هل يدفع تشديد السياسة النقدية الاقتصاد العالمي إلى الركود؟

ترفع البنوك المركزية في معظم أنحاء العالم أسعار الفائدة بشكل أسرع مما كان يبدو محتملاً قبل بضعة أشهر فقط، ما يثير مخاوف الأسواق من أن هذه الجهود التي تستهدف كبح جماح التضخم قد تؤدي إلى تشديد السياسة النقدية أكثر من اللازم.

وكشفت البيانات الصادرة الخميس ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي إلى أعلى مستوياته في 40 عامًا خلال سبتمبر، مما يضغط على الاحتياطي الفيدرالي لرفع الفائدة بشكل أكثر قوة للقضاء على التضخم.

 لماذا تخشى الأسواق رفع الفائدة؟

- يشير المحللون إلى أن أي زيادة في أسعار الفائدة تنطوي على نوع من التأثير غير المباشر؛ فهي تقلل الطلب ليس فقط على الإنتاج المحلي ولكن أيضًا على الواردات، وقد يؤدي عدم أخذ ذلك في الاعتبار إلى حدوث انكماش عالمي حاد وغير مقصود.

- ومن الناحية النظرية، يمكن للاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى أن تأخذ في الاعتبار الآثار غير المباشرة للسياسة النقدية من خلال السعي إلى إدارة الطلب العالمي بشكل جماعي، ولكن تختلف الظروف بشكل كبير من بلد إلى آخر ويمكن أن تتحول فجأة، مما يجعل العمل الجماعي الحقيقي أقرب إلى المستحيل.

- وعند سؤاله عن هذا الأمر مؤخرًا، أكد رئيس الاحتياطي الفيدرالي "جيروم باول" أن مسؤوليه يظلون على اتصال وثيق مع نظرائهم في الخارج حتى يتمكنوا من مراقبة الأوضاع المالية الدولية، عن طريق مشاركة البيانات، وإعلان الهدف المشترك للاستقرار المالي العالمي.

البيانات الاقتصادية والاحتياطي الفيدرالي

- يشعر المستثمرون بالقلق من أن الاحتياطي الفيدرالي الذي تحركه البيانات من المرجح أن ينظر إلى الأرقام المرتفعة على أنها تفويض للاستمرار في رفع أسعار الفائدة، مما يزيد من احتمالات حدوث ركود مؤلم في الولايات المتحدة، ومن ثم في جميع أنحاء العالم.

- وزاد هذا النهج الذي اتخذه الاحتياطي الفيدرالي  استنادًا إلى فكرة أن البيانات هى المحرك الرئيسي لأي قرار يتعلق بالسياسة النقدية من مخاوف الاقتصاديين بشأن مستقبل الاقتصاد.

- ويجادل بعض الاقتصاديين بأن هناك احتمالًا بأن سياسة الاحتياطي الفيدرالي قد خفضت التضخم بالفعل وأن التأخير في ظهور ذلك على الأرقام يتسبب في إفراط البنك المركزي في التشديد النقدي، مما يدفع الاقتصاد إلى انكماش غير ضروري.

- ويعد مؤشر أسعار المستهلكين واحدًا من بين العديد من البيانات التي يأخذها الاحتياطي الفيدرالي في الاعتبار قبل اتخاذ قرار الفائدة، وقد قال "باول" سابقًا إن البنك المركزي ينظر في البيانات لعدة أشهر، وليس في تقرير واحد فقط.

- ومع ذلك، من المرجح أنه إذا لاحظ المستثمرون حدوث تشديد مفرط في السياسة النقدية، فإن المزيد من التقلبات ستسود الأسواق، تزامنًا مع تزايد احتمالات مشاهدة ركود اقتصادي عالمي.

المصدر: بلومبرج- سي إن إن