نبض أرقام
07:43
توقيت مكة المكرمة

2024/05/16
2024/05/15

المفهوم الحقيقي للثروة .. كيف تظل دولة أفقر من غيرها مهما نما دخلها؟

2020/02/01 أرقام

غالبًا ما يشار إلى الصين بأنها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وهو أمر صحيح وفقًا لمقياس الناتج المحلي الإجمالي، ومن المتوقع أن تصبح الأكبر على الإطلاق عند مرحلة ما، مع بعض الخلافات بين الخبراء حول متى يمكن أن يحدث ذلك.

 

 

تعتبر الصين حاليًا الاقتصاد الأكبر في العالم بالفعل وفقًا لمعيار تعادل القوة الشرائية الذي يأخذ في الحسبان الاختلافات بين البلدان في تكلفة المعيشة، هذا أيضًا أمر آخر صحيح عن الاقتصاد الصيني، لكن يبدو مضللًا هو الآخر، إذ لا تزال الصين أكثر فقرًا مقارنة بالولايات المتحدة ودول أخرى.

 

النقطة الأساسية هي الفرق بين الدخل والثروة، إذ يقيس الناتج المحلي الإجمالي والأرقام ذات الصلة تدفقات الدخل، وهي كمية السلع والخدمات المنتجة في دولة معينة خلال سنة معينة، أما الثروة فهي مقياس للمجموع الكلي للموارد في أي دولة وهو أشمل بكثير.

 

علاوة على ذلك، عادة ما تكون الفجوة بين الثروة والدخل أعلى بكثير بالنسبة للدول التي كانت ثرية ومستقرة لفترة طويلة جدًا، مثل الولايات المتحدة التي تتقدم على الصين من حيث الثروة بنحو ثلاث مرات، وفقًا لتقديرات "مايكل بيكلي" من جامعة تافتس، واستنادًا إلى بيانات البنك الدولي والأمم المتحدة.

 

معايير غير دقيقة
 

- من أبرز المشاكل في مؤشر الناتج المحلي الإجمالي هي أنه لا يقيس توزيع الثروة، لذلك يلجأ البعض إلى مقياس أكثر دقة بقسمة الناتج على عدد السكان لمعرفة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ومعدل نمو هذا النصيب، ما يعد مؤشرًا للثروة الاجتماعية المحتملة لكل شخص.
 

- لا يزال دخل الفرد في الصين يمثل ربع دخل نظيره في البلدان مرتفعة الدخل، وفقًا للبنك الدولي، وهناك نحو 373 مليون صيني يعيشون تحت خط فقر الفئة المتوسطة العليا البالغ 5.5 دولار يوميًا، ورغم التعداد السكاني الكبير فإنها متخلفة من حيث معدل الإنتاجية.



 

- مع ذلك، فإن استخدام نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي يمثل مشكلة، فالدخل نفسه (وليكن ألف دولار للفرد) يمكنه شراء القليل جدًا في بعض البلدان في حين يوفر الكثير من السلع والخدمات في دول أخرى نظرًا لاختلاف التكلفة.
 

- لذلك فعند قياس مدى ثراء المواطنين في بلد ما، يميل الخبراء إلى تعديل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي وفقًا لتعادل القوة الشرائية، للمساعدة في مراعاة ظروف مثل معدلات التضخم واختلاف تكاليف السلع والخدمات من مكان لآخر.
 

- لكن من وجهة نظر ناشئة فإن أيًا من هذه المؤشرات التي تقوم على قياس "الدخل" فقط لا يمكنها التعبير عن "الثروة"، التي يراها متبنو هذه الفكرة معياراً أوسع نطاقًا وتمتد لتشمل الموارد الطبيعية والمزايا الجغرافية للأمم.

 

عناصر لا يشملها الدخل
 

- أحد الأسباب التي تجعل ثروة الولايات المتحدة أكبر من الصين بكثير هو التفوق من حيث امتلاك الموارد الطبيعية، فأمريكا لديها هواء وماء أنظف وآليات مؤسسية ومنظومة بيروقراطية أفضل بكثير لحماية بيئتها، كما تمتلك المزيد من المياه وتحسن الوصول إليها.
 

- على الجهة المقابلة، وفي شمال الصين، تعاني هذه المنطقة على وجه الخصوص مشكلات خطيرة للغاية تتعلق بالوصول إلى المياه على المدى الطويل، وقد بذلت الولايات المتحدة جهوداً مضنية لتأمين موارد المياه في جنوب البلاد أكثر مما فعلت الصين لشمالها.



 

- تمتلك الولايات المتحدة أيضًا نفطًا وغازًا أكثر من الصين، وهي الآن أقل اعتمادًا على الدول الأجنبية في توفير إمدادات الطاقة، كما أن توافر المياه في الولايات المتحدة يمنحها قدرة على إنعاش عمليات التكسير والتنقيب.
 

- يضاف إلى كل ذلك، امتلاك الولايات المتحدة مساحات شاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة، أكثر من الصين (التي تعاني مشاكل تلوث التربة بشكل خطير على المدى الطويل)، وتعد أمريكا المصدر الأكبر للغذاء في العالم.
 

- بطبيعة الحال، يظهر إنتاج الغذاء والنفط في الناتج المحلي الإجمالي الحالي، لكن القيمة طويلة الأجل لتلك الموارد، بما في ذلك الأمن الجيوسياسي الذي توفره، تتجاوز بكثير ما تمثله أرقام الناتج المحلي الإجمالي.

 

ثروة العلم والأصول غير الملموسة
 

- جزء آخر من فجوة الثروة ينبع من التعليم العالي، توجد في الولايات المتحدة (وبلدان أخرى) العديد من المؤسسات التعليمية العالية الرائدة عالميًا، في حين تمتلك الصين القليل للغاية من المؤسسات التي تنافس لدخول قائمة الأفضل مثل جامعة بكين وتسينغهوا.
 

- تمتلك مؤسسات مثل هارفارد وبرينستون ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أسماء تجارية وسمعة طيبة للبحوث الموثوقة التي يصعب على الصين إصدارها، كما تحظى أمريكا بمخزون هائل من المنازل الجيدة من حيث الكفاءة والجودة.



 

- تعد أيضًا قيمة أصول الشركات غير الملموسة ميزة أخرى للعلامات التجارية الأمريكية المشهورة عالميًا، في حين ليس لدى الصين ما يشبه "كوكا كولا" أو "ماكدونالدز" أو "جوجل" رغم أنها تُظهر قوة في قطاع التقنية.
 

- لتبسيط المقارنة، فإنه لا ينبغي أن تتركز المقارنة بين اثنين من المليارديرات مثل "بيل غيتس" و"وارن بافيت" على قدر الأموال التي جناها كل منهما هذا العام، وإنما يجب أن تشمل إجمالي الأموال المتراكمة من دخلهم السابق مطروحًا منه النفقات.

 

المصادر: بلومبيرغ، جلوبال فاينانس، موقع البنك الدولي

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة