نبض أرقام
04:08 ص
توقيت مكة المكرمة

2025/08/20
2025/08/19

نظام ضريبي متطور في سلطنة عمان

2009/06/21 الشرق القطرية ـ د.جاسم حسين
خيرا فعلت السلطات العمانية عندما قررت تعديل النظام الضريبي المطبق في البلاد وخصوصا مسألة وضع حد لحالة التمييز ضد الشركات الأجنبية. يستند النظام الضريبي الجديد للقانون رقم 28 للعام 2009 والذي بموجبه سوف يتم فرض نسبة ضريبة قدرها 12 في المائة على أرباح جميع الشركات العاملة في عمان المحلية منها والأجنبية. كما يمنح القانون إعفاء ضريبيا على صافي الأرباح بحجم 78 ألف دولار الأمر الذي ينصب في خدمة الشركات الصغيرة. بالمقارنة، يفرض النظام الضريبي الحالي نسب ضرائب تصل لحد 30 في المائة على صافي أرباح الشركات الأجنبية.

وسوف يتم تنفيذ النظام الجديد في بداية العام 2010. وعلى هذا الأساس تم منح الشركات فترة انتقالية لتعديل أوضاعها. يبقى المطلوب من الجهات الرسمية الاستفادة من الفترة الانتقالية لتوعية المؤسسات العاملة داخل البلاد بمزايا القانون الجديد. كما يقتضي الصواب تسخير وسائل الإعلام المختلفة لمناقشة تفاصيل والتأثيرات المحتملة للقانون الجدد. أيضا المطلوب من الجهات الرسمية تنفيذ فعاليات خارج السلطنة لشرح تفاصيل القانون الجديد وخصوصا مسألة توحيد وتبسيط الضريبة.

الأدنى في المنطقة.

من جملة الأمور، يعد النظام الضريبي الجديد في عمان الأدنى بين دول مجلس التعاون الخليجي التي تفرض أي نوع من الضرائب. تفرض الكويت نسبة ضرائب قدرها 15 في المائة.

حقيقة القول، يعد فرض الضرائب الأمر الأكثر شيوعا في العالم ودليلا على نضج الخيارات الاقتصادية. بل هناك انتقادات دولية للدول التي تجعل من نفسها ملاذا للجهات الراغبة في تحاشي دفع الضرائب. تصنف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية 41 دولة في العالم في خانة اللجنة الضريبية. لكن ألزمت 38 دولة ومن بينها البحرين على تعديل القوانين وجعلها شفافة. يشار إلى أن البحرين تفرض ضرائب على أرباح المؤسسات الأجنبية العاملة في القطاع النفطي. كما يوجد في البرلمان مقترح لفرض ضرائب على أرباح الشركات.

جذب الاستثمارات

الأمل كبير في أن يساهم النظام الضريبي الجديد في استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة للسلطنة. استنادا لتقرير الاستثمار العالمي للعام 2008 الصادر من قبل مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أو (الأونكتاد) استقطبت عمان استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 2.4 مليار دولار في العام 2007. بالمقارنة، استقطبت المملكة العربية السعودية استثمارات أجنبية بحجم 24.3 مليار دولار في نفس الفترة. تعد الاستثمارات الأجنبية الواردة للسعودية الأعلى في منطقة غرب آسيا والتي تشمل دول مجلس التعاون الخليجي.

يمكن تعريف الاستثمارات الأجنبية المباشرة بتلك الطويلة الأجل وعليه لا يدخل الاستثمار الأجنبي في سوق الأسهم ضمن هذا التعريف لأنه قابل للتغيير في أي لحظة. يمثل الاستثمار الأجنبي مقياسا ودليلا ناجحا على مدى قناعة المستثمرين الدوليين بأهمية الاستثمار في أي بلد ما. تعد الضريبة أحد المتغيرات المستخدمة لاتخاذ قرارات توطين الاستثمارات الأجنبية.

فوائد جمة
من شأن الاستثمارات الأجنبية المساهمة في حل معضلة البطالة في عمان. لا يعرف على وجه الدقة الحجم الفعلي للبطالة لكن يعتقد على نطاق واسع بأن النسبة لا تقل عن 15 في المائة في أوساط المواطنين المؤهلين للتوظيف. وترتفع هذه النسبة في المناطق البعيدة عن المدن. كما تشير الأرقام الديمغرافية إلى أن المجتمع العماني يافع، حيث يشكل السكان دون سن الخامسة عشرة 43 في المائة من مجموع المواطنين.

الأمر المؤكد هو أن عددا غير قليل من المواطنين سوف يدخلون إلى سوق العمل في المستقبل غير البعيد بحثا عن وظائف مناسبة. ويكمن السبب الرئيسي للبطالة في عدم قدرة الاقتصاد العماني على توفير فرص عمل تتناسب وتطلعات المواطنين من حيث الرواتب والمزايا وظروف العمل. على سبيل المثال، يتحاشى غالبية المواطنين العمل في قطاع الإنشاءات وبدرجة أقل في قطاع الضيافة. بالمقابل، يرغب الكثير من المواطنين العمل في المؤسسات الأجنبية وعلى الأخص تلك العاملة في قطاع الخدمات المالية. تستحوذ العمالة الوافدة في الوقت الحاضر على نحو 80 في المائة من الوظائف المتوفرة في القطاع الخاص.

تنويع مصادر الدخل
لا توجد ثمة مؤشرات واضحة حول مدى تأثير النظام الضريبي الجديد على إيرادات الخزانة العامة. بل لا يعتقد أن الهدف الرئيسي للنظام الضريبي العماني يتمثل في تنويع مصادر دخل الخزانة على الأقل في الوقت الحاضر. فنحن لا نتحدث عن أرقام كبيرة من شأنها التأثير على حجم إيرادات الدولة وخصوصا أن النظام يخفض من مستوى الضرائب. بالمقابل، من شأن النظام الضريبي وضع السلطنة في مصاف الدول المتقدمة والتي تفرض ضرائب بكل شفافية ودون أدنى تمييز بين الشركات الأجنبية والمحلية.

بيد أنه هناك استثناء يتمثل بإعفاء المؤسسات التابعة لدول مجلس التعاون الخليجي. المعروف عن عمان انضمامها للمشاريع الرامية إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين دول المنظومة والتي تشمل الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة. يشمل مشروع السوق المشتركة والذي دخل حيز التنفيذ مطلع العام 2008 بين دول مجلس التعاون الخليجي على عشرة مسارات تشمل المساواة في المعاملة الضريبية. بالمقابل، قررت السلطات العمانية عدم الانضمام لمشروع الاتحاد النقدي الخليجي والمزمع إطلاقه في العام 2010 كخيار اقتصادي وقرار سيادي.

ولطالما الحديث عن دخل الخزانة لا بد من الإشارة إلى الأهمية النسبية الكبيرة للقطاع النفطي في الاقتصاد العماني. فقد قدرت السلطات مساهمة القطاع النفطي بنحو 78 في المائة (67 في المائة للنفط و 11 في المائة للغاز) من دخل الموازنة العامة للسنة المالية 2008.

باختصار نرى صواب قيام السلطات العمانية بتحديث النظام الضريبي في البلاد وجعله مبسطا وشفافا. كما يعد وقف التمييز بين الشركات المحلية والأجنبية تطورا إيجابيا يخدم سمعة البلاد في المحافل الدولية.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.