نبض أرقام
20:57
توقيت مكة المكرمة

2024/05/16

بعيدا عن تعقيد المصطلحات ..هل تريد معرفة معنى"التبعية الاقتصادية"؟ تابع هذا النموذج

2018/05/11 أرقام - خاص

في الاقتصاد الحديث تتشابك العلاقات بين مختلف الدول بشكل كبير، غير أنها في بعض الأحيان ما تتحول من علاقة ثنائية تقوم على تحقيق كل طرف لمصالحه الاقتصادية، إلى علاقة تبعية شبه كاملة من دولة لأخرى.
 

وعلى الرغم من تصنيف المكسيك كأحد النمور الصاعدة في الاقتصاد خلال السنوات العشرين الماضية، إلا أنها كثيرًا ما تتعرض لهزات عنيفة بسبب "العلاقة غير المتوازنة" مع الولايات المتحدة.
 

"اعتمادية" على الولايات المتحدة
 

 

فالمكسيك هي أكثر دولة في العالم تأثر اقتصادها في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 مثلًا بعد الإعلان عن انتخاب ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، حيث هوت العملة المحلية بنسبة 11%، وتراجع سوق الأسهم بـ19% خلال 3 أيام فحسب، بما يفوق التأثير الذي تعرض له سوق الأسهم الأمريكي وعملتها الدولار.
 

وعلى الرغم من تحقيق الاقتصاد المكسيكي لمعدلات نمو تتراوح بين 1.7-2.1% خلال الأعوام الأخيرة، وفقا لشبكة "سي.إن.بي.سي"، إلا أن الشبكة تشير إلى أنه كان من الممكن أن تفوق معدلات النمو المكسيكية هذا الرقم بكثير غير أن التأثر الشديد بالتقلبات الأمريكية يحول دون بلوغ المكسيك لأهدافها التنموية.
 

فالمكسيك هي المصدر الثالث عشر على مستوى العالم، غير أنه يلاحظ أن 81% من صادراتها تتوجه للولايات المتحدة، ومع اعتمادها الاستثنائي على الصادرات في دخلها القومي (أكبر نسبة مقارنة بالدخل القومي في العالم أجمع)، فإن هذا الأمر يبقي الاقتصاد "رهينة" لأي تغيير يحدث في الولايات المتحدة.
 

ويبلغ حجم الصادرات المكسيكية للولايات المتحدة حوالي 340 مليار دولار فيما يمثل قرابة ثلث حجم الاقتصاد المكسيكي بأكمله، وفقا لتقديرات وزارة التجارة الأمريكية، بينما بلغت صادرات الولايات المتحدة للمكسيك ما قيمته 276 مليار دولار لعام 2017.

 

ولعل أحد أخطر مظاهر العلاقات غير المتوانة بين الطرفين، ما تصفه مجلة "إيكونوميست" بتحول العاصمة المكسيكية إلى إحدى أكثر المدن تلوثًا بالعالم، إلى الدرجة التي تؤذي أنسجة الرئة وتسبب صعوبات في التنفس، حتى للأصحاء.

 

عاصمة "ضارة بالصحة"
 

ووصفت منظمة الصحة العالمية نيو مكسيكو بأنها "مدينة يصعب العيش بها" محذرة في تقرير العام الماضي، بأن استمرار مستويات التلوث على حالها سيجعل المدينة "غير قابلة للعيش بها" في ظل ما تعانيه طبيعيًا من جفاف وارتفاع في معدلات الحرارة.
 

بل وتحولت الكثير من الأنهار في المكسيك إلى "مصبات للنفايات" للشركات فحسب، حتى أن مدير مؤسسة "جرين مكسيكو" يقول لموقع "بي.إن. أمريكا" إن أحد الأنهار أصبح بلا أية أحياء مائية على الإطلاق في ظل صب أكثر من 3000 مصنع لمخلفاتها فيه.
 

وعلى الرغم من العيوب الخطيرة للاعتماد المكسيكي على الولايات المتحدة، إلا أن الأمر لا يخلو من مزايا متعددة أيضًا، على رأسها أن الاقتصاد المكسيكي يتفوق على اقتصادات بعض الدول المتقدمة (مثل هولندا وسويسرا) من حيث الناتج القومي الإجمالي بما يزيد على التريليون دولار.
 

ويعود ذلك بالأساس إلى الاستثمارات الأمريكية التي يتم ضخها في المكسيك باستمرار، خاصة في بعض الصناعات "غير المرغوب" في وجودها على الأراضي الأمريكية بشكل واسع، ومنها صناعات ليست ملوثة بالضرورة مثل صناعة السيارات، التي أصبحت المكسيك المصنع السابع لها عالميًا.
 

ولعل إحدى أهم المزايا التي تستفيد منها المكسيك في علاقتها "المختلفة"" مع الولايات المتحدة الحجم الكبير تحويلات المهاجرين المكسيكيين ، حيث قدرت بحوالي 27.6 مليار دولار عام 2016 وفقًا لتقديرات موقع "ذا دايلوج" المتخصص في شؤون الأقليات في الولايات المتحدة.

 

المكسيك لواشنطن: أنتم أيضًا مستفيدون
 

وللمكسيك إحدى أقوى جماعات الضغط (لوبي) في الولايات المتحدة، بسبب تلك العلاقة الاستثنائية، وتشير مجلة "فوربس" إلى أن هذا اللوبي يسعى باستمرار للتذكير بأهمية العلاقة بين الطرفين للولايات المتحدة، من خلال التذكير بأن المكسيك توفر سلعًا عالية الجودة بأسعار رخصية للسوق الأمريكي، كما أن 5 ملايين وظيفة في الولايات المتحدة تعتمد على العلاقة التجارية بين الطرفين.
 

ويشير تقرير للكونجرس الأمريكي إلى أنه كثيرًا ما يهمل الأمريكيون أهمية نمو الاقتصاد المكسيكي المضطرد لتحقيق المصلحة الأمريكية، حيث إن ولاية مثل كاليفورنيا توجه 15% من صادراتها للمكسيك.
 

 

ومع توجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للانسحاب من الكثير الاتفاقيات التجارية التي يراها "غير عادلة" لبلاده، فإن التخوف المكسيكي يبقى في احتمال تنفيذ الأخير لتهديده بالانسحاب من اتفاقية التجارة الحرة في أمريكا الشمالية (نافتا).
 

ولعل هذا ما يبرر التعجل المكسيكي في حسم المفاوضات الجديدة المتعلقة بتعديل اتفاقية "نافتا"، حيث إن المكسيك تخشى من تعرض الاقتصاد القومي لاهتزازات عنيفة إذا قررت الولايات المتحدة اتخاذ أية إجراءات أحادية بالانسحاب من الاتفاقية، على الرغم مما يلحقه هذا من ضرر بالاقتصاد الأمريكي إلا أنه لا يقارن بالأثر الفادح على نظيره المكسيكي.
 

كما أن المكسيك متخوفة للغاية من الجدار الأمريكي الذي يعتزم ترامب بناءه على الحدود معها، لأن ذلك من شأنه أن يعيق حرية حركة التجارة والبشر بشكل كبير، وليس فقط السيطرة على التجارة وظاهرة الهجرة غير الشرعية.
 

ففي حال إلغاء "نافتا" وإقامة الجدار الحدودي، لن يعد لإيجابيات العلاقة مع الولايات المتحدة أثر، لتبقى السلبيات فحسب، ولتتأكد صحة المقولة إنه إذا "عطست" الولايات المتحدة أصيبت المكسيك بالحمى.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة