يرى العديد من خبراء الطاقة في العالم أن دولة قطر أحرزت تفوقا كبيرا على مستوى العالم في صناعات تسييل الغاز وتحويله الى سوائل خلال العقدين الأخيرين حيث تعد صناعة تسييل الغاز الطبيعبي حجر الاساس في عالم الطاقة النظيفة على مستوى العالم.
وصناعة تسييل الغاز الطبيعي تعني تبريد الغاز صناعيا الى حوالي 160 درجة تحت الصفر ليصبح في هذه الدرجة سائلا مع وجود كل مشتقاته ثم يصدر بناقلات عملاقة مبردة الى مختلف دول العالم.. بينما تحويل الغاز الى سوائل يعني تصنيعه كيميائيا للحصول على عدة منتجات سائلة أهمها وقود الديزل النظيف والنفتا وغيرهما من المنتجات الغازية السائلة والزيوت الاساسية.
ويؤكد علماء الطاقة البترولية ان دولة قطر تعد بلدا غازيا بامتياز لان قطر تمتلك حقل الشمال العملاق الذي يضم الكمية العظمى لاحتياطيات الغاز الطبيعي القطري حيث يعد أكبر حقل غاز في العالم.. وتزيد احتياطياته على 900 تريليون قدم مكعب مما يضع قطر في الموقع الثالث في الترتيب العالمي لاحتياطيات الغاز الطبيعي بعد روسيا الاتحادية وجمهورية ايران الاسلامية.
ويؤكد المختصون في صناعة الغاز القطرية ان انتاج قطر من الغاز الخام سوف يبلغ الذروة في عام 2014 ليصل اجمالي الانتاج الى حوالي 23 مليار قدم مكعب يوميا لصناعات تحويل الغاز الى سوائل وصناعة التسييل والاستهلاك المحلي للكهرباء وكافة الصناعات المحلية الاخرى القطرية اضافة الى حوالي ملياري قدم مكعب يوميا تصدر الى الامارات العربية لتغطية حاجة مشروع دولفين دولة الامارات.
ويعد مشروع تحويل الغاز الطبيعي الى سوائل لؤلؤة قطر الاكبر من نوعه على مستوى العالم والذي قدرت تكاليف تنفيذه ما بين 17 مليار و 19 مليار دولار ويستخرج 1.6 مليار قدم مكعب يوميا من الغاز الطبيعي من حقل غاز الشمال البحري القطري العملاق ونقلها الى رأس لفان لتصنيعها لانتاج السوائل البترولية اهمها وقود الديزل النظيف والنفتا وغيرهما من السوائل البترولية الهامة مثل المكثفات التي تزيد على 150 الف برميل يوميا من مشروعي لؤلؤة قطر ومشروع شركة ساسول من جنوب افريقيا والاستهلاك المحلي والتصدير الى ابوظبي.
ويبلغ اجمالي انتاج كافة مشاريع الغاز القطرية من المكثفات المصاحبة للغاز الطبيعي المستخرج ما يقارب 800 الف برميل يوميا .. في حين يتم تسييل حوالي 18 مليار قدم مكعب يوميا من الغاز الطبيعي في مشروعي قطرغاز و رأس غاز لانتاج 77 مليون طن متري سنويا من الغاز المسال.
ومشروع لؤلؤة قطر ومشروع ساسول والاستهلاك المحلي تمثل حوالي 174 الف برميل يوميا من وقود الديزل النظيف والنفتا وبعض السوائل البترولية الاخرى بالاضافة الى حوالي 150 الف برميل يوميا من المكثفات المصاحبة للغاز الطبيعي الذي يقدر انتاجه للمصنعين بما يقارب من ملياري قدم مكعب يوميا منها 1.6 مليار قدم مكعب لمصنع لؤلؤة قطر والباقي للمصنع الثاني.
والذي يؤهل دولة قطر لأن تتبوأ المركز الأول في صناعات الغاز الطبيعي بشقيه التسييل وتحويله الى سوائل أنها اعدت خطة صناعية لاستغلال حقل الشمال من خلال أربع طرق اساسية هي: بناء مشاريع لتسييل الغاز الطبيعي ومد خطوط انابيب الغاز الى الدول المجاورة مثل الامارات وبناء مشاريع صناعية لتحويل الغاز الى سوائل جي تي أل اضافة الى بناء معامل بتروكيماوية ضخمة بما فيها صناعة الاسمدة البتروكماوية.
واخذت دولة قطر مكانة متقدمة في صناعات الغاز بعد ان شيدت صناعة تحويل الغاز الطبيعي الى سوائل جي تي أل بالتعاون مع شركة ساسول من جنوب افريقيا.
وجاء بعد هذا المصنع المشروع العملاق وهو لؤلؤة قطر الاكبر من نوعه على مستوى العالم بالتعاون مع شركة شل العالمية وذلك بعد أصبح من المؤكد استمرار زيادة الطلب العالمي على النفط وارتفاع اسعاره خلال زمن غير محدد مما شجع وزاد الثقة في الجدوى الاقتصادية المستقبلية في صناعة تحويل الغاز الى سوائل.
وحول الجدوى الاقتصادية من صناعات تسييل الغاز الطبيعي وتحويله الى سوائل أكد سعادة الدكتور محمد صالح السادة وزير الطاقة والصناعة في تصريح سابق ان تطورات الجدوى الاقتصادية الحالية لمنتجات صناعات الغاز المسيل وتحوله الى سوائل تعتبر ايجابية أكثر مما كان متوقعا لها قبل سنوات.. موضحا ان صناعات قطر في تحويل الغاز الى سوائل جاءت في الوقت المناسب وخاصة مشروع لؤلؤة قطر العملاق الذي تم انجازه العام الماضي. واشاد سعادة الدكتور السادة بهذه الانجازات الصناعية القطرية المتعلقة بتحويل الغاز الى سوائل وتسييله والتي قال إنها تعتبر حجر الاساس الاولى في عالم الطاقة النظيفة على مستوى العالم في ازدهار مثل هذه الصناعة.
يذكر ان صناعات الغاز تعتمد على طريقين فقط هما تحويل الغاز الطبيعي الى سوائل التي تعتمد على صناعة العمليات الهيدروكربونية أو الكيميائية وهي تختلف عن صناعة تسييل الغاز التي تعتمد على تكنولوجيا التبريد التي تصل الى حوالي 160 درجة تحت الصفر لجعل الغاز مادة سائلة يصدر الى بلدان العالم بواسطة ناقلات عملاقة شبيهة بالفريزر.
وتؤكد الاوساط البترولية ان هذه الصناعة حققت قفزة هامة وكبرى في فرع هام من صناعات الطاقة البترولية.. مشيرين إلى أن الجدوى الاقتصادية لصناعة تحويل الغاز الى سوائل أو تسييله في دولة قطر تزداد أهمية مع الزمن تبعا للتطور الهام والسريع لتكنولوجيا هذه الصناعة.
وهي كذلك تحقق نتائج ايجابية أفضل مما كان متوقعا لان هذه الصناعة جاءت في الوقت المناسب خاصة وان الاهتمام العالمي متواصل لتطويرها تكنولوجيا باعتبار منتجاتها سوائل بترولية ذات كفاءة عالية كوقود عالي الجودة مثل الديزل ومن حيث النظافة والحفاظ على البيئة التي هي الان في أمس الحاجة الى مثل هذه النظافة.
وترجع فكرة صناعة تحويل الغاز الى سوائل الى ابتكار فيشر-تروبش منذ فترة زمنية طويلة تصل الى حوالي ثمانية عقود إلا انها لم تلفت الاهتمام إلا في عقد التسعينيات من القرن العشرين الماضي عندما بدأ التوجه نحو هذه التقنية الرامية الى تحويل الغاز الى سوائل في ظل تطور علمي هائل ومتسارع رافقه مؤشرات قوية حول زيادة الطلب على البترول وبالتالي ارتفاع اسعاره.
وكانت فترة التسعينيات هي نفس الفترة التي بذلت دولة قطر بقيادة حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى أقصى طاقاتها المالية والمعنوية لتحقيق أهدافها في الوقت المناسب. وكانت من أهم هذه الاهداف رفع الطاقة الانتاجية النفطية وتطوير صناعة تسييل الغاز وكذلك صناعة تحويله الى سوائل اضافة الى توسع ضخم في الصناعات البتروكيماوية المتوقع تصل الذروة ما بين عامي 2014 و2015 .
وكان السبب في تأخر صناعة تحويل الغاز الى سوائل زمنا طويلا كما يرى خبراء الطاقة البترولية عدم وجود الحافز الاقتصادي في حينه.
فقد استخدمت هذه الطريقة سابقا في المانيا خلال الحربين العالميتين الاولى والثانية وفي جنوب افريقيا في فترة الحصار الاقتصادي العالمي أثناء الحكم العنصري حيث كان استخدامها في المانيا وجنوب افريقيا بدافع سياسي وليس اقتصادي عالمي. وظهرت مؤخرا بعض الاوضاع التي لم تكن متوقعة قبل عشرين أو ثلاثين سنة مضت وهي الارتفاع الحاد في زيادة الطلب العالمي على النفط وبالتالي ارتفاع الاسعار النفطية الى مستويات ضمنت نجاح صناعة تحويل الغاز الى سوائل على أسس ذات جدوى اقتصادية. ويؤكد خبراء صناعة الطاقة البترولية انه من المرجح ان تلعب تقنية صناعة جي تي أل دورا هاما في اسواق الوقود العالمية في القرن الواحد والعشرين. كما يتوقع ان تشهد هذه الصناعة التي تعتمد على الغاز الطبيعي المتوفر عالميا بشكل ضخم نموا كبيرا ينتج عنه رفع معدل انتاج جي تي أل الوقود السائل من 51 الف برميل يوميا في الماضي الى ما يزيد على 1.3 مليون برميل يوميا خلال السنوات القليلة القادمة.
ويتوقع هؤلاء الخبراء أيضا أن تشهد صناعة تحويل الغاز الى سوائل المزيد من التطور وتصبح حلا واعدا لمستقبل تقنيات الوقود البديل والانظف وتساهم في توفير وسائل بديلة أخرى لجلب المصادر الغازية النائية مع امكانية نقل منتجاتها عبر مسافات طويلة بطريقة مماثلة لنقل المشتقات البترولية مما يجعلها تنافس انواع الوقود التقليدية نظرا للانخفاض الكبير الذي طرأ على تكاليف انتاجها مؤخرا.
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: