كشفت مصادر مسؤولة في وزارة الأشغال العامة أن التقرير المبدئي للجنة المشكَّلة لفحص ظاهرة انسلاخ الأسفلت التي عانتها شوارع الكويت منذ هطول الأمطار، أشار إلى ضرورة إيقاف بعض الشركات المتخصصة في أعمال الطرق لوجود أخطاء في تركيبات الخلطات التي يتكون منها الاسفلت، إضافة إلى عدم التزامها بما جاء في العقود التي وقعتها مع الوزارة.
وأضافت المصادر أن بعض هذه الشركات، التي وجّه التقرير إليها أصابع الاتهام، تنفذ مشاريع حاليا على الطرقات، مؤكدة أن التقرير حمّل المقاولين مسؤولية الخسائر التي تكبدتها الدولة بهذا الصدد. ولفتت المصادر إلى أن تقرير اللجنة الأولي سيتم رفعه خلال أيام إلى وزير الكهرباء والماء وزير الأشغال العامة عبدالعزيز الإبراهيم لاتخاذ الإجراء اللازم تجاه تلك الشركات.
وكان الوزير الإبراهيم عقد عدة اجتماعات مع قيادات الوزارة واللجنة المشكَّلة لدراسة مشكلة انسلاخ الأسفلت، ومديري الإدارات المعنية، وممثلي 18 شركة من كبرى الشركات في البلاد التي تتعامل معها «الأشغال»، وشدد على محاسبة المتسبب في المشكلة، مهما كان منصبه، سواء كان في وزارة الأشغال أو من الشركات المنفذة لتعبيد الطرق، مؤكدا أنه لن يتهاون حيال أي اساءة في التعامل مع حق المواطن في توفير بنى وخدمات جيدة.
الحميدي والظاهرة
بدوره، دعا وزير الأشغال الأسبق بدر الحميدي إلى تغيير الخلطة المستخدمة في صناعة الأسفلت، للقضاء على ظاهرة «انسلاخه»، مؤكدا أن هذه الظاهرة مزمنة وقد عايشها خلال فترة توليه للوزارة، علماً أن الحميدي تولى «الأشغال» خلال الفترة من 2003 إلى 2006.
وقال الحميدي في تصريح خاص لـ»الجريدة» إن سر تلك المشكلة يكمن في تكوين الخلطة وعدم تطابق المقادير المستخدمة، فبعض المصانع تزيد من الصخر على حساب البيتومين، إضافة إلى أن «البيتومين» المستخدم من النوعية «الخفيفة»، فلا يُحدِث التماسك بشكل جيد بين مكونات الأسفلت.
ولفت إلى أن «الأمر يحتاج إلى مراقبة تكوين الخلطة بشكل جيد، خاصة أن المشكلة قديمة وليست حديثة، وقد وقعت أثناء وجودي على رأس عملي كوزير للأشغال في شارع المطار أمام مقر إحدى الصحف، وفي أول طريق الملك فهد، وبتحليل الخلطة التي استُخدِمت آنذاك تبين أنها لا تتطابق مع المواصفات، فقمت على الفور بإزالتها». وأشار إلى أن وجود هذه الظاهرة يعتمد على الشخص الذي يراقب عملية الإنتاج من قبل الوزارة، ومدى قدرته على معرفة التركيبة ومدى مطابقتها للمواصفات المتبعة، لافتا إلى أن هذه الظاهرة لم تكن منتشرة كثيرا في السابق، بسبب نوعية الحجارة المستخدمة (حصى مدبب) وفي السابق كان يستخدم حصى مستدير يساعد على عملية التماسك.
وأوضح الحميدي أن البيتومين المستخدم الآن ينطبق عليه المواصفات، لكن المواصفات الخفيفة، لذلك من أجل مزيد من التماسك وعدم الانسلاخ لابد من زيادة كميات البيتومين المستخدم، وإجراء تعديل على كميات الخلطة، وإلا سوف تظهر المشكلة مع الحرارة الشديدة في الصيف، والبرودة الشديدة في الشتاء.
مصادر «الأشغال»
وما أعلنه الحميدي ينسجم مع ما كشفته مصادر في وزارة الاشغال من أن أزمة انسلاخ الأسفلت تعود الى عام 2006، وان الازمة مستمرة منذ ذلك التاريخ، وان كانت بوتيرة متباينة، بحيث لا يتجاوز عمر مشاريع السفلتة العامين فقط وهي الفترة الأقصى لضمان الشركات، في حين يصل العمر الافتراضي للاسفلت في بعض دول العالم الى 10 سنوات!
وأضافت المصادر لـ«الجريدة» أن رداءة اسفلت الطرقات يتزامن مع حدوث عطل في وحدة «البيتومين» في شركة البترول الوطنية عام 2006، ومنذ ذلك التاريخ تقوم بعض الشركات بسفلتة الطرق بشكل يتناسب مع المدة الزمنية للضمان التي تقدر بسنة بعد تسليم الطريق للوزارة، وعقب انتهاء السنة سرعان ما تظهر المشاكل التي تحتاج إلى صيانة وإعادة السفلتة، فيتم إجراء مناقصات جديدة للشركات استنادا الى صيغة «عقود الطوارئ».
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: