تستعرض أمانة جدة مساء اليوم "الاثنين" بحضور صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة مسودة الخطة الاستراتيجية لتطوير محافظة جدة، بمشاركة حوالي ألف شخص من المهتمين والمعنيين بالموضوع.
من جهته أعرب أمين محافظة جدة المهندس عادل بن محمد فقيه عن سعادته بتشريف صاحب السمو الملكي أمير المنطقة لاستعراض مسودة خطة تطوير مدينة جدة، مشيرا إلى أنه سيتم خلال هذه الورشة تقديم عرض مفصل عن محاور الخطة الاستراتيجية وما تخطط له الأمانة في المستقبل، بالإضافة إلى الاستماع لتوجيهات وملاحظات سموه، مؤكدا أن الأمانة ومشاريعها تحظى بدعم كبير ومتابعة حثيثة من سمو أمير المنطقة منذ توليه هذه المسؤولية وذلك لدفع المشاريع وبرامج التنمية لمدينة جدة.

وأضافت أن هناك عددا من التحديات تواجه المدينة منها انعدام التوازن بين المناطق حيث أدى التركيز الشديد على نمو مدينة جدة إلى توجيه قدر أقل من الاهتمام بتطوير المناطق والتجمعات الحضرية الصغيرة في المحافظة مما استتبعه الإخفاق في تطوير الإمكانات الاقتصادية الكاملة للتجمعات السكانية التابعة ذات الحجم الأصغر، والتعامل مع المناطق غير الحضرية على أنها أرض ستصبح حضرية في نهاية المطاف، وهي تتحول في غالب الأحيان إلى مناطق ردم النفايات ومخلفات البناء دون ضبط ومراقبة كافيين.
وساهم في التمدد العشوائي في جدة عدد من العوامل المتداخلة تمحور حول توزيع استعمالات الأراضي وتجارتها وإدارتها من جانب القطاع الخاص والعام معا حيث خضعت مساحات كبيرة من الأراضي إلى استعمال غير منظم ويتضح ذلك في العشوائيات وتحتل ما يقدر بنحو 4800 هكتار ويسكنها حوالي 35% من سكان المدينة، فضلا عن أن استعمالات الأراضي الحالية ومساحاتها لا تتلاءم مع احتياجات جدة، فهناك نقص في الأراضي المخصصة لإسكان ذوي الدخل المحدود والمتوسط، ولم يكتمل حتى الآن البناء في النطاق العمراني لعام 1409هـ، أما حدود النطاق العمراني الحالية التي وضعت لكل من عامي 1435هـ و1450هـ فستوفر على التوالي 139585 و200966 هكتار من الأراضي الإضافية للتطوير، غير أن تقديرات النمو الأخيرة تشير إلى أن الأراضي المخصصة للتطوير والتي يمكن أن تحتاجها المدينة في هذه الفترة خارج النطاق العمراني لعام 1409هـ لن تزيد مساحتها على 8500 هكتار، لذا فإن حدود النطاق العمراني الموضوعة ستؤدي خلال الأعوام العشرين القادمة إلى زيادة في مساحة الأراضي المتاحة للتكوير تقدر مساحتها بـ192466 هكتار.
وأوضحت الاستراتيجية كذلك أنه على الرغم من وفرة الأراضي المخصصة للمساكن، إلا أن جدة لم تتمكن من الاستجابة بشكل كاف للطلب عليها، فهناك حوالي 250 ألف نسمة ممن يعيشون في مناطق مخططة ليس لديهم مساكن، وهناك نحو 1,2 مليون نسمة يعيشون في أحياء جدة العشوائية، وهناك حاجة لتوفير 670 ألف وحدة سكنية لمواجهة النمو المستقبلي، وحاجة إلى توفير حوالي 34,5 مليون متر مربع من المساحات للأعمال.
كما حددت الاستراتيجية خمس مناطق ذات أولوية لاستيعاب النمو المطلوب خارج النطاق العمراني المحدد لعام 1409هـ ومنها منطقة شرق طريق الحرمين التي يمكن الوصول إليها بسرعة من المركز الحالي للمدينة، كما لا تزال أسعار الأراضي بها منخفضة ويمكن أن تستوعب هذه المنطقة حوالي 405000 نسمة إضافية، ومنطقة أبحر التي سيسهم تطويرها في إتاحة مساكن لنحو 140 ألف نسمة إضافية، بالإضافة إلى منطقة الإسكان الميسر الشمالية، والجنوبية والمنطقة الصناعية الجنوبية.
الانتهاء من مخطط خزام
وفيما يتعلق بالمحور الخاص بتطوير العشوائيات كشفت مسودة الخطة الاستراتيجية لمدينة جدة أنه بحلول شهر رمضان القادم سيتم وضع مخطط رئيس لمشروع تطوير قصر خزام الذي من المتوقع أن تبدأ أعمال البناء به بعد ذلك بقليل، وسيأتي في أعقابه مشروع تطوير منطقة الرويس الذي يغطي مساحة كلية تبلغ 140 هكتار 60% منها أحياء عشوائية، وسيتبع هذا المشروع النموذج المستخدم في مشروع قصر خزام، حيث يجري إعداد الأراضي للتطوير عن طريق إنشاء شركة عامة يكون بين المساهمين فيها ملاك الأراضي الحقيقيين والشركاء في عملية التطوير. وأشارت إلى أن مشروع منطقة قصر خزام جزء من تنفيذ خطة جدة الاستراتيجية وتطبيق برنامج جدة بلا عشوائيات، وقد تم تحديد المشروع الأول في هذا البرنامج وهو مشروع تطوير منطقة قصر خزام - التي تضم أربعة أحياء عشوائية هي حي السبيل والنزلة وأجزاء من وسط البلد وحي القريات -، الذي ستقوم بتنفيذه شركة دار الأركان و سيعمل على تطوير 370 هكتار من المدينة 60% منها أحياء عشوائية.
وتهدف أمانة محافظة جدة من وراء ذلك إلى منع نشوء أحياء عشوائية وغير مخططة جديدة أو اتساع رقعة الأحياء الحالية وذلك من خلال دعم وتصميم برامج تساعد على بناء إسكان ميسر يلبي احتياجات الطبقة الفقيرة والمتوسطة من المجتمع.

وأوضحت الاستراتيجية أن الأحياء العشوائية تغطي ما يقرب من 16% من مدينة جدة المبنية ويسكنها ما يقرب من مليون نسمة - أي ثلث سكان جدة – وتعد هذه الأحياء من أهم التحديات التي تواجه نمو المدينة، ونبهت الاستراتيجية إلى أن هذه الأحياء تشكل خطرا على الصحة العامة وعلى أمن المدينة، كما يتسبب عدم وضوح ملكية الأراضي والمباني في إعاقة إمكانيات الاستثمار، لذا أصبح أكثر من ثلث سكان جدة غالبا ما يعيشون في ظروف معيشية أدنى من المستوى المقبول، ونشأت كرد فعل لعدم توفر الإسكان المناسب لذوي الدخل المنخفض والمتوسط.. وبينت أن الأحياء العشوائية تتشابه في أنماط الشوارع وغياب الساحات العامة ومحدودية الخدمات والمرافق، والافتقار إلى ملكية واضحة للأراضي والمباني.
وقد تبنت أمانة محافظة جدة عدة مبادرات منها القيام بإجراء دراسات كثيرة لتمكينها من مجابهة هذا الأمر، وإنشاء شركة جدة للتنمية والتطوير العمراني بهدف الدخول في شراكات تنموية مع المستثمرين من القطاع الخاص والتركيز على التطوير والتجديد الحضري والإسكان باستهداف الأحياء العشوائية كأولوية، فضلا عن برنامج "جدة بلا عشوائيات" وهو مبادرة لاستصلاح الأحياء العشوائية، ويبدأ بتحليل وتوصيف كل من هذه الأحياء قبل التطوير وتحديد التدخل المناسب طبقا للظروف الخاصة ويقوم البرنامج بإنشاء نماذج للاستثمار والتطوير ووضع خطوط استراتيجية للتجديد الحضري.
تقع أغلب المناطق القديمة غير المخططة في المناطق المحيطة بالمنطقة المركزية للمدينة بين البلد والمطار القديم وقصر خزام، كما وفرت الأحياء العشوائية حلا مناسبا لعدد من الجماعات كالعمال الوافدين والمهاجرين من الريف وأعداد متزايدة من المواطنين السعوديين ذوي الدخل المحدود بإتاحتها أمكنة لهم بالقرب من المدينة، واستفاد من ذلك – للأسف - أرباب العمل الذين استطاعوا استقدام العمالة دون النظر إلى إسكانهم، ومع التوقع بزيادة عدد السكان 2,5 مليون خلال العشرين عاما القادمة فإن ذلك يتطلب المزيد من الجهود لمواجهة نمو هذه الظاهرة.
ونتيجة للطبيعة غير الرسمية التي تطورت بها هذه الأحياء لم تحظ هذه المناطق إلا بقليل من الاستثمارات العامة ويندر جدا في هذه المناطق توفر الأرصفة والمجاري ومسارات المشي والإنارة العامة، كما أن نوعية البيئة المبنية متدنية جدا، إذ تتسم الأحياء العشوائية في البغدادية والكندرة والعمارية بتدهور مبانيها، ووفقا لإحدى الدراسات فإن 66% من هذه البنايات إما رديئة أو رديئة جدا، أما الأحياء العشوائية الجديدة في قويزة وكيلو 14 وكيلو 11 فتتسم بوجود منازل بناها أصحابها بشكل رديء، بالإضافة إلى أن كثير من الأحياء العشوائية لا تصلها سوى الكهرباء والاتصالات، ورغم هذا يفضل غالبية سكان هذه الأحياء أن يستمروا في وضعهم الحالي.
وأكدت مسودة الاستراتيجية أن الأحياء العشوائية تشكل 16% من الأراضي في مدينة جدة وتشكل حاجزا أمام التطوير، وأن نمو جدة سيؤدي إلى استمرار نمو الأحياء العشوائية ما لم يبذل جهد كبير لتطوير خيارات سكن بديلة لسكان هذه الأحياء الحاليين والمستقبليين، كما أنه لم يعد استمرار هذه الأحياء مقبولا في مدينة لها ما لجدة من مستوى دخل وموقع وسمعة.
953 ألف وحدة سكنية
على الجانب الآخر قدرت مسودة الخطة الاسراتيجية لمدينة جدة في المحور الخاص بالإسكان حاجة المدينة من الوحدات السكنية في غضون العشرين عاما القادمة بما يقرب من 953 ألف وحدة، وأنه يمكن تحقيق ذلك من خلال مشاريع الإسكان الميسر على مراحل خلال الأعوام العشرة القادمة.
وقسمت الاستراتيجية الطلب الكلي على السكن إلى نوعين هما النقص المباشر والطلب المستقبلي، فالنقص المباشر يبلغ 283 ألف وحدة سكنية تتشكل من 80 ألف وحدة سكنية مناسبة لذوي الدخل المنخفض والمتوسط الذين لا تفي مساكنهم الحالية باحتياجاتهم في المناطق المخططة، و151600 وحدة سكنية بديلة لاستيعاب السكان الذين من المخطط نقلهم من الأحياء العشوائية، و51500 وحدة لاستيعاب النمو السكاني منذ عام 1428هـ، والذي لم يتم استيعابه بعد، أما بالنسبة للطلب المستقبلي الكلي فسيكون 670 ألف وحدة على مدى السنوات العشرين القادمة ثلثاها لإسكان ذوي الدخل المنخفض إلى المتوسط.
وأشارت مسودة الاستراتيجية المطروحة حاليا للنقاش وإبداء الرأي إلى أن مدينة جدة تعاني نقصا حادا في خدمات الإسكان المناسب لذوي الدخل المنخفض والمتوسط، وأثر ذلك سلبا على نمو المدينة وتكوين الأحياء العشوائية وازدياد حالات التعدي على الأراضي وطول فترة الانتظار للحصول على القروض ومنح الأراضي.
وأضافت أنه بدأ العمل على معالجة قضية الإسكان في جدة منذ عام 1429هـ على مستوى منطقة مكة المكرمة بناء على أمر ملكي سام، وتشرف على تنفيذ ومتابعة ذلك لجنة خاصة برئاسة سمو أمير المنطقة تضم في عضويتها ممثلي وزارات الداخلية والمالية والعمل والشؤون البلدية والقروية والشؤون الاجتماعية وأمانة كل من محافظات جدة والعاصمة المقدسة، كما تم تشكيل هيئة عامة للإسكان لمنطقة مكة المكرمة أوكلت لها مهمة تطوير مشاريع إسكان ميسر.. ففي عام 1422هـ تقدم نحو 900 ألف طلب لصندوق التنمية العقاري على مستوى المملكة تمت الموافقة على 470 ألفا منها، كما تقدر طلبات الحصول على منح أراضي لم تمنح في محافظة جدة بحوالي 200 ألف طلب، رغم تجميد تقديم طلبات إضافية منذ عام 1426هـ، وبما أن الأنظمة الحالية تضع حدا أدنى لمساحة الأرض الممنوحة بـ625 مترا مربعا، فإن ذلك سيعني أن تلبية طلبات منح الأراضي تتطلب من أمانة جدة توفير أراضي مساحتها الإجمالية 12500 هكتار.
وبينت المسودة أن جدة تعاني أكثر من غيرها من مدن الملكة نقصا شديدا في المساكن، وهناك طلبا متزايدا عليها لعدة أسباب منها الزيادة في أعداد العمالة الوافدة، وزيادة الهجرة من الريف إلى المدينة والنمو السكاني، حيث يبلغ النقص الكلي في المساكن في جدة حاليا نحو 283 ألف وحدة سكنية يتعين توفيرها بحلول العام الجاري أو في أقرب وقت ممكن، كما أن هناك حاجة لتوفير ما يقرب من 953 ألف وحدة سكنية خلال الأعوام العشرين حتى عام 1450هـ، ويعني ذلك الضرورة القصوى للعمل بجد على رفع المعدل الحالي لتوفير الوحدات السكنية والذي لم يزد عن 25 ألف وحدة سكنية خلال 12 عاما مضت.
ولفتت المسودة كذلك إلى أن العديد من السكان يعيشون في المناطق المخططة من المدينة إما في منازل لا تلبي احتياجاتهم أو مع الوالدين أو الأقارب وذلك لعدم تمكنهم من تحمل تكاليف الحصول على مساكن خاصة بهم، وهناك تقريبا نحو 250 ألف شخص (11% من السكان الذين يعيشون في شقق أو وحدات سكنية صغيرة) يعيشون في منازل غير مناسبة، ولذا فإنهم بحاجة فورية إلى السكن، ويعني ذلك أن هناك حاجة إلى 80 ألف وحدة سكنية إضافية من أنماط ملكية وإيجار متنوعة لتلبية احتياجات هؤلاء السكان على المدى المباشر إلى القصير، لتحسين الظروف الإسكانية في المناطق المخططة.
ووفقا للتقديرات فهناك 476 ألف شخص (40% من سكان المناطق غير المخططة) يحتاجون إلى إعادة إسكان لتحسين ظروف العيش في هذه المناطق ووقف نموها، وهو ما يعني الحاجة إلى ما يقرب من 151600 وحدة سكنية يشكل معظمها إسكانا بديلا لسكان الأحياء العشوائية وغير المخططة خلال عملية التطوير، ولا يشمل ذلك من سيبقون في هذه المناطق، والذين سيتلقون عونا لمساعدتهم على تطوير منازلهم كجزء من مشاريع التطوير، وعلى الرغم من الحاجة إلى نقل السكان من الأحياء العشوائية لابد من تزويد الإسكان البديل على مراحل تمتد على عدد السنين بسبب ضخامة عدد الوحدات السكنية المطلوبة.
ولهذا الغرض أطلقت أمانة محافظة جدة في عام 1429هـ برنامج الإسكان الميسر الذي تنفذه شركة جدة ويعد جزء من برنامج "جدة بلا عشوائيات" ويهدف المشروع إلى إنشاء شراكات مع الهيئات من القطاع الخاص والعام لتشكيل تجمعات سكانية جديدة في المحافظة، كما يسعى إلى حشد موارد الهيئة العامة للإسكان وصندوق التنمية العقاري جنبا إلى جنب مع موارد ومبادرات القطاع الخاص.
الخدمات الاجتماعية
تعد الخدمات الاجتماعية من أهم الموضوعات التي أولتها مسودة الاستراتيجية عناية خاصة لارتباطها بسكان جدة مباشرة، ولعل من أهمها الوصول السهل لخدمات ذات مستوى جيد عن طريق تقديم مزيج متوازن من الخدمات الاجتماعية المناسبة للجميع، وتحسين الخدمات بالتعاون مع الوزارات المختصة والجمعيات المحلية والقطاع الخاص والمواطنين والأجهزة والإدارات المعنية، بالإضافة إلى تقديم الخدمات الاجتماعية بشكل يتلاءم مع الطلب عليها عن طريق فهم الاحتياجات المتغيرة لسكان المحافظة وزوارها والاستجابة للطلب المستقبلي عن طريق تنظيم استعمالات المناطق وتوفير الأراضي اللازمة، والمساواة الاجتماعية بتعزيز مبدأ المشاركة للجميع وتأمين حصولهم على خدمات ذات نوعية جيدة دون تمييز.
كما أشارت الاستراتيجية أيضا إلى أن هناك اختلال في تقديم الخدمات الاجتماعية المحلية في أنحاء المحافظة في الوقت الحاضر، فهناك أحياء محرومة من الخدمات خاصة العشوائيات والمناطق البعيدة من المحافظة، وهو ما ساهم في إضعاف المجتمعات المحلية فيها، وفي حين تتوزع مرافق كالعيادات الصحية والمدارس توزيعا منتظما وهناك أنواع أخرى من المرافق كالمكتبات غير متوافرة بما فيه الكفاية، عانى كذلك تقديم الخدمات البلدية من عملية تجميعها في مكان واحد مما يعني صعوبة وصول سكان المحافظات الأخرى لهذه الخدمات، خاصة ممن لا يستطيعون قيادة السيارات كالمسنين والمعاقين ومن لا تتوفر لهم خدمة الانترنت.
وأكدت الاستراتيجية أن مواطني جدة يحظون بقسط وافر من الخدمات الصحية من القطاعين الخاص والعام، حيث تضم جدة حاليا 40 مستشفى و223 مستوصفا، موزعة جيدا غير أنها لا تكفي لتلبية الاحتياجات الصحية والطبية للمواطنين، حيث يوجد في جدة 2,2 سرير لكل 1000 مواطن، وفيما يخص التعليم توجد في جدة العديد من المؤسسات التعليمية للذكور والإناث على كافة المستويات، بالإضافة إلى أرقى أعرق الجامعات السعودية جامعة الملك عبد العزيز التي تضم نحو 40 ألف طالب وعدد من المؤسسات التعليمية الخاصة كجامعة عفت، ولعل من أهم التحديات التي تواجه جدة أن 48% من المدارس في الوقت الحالي توجد في مبان مستأجرة، وهو ما يؤكد أن هناك حاجة إلى توفير مرافق تعليم أكثر أمنا.
يقع على عاتق أمانة جدة في الوقت نفسه مسؤولية تخصيص الأراضي للعامة وتأمين الأراضي الخاصة اللازمة لإقامة مرافق الخدمات الاجتماعية، على أن تلبي الأراضي متطلبات التوسع، بالإضافة إلى أن تكون الأراضي المخصصة للخدمات جزءا لا يتجزأ من مشاريع الإسكان الكبرى وغيرها من المشاريع المستقبلية، وستعمل الأمانة على الحفاظ على أراض للخدمات والاستمرار في تخصيصها، وفيما يتعلق بالمدارس المستأجرة ستسعى الأمانة إلى تخصيص هذه الأراضي رسميا أو إيجاد مواقع بديلة لها.
كما أن أحد أهداف خطة التنمية الخمسية الثامنة هو زيادة مشاركة المرأة في قوة العمل من 10,3% إلى 14,2% بحول عام 1430هـ بناء على عدد السعوديات اللاتي في سن العمل حاليا، وهو ما يعني أن 19500 امرأة إضافية يجب أن تدخلن سوق العمل، وأن تدني مستويات العمالة بين النساء حاليا سيتطلب 53 ألف وظيفة إضافية للنساء، ولقد قامت الأمانة من خلال العمل مع الجهات ذات العلاقة على تحقيق الهدف الوطني الرامي إلى زيادة مشاركة النساء في قوة العمل، حيث أنشأت أربع إدارات ترأسها نساء في مناصب عليا، بالإضافة إلى الاستفادة من الكفاءات النسائية في مجال متابعة تطبيق الأنظمة.
النقل
وفي محور النقل أوضحت الاستراتجية أن الطلب على النقل يتزايد في جدة بشكل سريع، ففي الفترة ما بين عامي 1398هـ و1424هـ زاد عدد السكان من 1,3 مليون إلى 2,8 مليون نسمة، وتشير التوقعات إلى أن عدد السكان سيفوق 5,6 ملايين بحلول 1450هـ، ويعتمد غالبية السكان على السيارات في التسوق والعمل والترفيه، فزيادة الطلب على حركة البضائع التي تصل الميناء وزيادة أعداد المسافرين عبر مطار الملك عبد العزيز الدولي ستولد طلبا متزايدا للنقل، كما أن الطلب على استخدام طرق جدة في ساعات الذروة لا يتماشى مع وتيرة التطور والنمو الحضري لنظام النقل الحالي.
وتطرقت مسودة الخطة الاستراتيجية إلى خطط توسيع مطار الملك عبد العزيز الدولي على ثلاث مراحل كي يستوعب 80 مليون راكب في السنة بحلول 1456هـ، وخطط توسيع ميناء جدة الإسلامي بإنشاء محطة بوابة الأحمر، ومن شأن ذلك أن يلبي الطلب المتزايد على النقل بالحاويات ويوصل مدينة جدة بالرياض والدمام على الخليج العربي عبر سكة حديد الجسر البري المزمع إنشاؤها، ومن بين مشاريع النقل الرئيسية الأخرى التي سيكون لها أثر على المحافظة الطريق الدائري الشرقي الجديد الذي سيزيد من سهولة الحركة من الشمال إلى الجنوب والطرق الرئيسية الرابطة بينه وبين طريق الحرمين السريع.
وتقوم أمانة جدة بتنفيذ برنامج لتحسين الطرق السريعة والشوارع لتغطي السير داخل المدينة وإدخال تحسينات على عدد من التقاطعات الاستراتيجية، كما تخطط وزارة النقل أيضا لإتمام الطريق الدائري الشرقي لتيسير الرحلات الطويلة عبر المدينة، بما في ذلك توفير ستة عشر محولا اتجاهيا مع طرق أخرى.
وأشارت الخطة إلى أن الطول الكلي لنظام الطرق في جدة يبلغ 564 كيلو مترا تتشكل من 102 كيلو مترا من الطرق السريعة بما يمثل 18% منها، و103 من الطرق الشريانية الرئيسية بنسبة 18% أيضا، و195 كيلو مترا من الطرق الشريانية الأصغر بنسبة 35% و161 كيلو متر من الطرق التجميعية بنسبة 29%، وتتسم شبكة طرق جدة بوجود شبكة طرق بمحاور متعامدة ذات سعة عالية وسرعة كبيرة تفصل التجمعات السكانية بعضها ببعض، وهناك حاجة إلى تحديث وتحسين نظام إدارة السير الذي ينظم المستويات العالية من حركة السير في المدينة.
ويستحوذ التنقل بالسيارات الخاصة على نسبة 86% من كافة الرحلات داخل جدة وهناك 10% تتم بواسطة سيارات الأجرة، وتحدث أعلى مستويات السير في مدينة جدة خلال فترتي الذروة الصباحية والمسائية التقليديتين، وتكون حركة المرور على أشدها على المحاور الرئيسة من الشمال إلى الجنوب "طريق الحرمين السريع، ومحوري المدينة و الملك فهد"، لكن أجزاء أخرى من شبكة الطرق تعاني من مستويات ازدحام مروري مرتفعة جدا خلال اليوم كله، ويبلغ معدل المرور اليومي في الاتجاهين على مقاطع معينة من الطرق السريعة 255 ألف عربة في اليوم، كما تبلغ مقاطع شريانية رئيسية معينة 137 ألف عربة في اليوم.
وأضافت أن دراسة شاملة عن النقل العام في جدة حددت المسارات والتكنولوجيا المناسبة لمستويات الإركاب المتوقعة في جدة بخدمة قطارات خفيفة، وتشمل ثلاثة خطوط برتقالي وأزرق وأخضر، وخدمة حافلات التغذية التي تشمل 38 مسارا بطول إجمالي يصل إلى 540 كيلو مترا، وحافلات يبلغ عددها 816 حافلة، وقطار رحلات يعتزم من خلاله ربط مشروع المملكة بوسط المدينة باستخدام مسار قطار الحرمين السريع، وخدمة عبارات بحرية ترفيهية، وعربات ترفيهية بين الكورنيش الشمالي وشرم أبحر على امتداد واجهة جدة البحرية إلى شرم أبحر مستقبلا.
ومن جهة أخرى يعتبر التنقل مشيا على الأقدام غير آمن أو ملائم بالشكل الكافي وينعكس ذلك في معدلات الحوادث المرورية المرتفعة، فخلال عام 1428هـ تم الإبلاغ عن 1165 حادثة مرورية نتج عنها مقتل 139 من المشاة بزيادة قدرها 6,4% عن العام السابق له الذي وقعت فيه 1095 حادثة، وقد أوضحت الاستراتيجية أن تغيير النظرة السائدة بتشجيع المشي وركوب الدراجات كبديلين آمنين لاستخدام السيارات ذو أهمية كبرى في إقناع السكان باستخدام هاتين الطريقتين اللتين تعدان أكثر استدامة وصحية، وتهدف إقامة مشاريع تحسين شارع الأمير محمد بن عبد العزيز إلى تحسين مستوى سلامة البيئة وتشجيع المزيد على المشي ضمن مدينة جدة وضواحيها.
ولأن حوادث السير في جدة تعد مرتفعة جدا ففي عام 1427هـ تم الإبلاغ عن 78680 حادثة سير بمتوسط 200 حادث في اليوم، بما في ذلك 387 حادث أدى إلى الوفاة و3738 نتج عنه إصابات بشرية و75555 حادث نجم عنه أضرارا مادية، فقد وضعت أمانة محافظة جدة برامج لتحسين السلامة تحدد المواقع التي يرتفع فيها عدد هذه الحوادث حيث تقيم فعالية الإجراءات المتخذة لتحسين هذه المواقع.
الساحات والمرافق الترفيهية
أما بشأن محور الساحات والمرافق البلدية فقد أكدت مسودة الاستراتيجية أن أمانة محافظة جدة تحرص على توفير ساحات عامة ومرافق ترفيه عالية الجودة وإتاحتها للجميع، وهو ما يتطلب تحسين الساحات العامة ومرافق الترفيه الموجودة وحمايتها، بالإضافة إلى العمل على توزيع المرافق بشكل متوازن على جميع أنحاء المدينة، وذلك من خلال بحث المواءمة بين ما يمكن توفيره في تلك المرافق واحتياجات السكان لها في الحاضر والمستقبل.
كما أشارت الاستراتيجية إلى أن عدد وحجم وتنوع الساحات العامة ومرافق الترفيه الموجودة حاليا في جدة لا يفي باحتياجات السكان، ولهذا تسعى الأمانة إلى وضع برامج تزيد من عدد الساحات العامة وتوفر فرص ترفيه أكثر تنوعا، وقد شرعت بالفعل بجرد كمي للساحات العامة في المدينة، وهو ما سيحدد المناطق التي ينبغي أن تعطى أولوية في زيادة عدد الساحات العامة وتحديد نوعية النشاطات التي يجب أن تدعمها، حيث تقترح منظمة الصحة العالمية توفير 8 أمتار مربعة من الساحات العامة لكل فرد، في حين لا يتجاوز هذا المعدل في جدة المترين المربعين في أغلب مناطق المدينة.
وقد كشفت الاستراتيجية عن دراسة أولية أجريت عام 1427هـ قيمت مدى توافر الساحات العامة في البلديات الـ13 التابعة للمحافظة، وأشارت الدراسة إلى أن توفر تلك الساحات محدود جدا، إذ أن معظم البلديات تعاني من نقص عدد الساحات العامة أو مزيج أنواع الساحات فيها غير متوازن، وبينت الدراسة أن الساحات المتوفرة في معظم أجزاء جدة أقل من المعدل الذي حددته منظمة الصحة العالمية وهو 8 أمتار مربعة للفرد الواحد، ويتضح النقص أكثر في المناطق المبنية بكثافة في المدينة مثل بلديتي الجامعة وبريمان، حيث تبلغ نسبة الساحات العامة لكل منها أقل من 0.2 متر مربع لكل فرد، وبلدية البلد 0,4 متر مربع لكل فرد، وبلدية قصر خزام تبلغ 0.5 متر مربع لكل فرد، وفي حين يكمن التحدي في المناطق خارج المدينة في توفير المزيد من الساحات العامة مع تزايد السكان، فإن التحدي الأكبر يتمثل في توفير مزيد من الساحات العامة للفرد الواحد ضمن المناطق المبنية بكثافة بأسرع ما يمكن.
بدأت أمانة محافظة جدة من خلال المرصد الحضري بجمع المعلومات عن الساحات الخضراء المتوفرة حاليا للفرد الواحد وستساعد هذه المعلومات الأمانة على معرفة إذا ما كانت الساحات العامة أو مرافق الترفيه الموجودة حاليا أو المخطط لها تلبي احتياجات السكان المختلفة الآن ومستقبلا، ومن خلال هذه المعلومات ستحدد أولويات مشاريع الاستثمار وتشجيع مشاركة المجتمع المحلي، خاصة في ظل أهمية توفير مرافق ترفيهية لجعل المدينة مكانا رائعا للسكن حيث أن هناك حاجة لتوفير مجموعة متنوعة من المرافق لتلبية احتياجات السكان من كافة الأعمار والقدرات الجسدية كتوفير ملاهي للأطفال وملاعب كرة قدم للشباب وساحات عامة للفتيات والنساء ومرافق تلبي احتياجات المعاقين جسديا.
وطالبت بتخصيص مساحات من الأراضي وتحويلها إلى ساحات عامة، وعلى أمانة جدة أن تحافظ على الساحات العامة الموجودة لتظل مصنفة على أنها كذلك، بالإضافة إلى توفير أراض كافية لتلبية احتياجات المستقبل عبر التخطيط العمراني.
وقد أطلقت أمانة محافظة جدة عددا من المشاريع الضخمة في مجال توفير الساحات العامة ومرافق الترفيه، وتشمل هذه المشاريع منتزه مجرى السيل الشمالي، ومشاريع على الكورنيش الشمالي والأوسط ومتنزهات محلية وفي الأحياء السكنية، حيث أن هذه المشاريع لن تكون متاحة بشكل كامل للمواطنين لحين الانتهاء منها، ومن الضروري في هذه الأثناء الاستثمار في تجميل الشوارع والأماكن المحيطة بها لدعم الاستثمارات الكبيرة فيها.
ونظرا لما تمثله الساحات والحدائق العامة من ملكية للجميع، تلعب مجموعات محلية مثل جمعية أصدقاء متنزهات جدة دورا ناشطا في توفير وصيانة وتمويل ساحات عامة ومرافق ترفيه جديدة، وستدعى هذه المجموعات للمشاركة في اتخاذ القرارات حول مستقبل هذه الأراضي، وستستمر الأمانة في دعم برامج تطوير الساحات العامة بالتشجير والتجديد والأعمال الفنية.
كما استعرضت الاستراتيجية أيضا مختصرا لمشروع تطوير الكورنيش الشمالي الذي يمثل منطقة هامة على الواجهة البحرية من الناحية البيئية والترفيهية، ويمتد بطول 11,2 كيلو متر على الشريط الساحلي في الجزء الشمالي من المدينة ويرتاد الكورنيش الشمالي الكثير من العائلات والسياح، وقد بنيت هذه المنطقة أساسا على أراضي ردم وتضم العديد من المطاعم والملاهي وفنادق المدينة الراقية.
ومن المتوقع أن يساهم الكورنيش الشمالي في جعل المنطقة مقصدا رئيسيا للسياح بزيادة المخصصات للمجال العام لجعل الكورنيش الشمالي مكانا آمنا وممتعا، وتكوين أماكن عامة متنوعة محاذية للبحر يسهل الوصول إليها، وتحسين الإدارة البيئية للمنطقة الساحلية، وتشجيع حماية الشعاب المرجانية و موائل الكائنات البحرية، وتحسين وتطوير المرافق مثل مناطق التنزه والمقاهي والمطاعم ومناطق الاسترخاء، فضلا عن تحسين مجالات الأنشطة المتوافرة بتطوير مرافئ اليخوت والقوارب ومناطق ألعاب الأطفال ومسارات المشي، وتعديل الطريق الساحلي بحيث يوفر منطقة ممتعة يمكن الوصول إليها بسهولة أكبر، وزيادة عدد مواقف السيارات، وتطوير مساحات عامة ومفتوحة ومغلقة متعددة الأغراض، إلى جانب تحسين متنزه طريق الأمير فيصل بن فهد وتعظيم الفائدة من المشي في هذا الطريق الذي يعتبر أفضل مكان حاليا للمشي في جدة.
البيئة
وفيما يتعلق بالبيئة تخطط أمانة محافظة جدة من خلال المرصد الحضري وبالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لوضع خطة بيئية شاملة لجدة مدتها عامين تبدأ بإعداد الملفات البيئية المخصصة لمسائل محددة، وستبنى هذه الخطة على الأعمال المتضمنة في هذه الخطة الاستراتيجية، وسيتم وضع استراتيجية بيئية أكثر شمولا وتفصيلا بناء على المشاورات الواسعة والتحليل المتعمق لكل المسائل ذات الصلة.
وأشارت الخطة الاستراتيجية إلى أن معدل النمو السكاني المتزايد في جدة يشكل ضغطا على البيئة بتزايد استهلاك الفرد الواحد للموارد المحدودة كالكهرباء والمياه والموارد الغذائية مما يتسبب في الإضرار بالبيئة، ويفتقد العديد من سكان جدة للوعي البيئي وإلى إدراك أن أفعال الأفراد يمكن أن تلحق ضررا بالبيئة، وإلى مدى علاقة البيئة بتحسن نوعية الحياة.
كما أوضحت الاستراتيجية أيضا أن غالبية مياه الشرب توفرها محطات التحلية، ولأن هذه المحطات تقدم المياه بأسعار مخفضة، لذا لا تتوافر لدى السكان حوافز لتوفير المياه والاقتصاد في استعمالها، بالإضافة إلى أن الطفح من خزانات التحلل والتسرب من شبكة الصرف الصحي غير المصانة جيدا والتخلص من النفايات المنزلية والصناعية بطرق غير مشروعة أدى إلى تلوث موارد المياه الجوفية في المدينة إلى حد أصبحت معه مياه الشرب غير صالحة للشرب، كما أن تسرب المياه الجوفية الملوثة إلى شبكة توزيع المياه قد يؤدي إلى تلوث مياه الشرب، كما أدى التخلص غير السليم من مياه الصرف إلى رفع المياه الجوفية إلى السطح في بعض المناطق المنخفضة، وأصبحت المياه الراكدة خطرا على الصحة العامة بسبب تكاثر البعوض وانتشار الأمراض الخطرة منها.
وبينت الاستراتيجية إلى جانب ذلك كله وجود ما لا يقل إلى 90 كيلو متر من الاستعمالات السكنية والتجارية، وهو ما يؤثر على الأنظمة البيئية الساحلية ويعيق الوصول إلى أماكن الترفيه، ولهذا قامت أمانة جدة من خلال لجنة مشتركة مع الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة وغيرها من الهيئات الأخرى، بإطلاق برنامج لرصد نوعية المياه على طول الشاطئ ومعالجة مصادر الصرف الملوثة بما في ذلك صرف المياه الجوفية، والمياه السطحية، والنفايات الصناعية السائلة، ومياه المجاري غير المعالجة أو المعالجة جزئيا، و تسربات سفن الشحن من حين إلى آخر.
وأكدت الاستراتيجية أن هناك حاجة إلى إجراء مزيد من الدراسات حول أسباب تلوث الأراضي وأماكنه التي يحتمل أن تكون ناتجة عن المناطق الصناعية الرئيسية في المدينة ومرافق الميناء واستعمالات الأراضي على نطاق صغير مثل محطات البنزين والمغاسل العامة، بالإضافة إلى أماكن طمر النفايات التي تتسبب في تلوث الأراضي والمياه الجوفية بما قد يؤثر على البيئة والصحة العامة.
وقد لفتت عمليات الرصد التي قامت بها الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة إلى وجود تدهور حديث العهد بنوعية الهواء في جدة وذلك بسب الانبعاثات من مصادر متنوعة منها حركة السير البري والصناعات والمناخ الحار وهبوب العواصف الرملية المتكررة، ونظرا لاتساع مدينة جدة وارتفاع عدد سكانها فهناك حاجة إلى المزيد من عمليات الرصد في مواقع مختلفة لإعطاء صورة واضحة عن نوعية الهواء في المدينة بشكل عام.
وأفادت بأن مرادم النفايات تستقبل ما يقرب من 1,5 مليون طن من النفايات سنويا، ويتوقع لمردم النفايات الجديد الذي أنشا مؤخرا شرق بريمان دورة حياة ما بين 30 إلى 40 عاما، ولا توجد لدى أمانة جدة في الوقت الحاضر أية منشآت مخصصة لمعالجة المواد الخطرة، لكن لدى القطاع الخاص ثلاث محارق للنفايات، وتقوم الأمانة بإنشاء موقع لمعالجة مثل هذه النفايات.
وقد وضعت الاستراتيجية عددا من المبادرات التي يمكن تنفيذها خلال الأعوام العشرين القادمة، ومنها تشجيع استخدام كافة المواطنين لمياه الشرب بشكل فعال، وتحسين توعية موارد المياه الجوفية والسطحية بتحديث البنية التحتية للصرف الصحي، وضبط عمليات التصريف الملوثة، بالإضافة إلى إعداد خطة متكاملة لإدارة الشريط الساحلي تقوم بتحديد وضبط أعمال التصريف الملوثة والنظر في الآثار الضارة المحتملة لتطويره على البيئة البحرية وتعيين مناطق محميات بحرية، وطالبت بضرورة وضع برنامج لإدارة الأراضي الزراعية وآخر للأراضي الملوثة وذلك بالتعاون مع الأجهزة المسؤولة.
1,2 مليون فرصة عمل
كما كشفت مسودة الخطة الاستراتيجية أن معدل البطالة في جدة يصل إلى 11,5%، في حين يبلغ معدل النمو السكاني الراهن 2,78%، وهو ما سيتطلب توفير 1,2 مليون فرصة عمل إضافية بحلول 1450هـ، أما في حال زيادة المشاركة في قوة العمل وخفض معدلات البطالة بشكل عام، فإن ذلك يستوجب زيادة أكبر في فرص العمل، وبينت أن مدينة جدة تعاني من نسبة بطالة مرتفعة تفوق المعدل الوطني، بالإضافة إلى ضعف مشاركة المرأة نظرا لزيادة أعداد سكان جدة ومستويات الهجرة المرتفعة من الريف إلى المدينة خاصة أن نسبة كبيرة من عدد سكانها في سن العمل، في الوقت الذي تتألف فيه غالبية القوى العاملة المحلية من الأجانب.
وأكدت أن هناك إمكانية لتطوير جدة كوجهة سياحية محلية، إذ يبلغ عدد الزوار المحليين إلى منطقة مكة المكرمة نحو 10 ملايين زائر يزور أكثر من نصفهم مدينة جدة، ويتركز النشاط السياحي حول النشاط الديني نظرا لكون جدة بوابة للحرمين، في حين يقدر عدد الحجاج بنحو مليوني حاج فضلا عن المعتمرين، ولأن جدة نقطة الدخول الرئيسية للحجاج فهناك فرصة كبيرة لزيادة الاستفادة من ساحل البحر ومن أسواق السياحة المتخصصة مثل سياحة الأعمال والسياحة الترفيهية والسياحة التراثية، وهناك فرصة لإقناع الحجاج والمعتمرين بالبقاء فرصة أكبر في جدة.
وأرجعت الاستراتيجية الخلل الذي يعانيه سوق العمل في جدة إلى انعدام التوازن على صعيد العمالة، لأن أصحاب العمل يعتمدون بشكل كبير على العمالة الأجنبية في حين أن كثيرا من الشباب السعودي غير قادرين على الحصول وظائف، وذلك إما لافتقادهم للمهارات المطلوبة أو لعزوفهم عن القيام بأعمال ذات أجر متدن، وتؤدي نسبة العمالة الأجنبية المرتفعة - 82% من مجموع العاملين في القطاع الرسمي - وضآلة فرص إقامتهم رسميا إلى قيام نسبة كبيرة منهم بتحويل أغلبية مدخراتهم إلى أوطانهم ويؤدي توجه استهلاك استثمار دخل العمالة الأجنبية في المملكة إلى الخارج إلى تضاؤل الاستثمار في الدخل وتضاؤل الطلب المحلي على السلع والخدمات.
من ناحية أخرى أعطت الاستراتيجية أهمية واضحة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة نظرا لدورها الكبير في النمو الاقتصادي والتنمية في جميع البلدان، خاصة أنها تواجه في جدة عددا من التحديات منها عدم القدرة على الحصول على رأس المال، وعدم كفاية المدخلات من الخبراء والتقنيين والخبراء في الأعمال، وعدم كفاية البنية التحتية لدعم قطاع الأعمال، كما أن الفئات ذات الدخل المنخفض تواجه صعوبة أكبر في التغلب على العقبات البيروقراطية والحصول على التمويل، وأن تمكين المشاريع الصغيرة والمتوسطة من التشكل والعمل على إنجاحها سيقطع شوطا طويلا نحو معالجة البطالة بجدة، فضلا عن وجود بعض العوائق القانونية والتنظيمية والبيروقراطية أمام تأسيس ونمو الأعمال المحلية، بالإضافة إلى مواجهة الفقراء لمعوقات تحد من فرص حصولهم على عمالة ومن ثم تحقيق دخل مناسب لهم.
وأوضحت الاستراتيجية ثلاثة محاور لابد من تبنيها لتحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة، ومنها تشجيع النمو في ثلاث قطاعات رئيسة استنادا إلى الميزات التنافسية الحالية والمحتملة لجدة والقدرات لإيجاد فرص عمل وإلى الآثار الاقتصادية واتساقها مع أهداف السياسة الوطنية، وتتمثل القطاعات الثلاثة في السياحة والنقل والخدمات اللوجستية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بالإضافة إلى دعم عدد من القطاعات الثانوية ذات الصلة على المدى الطويل وخاصة قطاع الرعاية الصحية وقطاع الخدمات المهنية والإبداعية، فضلا عن تدعيم قطاعات العقارات والبناء وتجارة الجملة والتجزئة، وكلها قادرة على إيجاد أعمال غير ملوثة وصديقة للبيئة، مما يساعد على تحسين نوعية حياة سكان جدة.
أما المحور الثاني فيتمثل في تحقيق أقصى فائدة اقتصادية على الصعيد المحلي، وذلك باغتنام فوائد التنمية في القطاعات المختلفة، وهو ما سيخلق فرص عمل ليست فقط في القطاعات الرئيسة، بل وبجميع المجالات، مع مراعاة أن نجاح هذين المحورين يتطلب التركيز على خمس مبادرات دعم تشمل رفع مستوى البنية التحتية المادية إلى المستوى العالمي، وزيادة الاستثمار في التعليم والتدريب وربطه بالاستراتيجية القطاعية، مع التركيز بشكل خاص على توفير الفرص للفئات المحرومة في المجتمع، وتسهيل دخول واندماج المرأة في قوة العمل بما يساهم في رفع دخل الأسرة ويحد من الفقر، بالإضافة إلى العمل كذلك مع الهيئات الحكومية الأخرى لإنشاء بيئة تشريعية واضحة ومتسقة وشفافة لتمكين الأعمال من البدء والنمو و النجاح، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر إلى القطاعات الاقتصادية الرئيسة في المدينة.
الثقافة والتراث
ركزت الاستراتيجية في مناقشتها لمحور الثقافة والتراث على أربع مسائل رئيسة منها أن جدة هي بوابة الحرمين الشريفين، لذا فهي تقدم خدمات مباشرة وداعمة لحجاج بيت الله الحرام، وتتعلق تلك الخدمات بدعم وتسهيل أعمال فحص الوثائق والتأشيرات ونقل أمتعة الحجاج لدى وصولهم، أما الخدمات الداعمة فتتضمن إرشاد الحجاج وتزويدهم بخرائط ووسائط نقل وسكن ومعلومات عن الصحة والسلامة وما يتوجب عمله في حالات الطوارئ والوفاة، وهناك حاجة إلى تفعيل خدمات أخرى كمساعدة الحجاج التائهين والمرضى والعثور على الأمتعة المفقودة وخدمات الرحلات.
ولكون جدة كبوابة للحرمين الشريفين تعد ملتقى العالم الإسلامي لذا أصبحت موطنا لخليط من الأجناس من كافة أرجاء العالم الإسلامي، ونتج عن ذلك أن ما لا يقل عن 50% من سكان جدة هم في الأصل من خارج المملكة، ويدرس فيها الكثير من الطلبة من أنحاء المملكة والعالم، ونتيجة لموقعها أصبحت مقرا لكثير من الهيئات الإسلامية وتجذب إليها العديد من المؤتمرات الدولية والمعارض التجارية في مجالات الصحة والعلوم والثقافة والأعمال والاقتصاد، وتستضيف كذلك المقر الدائم لمنظمة المؤتمر الإسلامي، كما تختار كثير من الشركات الإقليمية والدولية جدة كمقر لها.
وقد جعل دور جدة وتنوع سكانها منها مركزا ثقافيا رئيسيا على المستويين الوطني والعالمي، ويتركز فيها حاليا المهنيين العاملين في الصناعة الإعلامية، حيث تزود المواطنين في المملكة وأنحاء العالم بالمعلومات والأنباء من شبكات التليفزيون والراديو والإعلام المطبوع والتي اتخذت من جدة مقرا لها أيضا، وتطبع في جدة أربع صحف رئيسية هي الشرق الأوسط والمدينة وعكاظ والبلاد، إلى جانب جريدتين باللغة الانجليزية هما "سعودي جازيت" و"عرب نيوز " ويفوق قراء كل من عكاظ والمدينة في جدة والمناطق المحيطة المليون قارئ، كما في جدة إلى جانب ذلك أكبر سوق للإذاعة والتليفزيون في السعودية.
وتشكل قيم وعادات سكان جدة هوية ثقافية متنوعة، وتتجلى تلك الهوية الجماعية للمدينة في طريقة الحياة الجداوية المنفتحة، وتلعب المناسبات والخدمات والأماكن الثقافية دورا هاما في إظهار التنوع في جدة، وتقرب المجتمعات المحلية من بعضها البعض كي تتبادل المعرفة وتطور هوية وقيم مشتركة،
وعلى الرغم من وفرة المرافق الثقافية فالحاجة ماسة إلى المزيد منها لتلبية الاحتياجات المتغيرة، فليس في المدينة سوى القليل من المتاحف ودور العرض العامة والمسارح، كما أن هناك حاجة أيضا إلى تطوير سلسلة شاملة من الخدمات والمرافق والنشاطات بطريقة متوازنة لتلبية الاحتياجات الراهنة والناشئة لسكان جدة وعمالها وطلابها بأسلوب يتلاءم مع تراثنا.
وقد قامت أمانة محافظة جدة في عام 1400هـ بتسجيل المباني التاريخية، وكانت أول من أنشا دائرة خاصة للمحافظة على المباني، بالإضافة لإدارة الثقافة والسياحة، وقد أدى ذلك إلى أن أصبحت مدينة جدة اليوم تحظى بوجود منطقة وسط بلد تاريخية، ويجري الآن بحث إمكانية الحصول على اعتراف دولي بهذه المنطقة وإدراجها على قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي.
ولأن ملكية الأراضي في الأجزاء الأقدم من جدة تتوزع في أحيان كثيرة على أعداد كبيرة من المواطنين، لذا فإن هناك تحديا رئيسيا يتمثل في التنسيق مع العديد من الملاك والمطورين الذين لا يقدرون دائما مفهوم الحفاظ على المواقع الأثرية والتراثية بل يعتبرونه عائقا للتنمية، كما أدى الزحف العمراني للمباني الحديثة بوسط البلد إلى إزالة بنايات تراثية وساحات عامة تقليدية ومجسمات جمالية، وهو ما يتطلب ضرورة ربط سكان جدة بالماضي وإحياء بعض أساليب الترميم التي أخذت تندثر بمرور الزمن.
السياحة
وأوضحت مسودة الاستراتيجية أن جدة تلعب دورا سياحيا هاما في الاقتصاد السعودي، إذ تبلغ حصتها من السياحة 25% من جملة السياحة بالمملكة حيث يتوافد زوار جدة على ثلاثة أسواق متميزة تشمل السياح المحليين والمعتمرين والحجاج وغيرهم من الزوار من كافة أنحاء العالم، وتأتي غالبية السياحة إلى جدة من السوق المحلي ففي عام 1426هـ استضافت جدة أكثر من 6 ملايين سائح، أقاموا فيها لليلة واحدة كان 5,5 ملايين منهم من الزوار المحليين.
وتعد جدة المدينة السعودية التي يزورها السياح المحليون أكثر من غيرها، وهي الوجهة الأولى للمملكة للزيارة بقصد الترفيه والتسوق، ويقصد الزوار والسياح المحليون جدة بشكل أساسي لأغراض الترفيه أو لزيارة الأصدقاء والأقارب، كما أن جدة هي المدينة التي يزورها أكبر عدد من الناس من داخل المملكة للأعمال التجارية وحضور المؤتمرات، وإذا ما استمرت الوجهات الحالية فيتوقع على مدى الأعوام العشرين القادمة أن يأتي أكثر من 90% من السياح إلى جدة من السوق المحلي.
وتتضمن أسواق النمو المستقبلية الممكنة لجدة كلا من سوق الزوار لأغراض الأعمال التجارية وحضور المؤتمرات، وسوق السياحة الطبية، وسوق الزيارات القصيرة، وسوق الزيارات من الحجاج والمعتمرين الدوليين من ذوي الدخل المرتفع، كما تجتذب جدة كمركز للنشاط التجاري زوارا من رجال الأعمال من ذوي الدخل المرتفع من داخل المملكة وخارجها، و هناك إمكانية لتطوير سوق الزائرين بغرض الأعمال التجارية عبر تطوير مرافق لرجال الأعمال وللمؤتمرات، والاستفادة من القطاع الصحي لجذب السياحة الطبية لجدة، ومن هنا تتطلب تنمية القطاع السياحي تحسين حركة النقل إلى جدة وتوفير خدمات وتطوير طابع فريد لجدة كوجهة سياحية.
وتمتلك جدة إمكانيات كبيرة لتطوير أنواع كثيرة من نقاط الجذب لنوعيات مختلفة من الزوار، وذلك بالبناء على قاعدة غنية من المواقع الطبيعية منها مناطق الثقافة والتراث كالمنطقة التاريخية، وامتلاكها الفولكلور والأغاني الشعبية، والشعر والأدب، والمهارات الحرفية المتجلية في العمارة وبناء القوارب والحرف اليدوية، والمشغولات الحرفية واليدوية، المنسوجات التقليدية ذات الألوان المتعددة، فضلا عن أساليب الحياة اليومية والأدوات المستخدمة في بعض الحرف، وفنون الطبخ والمنتجات المحلية.
كما يتوافر بجدة والمناطق المحيطة بها عدد من المعالم الطبيعية المرغوبة التي يمكن زيارتها لدى الإقامة في جدة، ولاشك أن شاطئ البحر الأحمر هو أكثرها جاذبية، وقد ساعدت مشاريع التطوير على مدى الأعوام الماضية على تطوير كورنيش جدة والمنتجعات الشاطئية ومرافق الترفيه، بالإضافة إلى مراكز الغوص، أما خارج جدة فيمكن أن تكون البيئة الطبيعية جذابة للزوار بقصد الترفيه.
وتخدم جدة بفنادقها الـ81 التي يبلغ عدد غرفها 9600 نحو 90% من السياحة إلى مناطق المملكة الخمس، كما أن جدة مركز للشقق المفروشة والمنتجعات، ويتم التخطيط حاليا لإقامة فنادق رئيسية في جدة أو القيام بتوسعات أساسية في مرافق الضيافة التابعة لها، غير أنه في الوقت ذاته لا يوجد في جدة قدر مناسب من المرافق السياحية لزوارها، وهناك ضرورة للاستثمار فيها وتتضمن مرافق البنية التحتية لخدمة المرافق السياحية وأماكن الإقامة، فضلا عن إقامة مرافق عامة كنوافير مياه الشرب العامة.
ويتوقع أن يستمر قطاع السياحة في جدة في التوسع، وتقدر الهيئة العامة للسياحة أن يصل عدد الرحلات السياحية إلى المملكة بحلول 1441هـ إلى 141 مليون رحلة سيكون 127 مليونا منها محلية، و13,1 مليونا منها قادمة من الخارج، ونتيجة لذلك يتوقع أن يزداد الإنفاق الكلي ليصل إلى 101,3 مليار ريال بحلول عام 1441هـ، ويتمثل التحدي الموجود أمام جدة في أن تحصل على حصة أكبر من الإنفاق باجتذاب المزيد من الزوار فيها لأطول وقت، ولذلك فعليها توفير نشاطات تراثية ومعالم ثقافية وترفيهية جيدة النوعية لتقوية جاذبية جدة لسوق أوسع من الزوار على مدار العام وليس خلال فترة المواسم فقط.
وأوضح فقيه أن إعداد الخطة تم بتكليف ومتابعة من صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد محافظ جدة لتكون تعبيراً تفصيلياً - فيما يخص محافظة جدة - عن التطبيقات الخاصة بالرؤية التنموية لمنطقة مكة المكرمة والتي طورها ويقودها سمو أمير المنطقة.. مشيرا إلى أن سمو المحافظ قام بدعوة مجلس المحافظة والقيادات الحكومية للقاء تم فيه استعراض المسودة استعراضا أولياً سبق الإعداد لاجتماع التشاور.
وأضاف أن الاستراتيجية تهدف إلى تنظيم التنمية المستقبلية حيث ترتكز على العديد من المحاور الأساسية التي تشمل المناطق الحضرية وأنماط استخدام الأراضي، والاقتصاد المحلي، والبيئة، والخدمات الاجتماعية، والثقافة والتراث، والسياحة والنقل، والبنية التحتية، وإدارة الواجهة البحرية، والمساحات المفتوحة والترفيهية، والإسكان، بالإضافة إلى المناطق غير المخططة (العشوائية).
وأكد أن الأمانة قامت بالتعاون مع خبراء عالميين ومحليين بوضع الخطوط الأولية لاستراتيجية التنمية الشاملة لمحافظة جدة والمراكز التابعة لها، موضحا أن هذه الاستراتيجية تتطلب التعاون الإيجابي بين مختلف الجهات المقدمة للخدمات سواء الحكومية أو الخاصة وتضافر جهودها للوصول إلى رؤية موحدة وواقعية لمدينة جدة ومستقبلها لعام 1450هــ، وهو ما يتطلب طاقات وخبرات لتوفير البنى التحتية، وشبكات الطرق والنقل العام، ومناطق ترفيهية بما يتناسب مع الاحتياجات الحالية والمستقبلية المتنامية لمدينة جدة، مع الحفاظ على البيئة السليمة والنسيج العمراني والاجتماعي المترابط وتعزيز دور جدة الاقتصادي وتفردها كبوابة رئيسية تربط منطقة مكة المكرمة والمدينة المنورة بسائر أرجاء المعمورة والعالم الإسلامي في آن واحد.
وأشار إلى أن خطة جدة الاستراتيجية تهدف إلى تكوين رؤية وإطار حول مستقبل مدينة جدة وتطورها، مؤكدا أن هذه الرؤية تطمح إلى تحويل جدة إلى مدينة عصرية ذات خصائص تنافسية دولية قادرة على تقديم نوعية عالية من الحياة وحماية البيئة، وهو ما يتطلب مشاركة كافة الأطراف المعنية بعملية التطور المحلي للمدينة، سواء كانوا من السكان المحليين، أو رجال الأعمال، أو المستثمرين، وغيرهم من الشركاء الحكوميين.
وقال أمين جدة إن الخطة تعمل على تحويل الرؤية المستقبلية التي وضعتها المدينة لنفسها إلى واقع معاش، وطريق نحو الإنجاز والتقدم في سبيل بناء جدة قوية للأجيال الحاضرة، والمستقبلية، وذلك من خلال أربعة أهداف يتم العمل عليها نابعة من رؤية مدينة جدة، وأولها تأمين نوعية عالية من الحياة لمواطنيها، وساكنيها، وزوارها، حيث أن جدة من المدن العالمية، التي يزيد عدد سكانها على 3 ملايين نسمة، وتحتاج إلى الحفاظ على وضعها المميز، وقدرتها على جذب الأفراد إليها لأغراض التعلم، والسياحة، والعمل، والإقامة، والترفيه، في جو مفعم بالازدهار والأمن، ولتحقيق هذا الهدف، فعلى المدينة أن تقدم نوعية عالية من الحياة لكل قاطنيها، ومواطنيها، وزوارها.
وأضاف: أما الهدف الثاني فيتمثل في تطوير وتفعيل دور جدة لتصبح قطب الرحى للعالم الإسلامي، وينبع ذلك من دورها التاريخي كمعبر للحجاج والمعتمرين من قاصدي الأماكن المقدسة في كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة، وهو ما يلقي عليها مسئولية كبيرة أمام العالم الإسلامي، وكي تصبح أيضا مركزا تجاريا وسياحيا عالميا يتمتع بالمرونة والديناميكية ببناء موقع استراتيجي لها، وتقاليد تجارية خاصة بها، وقاعدة اقتصادية متنوعة لتصبح إحدى المراكز التجارية والسياحية العالمية الفريدة وذلك بهدف تحقيق نمو مستدام والحفاظ عليه والعمل مع الإدارة التنفيذية البيئية، لتحقيق الانسجام مابين السياسات والمشاريع من ناحية، والممارسات وخطط التنمية الحالية من ناحية أخرى.
وأضاف أمين جدة أنه لتحقيق كل هذه الأهداف تم العمل على استراتيجية التنمية الشاملة لمدينة جدة والتي تضمنت 13 محورا رئيسيا للتنمية شملت المناطق الحضرية، وأنماط استخدام الأراضي، والاقتصاد المحلي، والبيئة، والخدمات الاجتماعية، والثقافة والتراث، والسياحة والنقل، والبنية التحتية، وإدارة الواجهة البحرية، والمساحات المفتوحة والترفيهية، والإسكان، والمناطق غير المخططة (العشوائية)، والإدارة.
أوضحت الخطة في محور المناطق الحضرية وأنماط استعمالات الأراضي أن مدينة جدة شهدت نموا ضخما خلال الـ60 عاما الماضية، حيث نما عدد سكانها 100 مرة ونمت مساحة أراضيها بما يزيد على 1000 مرة، وشهدت تحولات كبيرة من ميناء تقليدي إلى منطقة حضرية، وتطورت بنية المدينة خلال فترة النمو من مراكز حضارية صغيرة متضامة مهيأة للمشي وأنماط أراضي صغيرة تقليدية إلى مدينة تعتمد على شبكة طرق متقاطعة ممتدة صممت لتيسير حركة السيارات وحددت شكل المدينة الحديثة شبكة الطرق السريعة والمخطط القائم على تقسيم المساحات إلى بلوكات كبيرة.
تحليل التعليقات: