نبض أرقام
04:22 م
توقيت مكة المكرمة

2025/05/31
2025/05/30

هل مصافينا النفطية تدار بذكاء؟

2015/09/30 القبس
الصناعة النفطية في الأساس صناعة محفوفة بالمخاطر، ولا توجد مصفاة في العالم تعمل طيلة عمرها ولم تتعرض إلى حادث انفجار أو حريق. ان امن وسلامة المصافي هدف سامٍ تحرص الشركات النفطية على تحقيقه، وتبذل أقصى جهدها لمنع الحوادث قبل وقوعها، وتتحمل كامل المسؤولية تجاه سلامة موظفيها وسلامة البيئة والمجتمع.

ورغم الاهتمام الكبير الذي تبديه شركة البترول الوطنية لأعمال الصيانة والسلامة وصرف ملايين الدولارات شهريا، فإن الحوادث النفطية ازدادت في الآونة الاخيرة، وكان آخرها الذي وقع الشهر الماضي! أمر مثير للاستغراب ويصعب تبريره، فاما ان اعمال الفحص والصيانة ليست بالكفاءة المطلوبة، واما ان هناك نقصا ما في الخبرات! بيد أن مصفاة الشعيبة تعمل منذ اكثر من 45 سنة، ومصفاة الأحمدي تعمل منذ اكثر 60 سنة، وهي حصيلة ثرية بالخبرات المتنوعة، ترى كم من سنوات الخبرة نحتاجها لعمل تشخيص مبكر لمكمن الخلل، وتفادي وقوع الحوادث الخطرة التي تتكرر لذات الاسباب في اكثر الحالات؟!

في عام 2000 وقع انفجار ضخم في مصفاة ميناء الأحمدي، وصنف الحادث ضمن اكبر عشرة حوادث في العالم، وارجعت الاسباب الى قصور في مهام التفتيش! وشكّلت لجان من بعض الاستشاريين ووضعت اكثر من 60 توصية تتعلّق بمهام الامن والسلامة والبيئة، واكثر من 20 توصية تتعلّق بمهام الادارة، منذ ذلك التاريخ والمصافي للاسف تتعرض إلى حوادث الحريق والانفجار واللجان تواصل وضع التوصيات بعد كل حادث، وترفعها الى المكتب الرئيسي؟! يبدو أن هناك صعوبة في تعلم واستيعاب دروس الماضي التي هي مفتاح الذكاء في تقليل ومنع وقوع الحوادث مستقبلا.

تعد عملية تآكل المعادن سبباً رئيسياً لنشوء الحوادث في المصافي، ولا ننس ان اتخاذ القرارات لنمط التشغيل ومحاولة الوصول لمستويات التشغيل القصوى للوحدات واستعجال التشغيل بعد عمليات الصيانة، هي من الامور التي يجب ان تدرس بعناية، كما ان تغير نوعية النفط الخام على مدى سنوات التشغيل يؤثر سلبا على خطط الصيانة والتفتيش، ومعدلات التآكل بسبب زيادة المحتوى من الكبريت الذي يتطلب استهلاك اكبر لغاز الهيدروجين لاستخلاص الكبريت، مما يرفع درجة المخاطر في الاجهزة والانابيب المصممة للعمل تحت ظروف تشغيلية محددة، وتغيير تلك الظروف لأي سبب يتعلّق بعمليات التصنيع قد يؤثر سلبا على عمرها الافتراضي، بمعنى هناك اسباب تشغيلية وتصنيعية قد تولد تفاعلات كيميائية غير مرغوبة تؤثر في فاعلية المواد المضادة للتآكل وتضعف كفاءتها، وتجعل تلك الاجهزة عرضة لانهيار ميكانيكي يؤدي لاحقا الى تسرب غاز أو زيت ومن ثم حدوث الحريق، فبعض تلك القرارات قد تؤدي بمرور الوقت إلى خلق مسببات الحوادث، ومعلوم ان المصافي الثلاث (930 الف برميل/ يوم) تساهم بنحو %30 من دخل الدولة، وقد استثمرت الشركة اكثر من 30 مليار دولار (مصفاة الزور+ الوقود البيئي) لزيادة الطاقة التكريرية خلال 3 سنوات مقبلة إلى «1.4 مليون برميل/ يوم» لترتفع نسبة المساهمة في اقتصاد الدولة نحو %50 وفق معدل انتاج النفط الحالي (2.8 مليون برميل/ يوم) بعد توقف انتاج المنطقة المقسومة.

في حسابات اليوم تتركز المخاطر المقلقة في زيادة وتيرة الحوادث مقابل احتمالات حتمية في ارتفاع تكاليف التأمين، وتناقص اكبر في الايرادات النفطية، ان مشاهدة آليات الاطفاء وهي تهرول بين المصافي لاخماد الحرائق كل مرة لا يعد امرا محمودا لأي ادارة تعتبر نفسها ناجحة وذات انجازات، بينما نسمع عن مرور الف ساعة عمل من دون حوادث في قطاعات نفطية أخرى! فهل الحوادث معيار للنجاح ام للفشل؟! كما ان تكرار المشهد لناقلات نفط راسية في الموانئ تنتظر تحميل المشتقات النفطية لا يعد ايضا امرا محمودا لسمعة المؤسسة ورضا زبائنها. يبدو ان هناك ضعفاً في الكفاءة الادارية، وان قطاع التكرير بحاجة الى قيادة تعرف كيف ترتقي بمستوى الاداء وتجيد ادارة المخاطر وقادرة على المحافظة على تدفق الايرادات النفطية التي ستشكل مساهمة الشركة نحو %50 من الاقتصاد الوطني عام 2018.

الرئيس التنفيذي للمؤسسة عليه النظر عن قرب في أخطاء تعمقت جذورها في شركة البترول الوطنية وفي قرارات ادارية غير منصفة في الترقيات والتدوير صدرت في مايو 2013 ومايو 2015، واسهمت في تفريغ الشركة من كفاءات جيدة، واثرت بشكل سلبي على اداء وسلامة الشركة خلال تلك الفترة، ان الاهتمام بالعنصر البشري تشكل ضرورة للوصول الى Best Practices، بينما للاسف يمارس بعض المسؤلين Worst Practices تجاه موظفيهم! لم نعد نسأل كما كنا بالأمس عن ربحية المصافي، بل اصبحنا اليوم نسأل عن امن وسلامة العاملين، والمحافظة على اصول الشركة وسلامة البيئة وسلامتكم. 

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.