شهدت الأسواق العالمية خلال الساعات الأخيرة تطورات متسارعة، تراوحت بين انفراجة تجارية مؤقتة، وصدور بيانات اقتصادية هامة، وسط مناخ يتسم بالحذر والترقب.
انتعشت الأسواق المالية العالمية مطلع الأسبوع الجاري مع اتفاق أمريكا والصين على خفض مؤقت للرسوم الجمركية المتبادلة لمدة 90 يوماً، في بارقة أمل لإنهاء الحرب التجارية بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم.
هذا التفاهم ساعد على تهدئة مخاوف المستثمرين تجاه آفاق نمو الاقتصادين الأمريكي والعالمي، وعوض مؤشر السوق الأمريكية "إس آند بي 500" كافة الخسائر التي تعرض لها منذ بداية العام، ولامس مؤشر "نيكي" الياباني أعلى مستوى له في 6 أشهر.
ومع ذلك، استمرت حالة من الحذر في السيطرة على تحركات الأسواق كما تجلى في تذبذب أسعار الذهب في أول جلستين من الأسبوع، وسط تأكيدات رسمية أمريكية بالإبقاء على الرسوم الأساسية البالغة 10% على الواردات.
أدت الهدنة الأمريكية الصينية، وانحسار مخاطر الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة، إلى تقليص الأسواق توقعاتها لعدد تخفيضات الفيدرالي لأسعار الفائدة هذا العام إلى مرتين فقط بإجمالي 50 نقطة أساس بداية من اجتماع سبتمبر المقبل.
لكن تباطؤ التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في أمريكا خلال أبريل إلى 2.3% خلافاً للتوقعات، أعاد للمستثمرين آمال مواصلة الفيدرالي تيسير تكاليف الاقتراض بعد تثبيتها للاجتماع الثالث على التوالي.
هذا النهج الحذر من جانب صناع السياسة النقدية دفع "ترامب" لتجديد هجومه على رئيس الفيدرالي "جيروم باول"، مطالباً إياه بخفض الفائدة على غرار أوروبا والصين بزعم انخفاض أسعار كافة المنتجات.
في أسواق الطاقة، سجّل خام برنت مكاسب إجمالية تجاوزت 4% خلال يومي الإثنين والثلاثاء، بدعم من التراجع النسبي في التوترات التجارية، ويعكس هذا الأداء مرونة أسعار الذهب الأسود تجاه التحولات الجيوسياسية، ودرجة تأثرها المباشر بمؤشرات الانفراج التجاري.
وفي ظل استمرار عدم اليقين الاقتصادي، يظل الاحتفاظ بالكاش هو الخيار الأفضل في وجهة نظر الملياردير "كين جريفين" مؤسس صندوق التحوط "سيتادل".
حيث تظل الحرب التجارية بين أمريكا والصين قائمة، والرسوم الجمركية المتبادلة بينهما لا تزال مرتفعة حتى بعد التهدئة، ما دفع "أدريانا كوجلر" عضوة مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي للتحذير من احتمال حدوث تداعيات عميقة فيما يتعلق بالنمو الاقتصادي للولايات المتحدة، والتضخم.
من جهة أخرى، خفضت التهدئة حاجة الصين لاتخاذ مزيد من الإجراءات التحفيزية للنمو الاقتصادي، ما أدى إلى أداء متفاوت في البورصات المحلية، لكنه دعم اليوان الصيني الذي سجل أعلى مستوياته أمام الدولار منذ ستة أشهر.
ساهم هدوء التوترات التجارية العالمية، بجانب تشكيل الحكومة الجديدة، في ارتفاع ثقة المستثمرين الألمان بأكثر من المتوقع خلال أبريل.
وعلاوة على ذلك، صعدت أسهم كبرى الشركات التكنولوجية الأمريكية المعروفة باسم "العظماء السبعة"، وعاودت القيمة السوقية لصانعة الرقائق "إنفيديا" الارتفاع أعلى مستوى 3 تريليونات دولار.
وفي تطور دبلوماسي واقتصادي لافت، وصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى العاصمة السعودية الرياض، في أول زيارة خارجية له منذ بدء ولايته الثانية.
وشهدت الزيارة توقيع وثيقة للشراكة الاقتصادية الاستراتيجية بين البلدين، إضافة إلى اتفاقيات ومذكرات تفاهم في مجالات تشمل الطاقة، والتعدين، والنقل، والجمارك، والبحوث الصحية، والنقل الجوي.
ووسط اقتصاد عالمي يموج بالتغيرات السريعة، لا تزال التطورات التجارية المحرك الأساسي للأسواق، وتظل العلاقات بين أمريكا والصين محاطة بالغموض، فهل تفضي الهدنة إلى تسوية للنزاع القائم بين أكبر قوتين اقتصاديتين؟
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: