نبض أرقام
02:20
توقيت مكة المكرمة

2024/05/18
2024/05/17

لا أحد يرغب في تكرار مأساة "نوكيا".. ما الخطأ الإستراتيجي الذي اقترفته الشركة فهوى بها من القمة؟

2018/02/04 أرقام

تمثل التحركات الأخيرة لـ"نوكيا" في أوج مجدها عبرة تحذيرية للشركات الناجحة، فهذه الشركة استطاعت الانطلاق من فنلندا لقيادة ثورة العالم في قطاع الجوالات، ونمت أعمالها سريعًا لتصبح واحدة من العلامات التجارية الأكثر تميزًا على الإطلاق.

 

وبلغت حصة "نوكيا" من سوق الجوالات العالمي في ذروتها 40% ، وفي حين كانت رحلة الصعود للقمة سريعة للغاية، كان هبوطها الحر على قدم المساواة، لتنتهي القصة ببيع أعمالها للجوالات لشركة "مايكروسوفت" عام 2013.

 

قد يبدو من المعقول إلقاء اللوم في سقوط "نوكيا" على عمالقة التكنولوجيا أمثال "آبل" و"جوجل" و"سامسونج"، لكن الحقيقة أن الانهيار بدأ مبكرًا قبل دخول هذه الشركات إلى السوق، بحسب تقرير لموقع "إنسياد نولدج" التابع لكلية الأعمال "إنسياد".



 

نجاح مبكر
 

- بفضل فريق من القادة الشباب المنسجمين والمفعمين بالطاقة، بلغت "نوكيا" قمة النجاح في وقت مبكر، طبعًا كان ذلك بفضل الخيارات الإدارية الصائبة وشجاعة الاستفادة من التقنيات المبتكرة مثل التحول الرقمي السريع في أوروبا.
 

- في منتصف التسعينيات وضع الانهيار الوشيك لسلسلة التوريد الشركة على شفا الكارثة، واستجابة لذلك صاغت "نوكيا" أنظمة وعمليات أكثر انضباطًا، ما جعلها أكثر فاعلية وعزز نمو الإنتاج والمبيعات بشكل أسرع من المنافسين.
 

- بين عامي 1996 و2000 ارتفع عدد العاملين في وحدة "نوكيا موبايل فون" بنسبة 150% إلى 27.3 ألف عامل، بينما ارتفعت الإيرادات خلال هذه الفترة بنسبة 503%.



 

- بيد أن هذا النمو السريع كان له تكلفة، وهي وضع المديرين في مراكز التطوير الرئيسية للشركة تحت ضغط متزايد لتحسين الأداء خلال مدى قصير.

 

البحث عن قدم ثالثة
 

- كان قادة "نوكيا" يدركون أهمية العثور على ما سموه "المحطة الثالثة" وهو موطئ قدم أو منطقة جديدة للنمو من شأنه تعزيز أعمال الجوالات والشبكات التي لاقت نجاحًا باهرًا.
 

- انطلقت جهودهم في هذا الصدد عام 1995، لكنهم فشلوا في توفير الدعم اللازم لدفع الأعمال الأساسية تجاه هذا الهدف، حيث كانت الشركة بالفعل تخوض ما يكفي من مغامرات وكان المديرون تحت ما يكفي من ضغوط.
 

- لكن الشركة أطلقت "نوكيا فنتشرز أورجنيزشن" تحت إشراف مباشر من فريق الإدارة العليا، واستوعب هذا البرنامج جميع المشاريع القائمة وسعى لتطوير تكنولوجيات جديدة.



 

- استهدف البرنامج عددا من الفرص قبل أوانها، مثل إنترنت الأشياء، وحتى وسائط إدارة الصحة التي أتاحت مجالًا للنمو (في الوقت الحالي)، لكن على أي حال فشلت هذه التطلعات في حينها.
 

- يرجع هذا الفشل إلى التناقض المتأصل بين طبيعة أنشطة البرنامج طويلة الأجل ومتطلبات الأداء قصيرة الأجل الملقاة على عاتقه في الوقت ذاته.

 

التخلص من الحمل الزائد
 

- رغم قوة نتائج أعمال "نوكيا" وارتفاع سعر السهم ورضا وولاء العملاء، شعر الرئيس التنفيذي "يورما أوليلا" بالقلق المتزايد إزاء النمو السريع واحتمال تسببه في خسران الشركة لحيويتها وخفتها.
 

- بين عامي 2001 و2005، اتخذت عدة قرارات لمحاولة إعادة تنشيط محركات العمل القديمة للشركة، وللأسف تأخر "أوليلا"، وكانت "نوكيا" قد بدأت فعلًا في الانحدار تجاه هاوية لا مناص منها.
 

- كان من بين هذه القرارات، إعادة توزيع الأدوار القيادية المهمة، وبدء عملية إعادة تنظيم (لم تكن محكمة) ما أدى لرحيل عدد من اللاعبين النشطين والمؤثرين من الفريق التنفيذي.



 

- تدهور الفكر الإستراتيجي للشركة، وبينما تساعد معايير الأداء وتنوع المجموعات العاملة اختلاف الأولويات على خلق مناخ تعاوني، كان الأمر في "نوكيا" مختلفًا.
 

- افتقر المديرون التنفيذيون من المستوى المتوسط للخبرة والتدريب، وتداخلت الاختصاصات والأولويات، ولم تعد الإدارة العليا قادرة على الابتكار التكنولوجي بما يكفي لتحقيق التكامل الإستراتيجي ومعالجة الخلافات الهيكلية.

 

سقوط حر دون مظلة
 

- بسبب الضغوط المتزايدة لخفض التكاليف، لم تعد إستراتيجية "نوكيا" لتنويع منتجاتها (من حيث الجودة) فعالة في السوق، وتسببت في سلسلة من الإصدارات الرثة.
 

- شهدت السنوات التالية، حقبة من الاقتتال الداخلي والركود الإستراتيجي، والتي لم تعالج محاولات إعادة التنظيم أيًا منها، وحينها واجهت الشركة تحديا كبيرا في ما يتعلق بالاعتماد على نظام التشغيل غير الفعال "سيمبيان".
 

- مع كل إصدار جديد من جوالات "نوكيا" كان يتعين على الشركة تطوير واختبار مجموعة جديدة من الرموز لضمان توافق النظام مع الأجهزة، وبحلول عام 2009 كانت "نوكيا" تستخدم 57 إصدارًا مختلفًا من"سيمبيان".



 

- في العام التالي، أصبحت القيود المفروضة على نظام التشغيل جلية ومزعجة، وكان واضحًا أن نوكيا أغفلت التحول نحو التطبيقات الرائدة وباتت الخيارات الإستراتيجية محدودة والمتاح منها غير جذاب.
 

- حينها تأكد خسارة "نوكيا" للسباق، وأصبح الطريق آمنًا أمام نجوم لامعين جدد في عالم الجوالات، وتداركًا للهزيمة بدأت الإدارة الجديدة الابتعاد عن مجال الهواتف النقالة والتركيز على أعمال البنية التحتية للشبكة (الأعمال الرئيسية).

 

الدرس المستفاد
 

- لا يمكن تفسير انهيار أعمال الجوالات لـ"نوكيا" عبر إجابة واحدة بسيطة، فقد لعبت قرارات الإدارة، والهياكل التنظيمية المختلفة والبيروقراطية المتوحشة، والخلافات الداخلية العميقة، دورًا في منع الشركة من إدراك إخفاقاتها ومواطن الخلل.
 

- قصة "نوكيا" تجسد السمة المشتركة في الشركات الناضجة والناجحة، حيث يولد التقدم شعورًا بالتحفظ والغطرسة التي تؤدي مع مرور الوقت إلى قرارات إستراتيجية فقيرة.
 

- مع تبني الشركات أفكارًا جديدة وتجارب لتحفيز النمو وبالتزامن مع نجاحها، فإنها تصبح أكثر خوفًا من المخاطرة وأقل إبداعًا، لذا يجب على الشركات أن تخشى تخريب مستقبلها بيدها، بيد نجاحها الخاص.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة