بدأت عملات آسيا تستفيد من انخفاض قيمتها نسبياً بعد سنوات من حلولها في المرتبة الثانية بعد صفقات تجارة الفائدة الرائجة في أميركا اللاتينية، مع سعي المتعاملين إلى استغلال تراجع الدولار.
تُصنف عملات مثل الوون الكوري الجنوبي، والروبية الإندونيسية، والروبية الهندية، من بين الأكثر انخفاضاً في الأسواق الناشئة مقارنة بمتوسطها التاريخي، وفقاً لبيانات جمعتها "بلومبرغ". إلى جانب التقييمات الجذابة، تضيف الحوافز الاقتصادية الجديدة في الصين، ومؤشرات التقدم في مفاوضات التجارة بين الولايات المتحدة وآسيا، مزيداً من الجاذبية لعملات دول المنطقة.
تجلى إمكان ارتفاع العملات الآسيوية بشكل واضح في وقت سابق من هذا الشهر، عندما أدى الارتفاع الحاد في الدولار التايواني إلى موجة صعود في مختلف أنحاء المنطقة، ما ساعد هذه المجموعة من العملات على اللحاق بنظيراتها من الأسواق المتقدمة والناشئة، والتي كانت تتفوق في الأداء بعد تراجع الدولار عقب إعلان الرسوم الجمركية من جانب الرئيس الأميركي دونالد ترمب في أوائل أبريل.
التحول إلى عملات آسيا
قالت كلوديا كاليش، رئيسة ديون الأسواق الناشئة لدى شركة "إم آند جي إنفستمنت مانجمنت" (M&G Investment Managemen)، إن "هذه العملات كانت رخيصة استناداً إلى العوامل الجوهرية منذ فترة طويلة"، مضيفة أنها والمستثمرين الآخرين ظلوا يقلّصون استثماراتهم في آسيا لصالح الفرص الأعلى في تجارة الفائدة بأميركا اللاتينية. وتابعت: "بدأت أخيراً في التصحيح قليلاً، لكنها لا تزال رخيصة نسبياً".
يعد الوون الكوري، الذي انهار الشهر الماضي بسبب وابل ترمب من الرسوم "المتبادلة"، من أبرز المرشحين لتحقيق مزيد من المكاسب، وفقاً لـ"غولدمان ساكس" و"باركليز". اختار استراتيجيو "غولدمان" عملات مثل الرينغيت الماليزي والراند الجنوب أفريقي، استناداً إلى مدى الانخفاض عن القيمة العادلة، وإمكان تحويل الأصول الدولارية، ودور اليوان في المنطقة. أما محللو "باركليز"، فيرون أيضاً مجالاً كبيراً لمكاسب في الدولار السنغافوري والدولار التايواني.
بدأت المعنويات تجاه العملات الآسيوية المتراجعة تتحسن بالفعل، في وقت قلّل فيه القلق من سياسات ترمب من جاذبية الدولار، وساهمت الآمال بتحقيق اتفاقات تجارية في تعزيز الإقبال على أصول الأسواق الناشئة.
تحسن أداء عملات آسيا المتراجعة
ارتفع مؤشر "بلومبرغ" لعملات آسيا بنحو 3% منذ أدنى مستوياته في أبريل. كما أقبلت الصناديق العالمية على شراء سندات العملات المحلية في إندونيسيا وتايلندا وكوريا الجنوبية هذا الشهر، بحسب بيانات جمعتها "بلومبرغ". كان الضغط البيعي على الدولار الأميركي كبيراً لدرجة أن السلطة النقدية في هونغ كونغ اضطرت للتدخل للحفاظ على ربط عملتها.
رغم أن كثيراً من المتابعين في الأسواق يتوقعون قدراً من الارتفاع في العملات الآسيوية، فإن استمرار هذه المكاسب بعد انتهاء مرحلة "التعافي" لا يزال موضع شك.
قد يكون استقرار اليوان كعملة مُدارة سلاحاً ذا حدين؛ فهو يقلل تقلبات الأسعار في آسيا، لكنه قد يحد في الوقت نفسه من المكاسب السريعة. أوضحت بكين أنها غير مستعدة للسماح بارتفاع كبير في قيمة اليوان مقابل الدولار الأميركي.
تقليص المكاسب
استعاد الدولار بعضاً من زخمه الأسبوع الماضي بعدما أشار رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إلى أن البنك المركزي ليس في عجلة من أمره لتعديل أسعار الفائدة. أدى ذلك إلى تقليص كثير من العملات الآسيوية لمكاسبها السابقة.
قال غرانت ويبستر، الرئيس المشارك لقسم ديون العملات السيادية في الأسواق الناشئة لدى "ناينتي ون" في لندن: "لا أعتقد أننا في بيئة نمو عالمي حالياً تُمكن العملات الآسيوية من التفوق بشكل ملموس".
مع ذلك، فإن هيمنة الدولار متجذّرة بعمق في أذهان المستثمرين إلى درجة أن مجرد التشكيك في هذه الفرضية يكفي لإحداث تقلبات عنيفة. لم يعد أمام المستثمرين خيار سوى الاستعداد لجولات مستقبلية مشابهة لما حدث مع الارتفاع الكبير في الدولار التايواني.
قال دومينيك شنايدر، رئيس قسم العملات العالمية والسلع الأساسية لدى مكتب الاستثمار الرئيسي في إدارة الثروات بـ"يو بي إس غروب"، إن المستثمرين في بحثهم عن العملات الرابحة المحتملة يركزون على العملات التي لم ترتفع بعد كثيراً. أضاف: "بعض هذه العملات في آسيا الناشئة تبدو رخيصة بالفعل من منظور التقييم".
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: