نبض أرقام
11:04
توقيت مكة المكرمة

2024/05/11
2024/05/10

الاقتصاد المُوجّه والاتحاد السوفييتي..هل كان سببا في انهيار القطب العالمي المنافس لأمريكا؟

2018/09/28 أرقام

على مدار عقود طويلة في القرن العشرين، كان الاتحاد السوفييتي هو القطب الثاني المنافس للولايات المتحدة على الساحة السياسية وبدا النموذج الاقتصادي السوفييتي المناهض للأسواق الغربية وما شهده من نمو في العقود الوسطى من نفس القرن بديلا قابلا للتطبيق، ولكن تساءل تقرير نشره "إنفستوبيديا": "لماذا انهارت القوة السوفييتية الاقتصادية؟

تباطأ نمو الاقتصاد في الاتحاد السوفييتي رغم محاولات موسكو لإنعاشه من خلال عدد من الإصلاحات لينهار القطب العالمي الثاني وتنتهي معه فكرة البديل الواعد للرأسمالية الغربية.



اقتصاد موجه

شهد عام 1917 الإطاحة بالقيصر في روسيا من قبل البلاشفة الذين ثاروا وقاتلوا وانتصروا في حرب أهلية لبناء نظام اشتراكي داخل الامبراطورية الروسية، وبعد ذلك بخمس سنوات، أُعلن الاتحاد السوفييتي وضم عددا من الدول التي كانت تحت حكم روسيا الشيوعية في شكل فيدرالي.

بداية من عام 1924 مع صعود "جوزيف ستالين" للسلطة، ظهر ما يعرف بالاقتصاد الموجه من جانب الحكومة والذي اتسم بهيمنة شمولية على الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في البلاد، واستمر هذا الحال على مدار عقود.

نظم الاقتصاد السوفييتي الموجه الأنشطة الاقتصادية عبر عدد من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والإجراءات التنظيمية حيث كان قادة الاتحاد السوفييتي هم من يحددون هذه الاهداف، ومن أجل تحقيقها، استحوذ مسؤولو الحزب الشيوعي على مفاصل ومفاتيح تلك الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية.

شرعن الحزب الشيوعي هذه الهيمنة بزعم امتلاكه للمعرفة وكل ما يخص المجتمع خشية أي استحوذ عليه من جانب قوى واقتصلادات السوق الغربية، وأدار مسؤولو موسكو جميع الانشطة الاقتصادية والتخطيط والإنتاج والتوزيع.

تم إنشاء هياكل متسلسلة ومتدرجة على كافة أصعدة الاقتصاد مع وجود مسؤولين في الحزب الشيوعي يمتلكون السلطة المطلقة في تقييم المؤشرات والأنشطة الاقتصادية وتحديد المهام والأداء.



نمو متسارع

في باديء الأمر بعد استحواذ القيادة السوفييتية والحزب الشيوعي على مفاصل الدولة، شهد الاقتصاد نموا سريعا، ولكن ضعف انفتاح الأسواق تسبب في إهدار الأنشطة الاقتصادية وانعدام الكفاءة.

سجل الناتج المحلي الإجمالي السوفييتي نموا سنويا بنسبة 5.8% من 1928 حتى 1940، وبنسبة 5.7% في المتوسط خلال الفترة من عام 1950 حتى 1960 وبنسبة 5.2% بين عامي 1960 و1970، ولكنه سجل نموا سنويا بنسبة 2.2% بين عامي 1940 و1950.

يعزي خبراء هذا النمو الاقتصادي المتسارع في بعض أوقات الحقبة السوفييتية إلى امتلاك موسكو التكنولوجيا الغربية وقدرتها على تحريك الموارد وإدارتها.

ركز السوفييت بشكل كبير على الأنشطشة الصناعية والحضرية على حساب الاستهلاك الشخصي، وهو ما منحهم دفعة عصرية قوية في الاقتصاد والحياة بوجه عام.

رغم ذلك، تضاءلت قدرة الاتحاد السوفييتي على امتلاك تكنولوجيا غربية كما تراجعت الإنتاجية بشكل كبير لاحقا.

تباطؤ  النمو وبداية الإصلاحات

بمرور الوقت، أصبح الاقتصاد السوفييتي معقدا كما بدأت تنفد محركات نموه حيث تباطأ نمو الناتج المحلي الغجمالي إلى 3.7% بين عامي 1970 و1975 ثم إلى 2.6% بين عامي 1975 و1980، وبدأت الاقتصاد الموجه مرحلة من الكساد الواضح للقادة السوفييت.

كان السوفييت على دراية منذ خمسينيات القرن الماضي بوجود مشلات هيكلية طويلة الأمد بسبب ضعف كفاءة الاقتصاد الموجه وأن تبني المعرفة والتكنولوجيا الخاصة باقتصادات متقدمة قد قتل الإبداع في الداخل.

على أثر ذلك، تبنى الزعيم السوفييتي "نيكيتا كروسشيف" أواخر خمسينيات القرن الماضي إصلاحات من بينها تبني اللامركزية في الهيمنة الاقتصادية من خلال التعامل مباشرة مع تعقيدات الشؤون والأنشطة الاقتصادية.

طالت هذه الإصلاحات جذور مؤسسات الاقتصاد الموجه ليجبر "كروسشيف" على العودة إلى الهيمنة المركزية أوائل فترة الستينيات.

مع تراجع النمو الاقتصادي وازدياد عدم الكفاءة بشكل أوضح، وكان المأزق الأكبر الذي واجه القادة السوفييت هو إنشاء منظومة سوق أكثر تحررا في مجتمع يغرق حتى عنقه في الهيمنة المركزية.



الـ"بريسترويكا" والانهيار

فشلت محاولات الإصلاح التي تبناها "كروسشيف" في إنعاش الاقتصاد السوفييتي الراكد وأصبحت الإنتاجية سالبة في أوائل الثمانينيات، ومع انتشار معدلات الفقر وضعف الاقتصاد، ظهرت حركات تنادي بالإصلاح داخل الحزب الشيوعي وسميت بـ"بريسترويكا" وكانت بقيادة "ميخائيل جورباتشوف".

كانت حركة "جورباتشوف" تدعو إلى تبني أنشطة اقتصادية لامركزية والتحول نحو اقتصاد أكثر انفتاحا على التجارة الأجنبية مع منح الفرصة للقطاع الخاص.

تعد الـ"بريسترويكا" نقيضا مباشرا لطبيعة الاقتصاد الموجه الذي تبناه الاتحاد السوفييتي منذ تأسيسه، ولكن عندما قررت القيادة السوفييتية تخفيف القيود والهيمنة لإنقاذ الاقتصاد المتعثر، ظهرت ظروف ادت إلى تفكك الدولة.

بدت الـ"بريسترويكا" حركة إصلاحية ناجحة حيث حصلت الشركات السوفييتية على حريات جديدة وفرص استثمارية واعدة، ولكن سرعان ما تبدد التفاؤل، وكان الانهيار الاقتصادي أكبر من الحيلولة دون وقوقعه في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات التي شهدت السنوات الأخيرة في عمر الاتحاد السوفييتي.

لم يعد قادة السوفييت يمتلكون السلطة للتدخل في ظل الفوضى الاقتصادية التي شهدتها البلاد، وظهر جيل من القادة الجدد الذين يطالبون بتحرر أكبر من السلطة المركزية وهدم دعائم الاقتصاد الموجه.

في ظل الحالة الاقتصادية والسياسية المذرية، انهار الاتحاد السوفييتي أواخر عام 1991 وتفكك إلى خمس عشرة دولة.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة