأخر المدين عن سداد الدين المستحق وجب عليه ان يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخير فوائد قانونية قدرها سبعة في المائة. وهذه الفوائد وان كانت محددة بموجب القانون، فانه يجوز الاتفاق على مقدار الفوائد التأخيرية بما يخالف القيمة المحددة بالمادة 110 الآنفة الذكر، ولكن في جميع الاحوال لا يجوز الاتفاق على سعر فائدة يزيد عن الاسعار المعلنة من البنك المركزي.
ولا يجوز تقاضي فوائد على متجمد الفوائد او ان تزيد مجموع الفوائد عن مبلغ القرض، ولكن هناك استثناءات من ذلك كما في حالة الحساب الجاري.
وان كان مفهوم نص المادة 110 تجاري السالفة الذكر يفيد كون هذه الفوائد هي في حقيقتها تعويض عن التأخير في سداد الدين عن موعد الاستحقاق، ومع ان التعويض كقاعدة عامة لا يكون مستحقا سواء كان اتفاقيا الا اذا ثبت الضرر، الا انه وفق هذه المادة فإنه لا يشترط توافر عنصر الضرر لاستحقاق فوائد التأخير القانونية في المعالمات التجارية بعكس المعاملات المدنية التي يجب توافر عنصر الضرر لاستحقاقها، بل ان الدائن في المعاملات التجارية يجوز له أن يطالب بتعويض اضافي زيادة على فوائد التأخير اذا اصابه ضرر كبير نتيجة تراخي المدين في الوفاء بالتزامه في الموعد المحدد دون حاجة الى اثبات ان الضرر الذي يجاوز هذه الفوائد قد تسبب فيه المدين بغش منه او كان نتيجة خطأ جسيم.
وجدير بالذكر ان الفوائد التأخيرية عن الديون التجارية تستحق من تاريخ استحقاق الدين ما لم ينص الاتفاق او القانون على خلاف ذلك، في حين لا يستحق التعويض عن الضرر الناشئ عن الاخلال بالالتزام المدني الا من تاريخ المطالبة القضائية.
ومن سياق ما سبق يتبين ان القانون الكويتي قد اجاز الفوائد في المعاملات التجارية وعالجها بشكل مختلف في المعاملات المدنية من حيث مشروعيتها او شروطها او مقدارها، وايا كان اساس استحقاق هذه الفوائد سواء كان باعتبارها مقابلا للانتفاع بالمال او باعتبارها تعويضا عن الاخلال بالتزام عقدي او اي التزام اخر.
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: