يعتبر شح الماء الأزمة الحقيقية للعصر الحديث، ودفع تكرار حالات الجفاف في أنحاء متفرقة من العالم الباحثين إلى تكثيف جهودهم وأبحاثهم لتطوير تكنولوجيا الماء.
وأبرز "Discovery" عددا من التقنيات التي تتراوح طبيعتها من البسيطة إلى المعقدة والرامية لجمع وتخزين ونقل الماء، بل وتطمح بعضها "لإنتاج" الماء في المناطق الأكثر احتياجاً لهذا المورد الطبيعي الثمين.
1-تحلية مياه البحر:
تعتمد الفكرة على إزالة الأملاح والمعادن الذائبة في مياه البحر لتصبح صالحة للاستخدامات البشرية كالزراعة والشرب، وتتم من خلال طريقتين إما التقطير (باستخدام التبخير بالحرارة) أو الأغشية (تسمح بمرور الماء العذب باتجاه الضغط المنخفض وتبقي الأملاح وتحتاج لزيادة الضغط باستخدام الكهرباء ناحية الغشاء)، وتواجه هذه التقنية بعض التحديات مثل ارتفاع التكلفة وكثافة استهلاك الطاقة وإنتاج الغازات الدفيئة المتسببة في التغيرات المناخية مما يؤدي لتفاقم الجفاف في النهاية، هذا فضلاً عن عبء التخلص من كميات الملح الهائلة الناتجة عن العملية.
لكن اشتداد الجفاف مؤخراً أعاد تلك التقنية بقوة إلى الساحة كحل فعال لأزمة المياه، ويعكف الباحثون على تطويرها للحد من مشاكلها، واستقبلت مدينة "كارلسباد" بولاية "كاليفورنيا" الأمريكية نهاية العام الماضي أكبر مصنع لتحلية مياه البحر في نصف الكرة الأرضية الغربي، ويعتبر الشرق الأوسط موطناً لمعظم إنتاج الماء بهذه التقنية في الوقت الحالي.
2-الطاقة الشمسية:
في عام 2013 أعلنت شركة "آي بي إم" بالتعاون مع جامعة سويسرية وشركات أخرى عن تطوير تقنية طموحة ومنخفضة التكلفة لإنتاج الكهرباء والمياه في نفس الوقت باستخدام الطاقة الشمسية، وتعتمد الفكرة على أجهزة أطلقت عليها "مجمعات الطاقة الضوئية الحرارية" ويمكنها تركيز أشعة الشمس بمعدل أعلى من الأجهزة التقليدية بـ 2000 ضعف، ووفقاً للشركة فإن نشر هذه الأجهزة على 2% فقط من الصحراء الكبرى في "أفريقيا" يمكنه توفير احتياجات العالم من الكهرباء.
وسيتم استغلال الحرارة الناتجة عن عمل الجهاز في تسخين المياه المالحة لتبخيرها وتحليتها، ومن المتوقع إنتاج ما بين 30 إلى 40 لتراً من المياه يومياً لكل متر مربع من المساحة المستخدمة يومياً، أي ما يكفي لتوفير احتياجات مدينة صغيرة من المياه.
3-إعادة تدوير المياه:
تعمل التقنية على إعادة استخدام مياه الصرف بعد مرورها عبر عدة مراحل من التنقية والتطهير والتعقيم، وتختلف استخدامات المياه الناتجة من هذه العملية، وإن كان معظمها يُستخدم للأغراض الزراعية والصناعية والنظافة، ويمكن لهذه التقنية أن تخفف الضغط كثيراً على موارد المياه، على سبيل المثال تستخدم الزراعة 70% من إجمالي المياه المستهلكة في العالم، واستخدام المياه المعاد تدويرها في النشاط الزراعي على نطاق عالمي يمكن أن يقلص الكميات المسحوبة من مصادر المياه الطبيعية بنحو 25%.
وفي إطار حالة الجفاف الحاد بولاية "كاليفورنيا" تقوم مدينة "سان دييجو" بمواجهة الأزمة بتطوير برنامج طموح لتنقية مياه الصرف لتوفير مصدر آمن ومستمر للمياه لسكانها، ومن المتوقع بدء الإنتاج الفعلي في عام 2021 بكمية مبدئية تبلغ 113.5 مليون لتر يومياً قبل زيادتها تدريجياً للمعدل المستهلك (314 مليون لتر يومياً) بحلول عام 2035 فيما يمثل ثلث إجمالي استهلاك السكان من مياه الشرب.
4-مجففات الهواء:
يعتبر هذا هو الجهاز الثالث من نوعه في مدينة "ليما" في "بيرو"، ويعمل على تجفيف الهواء بانتزاع الرطوبة منه، فنسبة الرطوبة بالمدينة تقدر بـ 80% على مدار العام، ويستخدم الماء المجمع في ري الحديقة المجاورة التي تنتج أكثر من 2500 قطعة من نبات "الخس" الخالي من الملوثات أسبوعياً، وتم إنتاج الأول في عام 2013 لإنتاج مياه الشرب والثاني في 2014 لتنقية الهواء، والفكرة من ابتكار فريق جامعة "ليما" للهندسة والتكنولوجيا.
5ــ إعادة حفر قنوات:
هذا المشروع تحتضنه مدينة "ليما" أيضاً التي تعاني من شح موارد المياه على مدى قرون، فهي تعتبر ثاني أكبر مدينة صحراوية في العالم بعد مدينة "القاهرة" المصرية، ويعتمد المشروع على إعادة حفر القنوات الحجرية القديمة للسماح لمياه الأنهار في منطقة "الأنديز" بالتدفق داخلها، وكانت تلك القنوات قد تم حفرها في عهد الحضارات القديمة قبل الميلاد بـ 500 إلى 1000 عام.
6-حصاد الضباب:
من المعروف أن الضباب عبارة عن تجمعات من بخار الماء، والتي يمكن أن تتكثف وتتحول إلى قطرات مياه عند ملامستها لأي سطح بارد، ومن هنا جاءت فكرة "حصاد الضباب" التي تعتمد على تكثيف بخار المياه في المناطق الأكثر ضباباً لتحويله لمياه صالحة للشرب، وذلك بنشر أدوات معينة تشبه الشبكات بتلك المناطق، فتتكثف فوقها قطرات المياه التي يتم تجميعها في أحواض أسفل الشبكات.
وتعتبر" "شيلي" من أوائل الدول التي استخدمت التقنية في محاول لإحياء صحراء "أتاكاما" إحدى أكثر الصحاري جفافاً في العالم، حيث نشرت هذه الشبكات بالمكان، والتي تنتج مياها نقية صالحة للشرب والزراعة.
7-محاكاة النباتات:
قام علماء اليابان بدراسة كيفية قيام بعض أنواع النباتات القادرة على تخزين المياه بهذه العملية، واكتشفوا أنها تحتوي على أهداب مخروطية تعمل على التقاط وتخزين المياه، وتغير شكلها في أوقات الجفاف لمد النبات بالماء المخزن، ويطمح العلماء لتطوير تكنولوجيا الألياف بحيث تحاكي تلك العملية الطبيعية.
8-معالج "أومني":
تم إنشاء معالج "أومني" لتحويل المخلفات البشرية إلى مواد ذات فائدة ومن بينها مياه الشرب في مدينة "داكار" بالسنغال، وقامت بتمويله المؤسسة الخيرية الخاصة بالملياردير الأمريكي وأغنى رجل في العالم "بيل جيتس"، ويعمل المعالج على تحويل مخلفات سكان المنطقة المحيطة والبالغ عددهم 100 ألف نسمة إلى مياه بعد مرورها بعدة مراحل، تبدأ بتعريضها للتسخين المكثف حتى تجف، وفي أثناء تلك العملية يتم جمع بخار الماء الناتج عن عملية التسخين وتنقيته وتعقيمه وتحويله إلى مياه للشرب.
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: