أكد خبير في تمويل الشركات أنه على الرغم من الازدهار الكبير لقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة فإن القطاع لا يزال يعاني إجمالاً من ضعف في التمويل والخدمات المصرفية، وهي حقيقة يقر بها كل من المصارف والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والخبراء الماليين على حدٍ سواء، مشيرا إلى أنه وفق مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة فإن نسبة القروض الممنوحة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة لا تتجاوز3 % من إجمالي القروض التي تمنحها المصارف.
وتعتبر ندرة بيانات السجل الائتماني لعملاء البنوك أحد أهم التحديات والأسباب التي تقلل من فرص حصول تلك الشركات على قروض خصوصاً مع عدم جهوزية بيانات مكتب الائتمان الذي اضطلعت بالقيام بمهامه «شركة الاتحاد للمعلومات الائتمانية».
وقال كاظم علي، رئيس قسم الخدمات المصرفية للمؤسسات، في نور بنك ان إنشاء مكتب ائتمان للشركات للمصادقة على البيانات المالية من شأنه أن يحد من مشاكل الإفصاح وتوافر المعلومات المالية التي تعتبر من أبرز تحديات التمويل التي تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وبالرغم من أن الشركات الصغيرة والمتوسطة هي محور اهتمام العديد من المبادرات الحكومية إلا أن معدل رفض قبول إقراض الشركات الصغيرة والمتوسطة في الإمارات لا يزال من الأعلى في المنطقة بحسب تقرير اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) الذي أشار إلى أنه تم رفض أكثر من 50% من طلبات الشركات للحصول على قرض أو تمويل.
ملاحظات
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«البيان الاقتصادي»: حين نشير إلى قلة التمويل والخدمات المالية فنحن لا نتحدث فقط عن المشاريع الناشئة التي تزال تخطو خطواتها الأولى والتي تحتاج جملة من أدوات التمويل المختلفة مثل المستثمر الممول أو الصناديق الاستثمارية أو مؤسسات التطوير كصندوق خليفة لتطوير المشاريع.
وما نلاحظه أن صعوبة الحصول على التمويل تشمل حتى المؤسسات التي تجاوزت هذه المرحلة وأثبتت نجاحها على مدى سنتين أو ثلاث على الأقل وتمتلك مصادر إيرادات ودخلاً يعتمد عليه وبدأت بتحقيق الأرباح أو أنها على وشك ذلك، ومثل هذه المؤسسات هي الأشد حاجة للتمويل كي تدخل مرحلة التوسع في عملياتها وتسعى للمزيد من النمو.
عقبات
وبالنسبة للمصارف فإن أبرز العقبات تتمثل في ضعف مستويات الإفصاح عن المعلومات المالية التي تقدمها هذه المؤسسات وهي بالفعل أسباب مشروعة تعيق تسهيل عمليات التمويل، كما يوجد لدى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة توجه عام يبتعد عن التفكير بالصورة الأشمل عند البحث عن الخدمات المصرفية والمالية إذ نجدها تميل للحصول على منتجات مختلف من أكثر من مصرف، ظناً منها أنها تقتنص الفرص الأفضل لدى كل جهة والرسوم الأقل من كل مصرف، وهو أمر ليس بالضرورة صحيحاً.
وقال كاظم علي: «في واقع الأمر تستطيع المؤسسات أن تستفيد من موقفها لدى المصرف إن كانت عميلاً لأكثر من منتج بأن تسعى للحصول على تسهيلات وميزات خاصة لأنها تسهم في زيادة أعمال المصرف وحصته في السوق، وبهذا تستطيع المؤسسة الحصول على قيمة أعلى من إجمالي الخدمات والمنتجات المصرفية التي تحصل عليها من المصرف قد تكون أفضل من البحث عن منتج معين برسوم أقل لدى مصرف آخر، كما أن هذا يعمل على تنمية علاقة طويلة الأمد مع المصرف تعود بالفائدة على الطرفين على المدى البعيد».
حلول
وحول الحلول التي يمكن طرحها لتجاوز إشكاليات وتأمين السيولة الضرورية لتلك المؤسسات لدفع النمو الاقتصادي أكدّ علي ضرورة أن يكون لدى المصارف فهم وتصور واضحان لما تحتاجه هذه المؤسسات.
وأضاف: تختلف احتياجات وتطلعات التمويل من مؤسسة إلى أخرى وفقاً للحجم بشكل رئيسي. وعلى سبيل المثال نصنف في «نور التجارة» المؤسسات الأصغر بأنها تلك التي تمتلك عائدات أو مبيعات تتراوح بين 2 و 50 مليون درهم، وهذه المؤسسات لا تبحث عادةً عن منتجات مركبة أو معقدة بل تكون احتياجاتها هي وسائل التمويل البسيطة بهدف التمويل التجاري أو الرهن العقاري. أما الشركات الأكبر ضمن هذا القطاع – وفقاً لتعريفنا – فتشمل تلك التي تتجاوز عوائدها أو مبيعاتها 50 مليون سنوياً، وهذا النوع من المؤسسات له متطلبات أكثر تعقيداً، حيث تحتاج منتجات مصرفية ومالية ذات هيكلية مركبة.
ولفت إلى أن ما يهم المؤسسات الأصغر هو القيمة المجردة أي كم يقدم المصرف من تمويل ونسبة الفائدة وسرعة إنجاز المعاملات المطلوبة للحصول على التمويل ومستوى الخدمة، أي هل سيعامل المصرف المؤسسة على أنها واحد من بين آلاف العملاء أم سيقدم لها معاملة مميزة وخاصة.
احتياجات
وأشار إلى أن احتياجات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لا تقتصر على التمويل والائتمان فهناك احتياجات أخرى تغفل عنها المصارف أحياناً مثل التأمين واحتياجات الخزينة، ورغم أن مثل هذه المنتجات والخدمات لا تزال غير شائعة إلا أن المصارف يمكن أن تستهدف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عبر توفير هذه الخدمات والمنتجات.
خدمات
وقال إن بنك نور يعمل باستمرار على تعزيز قدراته في مجال تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال مبادرة «نور للتجارة» التي أطلقها البنك العام الماضي والتي تختص بالخدمات المصرفية المبتكرة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية والمخصصة لقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وأضاف: «تمثل المحفظة التجارية جزءاً هاماً من عمليات نور بنك وتشهد نمواً متسارعاً مع تطوير البنك للخدمات المخصصة لتلبية احتياجات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتجدر الإشارة هنا إلى أن أننا نمتلك فروعا مخصصة لتقديم الخدمات لهذه المؤسسات حصرياً.
ومن خلال مبادرة نور للتجارة، نقدم طيفاً واسعاً من الحلول المالية والمصرفية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية مثل إدارة النقد وتمويل رأس المال العامل والخزينة والتمويل الاستهلاك والتأمين التكافلي والتي يمكننا تقديمها من خلال نافذة واحدة وبتكاليف تنافسية، ومن خلال توظيف أفضيلتنا المتمثلة في تميزنا عن باقي المصارف في الخبرة في مجال إدارة النقد والخدمات التجارية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية وعبر تقديم حلول مبتكرة وخدمات تحوز على رضا العملاء سنكون قادرين على الوصول إلى قاعدة عملائنا واسعة من قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الدولة وخدمتهم على الوجه الأمثل».
أهمية كبيرة
أفاد كاظم علي بأن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تمثل العمود الفقري لاقتصاد دولة الإمارات، حيث تسهم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بما يصل إلى 60% من إجمالي الناتج المحلي الدولة. وأضاف: لقد أصبحت عاملاً أساسياً في نمو اقتصاد الدولة وتطوره.
وتسعى حكومة الإمارات ضمن رؤيتها الاستراتيجية لإيصال هذه النسبة إلى 70% بحلول عام 2021.
وتشير دراسة صادرة عن صندوق خليفة لتطوير المشاريع إلى أنه من أصل 300 ألف مؤسسة في الدولة تصنف 94% منها على أنها مؤسسات صغيرة أو متوسطة، أي أن عدد هذه المؤسسات في الدولة يتجاوز 280 ألفا، وهو بلا شك رقم كبير بكل المقاييس، وبالإضافة إلى الإسهام الاقتصادي المباشر فإن هذه المؤسسات تؤمن عدداً كبيراً من الفرص الوظيفية، كما أنها تسهم في زيادة تنويع النشاطات الاقتصادية في الإمارات ولذلك تمثل جزءاً هاماً من الرؤية الاستراتيجية للدولة.
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: