قبل ثماني سنوات، عندما قررت شركة "إنرجي كابيتال بارتنرز– Energy Capital Partners" الاستثمار في شركة "كالباين– Calpine" المتخصصة في إنتاج الكهرباء من الغاز الطبيعي، بدا القرار في نظر الكثيرين مغامرة غير محسوبة.
كان قطاع الطاقة يرزح آنذاك تحت تخمة إمدادات الغاز بفضل طفرة التكسير الهيدروليكي، فيما كانت الطاقات المتجددة تتوسع بسرعة وتضغط على هوامش الربحية، ما جعل محطات الغاز تبدو استثماراً خاسراً في عالم يتجه نحو التحول الأخضر.

لكن هذا الرهان الذي خالف التيار تحول اليوم إلى صفقة تاريخية؛ فمع اقتراب إتمام بيع "كالباين" إلى "كونستيليشن إنرجي"، يُتوقع أن تتجاوز أرباح "إنرجي كابيتال" من الصفقة - بما في ذلك الأرباح الموزعة - حاجز 25 مليار دولار، لتصبح بذلك الصفقة الأكثر ربحية على الإطلاق في تاريخ قطاع الأسهم الخاصة من حيث القيمة النقدية.
المنطق الذي استندت إليه "إنرجي كابيتال" كان بسيطاً في جوهره: أصول مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية تولد تدفقات نقدية قوية ويمكن تحسين أدائها تشغيلياً، وفي ظل تحول عالمي نحو الطاقة المتجددة سيستغرق عقوداً، سيبقى الغاز الطبيعي عنصراً أساسياً لضمان استقرار شبكات الكهرباء خلال تلك الفترة.
وما لم يكن في الحسبان، هو الارتفاع الحاد المفاجئ في الطلب على الكهرباء بعد ركود لفترة طويلة، مع إعادة توطين الصناعات التحويلية، وزيادة عدد السيارات الكهربائية، وتعدين العملات الرقمية، ثم جاءت طفرة الذكاء الاصطناعي وما نتج عنها من حاجة ماسة للطاقة.

وخلال السنوات التي تولّت فيها "إنرجي كابيتال" إدارة "كالباين"، استثمرت الشركة في التخزين بالبطاريات، ووسّعت قدرات محطات الطاقة الحرارية الأرضية في كاليفورنيا، وحسّنت استراتيجيات التحوط، ما أدى إلى تضاعف أرباحها تقريباً وخفض مديونيتها.
ومع ارتفاع تقييمات شركات الكهرباء المدرجة في ظل طفرة الذكاء الاصطناعي، بات من الممكن لـ "كونستيليشن إنرجي" الاستحواذ على "كالباين" بسهولة عبر مزيج من الكاش والأسهم، هذا التوقيت المواتي جاء بعد زيادة كبيرة بلغت 50% في سعر أسهم "كونستيليشن" منذ الإعلان عن الصفقة في يناير الماضي.
ويجعل هذا الاستثمار، الذي بدأ في وقت عزوف السوق عن الغاز، صفقة مربحة للغاية لكلٍ من "إنرجي كابيتال" و"كونستيليشن"، بمجرد إتمامها المتوقع في يناير 2026.
القصة في جوهرها ليست مجرد حظ استثنائي، بل تعبر عن قراءة وفهم "إنرجي كابيتال" لاتجاهات سوق الطاقة على المدى الطويل، وصبرها على استثمار خالف المزاج السائد، قبل أن تعيد التحولات الاقتصادية والتكنولوجية رسم خريطة الطلب العالمي على الكهرباء.
المصدر: وول ستريت جورنال
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: