نبض أرقام
23:35
توقيت مكة المكرمة

2024/05/16

اقتصاد النرويج.. الإصلاح أو نهاية عصر الرفاهية

2015/10/15 أرقام

وصف تقرير نشرته "الإيكونوميست" النرويج بأنها بلد رأسمالي لكن الشركات المملوكة للدولة تهمين فيه، كما أنه منتج عملاق للنفط في حين يتلاشى الاستهلاك، معتبرًا أن هذا النموذج غير المعتاد نجح في البلاد على مدار عقود.
 


 

وأشار التقرير إلى أن النرويجين تحولوا من منتصف قائمة الدخل في 1970 إلى الأكثر ثراءً في أوروبا بعد لوكسبمروج، إلا أن هذا النموذج بدأ يصل إلى نهايته في الفترة الأخيرة.
 

بداية الانتعاش
 

وبدأ ارتفاع النرويج إلى المجد الاقتصادي عندما تم استخراج النفط في عام 1971، حيث نجحت صناعة الطاقة في دعم في موجة من الازدهار الاقتصادي.
 

وتحولت القرى النرويجية من صيد الأسماك إلى الصناعة، مع إنشاء شركات متخصصة في مجال استخراج النفط والغاز من البحر، وارتفاع نشاط التنقيب بين العمالة.
 

وارتفعت "موجة التموجات" في الاقتصاد النرويجي مع صعود سعر النفط من مستوى 10 دولارات في تسعينيات القرن الماضي إلى 150 دولاراً تقريبًا في عام 2008.
 

ويمثل النفط والغاز حوالي 25% من الناتج المحلي الإجمالي في النرويج، كما أنه يوازي نصف صادرات البلاد السنوية.
 

النفط وتراجع النموذج
 


 

ولكن تسبب الانخفاض الأخير في أسعار النفط، وهبوطها إلى مستوى 50 دولارًا للبرميل في اتجاه معاكس للاقتصاد، حيث تراجعت أرباح وقيمة أسهم شركة "شتات أويل" الحكومية المنتجة للنفط.
 

وقامت شركات النفط النرويجية بالاستنغاء عن 10% من القوى العاملة، مع إمكانية تسريح 20% أخرين، مع قلق البلاد من صناعة التكسير التي تستخدم تقنيات جديدة بالنسبة للنرويجيين لاستخراج النفط والغاز الصخري.
 

نقاط ضعف
 

وكشف التراجع الأخير في أسعار النفط نقطتي ضعف في النموذج النرويجي للاقتصاد، الأولى تمثلت في البيروقراطية التي نشأت في أحضان الدولة المتحمسة للرأسمالية الحكومية.
 

وتمتلك الحكومة النرويجية 40% تقريبًا من سوق الأسهم، مع حصة ضخمة في شركة "تلينور" مشغل الاتصالات، و"نورسك هيدرو" لإنتاج الألومنيوم، و"يارا" لتصنيع الأسمدة، وبنك "دي إن بي"، بالإضافة إلى شركة "شتات أويل" النفطية، وأدى هذا الواقع إلى ثقافة مؤسسية أحادية الاتجاه.
 

ويميل النرويجيين إلى التفاخر بقيادة العالم في جانب تنوع الشركات، حيث أن المؤسسات ملتزمة قانونًا بوجود 40% من السيدات في مجالس الإدارات، إلا أن الواقع يشير إلى أن التوازن الجنسي لا يعوض التوحيد الثقافي، حيث أن العديد من كبار رجال الأعمال في البلاد درسوا معًا في مدرسة الاقتصاد النرويجية، ومازالوا يحملون نفس الأفكار.
 

في حين تبرز نقطة الضعف الثانية في الإفراط في الرعاية الحكومية في النرويج، حيث أن القطاع العام يوظف 33% من إجمالي القوى العاملة في البلاد، مقابل 19% فحسب في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
 

وتقوم الدولة بإضعاف أخلاقيات العمل، حيث أن معظم المواطنين يعملون لمدة 37 ساعة أسبوعيًا، كما أن عطلة الأسبوع قد تصل في أغلب الأوقات إلى 3 أيام كل أسبوع.
 

وأنفقت النرويج في عام 2011 حوالي 3.9% من الناتج المحلي الإجمالي على برامج العجز عن العمل، والتقاعد المبكر، مقارنة بمتوسط في دول منظمة التعاون والتنمية يبلغ 2.2% فحسب.
 

مميزات وأصول قوية
 


 

وأوضح التقرير أن النرويج لازال لديها الكثير من المميزات الاقتصادية، حيث أن صندوق التقاعد النرويجي يعتبر أكبر مثال للتفكير طويل المدى بين الحكومات الغربية، فبدلا من تبديد الثروات النفطية قامت النرويج بحفظها في صندوق سيادي للثروة بلغت قيمته 873 مليار دولار، ليصبح الأكبر من نوعه في العالم.
 

كما تمتلك النرويج كميات كبيرة من أسماك في مياهها الإقليمية، حيث تبلغ صادراتها السنوية حوالي 10 مليارات دولار، وهو ما يعتبر مبلغا كبيرا نسبة إلى عدد السكان الذي لا يتجاوز 5 ملايين نسمة.
 

ويقول "توماس فارستاد" رئيس شركة "Norway Seafoods" لتجارة الأسماك إن رفض النرويج الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي صعب من الأمور بالنسبة للصناعة.
 

وتضطر شركات الأسماك النرويجية إلى التركيز على الحجم بسبب الرسوم الجمركية العالية التي تدفعها لتصدير منتجاتها إلى الاتحاد الأوروبي، إلا أن هذا وفر الحرية للشركات أيضًا لإدارة مصائد الأسماك بالطريقة التي يرغبون بها، مع حقيقة انتعاش الصناعة في الوقت الحالي.
 

وبالرغم من التركيز على الحجم، إلا أن صناعة الأسماك في النرويج شهدت تغيرًا كيبرًا في السنوات الماضية، حيث ارتفعت تربية الأحياء المائية في البلاد من صفر إلى 70% من مجموع المصايد في النرويج، كما ارتفع أداء الصياديون التقليديون أيضًا مع استخدام سفن أكثر فعالية، للحد من القوى العاملة والوصول لدرجات أكبر من الأعماق.
 

كما لازالت النرويج قادرة على تقديم رجال أعمال كبار مثل "جون فريدريكسون" في مجال النقل البحري، و"كجيل إنجي" في الخدمات العقارية والنفطية، و"بيورن كزوس" في الطيران، وغيرهم من رجال الأعمال الذين بدأوا حياتهم "بأيدي فارغة" لكنهم تمكنوا من بناء إمبراطوريات اقتصادية ضخمة.
 

تجربة السويد
 

ويشير التقرير إلى أنه مع الاعتقاد السائد بأن أسعار النفط قد تبقى على مستوياتها المنخفضة لفترة من الوقت، فإن النرويج بحاجة إلى إعطاء هذه الشركات الخاصة مساحة أكبر للنمو، بالإضافة إلى الحاجة لإصلاح نظام الرعاية الاجتماعية.
 

في حين كان رد فعل النرويج حتى الآن على انخفاض أسعار النفط هو تبني مزيد من الاتجاه الاشتراكي بشكل أكثر حزمًا، حيث حصد اليسار في الانتخابات المحلية التي عقدت في 14 سبتمبر/آيلول الماضي مكاسب كبيرة في معظم المدن الرئيسية في البلاد، بما في ذلك "أوسلو"، و"بيرغن"، بفضل برامج تقوم على زيادة الإنفاق وعدم الإصلاح.
 

واعتبر تقرير "إلايكونوميست" أن النرويج محظوظة بسبب إمكانية التعلم من الدول المحيطة التي نفذت إصلاحات واسعة رغم وجود نفس الثقافة.
 

فقد نجحت السويد بشكل خاص في تنشيط النموذج الاقتصادي الخاص بها من خلال تقليص التواجد الحكومي، والسماح للشركات الخاصة بإدارة المدارس، والمستشفيات، مع خفض عبئ الضرائب.
 

وكانت النرويج إبان الطفرة السعرية للنفط قد اعتادت على استقدام الشباب من السويد للعمل في الحانات والمطاعم، إلا أن التقرير يعتقد أن أفضل طريقة لاستمرار الازدهار الاقتصادي في البلاد تكمن في استيراد الأفكار من السويد وليس العمال فحسب.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة