يتذكّر البعض جيداً الانتشار الواسع لتحويلات الدفع المالي الفوري، التي كان ينفّذها العملاء محلياً عبر الروابط المالية، أو ما يعرف اختصاراً بـ«اللينكات»، لدرجة تحولت معها هذه التعاملات، لا سيما في جائحة كورونا، إلى أسلوب حياة للدفع المالي بين الأفراد محلياً، سواء في تعاملاتهم الشخصية أو التجارية، لا سيما في ما يتعلق بالمبالغ الصغيرة والمتوسطة.
لكن من الواضح أن شيئاً ما تغيّر أكثر في سلوك عملاء التحويلات المالية السريعة، بالأشهر الماضية وتحديداً في الربع الثاني من 2025، حيث لوحظ استحواذ خدمة «ومض»، الخاصة بإرسال وطلب الأموال بين البنوك، عن طريق رقم الموبايل، بشكل فوري ومجاني على مدار الساعة، على نحو 70 في المئة من إجمالي التحويلات المالية الفورية المنفّذة، وذلك استناداً إلى قاعدة بيانات بنوك عدة، ينشط عملاؤها في هذا النطاق.
ورقمياً، تشير أحدث بيانات صادرة عن بنك الكويت المركزي، إلى أن خدمة «ومض» للدفع الفوري سجلت أداء استثنائياً خلال النصف الأول من 2025، إذ بلغت قيمة المعاملات المنفّذة عبرها نحو 3.6 مليار دينار، وجاء هذا الأداء مدفوعاً بنمو قوي في الربع الثاني من العام، حيث قفزت قيمة المعاملات 24.8 في المئة لتصل إلى مليارين، مقارنة بنحو 1.6 مليار في الربع الأول، أي بزيادة 400 مليون خلال 3 أشهر فقط.
قيمة المعاملات
وأمام ازدياد الهجرة العكسية من رصيد «اللينكات» إلى «ومض» منذ تعميم استخدامها في يونيو 2024، يلاحظ أنها واحدة من الأسرع نمواً في تاريخ الخدمات المالية الإلكترونية بالكويت، مع تنامي فرضية توسّع حصتها الفترة المقبلة أكثر، ليبرز السؤال مع ذلك حول الاعتبارات التي تزكي قفزة اعتماد عملاء التحويلات المالية على «ومض»، متخطين تاريخهم الأطول مع «اللينكات»، التي ولدت قبلها بنحو 6 سنوات، وتحديداً في 2018.من حيث المبدأ، تتساوى الحدود الدنيا للدفع عبر «اللينكات» مع تحويلات «ومض» للعملية الواحدة بـ1 دينار، أما الحد الأقصى المسموح به في الخدمتين، فلا حدّ أقصى لهذه التحويلات، حيث وجّه «المركزي» لأن تكون حسب طلب العميل، وعدم الاعتماد مصرفياً على حدود مسيجة بسقف أقصى متباين من بنك لآخر.
لكن حسب الشائع مصرفياً، يصل الحد الأقصى لمبلغ العملية الواحدة 1000 دينار، إضافة إلى وجود حد أقصى للمبلغ الإجمالي في اليوم الواحد، يقدر بـ 3000 دينار، فيما لا يوجد حد معين لعدد العمليات يومياً، لكن بالنسبة للحد الأقصى المتداول للمبلغ المرسل شهرياً فيصل 20 ألف دينار.
سبب رئيس
وتشير تقديرات مصرفية، إلى أن تكلفة عملية الدفع المالي الواحدة عبر «اللينكات»، تقارب 35 فلساً، يتحمّلها البنكان طرفا العملية بالتبادل، فيما تُنفّّذ العملية من خلال خدمة المقاصة بين البنوك، والتي تشبه مقاصة الشيكات الإلكترونية، أما في ما يتعلق بـ «ومض»، فتُنفّذ أيضاً من خلال مقاصة البنوك، بتكلفة يتحمّلها أيضاً البنكان طرفا العملية بالتبادل، لكن على الأرجح أقل من «اللينكات»، فيما تكتسي الخدمتان درجة الأمان نفسهما.
ونتيجة لذلك، يمكن القول إن السبب الرئيس لزيادة وزن «ومض» بمعدلات عالية، على حساب نحافة حصة «اللينكات»، يرجع بشكل رئيس إلى تفضيل العميل، وإذا كان ذلك بدعم من البنوك، مدفوعاً بما وفرته «ومض» من مزايا إضافية، حيث يجري التحويل من خلالها عبر رقم التلفون، دون الحاجة لإدخال البيانات الإضافية التي تستوجبها «اللينكات» والمتضمنة بيانات الحساب.
ولعل من أهم مغذيات تحول العملاء المتنامي إلى «ومض»، أنه يعكس تغيراً جوهرياً في سلوك المستهلكين محلياً، مع تحول جزء متزايد من المعاملات التي كانت تتم عبر القنوات التقليدية- سواء نقداً أو عبر بطاقات الدفع- نحو منصات الدفع الفوري.
إطلاق التطبيقات
ففي ظل الفورة التكنولوجية الكبيرة التي يشهدها العالم، بات العملاء على موعد متكرر مع المصارف، لإطلاق تطبيقات إلكترونية وذكية، تواكب التحول الرقمي في جميع القطاعات، بما يسهم في تلبية احتياجات الأفراد، وأثناء ذلك برز عامل الوقت والسهولة كمؤشرين رئيسيين للتنافس على حصة الغالبية.
وبحكم ما تملكه تحويلات «ومض» من مقومات تنافسية، سواء لجهة الوقت الأقل، أو لسهولة التنفيذ الأكبر، جاء تحول العملاء إلى هذه الخدمة أسرع من المتوقع، خصوصاً مع التعزيزات التي يقدمها «المركزي» لانتشارها، وآخرها تمديد مهلة استرجاع الأموال المحولة عن طريق الخطأ، من يوم إلى 7 أيام، لحماية العملاء وتعزيز ثقتهم بالخدمات المصرفية الرقمية، وهي ميزة غير متوفرة في تحويلات «اللينكات».
إطلاق «ومض» في التحويلات الحكومية... محل دراسة
قالت مصادر ذات صلة لـ«الراي»، إن هناك نقاشاً مصرفياً مفتوحاً لإمكانية تعميم تعاملات خدمة «ومض» في التعاملات المالية الحكومية مع الأفراد.
وأشارت إلى أنه بعد قفزة النمو الكبير المسجلة في تحويلات الأفراد عبر خدمة «ومض» الأشهر الماضية، يدعم هذا التوجه.
ولم تحدّد المصادر توقيتاً متوقعاً، لإطلاق أو الحد الأقصى للمبالغ المحولة، في هذا النطاق.
أرقام واتجاهات
3.6 مليار دينار عمليات «ومض» النصف الأول
24.8 في المئة نمواً في تحويلات الخدمة الربع الثاني
2018 أطلقت «اللينكات» وفي 2024 عمّمت «ومض»
35 فلساً تكلفة «اللينك» يتحمّلها البنكان طرفا عملية التبادل
7 أيام مهلة استرجاع الأموال المحولة عبر «ومض» بالخطأ.
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: