خيّم الاضطراب على الأسواق مع مُضي الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" قدماً في تنفيذ أجندته الحمائية، التي تلقي بظلالها على آفاق الاقتصاد العالمي، وتُنذر بإعادة تشكيل النظام التجاري الدولي.
غلب التراجع على مؤشرات وول ستريت في نهاية ثاني جلسات الأسبوع، بعد تأكيد "ترامب" على أن ما يُعرف بالرسوم الجمركية التبادلية ستدخل حيز التنفيذ مطلع أغسطس المقبل، دون أي نية لتمديد مُهلة المفاوضات التجارية مع الدول.
وعلاوة على ذلك، قال "ترامب" خلال اجتماع وزاري إنه يعتزم فرض تعريفة بنسبة 50% على واردات النحاس، واستهداف دول تحالف "بريكس" برسوم جمركية بنسبة 10%، بالإضافة إلى تلويحه بفرض ضريبة جمركية تصل إلى 200% على قطاع صناعة الأدوية.
كما صرّح "ترامب" بأنه قد يُرسل إخطاراً بالرسوم الجمركية إلى الاتحاد الأوروبي خلال يومين، رغم تحذير ألمانيا من أن التكتل على استعداد للرد بتدابير انتقامية حال فشل بروكسل وواشنطن في التوصل إلى اتفاق تجاري عادل.
لكن هذا التصعيد التجاري قابله تحسن في معنويات مستثمري الأصول الخطرة وسط تفاؤلٍ تجاه استمرار المفاوضات، ما فرض ضغوطاً على أسعار الذهب، بينما ارتفع سعر النحاس بالسوق الأمريكية لأعلى مستوياته على الإطلاق إثر توقعات زيادة الإقبال على الإنتاج المحلي منه بسبب التهديدات الجمركية الأخيرة.
وفي سياق متصل، أوضح مجلس الذهب العالمي في تقرير أن الصناديق المتداولة للمعدن النفيس سجلت أعلى تدفقات استثمارية نصف سنوية منذ 5 أعوام خلال الأشهر الستة الأولى من 2025، مع تزايد الإقبال على الملاذات الآمنة بفعل الاضطرابات التجارية.
أما عن أسواق القارة العجوز، فارتفعت البورصات الأوروبية الرئيسية رغم حالة عدم اليقين التجاري، وفي آسيا، شهدت السوق اليابانية أداءً إيجابياً بدعم من ضعف الين، فيما استفادت أسواق الصين من إجراءات حكومية لكبح المنافسة السعرية الشرسة في ثاني أكبر اقتصادات العالم.
وعلى صعيد آخر، جدد "ترامب" خلال الاجتماع الوزاري هجومه على رئيس الفيدرالي "جيروم باول"، مطالباً بعزله حال ثبوت صحة مزاعم تضليله للكونجرس بشأن نفقات تجديد مقر البنك المركزي.
وصوّت البرلمان الأوروبي لصالح طلب بلغاريا الانضمام إلى منطقة اليورو، رغم اندلاع احتجاجات محلية مؤخراً ضد هذا الإجراء، وسط اعتراض المتظاهرين على التخلي عن العملة الوطنية.
ورغم ضبابية آفاق الاقتصاد العالمي بسبب الحرب التجارية، ارتفعت أسعار النفط مع تقييم المستثمرين لأوضاع السوق، حيث تواصل اضطرابات الملاحة في البحر الأحمر التأثير سلباً على إمدادات المقطرات بينما يُسرّع تحالف "أوبك+" وتيرة تخليه عن تخفيضات الإنتاج الطوعية.
من جانبها، خفضت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية توقعاتها لإنتاج الولايات المتحدة من النفط في عام 2025، لكنها رفعت المتوسط المُقدّر لسعر الخام القياسي العالمي "برنت"، في حين أشارت إلى أن الطلب المحلي على الكهرباء قد يصل إلى مستويات قياسية جديدة خلال العامين الحالي والقادم.
وفي ضوء التحولات الدولية المتسارعة، ومع تبني الإدارة الحالية سياسات تهدف لتعزيز إنتاج الوقود الأحفوري، يفرض هذا المشهد سؤالاً محورياً: كيف تحولت أمريكا من دولة كثيفة الاعتماد على استيراد النفط إلى قوة مهيمنة في سوق الطاقة؟
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: