نبض أرقام
19:24
توقيت مكة المكرمة

2024/05/15

ثقافة الاستثمار تضمحل ..وفي الضباب تسود المضاربة

2006/12/10 القبس-محمد البغلي

حذرت مجموعة من المحللين الماليين من غياب واضح لسمة الاستثمار في تعاملات بورصة الكويت، بعد ان تحول عدد من كبار مديري الاستثمار، الذين يديرون عشرات ومئات ملايين الدنانير في محافظ وصناديق الى مضاربين يوميين وسط أجواء مملوءة بالإشاعات والتوقع الدائم لغير المتوقع، خصوصا فيما يتعلق بقرارات تحييد الأسهم وسحب عقود B.O.T الأمر الذي ينذر بدخول البورصة في اتون مرحلة جديدة وحرجة،
تغيب عنها معايير وأصول وقواعد الاستثمار والمعلومات والشفافية لتحل عوضا عنها قوى المضاربة والاشاعة والضبابية.

وحسب المعلومات التي توفرت من كواليس التداول، فإن عددا من مديري الاستثمار اتبع خلال الأسابيع الماضية أسلوب (شاري، بايع) على سهم معين لنحو 3 او 4 جولات في اليوم الواحد، الأمر الذي جعل مؤشرات التداول تتذبذب يوميا أو خلال أيام معدودة وهو ما فسر أيضا من جهة أخرى ضخامة قيم التداول مقابل تدهور المؤشرين السعري والوزني.

ويرى المحللون الذين تحدثت اليهم 'القبس' ابرز ملامح التعاملات التي تؤكد غياب النظرة الاستثمارية في التداول كالتالي:

يلجأ العديد من مديري الاستثمار في البورصة كلما صعد المؤشر الى تسييل معظم المحافظ والصناديق لان لا احد منهم بات يثق بالآخرين كما السابق، اذ كان في ذي قبل من السهولة بمكان أن يتفق المديرين في 3 شركات مثلا على عدم بيع سهم معين لمدة شهر أو أكثر، في انتظار إعلان عقد او صفقة أو غير ذلك، أما الآن، وخصوصا في الربع الأخير فلم يعد مدير محفظة يثق بتصرفات مدير الصندوق، وهما يعملان في الشركة نفسها،لان أي مدير استثمار، في مثل أوضاع كهذه، يريد ان 'يبيض وجهه' أمام الإدارة ومجلس الإدارة لذلك يتعرف كل منهم على قاعدة 'اللهم

نفسي' مما يجعل الثقة في السوق شبه غائبة وهذا اخطر مايواجه أي سوق.

أدت عمليات تحييد الأسهم الى تنبه كبار ملاك في عدد من الشركات الى مخالفتهم قانون الإفصاح، فشرع هؤلاء في 'غسل أسهمهم' في عمليات مبادلات وتفتيت ملكيات لإعادة هذه الحصص دون 5 في المائة على عدد من الأطراف وحسابات العملاء كي يتوقى هؤلاء شر عقوبة التحييد، فكان لافتا في عدد من الشركات عديمة التداول تقريبا عقد صفقات مليونية (يتعدى بعضها 5 في المائة) في غضون ثوان معدودة من دون رقابة من البورصة على صفقات من هذا النوع يفترض ترتيبها مسبقا بعلم الإدارة والمستثمرين، ولكن المشكلة هنا أن الشركات تريد ترتيب المبادلات الكبرى بعيدا عن عين الرقابة، حيث تلعب هذه المبادلات في رفع قيم التداول وإعطاء مؤشرات غير صحيحة عن السوق والأسهم التي تجري عليها المبادلة.

تحولت العقلية الاستثمارية في البورصة الى عقلية قناصة الوقت بعد ان شمل التراجع أسهما لا علاقة لها بالقرارات الأخيرة وبلغت معها أسعارا تعتبر في السوق مغرية، الأمر الذي دعا البعض الى الدخول بقوة على أسهم بالحد الأدنى وبيعها في اليوم نفسه بالحد الأعلى أو دون ذلك بقليل ثم الدخول على سهم آخر وهكذا، ولعل من تابع البورصة الأسبوع الماضي يرى بجلاء كيف خسر المؤشر في 3 أيام 500 نقطة ثم عاد ليعوض 80 في المائة من التراجع في آخر يومين، حيث يعتقد البعض أن بعض الأسهم في البورصة بلغت ما بات يعرف ب'القاع' رغم أن هذه الأسهم محملة بخسائر 'لا تحملها البعارين'، ومع ذلك يعتبرها البعض فرصة شراء مجدية لا لسبب إلا لكونها أسعارا لم تكن مألوفة على هذه الأسهم منذ عام أو أكثر، وعليه اعتبرت هذه الأسهم رخيصة (..) أي أن معيار الرخص أو الغلاء ليس مضاعف السعر الى الربحية أو القيمة الدفترية، بل فقط عندما يكون السعر غير مألوف على شريط التداول.

اتجه عدد من الملاك الى تدعيم ملكياتهم في الشركات التي يديرونها أو على الأقل يشاركون في إدارتها الى تدعيم ملكياتهم ليس لأن هذه الشركات جيدة، أو قوية، بل خوفا من Take over، كالطوفان يقتلعهم من على سدة مجلس الإدارة مما حدا بالبعض الى زيادة حصته بما يحميه من أي استحواذ محتمل تقوم به جهة ما على حين غرة.

بات بعض مديري الاستثمار يتصرفون بأسوأ مما يتصرف به عتاة المضاربين، خصوصا خلال عطلة نهاية الأسبوع في بث الإشاعات والمعلومات والتحليلات المتحيزة، بحيث يعمل كل منهم على 'تقريب النار صوب قرمة'.

الأكثر قراءة