نبض أرقام
12:05 م
توقيت مكة المكرمة

2025/05/15
2025/05/14

الطوب الأحمر يسترد عرشه في الإمارات

2006/12/31 الخليج

واجه الطوب الأحمر العزوف عنه في بداية القرن العشرين عند ظهور الخرسانة وقضبان حديد التسليح، لكنه يعود إلى السوق الإماراتي والأسواق المجاورة بسبب مميزاته الكثيرة مثل رخص ثمنه وعازليته الكبيرة للحرارة ما يجعله مناسبا لمنطقة الخليج العربي التي ترتفع فيها درجات الحرارة كثيراً، كما أن طرق استخدامه وتصنيعه ومواصفاته تطورت كثيراً عما كان سابقا ما أحيا استخدامه بعد زمن طويل لم يستخدم خلاله إلا لأغراض محدودة.

يعتبر الطوب الأحمر أحد أقدم المواد المستخدمة في البناء، وقد استخدم قبل عشرة آلاف سنة في البناء نظراً لسهولة استخدامه وقوة ومتانة تحمله إضافة إلى تواجده في البيئة المجاورة للإنسان ما يجعل تكلفة استخدامه وتصنيعه مقبولة ومنخفضة مقارنة مع مواد البناء الأخرى.

كما تتميز منتجات الطوب الأحمر الفخاري بجودة وكفاءة عالية ومقاسات دقيقة ومتجانسة ما يساعد على إنجاز أعمال التشطيبات بشكل مثالي واقتصادي، وتتوفر منه عدة أنواع منها الطوب الأحمر المفرغ، والطوب الأحمر الهوردي والطوب الأحمر الحامل، والطوب الأحمر الديكوري، وطوب الواجهات الخارجية للمباني.

ولوحدات البناء من الطوب الأحمر المصنعة من الطين عدة مميزات وخواص كونها مصنعة من مادة موجودة في الطبيعة مع سهولة تشكيلها بعدة أشكال ومقاسات، مع إمكانية تجانسها في البناء مع المواد الأخرى مثل الأخشاب والأحجار.

ومع بداية القرن العشرين ظهرت الحاجة للمباني المرتفعة ذات الأدوار المتكررة، ومع ضعف تطور تقنيات البناء بالطوب الأحمر كان البديل السريع لمثل تلك المباني هي الخرسانة المسلحة وكان آخر مبنى شاهق من 16 دوراً يبنى بواسطة الطوب الأحمر هو مبنى ماند نوك (Manadnock) في شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية عام ،1891 حيث كانت سماكة الجدران في الدور الأرضي حوالي 2م ما أعاق إمكانية الاستمرار في بناء مثل تلك المباني بهذه الطريقة لزيادة سماكة الجدران وزيادة العوامل والتكاليف الاقتصادية لتحقيق ذلك.

ومن هنا ظهرت الحاجة للهيكل الخرساني بدلا من الجدران الحاملة والتي استمرت عبر التاريخ بسبب عدم مواكبة تقنيات البناء بالجدران الحاملة لمتطلبات العصر ما ساعد على سرعة تحول تقنيات البناء لاستخدام اسلوب البناء بالهيكل الخرساني.

في عام 1921 ومع ظهور الحاجة المتزايدة للأبنية المرتفعة بشكل عام ظهرت مشاكل ارتفاع أسعار الخرسانة المسلحة ما حدا بالباحثين إلى إعادة النظر في إمكانية دراسة تطوير الطوب الأحمر الفخاري مع استخدام حديد التسليح للوصول إلى تكاليف اقتصادية في أعمال تنفيذ المباني، وفي عام 1940 توصلت المجموعة الأوروبية للمهندسين والمعماريين إلى انتاج طوب أحمر فخاري تصل قوة كسره إلى 8000 رطل / البوصة المربعة (500) كيلو جرام/سم2.

بينما كانت اقصى قوة كسر للخرسانة المسلحة في ذلك الوقت لاتتجاوز (2500) رطل/ البوصة المربعة (175) كجم/سم،2 وبهذا الانجاز زادت وتيرة البحث والاختبارات على مادة الطوب الأحمر الفخاري حيث توصل الكسندر برهمر (Alaxander Brehmer) من الجيش البريطاني في الهند إلى إمكانية تصميم قطاعات المباني بالطوب الأحمر المسلح بنفس نظريات ومعادلات الخرسانة المسلحة، وقد ساعد هذا الاكتشاف الحديث على تحويل مسار تقنيات وأسلوب البناء إلى أسلوب الجدران الحاملة من الطوب الأحمر الفخاري والاستفادة من المميزات والخواص المتمثلة في مقاومة الحريق وعزل الحرارة والصوت والتكاليف الاقتصادية المنخفضة في أعمال الصيانة.

وأضاف استخدام حديد التسليح في مباني الطوب الأحمر قدرتها على مقاومة القوى الجانبية مثل قوة الرياح والهزات الارضية. وقد كان لهذه الدراسات والنتائج تطبيقات عملية مباشرة حيث تم بناء 26 مبنى لمستشفى فيترناس في عام 1952 في انتوش في لوس انجلوس في ولاية كليفورنيا حيث استطاعت تلك المباني مقاومة الزلزال الذي حدث في عام 1971 (San Ferrando earthquake) ولم تتأثر إطلاقا بينما انهارت خمسة مباني مبنية باستخدام الهيكل الخرساني في الحادثة. وقد تسارعت وتيرة استخدام اسلوب البناء بالجدران الحاملة في الولايات المتحدة الامريكية خلال العقدين1950-1960.

وقد ساعد هذا الاتجاه المتزايد للبناء بالطوب الأحمر على ظهور أول مواصفات للمباني بالطوب الأحمر الفخاري في عام ،1966 كما أن استمرار زيادة وتيرة البحث والتطوير خلال العقدين (1960-1970) للوصول إلى طرق واجراءات جديدة في كيفية تحسين أداء واستخدام الطوب الأحمر الفخاري في المنشآت أدى إلى دخول مادة الطوب الأحمر الفخاري في جميع مواصفات المباني الصادرة في الولايات المتحدة الأمريكية.

ويرى عمر فاخرة عضو دائرة الإعلام والعلاقات العامة والنشر في جمعية المقاولين أن الطوب الأبيض هو البديل الفعلي للطوب الأحمر في السوق الإماراتي رغم أن الطوب الأحمر أرخص بنسبة 20-30% وذلك لوجود صعوبات بأخذ موافقة الاستشاريين عليه، كما أن الطوب الأبيض الذي يبلغ سعر المتر المكعب الواحد منه 310 دراهم، أكثر توفرا بالأسواق رغم ضرورة حجز الكميات المرادة مسبقا لأن مصنع الجزيرة للطوب في أبو ظبي هو المصنع المحلي الوحيد، مع عدم وجود استيراد للطوب الأبيض، في حين أن مصدر الطوب الأحمر من السعودية.

أما المهندس نضال محمد مدير مكتب مزايا للاستشارات الهندسية فيرى أن بعض الملاك لديهم اعتقاد خاطئ بارتفاع سعر الطوب الأحمر ولذلك يفضلون الطوب العادي عليه، وقال نضال إن هذا الأمر وإن كان صحيحا في المباني المنخفضة إلا أنه يتغير في المباني التي تزيد على عشرة طوابق أي عندما تخضع الأبنية لحسابات الزلازل والرياح.

واعتبر نضال أن الطوب الأحمر يشكل مادة عازلة جيدة وأرخص من مواد أخرى، وتأتي أهمية انخفاض سعر هذه المادة في ظل ارتفاع أسعار مواد البناء بما فيها الطوب الأبيض الخفيف الذي يتساوى وزناً مع الطوب الأحمر.

وأضاف نضال أن مشكلة الطوب الأحمر صعوبة عمل تمديدات فيه، كما أن استخدامه يواجه بمشكلات في البيوت بسبب قساوته، فإذا أرد أحدهم مثلاً دق مسمار في الجدار فإن قطعة من الطوب الأحمر قد تنكسر بدل أن يحدث ثقب في الطوب.

وتحدث منصور.سي.بي مدير المبيعات في شركة إم.ايه.إم لتجارة مواد البناء عن سوق منتجات الطوب الأحمر، فقال إن معظم سوقنا في الشارقة وعجمان لكننا نتوقع نمو هذا السوق في دبي، كما جاءنا في معرض الخمسة الكبار زبائن من أبو ظبي والعين، ولاتوجد مصانع في الإمارات لعدم توفر المواد الأولية، لكن في المستقبل القريب ستفتح مصانع عدة للطوب الأحمر في رأس الخيمة.

وعن مواصفات الطوب الأحمر قال منصور: تظهر دراسة لمعهد البحوث بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران القدرة العالية للطوب الاحمر الفخاري على العزل الحراري ومن ثم خفض استهلاك الطاقة الكهربائية، وتجدر الاشارة هنا الى ان الطوب الاحمر الفخاري المستورد من بعض المصانع السعودية إلى الإمارات يصنع من مادة طبيعية لا تدخل فيها اية مواد كيماوية، ولذا فهو الامان الكامل لصحة الانسان وللبيئة كما أنه مادة ثابتة لا تتغير ولا تزول مع مرور الزمن.

واعتبر منصور أن إحلال نظام البناء بالجدران الحاملة بدلا من الخرسانة المسلحة للفلل السكنية يعتبر من الاساليب الحديثة التي تؤدي الى توفير التكلفة دون المساس بالوظيفة الرئيسية او التضحية بجودة وسلامة الأعمال المنجزة.

وأضاف منصور ان عدد الاصناف التي تنتجها مصانع الطوب الاحمر والمنتجات الفخارية تصل الى أكثر من مائة صنف تنقسم الى مجموعات تشمل الأولى منها الاصناف التي تستعمل للجدران الفاصلة والحاملة، وتشتمل هذه المجموعة على العديد من الاصناف ومنها صنف يحتوي على عازل اضافي من البلويسترين، كما تحتوي هذه المجموعة على طوب الواجهات المتوفرة بعدة ألوان ونقوش مختلفة وهي تحتوي على أكثر من 15 صنفا.

أما المجموعة الثانية فتشمل اصنافا مجال استعمالها الاسقف للتقليل من وزن السقف وللعزل الحراري وفي هذه المجموعة أكثر من 10 أصناف لمختلف المقاسات والارتفاعات. وتضم المجموعة الثالثة الطوب المفرغ ذا الفتحات الكبيرة وتستعمل للحيطان الفاصلة ويصل عدد هذه المجموعة الى أكثر من 15 صنفا.

وتشمل المجموعة الرابعة الأصناف التي تستعمل في الحيطان الحاملة والواجهات ولمواقد النار ( طوب حراري ) ويتوفر لهذه المجموعة العديد من الالوان والنقوش ويصل عدد المنتجات لهذه المجموعة أكثر من 20 صنفا. فيما تشمل المجموعة الخامسة الاصناف المستعملة لرصف جوانب الطرق وللساحات المكشوفة ويمكن استخدامها للافران ايضا، وتتميز بتوفر عدد من الالوان وبمقاومة عالية للانضغاط تصل الى 800 كغم /سم2 وتتوفر بمقياسين أساسين.

أما المجموعة السادسة فتشمل قوالب الجسور، وأخيرا المجموعة السابعة وتشمل طوب الزخرفة لواجهات الديكور.