سجّل نمو مبيعات التجزئة في الصين أضعف وتيرة له منذ جائحة كورونا، فيما واصل الاستثمار تراجعه، ما يسلّط الضوء على تصاعد المخاطر التي تواجه الاقتصاد بعد عدة أشهر من التدهور.
وارتفعت مبيعات التجزئة بنسبة 1.3% في نوفمبر على أساس سنوي، وفق بيانات صدرت عن المكتب الوطني للإحصاء يوم الإثنين. وكان اقتصاديون استطلعت "بلومبرغ" آراءهم يتوقعون أن يحافظ النمو على وتيرته عند 2.9% للشهر الثاني على التوالي.
في المقابل، صعد الإنتاج الصناعي على أساس سنوي بنسبة 4.8%، مقارنة بـ4.9% في الشهر السابق. وانكمش الاستثمار في الأصول الثابتة بنسبة 2.6% حتى نوفمبر، مع استمرار انهيار الاستثمار العقاري. كما استقر معدل البطالة في المناطق الحضرية عند 5.1%.
قلصت العقود الآجلة لسندات الحكومة الصينية لأجل 30 عاماً بعض خسائرها بعد صدور البيانات. وظل اليوان مستقراً نسبياً في التداولات المحلية والخارجية.
وأوضح المكتب الوطني للإحصاء في بيان له أن "الاقتصاد واجه عدداً من التحديات" في نوفمبر، "إذ سادت حالة من عدم الاستقرار والغموض الخارجي، فضلًا عن ضعف الطلب المحلي".
مخاطر خارجية تواجه الاقتصاد الصيني
يكشف عجز الصين عن إنعاش إنفاق المستهلكين عن تعرّض اقتصادها لمخاطر خارجية متزايدة، بعدما اعتمدت على الطلب الخارجي لدفع النمو، رغم حرب الرسوم الجمركية التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
ومن المتوقع على نطاق واسع أن يتباطأ نمو الصادرات العام المقبل، بعد أداء قوي على نحو مفاجئ في 2025، مع اتساع موجة الحمائية واشتداد التوترات التجارية مع دول غير الولايات المتحدة.
قال المكتب الوطني للإحصاء إن الصين ستتبنى سياسات اقتصادية كلية أكثر استباقية، وستواصل توسيع الطلب المحلي وتحسين العرض.
ولا يزال ضعف الطلب الاستهلاكي والتجاري في الداخل يطارد ثاني أكبر اقتصاد في العالم منذ عدة سنوات، ما أدى إلى ترسخ حالة الانكماش السعري التي تضر بالأرباح والأجور. وتزداد المؤشرات على أن الأسوأ لم يأتِ بعد، في ظل تباطؤ نمو القروض وتراجع حاد ومحيّر في الاستثمار خلال الأشهر الأخيرة.
من المرجح أن يكون تباطؤ نمو الاستهلاك في نوفمبر ناتجاً جزئياً عن ضعف مبيعات السيارات، وبدء عروض "يوم العزاب" في وقت أبكر من المعتاد. وقد أشار اقتصاديون من مجموعة "غولدمان ساكس"، بمن فيهم ليشنغ وانغ، قبل صدور البيانات، إلى أن هذا التغيير في التقويم أدى إلى انتقال جزء من الطلب إلى أكتوبر.
قاعدة مقارنة مرتفعة
تأثرت مبيعات التجزئة بعوامل إحصائية غير مواتية، إذ بدأت الصين في تطبيق دعم للمنتجات الاستهلاكية في أواخر عام 2024، ما خلق قاعدة مقارنة مرتفعة.
وخلال اجتماعات اقتصادية رئيسية عُقدت الأسبوع الماضي، وضع كبار قادة الصين تعزيز الطلب المحلي على رأس أولويات العام الجديد، في إشارة إلى توخّي الحذر حيال الضبابية في التجارة الخارجية. ورغم التعهد بالإبقاء على سياسات داعمة للنمو، لا تبدو أي إجراءات تحفيزية قوية مطروحة في الوقت الراهن.
وقال ريموند يونغ، كبير اقتصاديي "أستراليا ونيوزيلندا المصرفية" (ANZ) لمنطقة الصين الكبرى إن "انكماش أنشطة القطاع العقاري وتباطؤ مبيعات التجزئة يسيران جنباً إلى جنب".
وأضاف: "كلاهما يشهد تباطؤاً بوتيرة أسرع خلال الأشهر الأخيرة. ويتعارض هذا الاتجاه مع رسالة القيادة بشأن تعزيز الطلب المحلي. وستحتاج السلطات إلى القيام بشيء ما في 2026، على أن تكون أي إجراءات سياسية مطروحة جذرية وشاملة، بدلاً من أن تكون مجزأة وقصيرة الأجل".
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: