في مطلع العام الجاري أعلن مشروع «أجريكو» الزراعي عن أحدث توسعاته المتمثلة في إنتاج فطر عيش الغراب، وانطلق المشروع عام 2011 بإنتاج باكورة ثمار الطماطم والخيار. ومنذ ذلك التاريخ كلما حقق المشروع تطوراً يتعلق بإنتاج نوعية جديدة من الثمار، نجد الصحف ووسائل الإعلام الاقتصادية المحلية والدولية تهتم بحدث الإنتاج، وتفرد مساحات واسعة له، ولا يفوتها أن تشيد بنجاح «أجريكو» في التغلب على عوامل بيئية صعبة وطبيعة قاحلة، وتبشر المواطنين بأن أجريكو تخطط في المستقبل القريب لإنتاج عدة أنواع من الفاكهة. لكن يفوت وسائل الإعلام والصحف العامل الأكثر أهمية، ألا وهو كيف تسنى لمشروع «أجريكو» الزراعي أن ينجح وما هي التقنيات التي استخدمها القائمون عليه، وهل الخبرات التي اعتمد عليها محلية.. «لوسيل» تابعت المشروع منذ فترة وتجيب عن تلك الأسئلة في التقرير التالي.
إستراتيجية 2030
عندما طرحت دولة قطر برنامجاً للأمن الغذائي ضمن إستراتيجية الدولة لعام 2030 كان السيد أحمد حسين الخلف قد حقق طموحات كبرى بمجالات إنتاج الأغذية وهو مجال برع فيه وتوارثه أبا عن جد كما قال لـ«لوسيل» السيد ناصر أحمد الخلف المدير التنفيذي لمشروع أجريكو، ورأى مؤسس الشركة السيد أحمد حسين الخلف أن الوقت قد حان لكي تساهم شركته في تقديم مشروع عملاق للمجتمع القطري يسهم في تحقيق جزء من برنامج الأمن الغذائي للدولة، وذلك باستغلال المعطيات المتوفرة بالبيئة القطرية، ومن هنا بدأ الخلف يدرس تجارب العالم في تنمية الأراضي القاحلة، وأسس المشروع الذي حقق نجاحا فور انطلاقه ويحقق المزيد منه مع مرور الزمن وتطور عملياته الإنتاجية.
تجربة أجنبية رائدة
وعلى ضوء تلك الدراسات التي أجراها فريق «أجريكو» بإسبانيا وعدد من دول العالم التي تشابه ظروفها قطر، حرص «أجريكو» على استبدال الزراعات التقليدية بأخرى حديثة - الهايدروبونك أو الزراعات المائية - والتي تزرع نباتاتها في مساحات محدودة من الأراضي وتوفر 90٪ من استهلاك المياه، وتأثر فريق عمل من البرنامج أرسلته الشركة العالمية لتطوير المشاريع للخارج بقيادة رئيسها أحمد الخلف بتجربة المزارعين في منطقة مدينة المريا جنوب إسبانيا بزراعات الهايدروبونك والأكوا بونك المحمية المنتشرة هناك، ربما لأن مناخها وظروفها تشابه أجواء دولة قطر.
وتنتج تلك المنطقة الإسبانية 30 مليون طن من الخضار والفاكهة شتاء، ويطلق عليها حديقة أوروبا، لأنها أكبر مدينة تحتوي على بيوت محمية زراعية في العالم. وحسبما ذكر في بعض المواقع الأجنبية، فإن المساحة التي عليها البيوت المحمية في تلك المنطقة تقدر بأكثر من 20 ألف هكتار من الأراضي الزراعية، أي أقل من الأراضي المتوفرة في قطر بضعفين.
مواصلة الاستثمار
ويكشف القائمون على أجريكو أنهم استفادوا من الخبرات الأجنبية، وأنفقوا 150 مليون ريال من أجل تجهيز 120 ألف متر مربع من الأراضي بالبنية التحتية وزراعتها بالبيوت المحمية، وأنهم يخططون لتجهيز أضعاف تلك المساحات خلال العامين المقبلين. وتشمل منتجات الشركة الآن 6 أنواع من الخضروات وهي الفلفل والخيار والطماطم والباذنجان والكوسة وفطر عش الغراب، وفي خططها المزيد بالقريب العاجل لاسيما من الورقيات والفاكهة.
ويقدم مشروع «أجريكو» خدمات استشارية للمزارعين وشتلات زراعية عالية الجودة، ويقوم أيضا بتسويق المنتج المحلي للمزارع الأخرى، وكما قال لـ«لوسيل» السيد ناصر الخلف فإن المشروع يصدر منتجاته من الخضار والفطر للسعودية والبحرين منذ مارس العام الجاري، وخلال أسبوعين سيصدر أول شحنة من الخضار لدولة الإمارات العربية المتحدة.
وأقيم مصنع للبيوت المحمية المبردة المستخدمة في الزراعة بأجريكو على مساحة 2000 متر مربع بتكلفة بلغت 30 مليون ريال تقريباً، وتبلغ الطاقة الإنتاجية للمصنع 50 ألف متر مربع شهرياً - 600 ألف متر مربع سنوياً.
منتجات طبيعية
وتشير سجلات مشروع أجريكو إلى أن إنتاجه خالٍ من أي مواد كيماوية وكلها طبيعية، وينتج المشروع 14نوعا من الطماطم المحلية، والتي تنافس المنتجات الأوروبية المستوردة في الأسواق القطرية، إلى جانب 3 أصناف من الخيار، 4 أصناف من الكوسة، و8 أصناف من الفلفل الحلو، و4 أصناف من الفلفل الحار إلى جانب 3 أصناف من الفطر، وهو المشروع الوحيد في الدولة الذي يتواصل الإنتاج فيه على مدار شهور العام كله شتاء وصيفا، وذلك لكون أنه يعتمد على الصوب المبردة في الزراعة وعلى زراعات الهايدروبونيك والزراعات المائية، وتستهلك زراعات أجريكو من المياه من 5 إلى 10% إذا ما قورنت بغيرها.
تربة الفطر (الكومبست)
وبالنسبة لفطر عيش الغراب أحدث منتجات المشروع حسب المخطط له، تشير دراسة جدواها إلى أنه تم رصد 40 مليون ريال لها على 3 مراحل وينتظر أن يصل إنتاجه نهاية عام 2017 إلى 6 أطنان وهو رقم يسد 60% من الاستهلاك الوطني للدولة فالتربة المستخدمة في زراعة عيش الغراب هي سر نجاح زراعته بأجريكو لكون أن التربة المصنعة من مواد طبيعية خالية من المواد الكيماوية مما يجعله المصنع الوحيدة في المنطقة الآن، بينما تستورد مزارع عيش الغراب في قطر والمنطقة الآن التربة من أوروبا وهي تربة ليست طبيعية مثل تربة عيش الغراب التي ينتجها مصنع مشروع أجريكو اعتمادا على الفنيين العاملين فيه.
وقال أحمد الخلف رئيس مجلس إدارة شركة العالمية لـ«لوسيل» إن 40% من كلفة إنتاج الفِطر بسبب التربة الكومبوست، بينما أوضح ناصر الخلف - المدير التنفيذي لأجريكو - أن التربة الكومبوست تكلفتها حال استيرادها 5 أضعاف.
وأوضح أن أجريكو ينتج من خلال تربته بكلفة أقل وإنتاج جيد ومنتج أرخص.
مفاجأة للجميع
وتطرق ناصر الخلف لأسعار منتجات أجريكو بالمجمعات التجارية، مؤكدا وجود مشكلة تهدد المنتج القطري وتحتاج لتدخل الدولة لمنع استغلال تلك الشركات للمزارعين القطريين والشركات المحلية والمزارع الوطنية وفتح مجال لإدخال المنتج المحلي إلى الأسواق والمجمعات الاستهلاكية بدون قيود ومعوقات. ويكشف ناصر الخلف المدير التنفيذي للمشروع أنه شخصيا يعكف منذ أكثر من عام على تطوير نوع من زراعات الغرف المغلقة التي تعتمد على الضوء كبديل للشمس، وهو نوع من الزراعات يدر عائدا أكبر ويوفر 95% من المياه، وأن التجارب تجري على مجموعات خضروات الورقيات مثل الخس بأنواعه المختلفة والجرجير والبقدونس والكسبرة، مشيرا إلى أن التجربة حققت حتى الآن نجاحا يصل إلى 80%.
تأسيس هيئة
وحول جهود الحكومة ممثلة في وزارة البلدية والبيئة، يقول أحمد الخلف رئيس مجلس إدارة الشركة العالمية: إن الدولة تحتاج لتأسيس هيئة وتشريع لدعم برنامج قطر للزراعة والأمن الغذائي وتنظيم فعالياته، وإن سعادة الدكتور فالح بن ناصر آل ثاني، الوكيل المساعد لشؤون الزراعة والثروة السمكية، أكد في عدة مناسبات، أن «قطر استطاعت استخدام التكنولوجيا الحديثة وتقنيات الزراعة بدون تربة، وأفسحت المجال للمزارعين للبيع للمستهلك مباشرة بعيداً عن الوسطاء، مستفيدين بكامل الربح».
وأن مشروع أجريكو والمشاريع المماثلة تنتظر المزيد من التسهيلات من قبل الدولة لتساهم بشكل أكثر فعالية في تنفيذ خطة الدولة لعام 2030.
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: