أحالت الحكومة إلى مجلس النواب مشروع قانون جديد لتنظيم قطاع الكهرباء والماء في مملكة البحرين، يهدف إلى إعادة هيكلة شاملة لهذا القطاع الحيوي. ويتضمن المشروع إنشاء شركة وطنية للكهرباء والماء لتحل محل هيئة الكهرباء والماء الحالية، مع منح هيئة تنظيم مستقلة صلاحيات واسعة لمتابعة المشغلين وضمان استقرار الخدمات واستدامتها.
كما يتضمن المشروع إلغاء قانون الكهرباء والماء الصادر عام 1996، والمرسوم رقم 98 لسنة 2007 بإنشاء الهيئة، في خطوة تؤسس لمرحلة جديدة من التنظيم والرقابة في هذا القطاع الاستراتيجي. ويستهدف القانون الحكومي الجديد إنشاء هيئة عامة مستقلة لتنظيم قطاع الكهرباء والماء، تخضع لرقابة وزير مختص يصدر بتسميته مرسوم.
وتُمنح هذه الهيئة السلطة الكاملة لمراقبة وتنظيم عمل جميع المشغلين من الناحيتين الاقتصادية والفنية. كما يحدد القانون الأنشطة الأساسية والفرعية الخاضعة للتنظيم، ويقر العقوبات والغرامات الإدارية والرسوم المستحقة عن الخدمات، بما يضمن التوازن بين حقوق المستهلكين وواجبات المشغلين.
تفاصيل القانون الجديد
وفي تفاصيله سمحت المادة الثانية من القانون للوحدات التشغيلية القائمة بمواصلة أنشطتها بشكل مؤقت إلى حين استكمال خطة الانتقال التي تحددها الهيئة، أما المادة الثالثة فقد نظمت المدد المسموح فيها للأشخاص أو الجهات التي تزاول أنشطة خاضعة للتنظيم قبل نفاذ القانون، إذ أجازت لهم الاستمرار لمدة ستة أشهر قابلة للتمديد مرة أخرى بقرار من الهيئة، على أن يتقدموا خلال هذه الفترة بطلبات للحصول على التراخيص اللازمة. وجاءت المادة الرابعة لتلغي القوانين السابقة، فيما نصت المادة الخامسة على استمرار العمل باللوائح والقرارات المعمول بها حالياً إلى حين صدور اللوائح الجديدة المتوافقة مع أحكام القانون.
وحول أبرز صلاحيات الهيئة، فقد منحها المشروع الحق الحصري في تنظيم قطاع الكهرباء والماء بكافة مكوناته والتي تشمل ذلك امتلاك الأصول، وإبرام العقود، وإصدار التراخيص والإعفاءات. كما أوكل إليها مهمة مراجعة وتقييم إمدادات الكهرباء والماء، واعتماد التعرفة والرسوم بعد موافقة مجلس الوزراء.
وتتمتع الهيئة أيضاً بسلطة وضع اللوائح التنفيذية، ومراقبة الالتزام بالقوانين، وتوقيع الغرامات، وتحديد المعايير الفنية ومعايير السلامة والصحة، بالإضافة إلى حماية حقوق المستهلكين والمشتركين. كما تلتزم بتنفيذ السياسات الحكومية المتعلقة بخفض الانبعاثات الكربونية، وتشجيع المنافسة في السوق، وإجراء الدراسات والبحوث المرتبطة بكفاءة الطاقة. وفيما يتعلق بخدمات الكهرباء والماء، ألزم المشروع الهيئة بضمان استقرار وأمن الإمدادات في جميع أنحاء المملكة، وتوفيرها وفق معايير الصحة والسلامة، مع مراعاة متطلبات الأمن السيبراني وحماية البيانات. كما أوجب عليها إعداد تقارير سنوية وخطط استراتيجية، إلى جانب التشاور مع الأطراف المعنية قبل إصدار أي لوائح أو قرارات ذات تأثير مباشر.
وأكد القانون أن للهيئة ميزانية مستقلة تتبع السنة المالية للدولة، على أن تبدأ السنة الأولى من تاريخ العمل بالقانون وتنتهي مع السنة المالية للدولة وتخضع هذه الميزانية للقواعد نفسها المطبقة على الميزانية العامة. وفيما يتعلق بإيرادات الهيئة، بين القانون أنها ستكون من الاعتمادات التي تخصص لها في الميزانية العامة، إضافة إلى حصيلة الرسوم ومقابل الخدمات، والمنح والهبات والإعانات والتبرعات المقبولة وفق الضوابط، وكذلك الغرامات الإدارية التي تُفرض بموجب أحكام القانون.
وألزم المشروع الهيئة بإصدار مجموعة من اللوائح والقرارات التنظيمية، ومن أبرزها، اللوائح العامة: وتشمل الإبلاغ عن الحوادث أو الأعطال، الاحتفاظ بالخرائط والمخططات الخاصة بالمشغلين، إعفاء بعض الفئات من التزامات التزويد في ظروف محددة، الامتثال للمعايير الفنية، وحظر استخدام المواد أو الأجهزة غير المعتمدة، ولوائح التزويد لضمان انتظام وأمن وكفاءة إمدادات الكهرباء والماء، حماية الجمهور من المخاطر، ووضع قواعد التركيب والتوصيل والإصلاح، وتمكين المزود من قطع الخدمة عن العملاء في حال عدم السداد أو عدم مطابقة المعدات لشروط السلامة. كما تنظم هذه اللوائح كيفية التعامل مع حالات الاستيلاء غير المشروع على الخدمات، وتشجع على ترشيد الاستهلاك.
كما حددت مواد القانون الجديد لوائح تمديدات الكهرباء: وتلزم المشغلين بضمان مطابقة التمديدات للمعايير المعتمدة، ومنع استخدام التركيبات غير المرخصة، والتأكد من كفاءة المؤهلين في التشغيل والصيانة، وفرض شهادات اختبار من مختصين، وكذلك لوائح تمديدات الماء التي ستشمل ضمان جودة المياه وصلاحيتها للشرب، ومراقبة بيانات المياه عند المصدر، والتقيد بتحاليل العينات، ونشر معلومات الجودة، والتأكد من كفاءة العاملين في التزويد بالماء، ومنع تركيب أجهزة غير معتمدة، مع فرض شهادات إتمام العمل من مؤهلين.
الشركة الوطنية للكهرباء والماء
وفيما يتعلق بمهام الشركة الوطنية للكهرباء والماء، فقد أوكل إليها القانون تنفيذ مهامها الأساسية إضافة إلى ما كان مسنداً إلى هيئة الكهرباء والماء، وتشمل مهامها التشاور مع الهيئة حول السياسات الحكومية، وإنشاء أربع وحدات أعمال منظمة تتولى الشراء والنقل والتوزيع والتزويد، واستئجار الأراضي اللازمة لتركيب الأصول، والمساهمة في تعزيز كفاءة استخدام الموارد. كما خولها القانون تقديم خدمات خاصة بمعايير كفاءة الطاقة، وإنشاء جهة مركزية لخدمات الطاقة لتسهيل اعتماد شركات متخصصة في تحديث المنشآت.
وبالنسبة للمشاريع المستقلة للكهرباء والماء، فقد منح القانون الشركة صلاحية الدخول في شراكات مع القطاع الخاص، وتأجير الأراضي المملوكة للدولة لهذه المشاريع، والمساعدة في الحصول على الموافقات والتصاريح اللازمة. كما أجاز للهيئة إصدار توجيهات للشركة لإقامة مرافق إنتاج جديدة عند الحاجة لتغطية السعة المطلوبة إذا تعذر تأمينها من خلال الموردين الحاليين.
خطة الانتقال
نص المشروع على إعداد خطة انتقال شاملة لنقل جميع الأصول والالتزامات والحقوق القائمة من هيئة الكهرباء والماء إلى الشركة الوطنية، بحيث تحل الشركة محل الهيئة في جميع العقود والتعاملات. وتُعتبر هذه الخطة ملزمة لجميع الجهات المملوكة للدولة، مع إمكانية تعديلها بشرط أن يقتصر أثر التغيير على الشركة نفسها، وبموجب هذه الخطة تُحل هيئة الكهرباء والماء رسمياً، وينتقل موظفوها إلى الشركة أو أي جهة حكومية أخرى مع الحفاظ على حقوقهم ومكتسباتهم الوظيفية.
العقوبات والجزاءات
وقد خصص القانون باباً كاملاً للعقوبات، حيث نص على الحبس مدة لا تجاوز ستة أشهر أو الغرامة التي تصل إلى خمسين ألف دينار لكل من زاول نشاطاً دون ترخيص، أو خالف اللوائح، أو قدم بيانات مضللة، أو امتنع عن تقديم المعلومات المطلوبة. كما فرض غرامات تصل إلى خمسمائة دينار على من يعرقل موظفي الهيئة أو المرخص لهم عن أداء مهامهم. وتؤول حصيلة الغرامات إلى الهيئة لتغطية مصاريف الخدمات.
الدعم الحكومي
وفيما يتعلق بالدعم الحكومي أكد القانون أن مجلس الوزراء هو الجهة المخولة بتحديد الدعم الحكومي وضوابطه وآلية سداده، وذلك بناءً على اقتراح من الوزارة المختصة بالشئون المالية وبالتنسيق مع الهيئة. أما بالنسبة للموظفون الذين يعملون في الهيئة، فتسري عليهم أحكام قانون تنظيم معاشات ومكافآت التقاعد لموظفي الحكومة رقم (13) لسنة 1975.
وفيما يتعلق بالخلافات بين المشتركين والمشغلين، فقد أعطى القانون الحق للمشترك في إحالة أي نزاع إلى الهيئة خلال ستين يوماً من تقديم شكوى لم تتم معالجتها. وتلتزم الهيئة بالنظر في النزاع وإصدار قرار مسبب خلال ستين يوماً، ولها إلزام الأطراف بتحمل التكاليف المناسبة. كما تصدر الهيئة لوائح تنظم آلية إحالة النزاعات والإجراءات الواجب اتباعها.
ومن جانب آخر، أوضح القانون أن الأنشطة الخاضعة للتنظيم تشمل إنتاج الكهرباء والماء وتخزينهما واستيرادهما، الشبكات النقل، التوزيع، التخزين، والتزويد بالجملة، والتزويد للمشتركين النهائيين، إضافة إلى أنشطة الشراء التي تؤديها وحدة الأعمال المنظمة.
كما حددت المواد أن الأنشطة الفرعية الخاضعة للتنظيم تشمل اختبار وتركيب وتشغيل المعدات والأجهزة الخاصة بتمديدات الكهرباء والماء. وتتولى الهيئة الترخيص لوحدة الأعمال المنظمة ومراقبتها، على أن يكون بيع مخرجات الإنتاج بالجملة محصوراً بوحدة الشراء، ما لم توافق الهيئة على غير ذلك.
التراخيص والأنشطة
وقد أشار مشروع القانون إلى أن مزاولة أي نشاط خاضع للتنظيم لا تتم إلا بعد الحصول على ترخيص من الهيئة. ولا يجوز إعفاء مخرجات الإنتاج بالجملة إلا في حالتين: عندما يستخدم الأشخاص سعتهم الإنتاجية للتزويد الذاتي، أو إذا كانت السعة الإنتاجية محدودة الحجم وفق ما تقدره الهيئة. كما أوضح أن تخزين الماء لا يُعد نشاطاً خاضعاً للتنظيم إذا كان مكملاً لأنشطة مرخصة مثل التحلية أو النقل أو التوزيع.
شبكات المشغلين المرخص لهم
وألزم القانون المشغلين المرخص لهم بالنقل بتطوير وصيانة وتشغيل الشبكات بشكل آمن وفعال واقتصادي، وربط مرافق الإنتاج بأنظمة التوزيع، إضافة إلى وضع قواعد النقل وتعديلها وتشغيل أنظمة تسوية المدفوعات بما يضمن استقرار الشبكة، أما المشغلون المرخص لهم بالتوزيع فقد نصت التشريعات على تحديد تعرفة قائمة على أساس التكلفة، وتُحتسب وفق الطريقة التي تعتمدها الهيئة.
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: