نبض أرقام
05:27
توقيت مكة المكرمة

2024/05/16
2024/05/15

عالم أنظف أم أغنى؟.. هل ينبغي التضحية بالنمو الاقتصادي للحفاظ على البيئة؟

2018/09/20 أرقام

خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، زاد ثراء دول قليلة بشكل مذهل، من بينها معظم بلدان أوروبا وأجزاء من شرق آسيا وبعض الدول المنتجة للنفط وبعض المناطق التابعة للإمبراطورية البريطانية السابقة، بحسب تقرير لـ"بلومبرج".

 

وعلى مدار العقود القليلة الماضية، انضم المزيد من المناطق -أجزاء كبيرة من الصين والهند وجنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية- إلى العالم الغني، بفضل الانتعاش غير المسبوق للنمو الاقتصادي العالمي.

 

 

لكن بالنسبة إلى المساحة الأكبر من العالم، فإن الحياة حتى الآن أشبه بصراع على السكان المحليين خوضه يوميًا، فمثلًا تقضي النساء في الدول الفقيرة ساعات كل يوم في الحصول على المياه ونقلها، ويصاب عشرات الملايين من الناس بالملاريا كل عام، وهناك نحو مليار شخص لا يجدون دورات مياه لقضاء حاجاتهم.

 

إن الحل الأبرز لانتشال هؤلاء من الفقر -دون إلحاق الفقر ببعض ممن نجوا منه بالفعل- هو النمو، لكن مجموعة صغيرة من أصحاب الأصوات المناصرة للبيئة ترى أن مواصلة التوسع الاقتصادي لم يعد ممكنًا، فمن وجهة نظرهم استمرار النمو يعني تواصل التغير المناخي والآثار البيئية الأخرى التي ستدمر الحضارة.

 

الفقراء هم محرك النمو

 

- كتب عالم الأنثروبولوجيا "جيسون هيكل" في مجلة "فورن بوليسي": بمجرد أن نصل إلى حدود الكفاءة، فإن السعي وراء أي درجة من النمو الاقتصادي ستؤدي إلى زيادة استخدام الموارد، وفي نهاية المطاف، فإن إعادة حضارتنا داخل حدود الكوكب ستتطلب أن نحرر أنفسنا من الاعتماد على النمو الاقتصادي، بدءًا بالأمم الغنية.

 

- استشهد "هيكل" بتحليلات من قبل برنامج الأمم المتحدة للبيئة، وأخرى تبين أنه حتى التحسينات الكبيرة في كفاءة الموارد التي تأتي مدفوعة بفرض ضرائب مرتفعة على الكربون، لن تكون قادرة على وقف الاستخدام الكلي للموارد أو حتى الانبعاثات الكربونية.

 

- لكن هذا الدليل لا يدعم استنتاجات "هيكل"، التي تقوم على العديد من المفاهيم الخاطئة حول طبيعة وأهمية النمو، إذ يبدو أن الرجل لا يتعامل مع حقيقة أن معظم النمو الاقتصادي الحالي تقوده البلدان الفقيرة نسبيًا.

 

 

- يقدر صندوق النقد الدولي أنه خلال الفترة من عام 2010 إلى 2015، كانت الأسواق الناشئة والبلدان النامية هي مصدر 70% من نمو الناتج والاستهلاك العالميين، في حين كانت الاقتصادات المتقدمة مسؤولة عن النسبة الباقية.

 

- تشير توقعات البنك الدولي إلى أداء مشابه خلال الفترة بين عامي 2017 و2019، حيث ستشكل مساهمة الصين في النمو العالمي ضعف المساهمة الأمريكية، وستكون مشاركة الهند أكبر من نظيراتها في بلدان منطقة اليورو مجتمعة.

 

- ينطبق الشيء نفسه على انبعاثات الكربون التي تؤجج أزمة الاحتباس الحراري، فمنذ عام 1990 انخفضت الانبعاثات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في حين زادت لدى الدول النامية، خاصة الصين والهند.

 

الفقراء سيدفعون ثمن النمو الصفري

 

- خلال العام الماضي، قدرت وكالة الطاقة الدولية نمو انبعاثات الكربون المرتبطة بالطاقة في الصين وبقية دول آسيا النامية بأكثر من خمسة أضعاف معدل نموها في الاتحاد الأوروبي، في حين انخفضت الانبعاثات الأمريكية.

 

- بعبارة أخرى، إذا أوقف "هيكل" وغيره النمو الاقتصادي، فلن تكون البلدان الغنية هي من يتحمل وطأة التغيير، وسيُلقى بالحمل على كاهل الدول الفقيرة ومتوسطة الدخل مثل الهند والصين، وبالنسبة للبلدان الإفريقية شديدة الفقر فلن تحصل حتى على فرصتها الخاصة للانتعاش.

 

 

- يحاول "هيكل" القفز على هذه النتيجة بقوله إن من الممكن ببساطة للبشر تشارك ما لديهم بشكل أكثر عدلًا، لكن حتى إعادة توزيع الثروة العالمية، التي ما زالت غير ممكنة من الناحية السياسية واللوجستية، ستجعل المواطن العادي يتمتع بمستوى معيشي أفضل قليلًا من ذلك الذي تشهده الصين الآن.

 

- الأمر الآخر الذي يتجاهله "هيكل" هو العلاقة بين النمو ونسبة المواليد، فبمجرد بلوغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في دولة ما 10 آلاف دولار، تنخفض نسبة المواليد بسرعة إلى 2.1 طفل لكل إمرأة وربما أقل من ذلك.

 

- سيؤدي وقف النمو حاليًا إلى ترك معظم البلدان الإفريقية عالقة بعيدًا عن هذا المستوى السحري، مما يعني أنها ستواصل النمو السكاني، وبالتالي سيزداد تعداد سكان العالم بلا حدود، وهذا بدوره سيقضي في النهاية على موارد الأرض، وإن لم يكن ذلك عبر الأضرار المناخية، فسيكون من خلال استنزاف المياه العذبة والطعام.

 

ميزة التقدم التكنولوجي

 

- لحسن الحظ يتجاهل "هيكل" ومناصرو البيئة الذين يدعون إلى نمو صفري، عاملًا حاسمًا، وهو التكنولوجيا، ففي البلدان الغنية تحول النمو إلى حد كبير من الأشياء المادية إلى الخدمات الرقمية التي تتطلب استهلاكًا أقل من الطاقة.

 

 

- في العديد من المناطق، تكون طاقة الرياح والشمس أرخص من الفحم، كما أن السيارات الكهربائية أصبحت أكثر شيوعًا، ويعني هذا التقدم التكنولوجي المذهل أن الدول الغنية يمكنها امتلاك شبكات كهربائية تزود بالطاقة المتجددة ووسائل نقل كهربائية أيضًا قبل نهاية القرن.

 

- الأهم من ذلك، أن الطاقة المتجددة الرخيصة تعني أن البلدان الفقيرة في إفريقيا وجنوب آسيا سوف تكون قادرة على اتباع مسار أنظف مختلف للتصنيع دون التضحية بمستويات المعيشة.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة