نبض أرقام
01:18 م
توقيت مكة المكرمة

2025/05/04
2025/05/03

شركات التأمين القطرية.. ما زالت خارج لعبة التضخم

2007/06/04 القبس
وحده قطاع التأمين الذي ما زال خارج لعبة التضخم في الأسعار التي طالت مختلف القطاعات الاقتصادية في قطر، ووصل إلى حده الأعلى مع نهاية 2006 قرب 13% حسب إحصاءات رسمية معلنة.
 
هذا الوضع أصبح مدار نقاش مستفيض داخل أروقة شركات التأمين القطرية الخمس، التي خرجت عن صمتها لتعلن لأول مرة عن خسائر جسيمة تكبدتها في عام 2006، وصلت إلى نحو 50 مليون ريال (13.7 مليون دولار).
 
هذه الخسائر، حسبما يؤكد محمود الناصر المدير الفني لشركة الدوحة للتأمين، تولدت من قطاع تأمين السيارات، أما السبب فيتعلق بثبات تعرفه التأمين الإجباري على السيارات عند 300 ريال قطري (82.4 دولارا) منذ نحو 15 عاما، رغم الارتفاعات التي شهدتها أسعار السيارات وقطع الغيار وأجرة التصليح، طوال تلك السنوات.
 
الناصر يقول أن شركات التأمين لا تمتلك صلاحية رفع الأسعار، وإنما تحددها إدارة المرور، ويصدر بشأنها قرار من وزير الدولة للشؤون الداخلية، ويضيف: 'طلبنا زيادة تعرفه التأمين الإجباري للتخفيف من حدة الخسائر، ولكننا لم نحصل على شيء'.
 
 
المصروفات التأمينية
 
بلغت قيمة المصروفات التأمينية في قطاع السيارات التي سددتها شركة الدوحة للتأمين في 2006 نحو 14 مليون ريال، في حين لم يتجاوز حجم الأقساط التأمينية - الواردات - 13 مليون ريال، ما يعني تحمل خسارة بمقدار مليون ريال إضافة إلى مصاريف إدارية بنسبة 20%.
 
 
تعويض الخسائر
 
هذا الوضع، كما يقول الناصر، ينسحب على شركات التأمين الأخرى ولكن بنسب متفاوتة، مضيفا أن تعويض هذه الخسائر يتم من خلال النشاطات التأمينية الأخرى مثل تأمين المباني والحرائق والتأمين البحري وتأمينات الطاقة، وأيضا من خلال الاستثمارات في قطاعات مختلفة كالأسهم والعقارات.
 
لكن هذه الحال لا ترضي شركات التأمين، إذ يقول الناصر أن كل قطاع يفترض أن يغطي نفسه بنفسه، ولا يجوز الاعتماد على القطاعات الأخرى لمحو خسائر قطاع السيارات، ويضيف: 'في السنتين الأخيرتين أصبح العائد على الاستثمار غير مشجع، خاصة مع تراجع قطاع الأسهم، ما يجعل شركات التأمين بحاجة إلى الاعتماد بشكل اكبر على النشاط التشغيلي'.
 
 
معوقات ومشاكل
 
في ظل هذه الأوضاع، تشكلت في غرفة تجارة وصناعة قطر في ديسمبر 2006 لأول مرة، لجنة للتأمين تحت مظلة لجنة البنوك والاستثمار التي يرأسها الشيخ نواف بن محمد بن جبر ال ثاني، وتضم لجنة التأمين ممثلين عن جميع شركات التأمين القطرية، وتهدف إلى تحقيق متطلبات قطاع التأمين والنظر في المعوقات والمشاكل التي تواجه هذا القطاع، والعمل على إيجاد الحلول المناسبة لها.
 
الاجتماع الأول الذي عقدته اللجنة قبيل عيد الأضحى الماضي، شهد نقاشات ساخنة تمحورت حول تجديد المطالبة بزيادة تعرفه التأمين الإجباري، يقول محمود الناصر الذي يشغل أيضا منصب نائب رئيس اللجنة، انه تم الاتفاق خلال الاجتماع على طلب مقابلة وزير الدولة للشؤون الداخلية، لوضعه في صورة ما تتعرض له شركات التأمين من خسائر جسيمة نتيجة تدني مستوى تعرفه التأمين الإجباري، ويأمل الناصر بتحقيق زيادة في حدود 75% لتصبح معادلة التأمين على السيارات أكثر عدلا.
 
في نهاية العام 2006، انتهت فترة سماح مدتها عشرة أعوام حصلت عليها قطر عندما انضمت إلى منظمة التجارة العالمية في 1996، ما سيترتب عليه فتح القطاعات الاقتصادية ومنها قطاع التأمين أمام الشركات العالمية الكبرى، الأمر الذي سيضع شركات التأمين أمام تحد كبير نتيجة المنافسة الشديدة التي ستنشأ من جراء دخول شركات أجنبية كبيرة إلى سوق التأمين القطري.
 
وزارة الاقتصاد كانت قد تنبهت مبكرا لتداعيات هذه المنافسة المحتلة عندما كلفت شركة ارنست اند يونغ للخدمات الاستشارية في أكتوبر 2005، بالقيام بعمل دراسة جدوى بشان اندماج ثلاث شركات تأمين قطرية هي شركة قطر للتأمين وشركة الخليج للتأمين وشركة الدوحة للتأمين، في شركة واحدة، لكي تتمكن من المنافسة على المستوى العالمي.
 
 
'اندماج' لم يكتمل
 
صفقة الاندماج التي قدرت قيمتها بنحو 5.8 مليارات ريال قطري لأقوى ثلاث شركات تأمين في قطر تسيطر على نحو 70% من سوق التأمين القطري، تعثرت، ولم يكتب لها النجاح حتى الآن.
 
يقول الناصر: 'عندما طرح موضوع الاندماج، كانت هنالك مدرستان، الأولى ترى أن اندماج ثلاث شركات تأمين في شركة واحدة يعزز قوتها ويخلق شركة تأمين قوية، وقادرة على منافسة الشركات الأجنبية المتوقع دخولها إلى السوق القطري، والثانية ترى انه طالما يوجد ثلاث شركات تأمين قوية وناجحة في السوق القطري، فلماذا لا ندع كل شركة تتطور بطريقتها الخاصة'.
 
ويضيف الناصر: 'يبدو أن المدرسة الثانية هي التي تغلبت في نهاية الأمر، حيث تم تجميد الموضوع منذ الاجتماع الاخير الذي عقدته شركات التأمين في مارس 2006 مع شركة ارنست اند يونغ المكلفة بدراسة جدوى الاندماج، ولم يعد الموضوع مطروحا منذ ذلك الوقت'.
 
 
عبء ثقيل
 
يقول مساعد مدير عام شركة قطر للتأمين علي دربالة أن 'السيارات' أصبحت عبئا ثقيلا على شركات التأمين بسبب الخسائر التي تتكبدها جراء ثبات تعرفه التأمين الإجباري، في ظل تزايد إعداد السيارات ومن ثم الحوادث المرورية، وما ينتج عنها من أضرار تتحمل شركات التأمين تكلفة إصلاحها، ويضيف: 'لا توجد إحصائيات دقيقة عن نمو إعداد السيارات والحوادث في قطر في السنوات الأخيرة، حيث كانت وزارة الاقتصاد والتجارة تصدر نشرة سنوية بإعداد المركبات، ولكنها توقفت عن إصدارها منذ العام 2003'!!
 
في 2004 تم ترخيص 48 ألف مركبة جديدة وإصدار 65 ألف رخصة قيادة، حسب اقرب إحصائيات متوافرة لدى إدارة المرور بوزارة الداخلية، وتشير إحصائيات المرور أيضا إلى أن عدد المتوفين في 2005 جراء حوادث السيارات بلغ 206 مقابل 164 في 2004، كما سجلت نحو 455 إصابة بليغة مقابل 163 في 2004، و1054 إصابة خفيفة مقابل 1058 في 2004، وبلغت قضايا حوادث المرور في 2005 نحو 2972 قضية مقارنة مع 2362 في 2004.
 
يقول دربالة أن الأمر أصبح مقلقا بالنسبة لشركات التأمين، خاصة بعد أن قامت الجهات الرسمية في العام 2004، برفع قيمة الدية الشرعية للمتوفين جراء حوادث المرور بنسبة 50% من 100 ألف ريال (27.4 ألف دولار) إلى 150 ألف ريال (41.2 ألف دولار).
 
دربالة يعول كثيرا على اللجنة التي شكلتها غرفة تجارة وصناعة قطر وتضم ممثلين عن شركات التأمين، حيث ستقوم اللجنة بتفعيل موضوع التعرفة مع الجهات المعنية، 'فأسعار إصلاح المركبات ارتفعت في السنتين الأخيرتين بنحو ثلاثة أضعاف في حين ما زالت التعرفة كما هي منذ 15 سنة وهذا أمر غير مقبول' يؤكد دربالة.
 
 
ارتفاع الأسعار
 
محمد عبد هاشم مدير كراج الفارس لإصلاح المركبات 'احد الكراجات الكبرى في المنطقة الصناعية في قطر'، يؤكد ارتفاع أسعار إصلاح المركبات بنسبة تزيد على 50% سنويا خلال السنوات الثلاث الماضية، ويقول: 'ارتفعت أسعار الصبغ، وقطع الغيار بنسبة تزيد على 25% في 2006'..'ارتفاع أسعار الإيجارات للكراجات ومحلات بيع المواد الداخلة في إصلاح المركبات مثل الصبغ وغيره، اثر كذلك في زيادة تكلفة إصلاح المركبات' يضيف هاشم، موضحا: قبل العام 2003 لم يتجاوز متوسط تكلفة إصلاح المركبة 1500 ريال، لكنه ارتفع في العام 2003 إلى نحو 5 آلاف ريال، والآن يصل متوسط إصلاح المركبة إلى 10 آلاف ريال (2.7 ألف دولار).
 
ويعتقد هاشم أن زيادة أعداد الحوادث في السنتين الأخيرتين جاء نتيجة لعدة عوامل أبرزها ارتفاع عدد السيارات في قطر، ما خلق ازدحاما مروريا، إلى جانب عملية تجديد الطرق وتحديثها وما رافقه من اغلاقات لبعض الطرق الحيوية، مما أدى إلى زيادة الضغط على الطرق، وهذه عوامل خلقت بيئة خصبة لوقوع الحوادث المرورية، ويتابع: 'قبل العام 2003 كنا نستقبل في الشهر الواحد نحو 20 سيارة، ولكننا الآن نستقبل أكثر من 80 سيارة في الشهر، وهي كلها سيارات مؤمنة، أي أن شركات التأمين تسدد تكاليف إصلاحها'.
 
 
نقاشات ساخنة
 
ويرى هاشم أن شركات التأمين محقة في مطالبها بزيادة تعرفه التأمين الإجباري، 'لان ثبات التعرفة في ظل كل هذه الزيادات، لم يعد بالأمر المنطقي، خاصة إذا ما علمنا أن شركات التأمين أصبحت تتكبد خسائر بدلا من الأرباح'.
 
تتوقع مجالس إدارات شركات التأمين مواجهة نقاشات ساخنة مع أعضاء الجمعيات العمومية خلال الفترة المقبلة.
 
النتائج المالية المتوافرة حاليا لقطاع التأمين تعود إلى فترة الشهور التسعة الأولى من عام 2006، وتشير إلى خسائر بنسبة 10.8%، حيث تراجعت الأرباح إلى 344.8 مليون ريال ( 94.7 مليون دولار)، مقابل 386.5 مليون ريال (106.1 مليون دولار) في الفترة نفسها من 2005.
 
شركة قطر للتأمين نجت من الخسائر محققة نموا في أرباحها الإجمالية بمقدار 30.94 مليون ريال مقابل 223 مليون ريال في نفس الفترة نفسها من 2005، لكن اللافت أن 27% من حجم الأقساط التأمينية في الشركة جاء من فروعها الخارجية في دبي وأبو ظبي والكويت وعمان والسعودية، حسبما أعلنه مديرها العام خليفة السبيعي.
 
السبيعي توقع أن يصل حجم الأقساط التأمينية لعام 2006 إلى ملياري ريال، وان تستحوذ شركته على 55% من أقساط السوق القطري.
 
فضلا عن قطر للتأمين، حققت شركة الدوحة للتأمين ربحا ولكنه جاء متواضعا، بمعدل 1.45% من 22.3 مليون ريال إلى 22.6 مليون ريال، في حين تفاوتت نسب الخسارة بين الشركات الثلاث الأخرى، فبلغت 61.2% للقطرية العامة للتأمين نظرا لتراجع الأرباح إلى 45.1 مليون ريال مقابل 116.5 مليون ريال في 2005، ثم الخليج للتأمين 31.6% من 46.5 مليون ريال إلى 31.8 مليون ريال، فالإسلامية القطرية للتأمين بمعدل خسارة 28.3% من 30.7 مليون ريال إلى 22 مليون ريال.
 
 
جمعية للتأمين
 
تسعى شركات التأمين الآن إلى تأسيس جمعية للتأمين بعدما أقرت السلطات في قطر قبل نحو عامين، قانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة، ويقول محمود الناصر المدير الفني لشركة الدوحة للتأمين انه تم إعداد النظام الأساسي للجمعية، التي من المتوقع أن تقدم خدمات مهمة لقطاع التأمين وللعاملين فيه، ويضيف: 'تقدمنا بطلب الترخيص إلى الوزارة المعنية، وما زلنا ننتظر الرد'.
 
وحسب الناصر، فان سوق التأمين في قطر يواجه عدة صعوبات أبرزها عدم وجود الوعي التأميني الكافي لدى الأفراد، ويرجع ذلك إلى التقصير من جانب شركات التأمين في نشر الثقافة التأمينية، خصوصا فيما يتعلق بالتأمينات الشخصية مثل تأمينات السيارات والمساكن والحوادث الشخصية، موضحا: 'يصعب على كل شركة القيام بهذا الدور بمفردها، لذلك قررت لجنة التأمين إجراء ندوات تعريفية للجمهور لتعزيز الثقة بين شركات التأمين والمتعاملين معها'.
 
 
خارج اللعبة
 
بالنسبة لمساعد المدير العام في شركة قطر للتأمين علي دربالة، فان شركات التأمين لم يكن لها أي دور في موضوع الاندماج الذي كان مشروعا قائما بين أقوى ثلاث شركات تأمين في قطر، يقول دربالة: 'موضوع الاندماج من الأساس ليس لنا دخل فيه، فوزارة الاقتصاد هي التي اقترحت الاندماج، وهي التي أقفلت الموضوع دون أن يتم'.
 
تستحوذ شركات التأمين القطرية على ما نسبته 94% من أقساط سوق التأمين القطري التي يبلغ حجمها نحو ملياري ريال سنويا، ويستحوذ قطاع السيارات على نحو 35% من مجمل التأمينات.
 
 
آخر الحلول
 
خسائر التأمين الإجباري دفعت شركات التأمين إلى التهرب من استقبال المراجعين الراغبين في هذا النوع من التأمين، حيث أغلقت هذه الشركات في أغسطس 2005 جميع فروعها المعتمدة في إدارة المرور، وهي الفروع التي كانت تستقبل اكبر عدد من المراجعين الذين يؤمنون على سياراتهم قبل ترخيصها.
 
قرار إغلاق الفروع، كان آخر الحلول التي لجأت إليها شركات التأمين للضغط على إدارة المرور من اجل تعديل تعرفه التأمين الإجباري، 'لكنه لم يأت بنتيجة ايجابية، اللهم إلا وعودا لم يتحقق منها شيء حتى الآن' يقول الناصر، ويضيف: 'لم ينته الأمر على ذلك، بل صار لدى الجهات المعنية اتجاه لفرض غرامات مالية على شركات التأمين التي تتهرب من التأمين ضد الغير'.