نبض أرقام
07:55
توقيت مكة المكرمة

2024/05/11
2024/05/10

"سالب 41% تحت الصفر".. تجربة السبعينيات المأساوية في سويسرا

2019/08/31 أرقام

قرر البنك الوطني السويسري خفض معدل الفائدة دون الصفر قبل غيره من المصارف المركزية في عام 2014، ويتجه حاليًا إلى مزيد من الخفض، ومن المقرر بدء البنوك المحلية مثل "يو بي إس" في اقتفاء نفس النهج عن طريق فرض رسوم على كبار المودعين نظير الاحتفاظ بأموالهم، بحسب "بلومبيرغ".
 

 

في الواقع، كانت سويسرا رائدة في مثل هذه الممارسات خلال السبعينيات لنفس السبب، وهو الحفاظ على قيمة عملتها التي تعد ملاذًا آمنًا، والدروس المستفادة من هذه التجربة النقدية تستدعي إعادة النظر في القول بأن الفائدة السالبة يمكنها وقف تدفق رأس المال إلى الداخل وارتفاع قيمة العملة.

 

بداية خجولة للفائدة السالبة
 

- كان الاقتصاد السويسري بعد الحرب العالمية الثانية، مدعومًا إلى حد كبير من الصادرات مرتفعة القيمة مثل المعدات الدقيقة والساعات، وكان الأداء جيدًا للغاية في ظل اتفاقية "بريتون وودز" التي حددت أسعار صرف ثابتة ورسمت ملامح فترة ما بعد الصراع.
 

- لكن عندما أوقف الرئيس الأمريكي "ريتشارد نيكسون" عمليات تحويل الدولار إلى ذهب عام 1971، بدأت العملات تدريجيًا في الارتفاع مقابل بعضها البعض، وانخفض الدولار بشكل حاد.
 

-في ظل عدم استقرار أسواق العملات، بدت سويسرا ملاذًا آمنًا من العواصف المحتملة في الاقتصاد العالمي بفضل الهدوء في القطاعين المالي والنقدي، وأصبحت العملة المحلية أشبه بالحصن من الأزمة، وهو سبب شراء المستثمرين للفرنك وارتفاع قيمته.
 

 

- شكل ذلك عبئًا على المصدرين السويسريين، لكن الحكومة فرضت في البداية متطلبات احتياطية على ودائع غير المقيمين، وعندما فشل ذلك في وقف تدفق رأس المال، حظرت دفعات الفائدة لهم، وعندما فشلت هذه الوسيلة أيضًا، فرضت تكلفة قدرها 2% ربع سنوية على كل مشترٍ للفرنك.
 

- تراجعت الحكومة عن هذه الخطوة الجذرية عام 1973، لكن في خريف ذلك العام، دفعت صدمة النفط العديد من المضاربين إلى التخلي عن الدولار لصالح الفرنك السويسري، وتدفق رأس المال على البلاد، وأعادت الحكومة العمل بمعدلات الفائدة السالبة على المودعين الأجانب سريعًا.

 

سالب 41%
 

- في نوفمبر عام 1974، ازداد الوضع سوءًا، واضطرت الحكومة السويسرية إلى فرض فائدة سالبة نسبتها 12% على ودائع غير المقيمين، في خطوة وصفتها "وول ستريت جورنال" بأنها أذهلت المشاركين في الأسواق وساهمت في رفع الدولار آنذاك.
 

- لكن الدولار انخفض مرة أخرى، وشددت الحكومة متطلبات الاحتياطي على المودعين الأجانب بحلول شهر ديسمبر، وأعرب أحد المسؤولين في البنك المركزي عن ثقته بأن هذا الإجراء هو الأخير وسيضع حدًا للتدفقات المزعجة، واصفًا حزمة التدابير في مجملها بالثقيلة.
 

- كانت التدابير ثقيلة بالفعل، لكن لا شيء استطاع إيقاف تدفقات رأس المال، وفي يناير عام 1975، عقدت الحكومة اجتماعًا طارئًا واتخذت قرارًا غاية في الاستثنائية متمثلًا في فرض تكلفة (فائدة سالبة) سنوية نسبتها 41% على الودائع الأجنبية، ومع ذلك استمر ارتفاع الفرنك مقابل الدولار.
 

 

- بلغت مكاسب الفرنك مقابل الدولار 70% من حيث القيمة الاسمية خلال الفترة بين عامي 1971 و1975، وتعثر قطاع التصدير، وعانى الاقتصاد السويسري من ركود حاد، وانخفض الإنتاج الصناعي بنسبة 15% خلال عام 1975، وعملت المصانع بأقل من طاقتها، وهبطت الصادرات بنسبة 8%.
 

- قبل الانكماش، كانت بيانات البطالة الرسمية تشير إلى أن هناك 81 شخصًا عاطلًا في البلد الذي بلغ تعداد سكانه 6.4 مليون نسمة، لكن هذا الرقم قفز سريعًا إلى 32 ألف شخص، وكان ليرتفع أكثر لو لم تُنْهِ البلاد عمل 150 ألف عامل أجنبي.

 

تدخلات غالية الثمن
 

- مع اشتداد الركود، انخفض الإنتاج الصناعي أكثر، ونظمت النقابات العمالية في البلاد إضرابات واسعة وما بين 30 إلى 40 مظاهرة أسبوعيًا، وعادة كانت مثل هذه الاضطرابات ستؤدي إلى الحد من تدفق رأس المال، لكن العالم سخر من فكرة تدهور الأوضاع في الشارع السويسري.
 

- اشتكى أحد القادة العماليين إلى مراسل مجلة "فوربس" من التغطية الإعلامية الإيجابية للإضرابات قائلًا: الصحفيون الأجانب "الملاعين"، يكتبون أننا تصرفنا بطريقة منضبطة للغاية، وها هو الفرنك يزداد قوة.
 

 

- القطاع الوحيد الذي واصل النمو كان المصارف بالطبع، حيث ارتفعت أرباح البنوك بنسبة 15% بين عامي 1974 و1975 فقط، ومع توقف المصانع عن العمل، كانت البنوك تعج بالنشاط بفضل استمرار تدفق رؤوس الأموال الأجنبية، واستمرت معها المعاناة بقية العقد.
 

- انتهت الأزمة عندما ركز البنك المركزي للبلاد بشكل كامل على سعر الصرف، عبر تدخلات كبيرة وكثيرة في أسواق العملات، لكن ذلك كلفه الكثير والكثير، حيث بدأ التضخم في الخروج عن السيطرة.
 

- بحلول عام 1982، تخلى السويسريون عن هذا النهج، وأصبح ذلك ممكنًا بفضل سيطرة الولايات المتحدة هي الأخرى على معدلات التضخم المتفاقمة، بفضل قيادة "بول فولكر" للاحتياطي الفيدرالي.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة