كشف محمد عبد الله الخريجي مدير عام مجموعة الخريجي للمقاولات ورجل الأعمال المعروف, أن مكة المكرمة والمدينة المنورة, إضافة إلى المدن الصناعية التي أعلن عنها أخيرا ومشاريع الجبيل وينبع 2, ستقفز بصناعة المقاولات في السعودية بشكل كبير نظرا لمجمل تكاليف المشاريع التي ستنفذ فيها, مشيرا إلى أن هذا سيضيف إلى الناتج المحلي.
وعزا الخريجي أسباب خروج العديد من شركات المقاولات إلى صعوبة الانتظام بسبب تراجع أعمال البناء والتشييد في العقود الماضية ودخول البعض منها في مشاريع كبيرة غير قادرة على التكيف مع وضعها المالي, مشيرا إلى أن مشاريع القطاع الحكومي تعد مصدرا أساسيا للطلب على منتجات صناعة البناء والتشييد في المرحلة المقبلة.
وبين الخريجي أن المستهدف خلال المرحلة المقبلة زيادة فاعلية دور القطاع الخاص في تنمية قطاع البناء والتشييد لتنفيذ العديد من المشاريع الإنشائية والتشغيلية, حيث يتوافر العديد من الفرص الاستثمارية المتاحة للقطاع الخاص في مجالات عديدة ومتنوعة, وتوقع الخريجي أن يرتفع معدل نمو الطلب في قطاع البناء والتشييد خلال السنوات المقبلة.
وأشار إلى أن مجموعة شركات الخريجي في قطاع المقاولات تنفذ حاليا مشاريع بأكثر من 600 مليون ريال وأنهت أخيرا تسليم مشاريع بأكثر من 300 مليون ولديها عدة مشاريع تدرس إنشاءها. إلى تفاصيل الحوار:
* بداية أود تلطفكم بنبذة عن مشاريع المركز العالمي؟
المركز العالمي شركة من مجموعة شركات الخريجي ونحن الآن في طور تكوين شركة قابضة لضم جميع شركات المجموعة، وبدأت منذ نحو 75 سنة وأسست هذه الشركة منذ نحو 30 عاماً وتحديدا مع بداية الطفرة الاقتصادية الأولى, وهي شركة متخصصة في مشاريع القطاع الخاص المتميزة, وكان هذا النهج منذ البداية, وقد أثبت نجاحه في الوقت الذي انطلقت معنا عدة شركات في هذا الوقت نفسه تبقى منها الآن نحو 20 في المائة و80 في المائة صفيت لأن كثيرا من الشركات اشتغلت في مشاريع حكومية وصحية ومشاريع مستشفيات ومشاريع طرق من غير تخصص واضح, لكن نحن كان تخصصنا في قطاع المباني المتميزة واستمررنا في هذا النشاط ولدينا عدة مشاريع مختلفة تتوزع بين المنطقة الشرقية والمنطقة الوسطى ومنطقة مكة المكرمة والمدينة المنورة.
* ما أبرز المشاريع التي وقعت عقودها أخيرا؟
- أبرز المشاريع التي وقعت عقودها أخيراً كان مشروع فندقي في مدينة مكة المكرمة بتكلفة تقدر بنحو 85 مليون ريال، على مساحه تقريبا خمسة آلاف متر مربع مكون من 20 دورا، ووقعنا أخيرا في الرياض عقدا مع شركة فالكوم للاستثمار, وذلك لإنشاء المركز الرئيسي لها وبتكلفة نحو 60 مليون ريال، ولدينا حالياً نحو 20 مشروعا تحت التنفيذ الآن في المدينة المنورة وفي الرياض والخبر, أما في جدة وخلال الشهر المقبل سنسلم ثلاثة مشاريع ضخمة.
* كم تكلفة المشاريع كلها التي نفذت في خلال هذه السنة تقريبا؟
العقود التي قمنا بتنفيذها خلال سنة تقريبا في حدود 300 مليون ريال, وهي العقود المنفذة وليس العقود الموقعة، أما العقود الجديدة غير المنفذة والتي نقوم بتنفيذها فقيمتها 600 مليون ريال.
* ما الشركات الشقيقة للمركز العالمي؟
لدينا شركة الخريجي للتجارة والمقاولات وهي شركة شقيقة لنا (تتخصص) في مجال مختلف من المقاولات لا تنفذ نوعية المقاولات التي ننفذها نحن مع القطاع الخاص وهي تعمل مع القطاعين الحكومي والخاص وتضم المجموعة مصنعا للأثاث الخشبي, وهذا من أكبر المصانع في المملكة للأثاث والأخشاب، وتضم المجموعة شركة الخدمات الطبية وهي شركة متخصصة في تقديم الأجهزة والمعدات الطبية للمستشفيات والخدمات الصحية ومبيعات الأدوية وهي شركة قائمة ولها أكثر من ثلاثين سنة. ولدينا أيضا قسم للاستثمارات المالية والصناعية يشمل نشاطه المملكة والخليج وأوروبا والولايات المتحدة, إضافة إلى شراكتنا في عدة شركات مختلفة في المملكة, مسؤولية الإدارة فيها خارج المجموعة ومكاتب متخصصة في الدراسات الهندسية والمالية.
* كيف ترى سوق المقاولات في الوقت الحالي؟
سوق المقاولات الآن تمر بفترة ذهبية، نحن الآن ومن ضمن خطة توسعنا الأفقي قمنا بتوقيع عقود شراكة مع ثلاث شركات مشتركة، وهذا من كثرة الطلب على قطاع الإنشاءات مع العمل القائم الآن في مدن المملكة المختلفة ومع المدن الاقتصادية في رابغ أو حائل أو في المنطقة الشرقية وجازان وغيرها وأخيرا أسسنا شركة مشتركة مع مستثمرين أتراك في قطاع المرافق وسيكون قطاعا مهما جدا في السنوات المقبلة حيث لا توجد شركات كثيرة في المملكة تستطيع أن تلبي الاحتياجات المطلوبة في السنوات الخمس المقبلة. والآن هناك اتجاه لإنشاء العمائر (الهاي رايز) سواء في المدن الاقتصادية أو في جدة أو في الرياض وكوَنا شركة مع مجموعة صينية متخصصة تعطينا الخبرة الفنية في هذا المجال، والخطة لدينا هو التوسع في مجال المقاولات وأن نلبي بأرفع مستوى ممكن احتياجات هذا القطاع.
* أمام هذه الانطلاقة الكبيرة في سوق المقاولات والمشاريع الكبرى هل تعتقد أن قطاع المقاولات قادر على تلبية احتياج السوق المحلية؟
الشركات الموجودة بالأجهزة الفنية والعمالة الموجودة والأنظمة المطبقة عليه لا يمكن أن تلبي بتاتا احتياجات هذا القطاع، لكن الاتجاه الجيد الذي صدر من مجلس الوزراء أخيرا أدرك مشكلة المقاولين وذلك بتسهيل كثير من الإجراءات, وهذا سيكون دعما جيدا لقطاع المقاولات وانطلاقة لتوسع الشركات القائمة, إضافة إلى التحالفات المطلوبة في قطاعات معينة مع شركات أخرى سواء كانت محلية أو أجنبية. وأود أن أشير هنا إلى أن قطاع المقاولات عند انتعاشه هو فارس ومحفز للتنمية في مختلف قطاعات الاستثمار في السعودية على مدى العقد المقبل من الزمن.
* هل نجحت التحالفات في صناعة المقاولات من التجربة الماضية؟
حتى نكون صادقين في هذا الموضوع كانت تجربة ممتازة وكثير من شركات المقاولات السعودية نشأت من رحم الشركات الأجنبية قبل 30 عاما عندما كانت شركات المقاولات في السعودية تعد على الأصابع. وفي الطفرة الأولى جاء كثير من الشركات الكورية والصينية والأمريكية والفرنسية للعمل في هذا البلد وكثير من الشركات السعودية شاركت مع هذه الشركات. وعندما انتهت المشاريع الضخمة رحلت الشركات الأجنبية الكبيرة من السعودية وبقيت الشركات السعودية التي اكتسبت الخبرة, ومن هنا انطلقت الشركات السعودية للمقاولات التي أثبتت كفاءتها في السنوات الماضية التي نراها الآن وتعد صناعة وثروة وطنية مهمة في السعودية.
* ما أسباب مغادرة العديد من شركات المقاولات بمعدلات ربحية كبيرة عند الطفرة الأولى؟
بعض الشركات استفادت من الناحية المادية وتوسعت وكانت تعتقد أن النمو سوف يستمر وعندما بدأ ركود قطاع المقاولات تضررت كثيراً لأنها لم تدرك مخاطر الانجراف الزائد وراء وهم الأرباح الكبيرة والإدراك أن سوق المقاولات تتوسع وتنقص حسب الجو الاقتصادي. ومن هذه الشركات ما كانت لديها معدات كثيرة وعمال كثيرون لم تكن لديها خبرة ومرونة في التحكم في المصروفات الرئاسية, وبالتالي بدأ مسلسل الخسائر، ولم يكن أمامها إلا التصفية، وقطاع المقالات ليس مثل قطاع الصناعة، فالمقاول الناجح هو الذي يستطيع أن يتحكم في تحديد المصروفات الرئاسية حسب ظروف السوق.
* بالمناسبة بين مكة وجدة والرياض والمنطقة الشرقية، أي هذه المناطق أنشط في مشاريع المقاولات؟
بالنسبة إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة فهما يعتبران الفرس بالنسبة لقطاع المقاولات في الفترة الحالية، فالمشاريع التي تحت الدراسة التي بدأت تأخذ تصاريح خاصة مكة المكرمة هي مشاريع جبارة، والمشاريع المخطط لها أن تنفذ خلال السنوات الخمس المقبلة أكثر مما نفذ خلال الـ 25 سنة الماضية. وفي المنطقة المركزية في المدينة المنورة ففيها نحو أكثر من 100 أو 120 بين ترخيص جاهز أو تحت الاعتماد لمشاريع عملاقة في المنطقة المركزية بخلاف المشاريع الأخرى للقطاعات الحكومية والقطاع الخاص المتمثلة في المشروع الجبار مدينة المعرفة في المدينة المنورة, التي ستكون إضافة كبيرة لتطوير المدينة المنورة. أما في الرياض فهناك مشاريع أخرى منها المدينة المالية الجديدة وأما مشاريع المعادن هي مليارات الدولارات وكل مشروع منها لا يقل عن مليار أو مليارين، وهذه ستكون إضافة اقتصادية للتطور والنمو الاقتصادي للبلد, إضافة إلى الفائدة السوقية للمقاولين, وأمام تنوع هذه المشاريع بين منطقة وأخرى تجد أن استثمارات القطاع الخاص في مكة المكرمة والمدينة المنورة أكثر من المناطق الأخرى في الفترة الحالية.
* كيف ترى أثر المدن الاقتصادية التي أطلقتها السعودية أخيرا في صناعة المقاولات؟
- المدن الاقتصادية في المملكة إضافة خلاقة وضرورية للنمو الاقتصادي المطلوب في السعودية لأننا لو اتخذنا الأسلوب التقليدي في التنمية سنأخذ سنوات طويلة لتعويض ما مضى من ركود اقتصادي بلغ في بعض السنوات أقل من صفر في النمو لكن فكرة المدن الاقتصادية فكرة رائدة وطبقت قبل ذلك في دول كثيرة مثل الصين ودول أخرى. والقائمون والمشرفون عليها لديهم فكر استراتيجي وجماعي ومخلصون, والقطاع الخاص لا يمكن أن يدخل في مشاريع ويصرف عليها إلا إذا كان متأكدا من الجدوى الاقتصادية والعائد الاقتصادي لها. وفي ذلك استفاد القطاع الخاص واستفاد المواطن, وأركز على كلمة المواطن لأن إيجاد فرص عمل للمواطن السعودي لزيادة دخله أعتقد أن هذا المطلوب رقم واحد في التنمية في السعودية ليعم الخير على الجميع.
* هل تعتقد أن مدينة الملك عبد الله في رابغ ستضيف على ميناء واقتصادات جدة أم أنها تسحب منها أشياء كثيرة؟ وما مدى التأثير في مدينة جدة؟
- أعتقد أن مدينة الملك عبد الله سيكون لها تأثير إيجابي في مدينة جدة فوق ما تتصور، مدينة جدة أصبحت مدينة مكدسة بسبب معدل الزيادة السكانية الذي يصل إلى نحو 10 في المائة. وأي مدينة في العالم تكون الزيادة السكانية مثل هذه النسبة لا يمكن أن تكون لها خدمات تلبي النمو السكاني، فأنا أعتقد أنها ستأخذ كثيرا من النمو السكاني غير المرغوب فيه إلى جدة. حيث إن مدينة رابغ ستكون مدينة أفضل من ناحية المرافق الأساسية، ثانيا بالنسبة للميناء ستكون مكملة لأن ميناء جدة الحالي لا يمكن توسعته تحت أي ظرف من الظروف. وكثير من الشركات التي ستعمل في مدينة رابغ ستكون لها فروع ويمكن أن تكون مراكزها الرئيسة في مدينة جدة, وستكون رافدا إضافيا للشركات التجارية في جدة.
* يغيب عن السوق السعودية وجود قاعدة معلومات عن العقارات توفر البيانات والمعلومات الدقيقة للمستثمرين والجهات ذات العلاقة هل تؤيد إنشاء مثل هذا؟
- من المفترض أن يكون لدينا مركز معلومات عن العقارات في المملكة, وسوق العقارات شهدت في السنوات الماضية نشاطا محموما وسجل قفزات عالية. وكان من المفترض أن تؤسس الغرف السعودية بالتعاون مع الجهات الحكومية المختصة قاعدة البيانات عن قطاع العقار خاصة لجان العقار الموجودة في الغرف الكبيرة. وتوفير المعلومات وتحليلها أمر ليس مكلفا كثيرا بل يحتاج إلى متابعة حيث إن المستثمرين من رجال الأعمال يبنون خريطة استثماراتهم بناء على توافر هذه المعلومات, وهذه أيضا من شأنها أن تسهم في صنع الخطط التنموية الدقيقة والجادة للإسكان, أعتقد أننا في حاجة إلى توفير هذا المشروع وليوضع له رسوم متفق عليها مقابل تكاليف إعداده.
* تنتشر في جدة المناطق العشوائية بشكل كبير إلامَ تعزو أسباب ذلك؟
- لا يلام الذين تطاولوا على نهب هذه المواقع فقط بل تلام الجهات المختصة ومسؤولوا أمانة جدة آنذاك الذين أهملوا متابعتها أو تركت في سبيل أعمال مؤقتة لم تفد جدة شيئا. وكان من المفترض أن توضع خطة على مراحل زمنية بحيث تعالج كل منطقة أولا بأول بدل أن تترك جميعها بهذا الشكل وتنمو ويصعب حلها عاما بعد عام, وما زلت أرى أن حلها يحتاج إلى تفاعل وجدية من قبل الجهات المختصة. وسبق أن قدم الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة عددا من الحلول والمقترحات الجيدة التي من شأنها أن ترضي الملاك الأصليين والمواطنين الذين أقاموا عليها منذ سنوات طويلة لكن ما زلنا في حاجة إلى تفعيل هذه الطروحات وتحمل الجرأة في التنفيذ بدل تأجيلها. التصورات الهادفة موجودة ونحتاج فقط إلى إعادة تخطيطها بما يتلاءم مع طبيعة الأشياء والظروف المستجدة, وهذه ستشجع المستثمرين على الدخول في تخطيطها وتنفيذها وعودة هيبة مدينة جدة وكرامتها.
* هل ترى أن البنوك ما زالت غائبة عن التمويل العقاري؟
- صحيح أن البنوك السعودية في السابق لم تكن مشاركة في عملية البناء والإسكان والإقراض للمواطنين, وهذه مرحلة ماضية وانتهى الحديث والنقاش فيها. لكن الواضح الآن أن لدى البنوك السعودية برامج تمويل للإسكان أعتقد أنها جيدة وهادفة لكنها خجولة, وكذلك التوجه لإنشاء بنك الإنماء وهذا سيكون أحد العوامل الرئيسة في المساندة للتمويل العقاري والصناعي والتجاري, إضافة إلى نظام الرهن العقاري المأمول صدوره قريباً.
* كيف يمكن تيسير حصول المواطنين على الأراضي السكنية المخدومة؟
- عن طريق الدولة ومن المفترض أن تقدم مخططات سكنية متكاملة الخدمات يجب أن يشرك القطاع الخاص في الدخول في تهيئة البنى التحتية لهذه المخططات عبر الشراكة, ولنفرض أن الدولة منحت مخططا لذوي الدخل المحدود فليعط القطاع الخاص تهيئة المرافق والخدمات مقابل استثمار الواجهات الرئيسة في الشوارع التجارية على أن تضخ أموال لتطوير وتهيئة البنى التحتية للمخطط السكني, وهذه هي المدن المساندة للمدن الرئيسة بحيث تخفف الضغط السكاني على المدينة الرئيسة وكذلك طرقاتها وبالتالي ستحقق الفائدة للدولة والشركة والمواطنين.
* ألا ترى أننا في حاجة اليوم إلى وضع الأنظمة والتشريعات والأساليب المناسبة للتجديد العمراني للأحياء السكنية القديمة للمحافظة على المخزون الإسكاني واستمرارية الاستفادة منه في توفير الإسكان الميسر؟
- هذا يتوقف على جهد أمانات المدن الرئيسة وخططها التطويرية في هذا الشأن بحيث لا تضر بالملاك ولا تضر بالمستثمرين.
* ما النشاطات التي تعتقد أن الاستثمار غاب عنها ومشجعة لمستثمرين جدد للدخول فيها؟
- النشاطات التي ربما يكون الاستثمار قد غاب عنها كثيرة, وأرى أنها بدأت بخطوات بطيئة هو الاستثمار في قطاع المرافق من مياه وكهرباء ومجار وغيرها, وهو قطاع يحتاج إلى تحالفات مع شركات عملاقة تتولى قيادة الاستثمار في مشاريع المرافق في السعودية لكن لا بد من تطوير الأنظمة التي تحكم الاستثمار في هذا المجال ودعم الأجهزة القائمة عليها بالكفاءات المطلوبة لخدمة هذا التوجه.
تحليل التعليقات: