تم تأسيس أقدم بنك في العالم "مونتي دي باتشي دي سيينا – إم بي إس" عن طريق مدينة "سيينا" الإيطالية عام 1472 من أجل توفير قروض رخيصة للفقراء، ولكن على الرغم من التاريخ الغني للبنك إلا أن تاريخه الحديث كان حافلاً بالمشكلات.
وفي الشهر الماضي، حُكم على ثلاثة من مديري البنك السابقين بالسجن بسبب إخفاء معلومات عن البنك المركزي خلال الأزمة المالية.
كما وجد أن "مونتي دي باتشي دي سيينا" الأسوأ أداءً من بين 130 مصرفاً خضعوا مؤخراً لاختبارات تحمل البنك المركزي الأوروبي، حيث وُجد عجز في رأس المال بالميزانية بقيمة 2.1 مليار يورو (حوالي 2.6 مليار دولار، وهو ما دفع سعر سهم البنك للهبوط 40%، ثم بعد ذلك في السابع من نوفمبر/تشرين الثاني وضع البنك المتعثر للبيع.
وعلى الرغم من أن المشاكل الملحة للبنك يمكن حلها، إلا أن مستقبله ليس مشرقاً، ففي الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني، وافق مجلس إدارة البنك على سد النقص في رأس المال الذي حدده البنك المركزي الأوروبي من خلال عائدات حقوق إصدار بقيمة 2.5 مليار يورو، إلى جانب بيع أصول غير أساسية بقيمة 220 مليون يورو.
ولكن استعادة الصحة المالية للبنك سيكون أمراً أكثر صعوبة، حيث لم يحقق "مونتي دي باتشي دي سيينا" أرباحاً لمدة ثلاثة أعوام، ومنذ عام 2007 ويبلغ متوسط العائد على حقوق المساهمين -5% مقارنة مع 9.7% في الست سنوات التي سبقت الأزمة المالية.
وقد تمت الموافقة على خطة لإعادة الهيكلة في ديسمبر/كانون الأول، إلا أن بعض المحللين قالوا: إنها ليست كافية، إلى جانب أن خفض التكاليف كان بطيئاً لأن البنك وجد أنه من الصعب تقليل الأجور وهو ما يعود جزئياً إلى قوانين العمل غير المرنة في إيطاليا.
وأشار التقرير، إلى أن بنوكا إيطالية أخرى تعاني أيضاً من مشاكل مماثلة في الربحية، حيث بلغ متوسط العائد على حقوق المساهمين للمصارف في إيطاليا -2% بالمقارنة مع متوسط منطقة اليورو البالغ 2%.
وتعود تلك المشكلة إلى أن القطاع مجزأ للغاية، حيث تضم إيطاليا 680 مصرفاً، تبلغ الحصة السوقية لأكبر 5 مصارف حوالي 40% فقط، بالمقارنة مع متوسط منطقة اليورو البالغ 63%، إلى جانب تزايد عدد فروع البنوك.
كما أن هناك أيضاً حاجة إلى تعزيز حوكمة الشركات في ذلك القطاع على الرغم من التحسينات التي أجريت في ذلك الأمر مؤخراً، حيث إن المؤسسات – التي أُسست عند تخصيص الحكومة للبنوك في التسعينيات كأمناء مؤقتين لتمويل المشروعات الخيرية المحلية – لا تزال تمارس قدراً كبيراً من السيطرة على مجالس إدارات العديد من البنوك.
وفي بنك "مونتي باتشي دي سيينا" ظلت مؤسسته تعمل على مدار قرون بمثابة شبه حكومة محلية، وتقوم بتمويل كل شيء في مدينة "سيينا"، كما أن نفوذها قد أعاق إعادة هيكلة البنك، ففي وقت سابق هذا العام أخرت تنفيذ الخطة السابقة لزيادة رأس مال البنك.
ومنذ ذلك الحين، اضطرت المؤسسة إلى تقليل حصتها من الثلث إلى 2.5% فقط، وأصبحت الآن أقل قدرة على إثارة الجدل بشأن المقترحات الأخيرة كما فعلت في السابق.
ويبقى هناك أمل من أن تقليل تأثير مؤسسة البنك، والقدر الأكبر من الشفافية التي يوفرها اختبارات التحمل، والانتقال إلى الإشراف الأوروبي الموحد على البنوك هذا الشهر سيعطي دافعاً للبنك للعودة إلى الربحية.
ولكن في ظل دولة يرتفع بها عدد البنوك ويقل فيها النمو الاقتصادي، فإن "مونتي باتشي دي سيينا" لا يمثل حالياً فرصة استثمارية جاذبة، ومن المرجح أن يضطر البنك للعمل على شطب تلال القروض الرديئة التي تتراكم على دفاتره خلال الأعوام القادمة.
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: