نبض أرقام
21:06
توقيت مكة المكرمة

2024/05/24

اقتصاد وسياحة المعارض.. "دجاجة تبيض ذهبًا" يهملها الكثيرون

2018/09/29 أرقام - خاص

تشكل إقامة المعارض التجارية والصناعية أحد أهم أشكال الترويج للسلع والخدمات المختلفة، حيث يحاول المنتجون الوصول إلى المستهلكين المحتملين وزيادة مستوى الوعي بما يقدمونه، بما ينعكس إيجابًا على الصناعة (الخدمة) ككل ويساهم في نموها وانتشارها، ويحقق وفورات اقتصادية للشركات بما تجنيه من مبيعات وللدول أيضًا بما تجمعه من أموال من "سياحة المعارض".

 

 

المعارض ونمو الاقتصاد العالمي

 

ويرتبط نمو اقتصاد المعارض حول العالم ارتباطًا وثيقًا بمعدلات النمو العالمي، لأنه يعكس مدى "التفاؤل" العام لدى المصنعين والمشترين حول اتجاهات السوق، فالمصنعون (البائعون) لن يقبلوا على المشاركة في المعارض حال تخوفهم من عدم قدرتهم على تعويض النفقات بمبيعات جيدة، والمشترون قد يحجمون عن الشراء حال التخوف من انكماش اقتصادي.

 

ولعل هذا كان السبب الرئيس حول تسجيل الصناعة لنسب نمو ضئيلة للغاية لا تتعد 1% بين عامي 2008-2011 حيث تأثرت بشدة بفعل الأزمة المالية العالمية، قبل معاودة النمو بنسبة 2.1% في عام 2012 الذي يعتبر عام عودة الحياة إلى الصناعة.

 

وفي عام 2016 انتعشت الصناعة مجددًا، حيث سجلت صناعة المعارض عالميًا إقامة أكثر من 32 ألف معرض حول العالم، بمشاركة أكثر من 4 ملايين شركة، وبحضور 300 مليون زائر، وفقًا لدراسة للاتحاد العالمي لصناعة المعارض.

 

وتقدر دراسة لموقع "ريسيرش أند ماركت" نمو سوق المعارض في الولايات المتحدة بحوالي 4% سنويًا خلال الأعوام القليلة المقبلة، وحتى عام 2023، بينما تقدرها بحوالي 7% عن الفترة نفسها في منطقة جنوب أسيا وشرقها، و3% في الاتحاد الأوروبي، بينما يصل المعدل العالمي المتوقع إلى 4%. ورغم أن النمو يبدو كنسبة مجردة ليس بالرقم الكبير يبقى نمو الصناعة بما يفوق معدل النمو العالمي مؤشرًا لوجود مساحة لتطورها.

 

وترجع الدراسة ذلك لإقبال العارضين من أوروبا والولايات المتحدة على المشاركة في المعارض الصينية والهندية وغيرها من دول منطقة جنوب وشرق أسيا بكثافة، بسبب علمهم بتصاعد القوة الشرائية لتلك الأسواق، في الوقت الذي تصل فيه الأسواق الأمريكية والأوروبية إلى حالة من التشبع والتكامل تجعل النمو فيها أصعب.

 

مصادر الربحية

 

وتنقسم أرباح منظمي المعارض الكبيرة في المتوسط إلى 14% من التسجيل فحسب، و10% من "خدمات أخرى" مثل توفير المأكولات والمشروبات وبعض التجهيزات الصغيرة، و76% من إعداد المعرض نفسه ومن عقود الرعاية، حتى أن الأخيرة قد تكون في بعض الحالات أساس إقامة المعرض بنسب تتعد 90% من العائدات.

 

 

ولصناعة المعارض أثران، أولها مباشر ويتمثل فيما تجنيه تلك الصناعة نفسها من أرباح من وراء إقامة المعارض والدعاية والإعلانات المرتبطة به، والثاني غير مباشر يرتبط بتحقيق حالة من الرواج في بعض الصناعات التي تقيم المعارض، فضلًا عن انتعاش بعض الصناعات التي تخدم منفذي المعارض، مثل مصنعي الأخشاب واللوحات وغيرهم.

 

وتقدر الأراضي المهيأة لإقامة المعارض الكبيرة المغلقة حول العالم بحوالي 1300 مكان، تشكل مجتمعة حوالي 40 مليون متر مربع تقريبًا، وتزداد المساحات المخصصة للعرض بنسبة تتجاوز 10% منذ عام 2006 وحتى عامنا الحالي، وتساهم زيادة المساحة المتاحة للمعارض بالطبع في تحسين مستوى الخدمة وزيادة عدد العارضين.

 

وتتصدر الولايات المتحدة دول العالم من حيث المساحة المخصصة للمعارض بحوالي 20%، وتليها الصين بـ15%، ثم ألمانيا بـ10%، وإيطاليا 7%، وفرنسا 6%، وإسبانيا 5%، لتأتي دول أخرى بنسب أقل من ذلك تواليًا، بما يعكس ارتباطًا واضحًا بين حجم الاقتصاد والمعارض المقامة في كل بلد، حتى تشير تقديرات دراسة لـ"أوكسفورد" أن 77% من المعارض حول العالم تتم في الدول المتقدمة.

 

ويرتفع مستوى التفاؤل حول مستقبل صناعة تنظيم المعارض في منطقتي أسيا جنوب المحيط الهادئ (85% من المنظمين ابدوا تفائلهم)، وفي أوروبا (80%)، بينما تنخفض النسبة في الولايات المتحدة إلى 66% وفي الشرق الأوسط إلى 58%، وذلك وفقًا لدراسة أعدها موقع "تريد فيست"، ويرجع ذلك إلى تخوفات بين المنظمين الأمريكيين من احتمال تأثير الحروب الاقتصادية الأمريكية –الحالية والمحتملة- على مستقبل الصناعة.

 

للمعارض مزايا.. وعيوب

 

وتوفر صناعة المعارض العديد من المزايا لعل أبرزها

 

- محاولة الوصول بالسوق إلى حالة أقرب للمنافسة الكاملة: من خلال تنافس عدد كبير من العارضين على جذب المستهلكين من خلال توفير مزايا نوعية وأخرى سعرية، بما يجعل السوق يقترب من حالة التوازن.

 

رفع مستوى الوعي بالعلامة التجارية: فوجود العلامة التجارية باستمرار وسط منافسيها يزيد من تقبل المشترين لها، بل أن العلامات التجارية الشهرية للغاية تصر على الظهور في المعارض رغم الوعي الواسع بعلامتها التجاري لحرصها على زيادة مساحة "التعرض" للمشترين المحتملين.

 

المقابلات الشخصية وشبكات العلاقات: فإقامة المعارض تسمح للعارضين والمشترين بمقابلة عدد أكبر من العملاء في وقت قياسي، مما يزيد من المعلومات والبيانات وشبكة العلاقات لدى الجانبين ويُسهل مهمة البائع والمشتري في الوصول إلى الطرف الآخر، ويمنح الطرفان صورة حديثة وواقعية عما يريده الطرف الآخر.

 

 

ولا تخل إقامة المعارض من عيوب أيضًا بطبيعة الحال:

 

- المنافسة المباشرة: فوجود الكثير من المنافسين بجوارك في نفس الحيز المكاني يعني ضرورة التمسك بالميزة التنافسية للمنتج وعرضها بأفضل شكل ممكن لتفادي الدخول في صراعات خاسرة مع شركات متفوقة، أو الظهور بمظهر "باهت".

 

التكلفة: في حالة عدم تحقيق البائعين للمبيعات المستهدفة فإنهم يكونوا خسروا أموالهم، وفي المقابل فعدم قدرة المشترين على الحصول على ما يريدون من سلع أو خدمات من المعرض –أو حتى كنتيجة لزيارته ولكن في وقت لاحق- يؤشر لخسارة مبالغ مالية وأوقات دون جدوى.

 

عائدات منخفضة: حتى في المعارض الأقل من حيث العائدات، مثل معارض الكتاب أو السلع المعمرة أو غير ذلك، يضطر العارضون لتقديم تنازلات سعرية سعيًا للتغلب على المنافسة، وبالتالي يحصلون على أرباح أقل، ولا يمكن تعويض ذلك الجانب إلا بـ"البيع الكبير" الذي يسرع من دورة رأس المال فيجعل الربحية الأقل مقبولة.

 

ويرى 25% من المنظمين "حالة السوق المحلي" بمثابة العنصر الأكثر تأثيرًا على صناعة إقامة المعارض، بينما يعتبر 20% الحالة الاقتصادية العالمية بمثابة المؤثر الأبرز، و21% يرون المنافسة المحتدمة بين المنظمين بمثابة التهديد الأعظم للمهنة، بينما يؤكد 15% أن "التحديات الداخلية" مثل التعامل مع الموردين والمشترين هو العنصر الأهم في المهنة.

 

سياحة المعارض

 

ويتعلق كل ما سبق بالوفورات التي تحققها الشركات –بائعة أو مشترية- من إقامة المعارض والتكاليف التي تتحملها لقاء ذلك، ليبقى الأثر على مستوى الدول هام بطبيعة الحال.

 

فبجانب الرواج للشركات والذي يخدم مصالح الدول بطبيعة الحال، تقدر دراسة لجامعة "أوكسفورد" إنفاق "سائح الأعمال والمعارض" بعشرة أمثال السائح التقليدي في المتوسط، حيث يكون غالبًا من رجال الأعمال، ولا يسعى للتوفير قدر سعيه للراحة والحفاظ على وقته ولذلك ينفق بصورة أكبر على الفنادق والمطاعم والانتقالات، بما يدعم اقتصاد الدول المنظمة للمعارض بشكل كبير.

 

ولعل هذا هو ما يجعل مختلف الدول تضع أجندة واضحة بدءا من أول العام للمعارض المقرر إقامتها فيها، حرصًا على جذب سائح المعارض والترويج لهذا النوع من السياحة، حتى لو لم تكن الدولة نفسها هي المنظمة لهذا المعرض.

 

وعلى سبيل المثال، تقدر الدراسة إنفاق من يحضرون المعارض في الولايات المتحدة بـ13.6 ألف دولار للفرد فيما يتعلق بالنفقات السياحية ونفقات التنقل والإقامة، دون حساب الطيران، بينما يزيد متوسط الانفاق في حال قراره بالإنفاق لشراء سلع أو خدمات من المعارض التي حضرها ليصل إلى أكثر من 36 ألف دولار.

 

 

ولذلك تطالب الدراسة السلطات الأمريكية بالتخفيف من القيود التي تضعها لحصول الأجانب على تأشيرة دخول البلاد، معتبرة أن ذلك قد يفيد الاقتصاد بقرابة 2.4 مليار دولار سنويًا، بما سيخلق 17 ألف وظيفة بشكل مباشر و43 ألف وظيفة إجمالا، وسيمنح الدولة ضرائب فيدرالية تقدر بحوالي 750 مليون دولار.

 

وتقسم الدراسة 2.4 مليار دولار التي تخسرها  "واشنطن" بسبب سياساتها المتشددة في منح التأشيرات لتصبح 1.5 مليار دولار صفقات لم تتم، و540 مليون دولار نفقات المشاركة في المعارض والتسجيل فيها، وحوالي 300 مليون دولار نفقات سياحية للمشاركين في المعارض، ليبقى ازدهار سياحة المعارض واقتصادها رهينة بجودة التنظيم وحالة السوق العالمي والمحلية.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة