نبض أرقام
10:24 م
توقيت مكة المكرمة

2025/12/04
2025/12/03

خبير اقتصادي: منتدى الدوحة ينعقد في لحظة حاسمة تتطلب طرحا فعالا لملف التجارة

07:53 م (بتوقيت مكة) قنا

يعقد منتدى الدوحة، بعد غد /السبت/، أعماله مشكلا منصة تجمع عددا من القادة ورؤساء الدول وصانعي السياسات والخبراء، وأرضية حوار بناء سيركز على دراسة عدد من  الملفات الهامة، وإيجاد الحلول لأكثر التحديات الدولية المطروحة في الوقت الراهن، من بينها قضايا تتصل بالتجارة العالمية والتطور التكنولوجي واستخدام الذكاء الاصطناعي.

وينتظم المنتدى، هذا العام في لحظة محورية تتسم بتصاعد التوترات الجيوسياسية، وتزايد الاحتياجات الإنسانية، ويعد بالأساس فرصة حقيقية للنقاش متعدد الأطراف حول عدد من المسائل العالمية الهامة، من بينها ملف غزة وتمويل الصحة العالمية والحاجة إلى استعادة مسؤولية الدول في توفير هذه التمويلات.

ومن أهم الملفات الاقتصادية، التي سيتم طرحها الحاجة إلى إعادة التفكير في مسارات التجارة العالمية، في ظل السياسات التي تتبناها بعض البلدان، إلى جانب مناقشة قضايا تتصل بتأثير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وكذلك العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، والتي لها عديد الانعكاسات، بما في ذلك التأثير على التجارة العالمية وسلاسل الإمدادات.

وفي قراءة تحليلية للمواضيع التي سيناقشها المنتدى، أكد الدكتور عمر خليف الغرايبة نائب عميد كلية الأعمال للجودة بجامعة آل البيت الأردنية، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ أن منتدى الدوحة ينعقد هذا العام في لحظة استثنائية يمر فيها الاقتصاد العالمي بمنعطف حاسم، إذ تتقاطع فيه الاضطرابات الجيوسياسية مع تباطؤ النمو وتغير موازين القوة بين الاقتصادات الكبرى.

واعتبر الدكتور الغرايبة، أن التفكير في مستقبل التجارة لم يعد مسألة نظرية، بل أصبح ضرورة لإعادة هندسة النظام الاقتصادي العالمي بما يجعله أكثر قدرة على التكيف والصمود، فالعالم يتجه نحو ما يمكن تسميته بـ /العولمة المرنة/، وهي مقاربة تتجاوز العولمة الخطية التقليدية، وتستجيب لمنطق المخاطر المتصاعدة.

غير أن هذا التحول، رغم أهميته، على حد تعبير الدكتور الغرايبة، يصطدم بعقبات عملية تتعلق بتزايد النزعات الحمائية وسعي القوى الكبرى إلى استخدام سلاسل الإمداد كأدوات نفوذ سياسي، بما يجعل إعادة تنظيم التجارة العالمية مهمة أكثر تعقيدا مما تبدو عليه نظريا.

وبين أن /العولمة المرنة/ ترتكز على تنويع سلاسل الإمداد وتقليل الاعتماد على مراكز إنتاج محدودة، وإعادة توطين الصناعات الحيوية بصورة انتقائية، بالتوازي مع تحديث الإطار التنظيمي للتجارة بما يوازن بين انفتاح السوق ومتطلبات الأمن الاقتصادي، لكن تنفيذ هذه الرؤية تواجه تحديات في ظل تصاعد /حروب التكنولوجيا/ والمنافسة بين الكتل الاقتصادية الكبرى التي تستخدم القواعد التجارية والتكنولوجية لتعزيز مواقعها الاستراتيجية، الأمر الذي يقلل من فرص الوصول إلى توافقات دولية واسعة حول قواعد التجارة في القطاعات الحساسة.

وفي سياق متصل، أبرز الدكتور الغرايبة أن شعار المنتدى، /ترسيخ العدالة: من الوعود إلى الواقع الملموس/، يرتبط بمهمة إعادة ضبط قواعد التجارة بحيث تصبح منصة لدعم الإنصاف العالمي لا لتوسيع فجوات الثراء، وتبدأ هذه المقاربة بتمكين الدول النامية من النفاذ إلى الأسواق المتقدمة، والاندماج في سلاسل القيمة عبر أدوات تمويل مبتكرة، وتحسين جاهزيتها الرقمية.

وأضاف الدكتور الغرايبة: "غير أن تحقيق العدالة التجارية يواجه عقبات حقيقية، فعملية إصلاح منظمة التجارة العالمية ما تزال تراوح مكانها بسبب تضارب مصالح الدول الكبرى، كما أن آليات تسوية النزاعات التجارية تتعرض لضغوط تعيق قدرتها على العمل بفاعلية، وبالتالي فإن بناء منظومة تجارية أكثر عدالة يتطلب إرادة سياسية عالمية تتجاوز الحسابات الضيقة والمنافسة الجيو-اقتصادية".

وفيما يتعلق بملف الذكاء الاصطناعي، أشار الدكتور الغرايبة إلى أن الذكاء الاصطناعي رغم دوره المحوري في إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي، إلا إنه يحمل أيضا تحديات سياسية وتنظيمية عميقة، فالدول التي تمتلك بنى رقمية متقدمة وبيانات ضخمة ستتقدم اقتصاديا، بينما سيزداد اتساع الهوة مع الدول المتأخرة رقميا.

ووفق تحليله، يكمن التحدي الأكبر في غياب توافق دولي حول قواعد الذكاء الاصطناعي، إذ تعيق المنافسة الجيوسياسية تشكيل إطار عالمي، يضمن الاستخدام الآمن والعادل لهذه التكنولوجيا، كما أن "سباق التفوق" بين القوى الكبرى يجعل الذكاء الاصطناعي ساحة تنافس لا تقل حساسية عن مجالات الطاقة أو الأمن، وهو ما يضيف طبقة جديدة من التعقيد أمام الدول الساعية لبناء اقتصاداتها الرقمية.

ويرى الدكتور الغرايبة، أنه على ضوء هذه التحديات، يصبح الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، وتطوير القواعد التنظيمية للتجارة، وتعزيز قدرة الدول على التكيف مع التحولات الجيو-اقتصادية، ضرورة وطنية لأي دولة ترغب في الحفاظ على حضورها في نظام عالمي يعاد تشكيله بوتيرة غير مسبوقة.

ولاحظ أهمية منصات الحوار متعددة الأطراف، مثل منتدى الدوحة، في فتح مسارات عملية للتخفيف من هذه التعقيدات، من خلال تعزيز الثقة وبناء "توافقات جزئية" تشمل مبادئ مشتركة لاستخدامات الذكاء الاصطناعي، واتفاقيات قطاعية لتأمين سلاسل الإمداد الحيوية كالرقائق الإلكترونية والأدوية.

وخلص الدكتور الغرايبة، إلى القول: "إن تحويل التحديات المشتركة إلى فرص تعاون تدريجي يبقى السبيل الواقعي لتجنب سيناريو انقسام العالم إلى كتل تجارية وتكنولوجية متصارعة".

ويتضمن برنامج المنتدى لهذا العام، والذي تم إعداده بالتعاون مع مراكز للفكر ومؤسسات عالمية رائدة، جلسات نقاشية، من بينها تنظيم جلسة حول غزة بالتعاون مع مجموعة الأزمات الدولية، مخصصة لدراسة مسؤوليات الجهات الفاعلة الإقليمية والعالمية في حل النزاعات وتحقيق الاستقرار المستدام.

ويبحث المشاركون، كذلك علاقات الخليج والاتحاد الأوروبي في عصر العزلة الاستراتيجية، خلال جلسة تنتظم بالتعاون مع مركز أبحاث السياسات الدولية، بالشراكة مع مؤسسة كونراد أديناور، ومركز الخليج للأبحاث، تهدف إلى تقييم الديناميكيات الجيوسياسية المتغيرة وفرص تجديد التعاون.

ويطرح منتدى الدوحة مسألة التعامل مع اضطرابات تمويل الصحة العالمية بالتعاون مع مؤسسة جيتس، في خطوة لاستشراف أطر تعاون جديدة تعزز أنظمة الرعاية الصحية الأولية في ظل انخفاض المساعدات الدولية بشكل كبير، يهدد المكتسبات التي تحققت على مدى السنوات الماضية.

ويعد ملف الذكاء الاصطناعي باعتباره سلاحا ذا حدين، من بين الملفات الموضوعة على طاولة النقاش، ويطرح بالتعاون مع معهد جيجو للسلام ويتطرق المشاركون خلال الجلسة إلى استراتيجيات الاستخدام المسؤول في المجال العسكري.

ويناقش المشاركون العلاقات بين الولايات المتحدة والصين من خلال رصد المخاطر والفرص في ظل نظام عالمي متغير خلال جلسة تعقد بالتعاون مع مركز الصين والعولمة، وتهدف الجلسة الى استكشاف تأثير التنافس الدولي المتصاعد على التجارة والدبلوماسية وديناميكيات القوة العالمية.

ويتوقع أن يستقبل منتدى الدوحة 2025، أكثر من 6000 مشارك من أكثر من 160 دولة، ويواصل المنتدى، بصفته منصة رائدة للحوار الدولي، لعب دور هام في التقاء الدبلوماسية بالعمل، مما يساهم في تعزيز التعاون والمساءلة والتقدم العالمي المشترك.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.