نبض أرقام
11:57
توقيت مكة المكرمة

2024/05/30

تسونامي الخوف ينحسر.. هل انتهت أزمة الأسواق الناشئة بلا عودة؟

2018/10/04 أرقام - خاص

استيقظ العالم صباح الجمعة 10 أغسطس/ آب الماضي على خبر الهبوط الحاد في قيمة العملة التركية، حيث فقدت آنذاك ما يزيد على 20%، لينتبه الجميع إلى السوق الناشئ ومغبة ما يعانيه من ضغوط اقتصادية، فالوضع في تركيا وغيرها من الأسواق الناشئة ما كان ليظل مستقرًا طويلًا تزامنًا مع تبدل السياسة النقدية الأمريكية التي تسببت في تدفق الدولارات من هذه الأسواق إلى الولايات المتحدة.

 

التدهور الحاد في قيمة الليرة التركية لم يكن بالطبع وليد اللحظة وكانت هناك تراكمات داخلية متمثلة في عجز الحساب الجاري المرتفع، والديون الضخمة، لكنه جاء بالأساس مدفوعًا بارتفاع الفائدة على الدولار الأمريكي وبدأ الاحتياطي الفيدرالي تقليص ميزانيته العمومية المكدسة بتريليونات الدولارات من السندات.

 

 

الاضطراب في المشهد التركي تزامن مع ارتباك مشابه في الأرجنتين التي اتفقت مع صندوق النقد الدولي على اقتراض ما يزيد على 50 مليار دولار، واضطرت إلى رفع معدل الفائدة إلى مستوى قياسي بعد انخفاض قاس في قيمة عملتها.

 

ولم تكن تركيا والأرجنتين مصدر الخوف الوحيد في الأسواق الناشئة، فبلدان أخرى مثل إندونيسيا والهند عانت من هبوط حاد في عملتيهما، لكن الوضع في تركيا أثار قلقًا من انتقال العدوى إلى بلدان أخرى خاصة في أوروبا، نظرًا لحجم الدين الخارجي الهائل للبلاد والذي تجاوز 60 % من الناتج المحلي الإجمالي.

 

هدوء نسبي

 

- الهدوء عاد إلى الأسواق الناشئة بعد موجة بيعية جنونية في أغسطس/ آب الماضي، وارتفعت الليرة التركية قليلًا من أدنى مستوياتها على الإطلاق الذي سجلته قبل نحو شهرين من الآن.

 

- ارتفع صندوق الاستثمار المتداول "فانجارد فوتسي" لأسهم الأسواق الناشئة بنسبة 3% منذ العاشر من سبتمبر/ أيلول وحتى الثامن والعشرين من نفس الشهر، فيما ارتفع صندوق "آي شيرز مورجان" لسندات الأسواق الناشئة بنسبة 2.5% خلال نفس الفترة.

 

 

- قال المصرف الاستثماري "مورجان ستاني" في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، إنه غير نظرته للسندات والعملات في الأسواق الناشئة إلى الوضع "محايد" بدلًا من "سلبي" بعد الموجة البيعية الأخيرة.

 

- من المفارقات أن هذه الموجة البيعية جعلت الأسواق الناشئة جاذبة مرة أخرى (على الأقل من الناحية النظرية) فأسهمها باتت أرخص بنحو 30% عن نظيرتها في البلدان المتقدمة، وفقًا لمحلل الاستثمار لدى وحدة "يو بي إس" لإدارة الثروات "جورج ماريسكال".

 

- يشار هنا إلى أن المتوسط التاريخي لهذا المعدل كان يتراوح بين 20% و25%، ما يعني أنه قد تشكل فرصة استثنائية للاستثمار الآن، ويضاف إلى ذلك أن العملات المحلية لهذه الأسواق أقل من قيمتها بنحو 15% إلى 25% في الوقت الراهن.

 

 

- في الأرجنتين تكثف السلطات تعاونها مع صندوق النقد الدولي لمعالجة أوجه الخلل التي عصفت باقتصاد البلاد، وقد وافق الأخير على رفع قيمة القرض الممنوح للبلد اللاتيني إلى 57 مليار دولار.

 

- يجري العمل على قدم وساق في تركيا لوقف نزيف العملة ولملمة جراح الاقتصاد واحتواء الأزمات السياسية، فرفع البنك المركزي الفائدة وانتشرت تكهنات باتجاه الحكومة للإفراج عن القس الأمريكي المسجون لدى أنقرة والذي تسبب في احتقان العلاقات بين البلدين.

 

- يرى "مورجان ستانلي" أن الاتجاه الهابط الذي بدأ قبل ستة أشهر في الأسواق الناشئة سيهدأ قليلًا ويوفر بعض الاستقرار بفضل القيم المنخفضة للأصول، ولنفس السبب قال مصرف "جولدمان ساكس" إن شهية المستثمرين تجاه هذه الأصول آخذة في التحسن.

 

آلام باقية: منها النفط

 

- في تركيا كمثال، شكل انخفاض قيمة العملة هاجسًا للشركات والمصارف الأوروبية، حيث إن البلاد مدينة بمئات المليارات من الدولارات أغلبها من بنوك القارة العجوز، ويخشى محللون أن انهيار الليرة سيزيد من تكلفة هذه الديون وسيؤثر سلبًا على القطاع الخاص، ما قد يدفع بعض الشركات للإفلاس، لكن ذلك ليس كل شيء.

 

 

- هبوط قيمة العملة المحلية سيؤثر على البلدان التي تلجأ إلى الاستيراد لسد حاجاتها من سلع معينة، ولعل النفط هو أبرزها، لكن ما يزيد من أوجاع الأسواق الناشئة ليس فقط تراجع عملاتها أمام الدولار، ولكن ارتفاع أسعار النفط والتي بلغت أعلى مستوياتها في حوالي 4 سنوات، حتى أن خام برنت تجاوز 85 دولارًا للبرميل.

 

- النفط قد ينكأ جراح الأسواق الناشئة حال واصلت أسعاره الارتفاع، وهو ما توقعته مؤسسات تجارية ونفطية ومصرفية مؤخرًا، رأت احتمالية قوية لوصول أسعار الخام إلى 100 دولار للبرميل، في ظل الضغوط التي تتعرض لها الإمدادات الإيرانية مع قرب دخول العقوبات الأمريكية على طهران إلى حيز التنفيذ، علاوة على الاضطرابات التي تشهدها فنزويلا.

 

الآفاق

 

- تأكيدًا لحالة الهدوء التي تشهدها الأسواق الناشئة والتي أشارت إليها مصارف كبرى مثل "مورجان ستانلي" و"جولدمان ساكس"، أشار أكبر مدير للأصول في العالم "بلاك روك" إلى أن أصول الأسواق الناشئة، خاصة الأسهم، بصدد الارتداد خلال الربع الرابع من هذا العام.

 

 

- بينما لا يزال هناك الكثير من عدم اليقين يحيط بالأسواق الناشئة قال "ريتشارد تورنيل" كبير المحللين لدى معهد الاستثمار التابع لـ"بلاك روك" في مذكرة في الثالث من هذا الشهر: نرى أننا على مقربة من وصول بعض العوامل التي تعيق الأسواق الناشئة إلى ذروتها، وخاصة انتهاء الموسم السياسي.

 

- مع وصول هذه العوامل إلى ذروتها ستحين نقطة التحول (التي باتت قريبة بالفعل) وتنصح "بلاك روك" بالتركيز على أسواق الأسهم بدلًا من الديون، وتؤكد أن الادعاءات حول عدوى محتمل انتقالها من الاقتصادات الناشئة ليس صحيحًا.

 

- يقول "محمد أباباي" كبير المحللين الاستراتيجيين لدى "سيتي جروب جلوبال ماركتس" في هونج كونج، إن الولايات المتحدة والصين قد تتوصلان لاتفاق ينهي التصعيد التجاري بين الجانبين بحلول منتصف العام المقبل، على غرار الاتفاق الذي توصلت إليه أمريكا وكندا والمكسيك مؤخرًا، مضيفًا: أي أخبار جيدة في صالح التجارة تعني أن الأسواق الناشئة سوف ترتد بقوة.

 

الحذر يلزم

 

- رغم التفاؤل بانقضاء الأسوأ وميلاد فرص جديدة في الأسواق الناشئة، لكن لا ينبغي للمستثمرين إطلاق العنان لأنفسهم، فبعض أوجه القصور ستظل قائمة وبعضها سيحتاج لمزيد من الوقت قبل التلاشي، والأهم من ذلك أن تشديد السياسات النقدية سيستمر، ما يهدد بتجدد الضغوط على العملات الناشئة.

 

- على سبيل المثال، بجانب عجز الحساب الجاري والديون الطائلة، كشفت البيانات الرسمية التركية في الثالث من هذا الشهر، عن ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوياته منذ عام 2003، مسجلًا 24.5% خلال سبتمبر/ أيلول مقارنة بـ17.9% خلال أغسطس/ آب.

 

 

- في تغريدة له عبر "تويتر"، قال الاقتصادي وكبير مستشاري شركة "أليانز" "محمد العريان" إن أوضاع الاقتصاد الكلي ما زالت غير مواتية للبلدان النامية، حتى مع تزايد المحللين والمؤسسات الذين يرون فرصًا سانحة في هذه الأسواق الناشئة.

 

- أضاف "العريان": على المستثمرين أن يكونوا حذرين، التاريخ يشير إلى أن ارتفاع أسعار النفط، والدولار القوي، وتشديد أوضاع السيولة، وتباطؤ النمو العالمي، قد يكون مزيجًا مزعزعًا لعدد (قليل) من الاقتصادات الناشئة.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة