نبض أرقام
01:32 م
توقيت مكة المكرمة

2025/07/18
2025/07/17

القروض المتعثرة تملأ ساحات المحاكم

2016/04/17 الشرق القطرية

أجرت "الشرق" استبياناً للمحامين وتم توزيعه على 100 محامٍ، وكانت النسب كالآتي: بالنسبة لعدد القضايا الخاصة بالقروض المتعثرة، والتي تصدرت المحاكم في الآونة الأخيرة، بلغت نسبتها من 20 قضية فما فوق لكل محامٍ، بينما كانت أكثر أنواع القروض تداولاً في المحاكم القروض الشخصية، ومن ثم قروض السيارات، بينما أجمع المحامون على أن أكثر القروض تعثراً، والتي مثلت نسبة كبيرة أمام ساحات القضاء، كانت عبارة عن قروض اقترضها العملاء لأسباب ترفيهية، ومن ثم عقارات وكانت النسبة الأقل خاصة بالزواج، بينما كانت النسبة الأعلى في الاستبيان هي أن مشكلة القروض المتعثرة خطأ مشترك من كل من البنك والعميل ويليها في النسبة الأقل، أن هناك إدارة غير جيدة في البنوك تستطيع دراسة حالات العملاء قبل إقراضهم الأموال، وأخيراً كانت النسبة الأعلى في أن القروض المشكوك في تحصيلها (وتضم القروض التي تأخر سدادها 180 يوما عن موعد الاستحقاق) هي من أكثر القروض التي تمثل إشكالية لدى البنوك.

ولكن هذا يضع البنوك والمواطنين في دائرة التساؤل وطلب التفسير، فهل زيادة القروض تعود للتسهيلات التي قدمتها البنوك للأفراد أكثر ونتج عنها مديونية أكبر من كل عام؟، أم أن هناك سببا آخر؟

كلها تساؤلات وضعت الكل في دائرة الشك، وعند التحدث مع مسوؤلين فى البنوك ومقترضين، بدأ الأمر يتضح شيئاً فشيئاً.

القروض في ساحات المحاكم:

"نسبة الاقتراض تزداد بشكل مستمر نظراً لتنافس البنوك في الاستحواذ على أكبر قدر من المقترضين"، لم يكن يعرف المستشار القانوني السيد عفيفي أن هذا الكم الهائل من القضايا سوف يتوالى عليه يوماً تلو الآخر، وأن نسبة قضايا القروض المتعثرة بدأت تتصدر المحاكم في قطر، ففي هذا الموضوع يقول " سهولة حصول المقيمين على أكبر نسبة من القروض الممنوحة من البنوك من أكبر المشاكل التي باتت تواجه المحامين في الآونة الأخيرة بسبب هرب المقترضين إلى الخارج دون استكمال السداد"، ويكمل عفيفي : أن متوسط الدين القطري في حالة الاقتراض لبناء المنازل أصبحت ظاهرة منتشرة في المجتمع القطري. أما بالنسبة لنسبة الفائدة التي تحصل عليها البنوك فهي تصل أحياناً لـ ٤٪، وهذا من واقع القضايا التي قدمت للمحاكم.

رأي المستثمرين:

"على المسؤولين في البنوك أن يدرسوا القروض أكثر قبل أن يورطوا العملاء في القرض"، تلك الجملة التي بدأ بها عبدالعزيز العمادي حديثه مع "الشرق"، حيث يرى أن البنك يقوم بإغراءات لتوريط الناس في القروض، وتحصل على أعلى نسبة فائدة ممكنة، وهنا الخطأ مشترك بين البنك وبين العميل؛ لأن البنك استطاع أن يتلاعب بعواطف العميل بكل السبل الممكنة، والعميل صدق أن مشاكله يمكن أن تنتهي بمجرد نزول قيمة القرض فى حسابه.

يكمل العمادي ويقول "كانت عندي موظفة راتبها 22 ألف ريال وأخذت قرضا من البنك بقيمة 400 ألف ريال، كان البنك يسحب من راتبها 7000 آلاف ريال كل شهر، وكانت تدفع 14 ألف ريال إيجار سكن، ويتبقى 1000 ريال تنفقها على احتياجاتها الشخصية هي وأسرتها، وبعد أن فصلت من عملها لم تعرف ماذا تفعل بشأن سداد القرض". يؤكد العمادي أن البنك لا يقوم بدراسة جيدة لأوضاع عملائه المالية، وأنه يقوم بتسهيلات كثيرة للمقترضين، دون النظر إلى الضمانات الكافية بعيداً عن الراتب لأنه مصدر غير موثوق فيه.

"يا ليتني ما أخذت قرض وماعدت أكررها مجدداً"، جملة ترددت على مسامع محسن العتيبي لتوقظ الشباب من مشكلة القروض التي باتت وحش يسكن في أغلب البيوت القطرية.

العتيبي واحد من آلاف القطريين الذين اقترضوا من البنوك مئات الآلاف، وحسب بعض الدراسات المحلية، ظهر أن أغلب الشباب يستخدمون القرض في الوجاهة الاجتماعية أكثر منها لحل الأزمات المالية الوقتية.

لم يعبأ الآلاف من الناس بالمشاكل التي قد تحدث لهم مستقبلاً، وبما قد تجلبه لهم من مصائب تجعلهم يمتنعون عن سداد القرض، وما بدا واضحاً من خلال القضايا التي تم تقديمها في ساحات القضاء، والتي تكمن في ارتفاع المديونية والتعثر المالي.

تجربة العتيبي:

بدأت مشكلة العتيبي عندما قرر أن يكمل نصف دينه ويتزوج مثله مثل باقي الشباب، ولكن هذا القرار بحد ذاته لم يكن هينا على الإطلاق، حيث بدأت مشكلته مع الاقتراض من البنك ومن عمله ومن إدارة التموين، وكل هذا لكي يكمل بناء منزله على أكمل وجه، يقول العتيبي "بدأت قصتي مع أحد البنوك وقررت أن أقترض منه ٢٠٠ ألف ريال، ومن ثم أخذت ١٠٠ ألف ريال ويتم سدادهم على ست سنوات، ولكن المشكلة كانت في نسبة الفائدة، فأحياناً كانت تصل ٢.٦٪ وأحيانا ترتفع لـ ٣.٧٪، وهذا بالفعل ما يؤثر على نسبة المبلغ المدفوع للقرض مؤخراً".

يكمل العتيبي حديثه ويقول "الغريب في الأمر أن هناك فئة من الشباب تتفق مع أحد بنك لكي يمول مشاريعهم، وذلك من أجل ارتفاع نسبة الفائدة في القرض المقدم، وبالتالي ففي النهاية البنك هو المستفيد الأول من خدمة القروض.

وأكد العتيبي أنه منذ أن تم توزيع الأراضي الخلاء على المواطنين مقابل مبلغ معين، سارع الكثير من الشباب للحصول على القروض من البنوك لبناء سكن لهم يؤهلهم للزواج.

تجربة ماجد:

لم يكن يعرف ماجد موسى، والذي يعمل مدير حسابات أن قصة معاناته ستبدأ من البنوك، حيث يحكي قصته ويقول: منذ عامين أخذت قرضاً من أحد البنوك بقيمة 400 ألف بغرض شراء سيارة، ولكن بعد أن قمت بشراء السيارة شعرت بندم شديد ولن أفعلها مجددا، وهذا بسبب اقتراضي لهذا المبلغ، حيث إنه مر حتى الآن عامان وأنا أشعر أن المبلغ لا يقل نهائياً، رغم أن البنك يحصل على عشرة آلاف ريال كل شهر، ولكن بسبب الفوائد المتراكمة التي يفاجئني بها كل شهر لا أستطيع السداد في المواعيد المذكورة، والسبب الرئيسي لتعثري هو أن البنك يحصل على نصف الراتب تقريباً، وكل يوم تزيد احتياجاتي والبنك لا يتفاهم مع العملاء في هذا الموضوع.

ويؤكد ماجد أن البنك لن يخسر شيئا إذا تعثر العميل عن دفع المبلغ المستحق في ميعاده، وهذا لأنه يقوم بالحصول على 500 إلى 1000 ريال في حال عدم السداد لكل مرة، وليس هذا فقط، بل إن نسبة القرض تزيد كلما تأخرت في السداد ونسبة الربح تتغير من وقت إلى آخر. ويردف ماجد أن البنك مخطأ في كل الأحوال؛ لأنه يقرض العملاء بدون أي دراسة عن حالتهم المادية ولا يعترف سوى بضمان شهادة الراتب، ويقول "هذا ما حدث معي عندما ذهبت إلى أحد البنوك وطلبت منه 400 ألف، فحاول إقناعي بأن أقترض مليون ريال إن أحببت".

تجربة عائشة:

تم تداول قصة غريبة في إحدى المحاكم عن مواطنة لجأت إلى صندوق الزكاة؛ لأن القرض لم يترك لها ريالاً واحداً تعيش عليه. عائشة واحدة من مئات العملاء الذين تعثروا في سداد القرض، ولكن حالة عائشة لم تكن كباقي المتعثرين، بدأت عائشة حياتها كمعلمة بوزارة التعليم والتعليم العالي، وما إن وصلت إلى منصب مديرة مدرسة، حتى أخذت قرضاً من البنك بقيمة مليون ريال، حيث كانت تتقاضى راتباً شهرياً قدره 17.300 ريال، وبعد أن تم إحالتها إلى التقاعد انخفض راتبها لـ 12.500 ريال، وانتهت خدمة زوج عائشة. تقول عائشة "الآن أعيش على صندوق الزكاة، فراتبي الشهري يتم دفعه لإيجار البيت، بالإضافة إلى 13 ألف ريال يتم دفعهم للقسط الخاص بالقرض".

تجربة محسن والعتيبي وماجد وعائشة أربعة نماذج لعدد غير محدد من المتضررين من قروض البنوك ، منهم من نجا من قفص الاتهام بالمحكمة، ومنهم من دخله رغماً عنه لعدم تمكنه من سداد المبالغ المستحقة نهائياً.

بنك يتلاعب بالعملاء لإغراقهم في الديون:

في الوقت الذي يمتنع فيه الكثيرون عن سداد القرض بسبب التعثر المالي، يعيش جاسم (اسم مستعار ورفض ذكر اسمه)، قصة مأساوية مع أول قرض يقدم عليه في حياته، بعد أن خسر ما يقارب من ٢٠٥ آلاف ريال بسبب تلاعب من أحد البنوك وتكسرت أحلامه على صخرة التزوير، يحكي جاسم قصته ويقول "بدأت قصتي بأنني قررت في يوم من الأيام أن أقترض من أحد البنوك مبلغاً وكانت جملته ٤٩٥ ألف بدون الفائدة، وبعد أن حصلت على هذا المبلغ مضى عدة شهور وقررت السفر من بعدها وأنا على علم كامل بالمبلغ الذي يجب سداده للبنك، قبل أن تنتهي مدة السداد، وبعد أن عدت من السفر بعد عام كامل فاجأني البنك بأنني يجب أن أسدد نسبة من القرض، والتي تبلغ نسبته ٧٠٠ ألف ريال"، يكمل جاسم ويقول "عندما واجهتهم بالأمر أكدوا لي أنني مخطئ، وأن الرقم الذي يجب سداده هو المكتوب، الأصول الموجودة حالياً في البنك، ولهذا لم أستطع تقديم شكوى بحقهم بسبب أنني لا أملك الأصول القديمة التي ضاعت مني، وأيضاً الإجراءات الروتينية جداً التي تقام في ساحات المحاكم، والتي تأخذ وقتا أطول من حدود الممكن، كانا من الأسباب التي دفعتني للرضوخ أمام الأمر الواقع، ولذلك قمت بدفع المبلغ كاملاً".

البنك يهمه الربح:

"أنا كبنك يهمني الربح ولكن في حدود القانون"، هكذا بدأ عثمان كلامه، والذي يعمل في أحد البنوك، حيث يقول "مشكلة تعثر العملاء في سداد القروض ليست مشكلة البنك إطلاقاً، بل هي عدم وعي من العملاء في كيفية إدارة أموالهم والبنك ليس مختصاً أبداً في القيام بدراسة جدوى للكشف عن الحالة المادية للعملاء، فكل ما يحتاجه البنك هو ضمان بشهادة الراتب". ولعل ما يقوله أبوعيسى يتناقض مع بعض الآراء الاقتصادية الخاصة بالضمانات المقدمة، والتي اقترحت بأن يكون هناك ورقة رابحة أخرى للبنك تمكنه من الحصول على الأموال المقترضة مثل الرهن العقاري أو خلافه.

البنك شريك في المخاطر وشريك في الربح

في هذا الموضوع يردف أحمد عبدالحكيم الرئيس التنفيذي لشركة أرباح للاستثمارات المالية، بأن أغلب المشاكل التي تقع بها البنوك هي أن القرض ليس له ضمانات كافية يغطي عنصر المخاطرة في وقت العجز، لكن الحقيقة أن البنوك تفرض ضمانات على عملائها لا تكون قوية، مثل الإقرار بضمان الراتب، ولكن يتناسى البنك مشكلة إنهاء خدمات العميل من عمله في أي لحظة، والتي ستؤدي به إلى تعثره عن السداد، وبهذا ستؤثر البنوك بشكل كبير جداً على الاقتصاد القومي، بما أنها العمود الفقري للاقتصاد.

كيفية معالجة القروض المصرفية المتعثرة:

إن مشكلة القروض المتعثرة هي قضية حرجة في بعض القطاعات المصرفية، ومن أجل مواجهة التعثر والحد من الخسائر الناتجة، ذكر الخبير الاقتصادي عبدالحكيم أن موضوع إعادة الجدولة من أحد الحلول التي من الممكن أن تقضي على مشاكل القروض المبعثرة هنا وهناك في المحاكم، فإذا ما ارتأى البنك أن المتعثر في سداد القرض قد يكون تعثره نتيجة زيادة القسط، أو أنه مبلغ كبير يفوق قدرة الشخص على الإيفاء به لإعادة الدين، أو أن البنك يلجأ لتقسيط نسبة الفائدة على القرض الممنوح، وبالتالي ينتقص من أرباحه كبنك ليتحصل على أمواله.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.