أقرت تسلا خطة تعويضات لمؤسسها ومديرها التنفيذي إيلون ماسك تصل قيمتها إلى تريليون دولار على مدى عشر سنوات، في حال تمت الموافقة عليها من المساهمين خلال اجتماع نوفمبر تشرين الثاني المقبل، وفقاً لرويترز.
حزمة تثير جدلاً عالمياً
أحدث إعلان شركة تسلا عن خطة تعويضات لإيلون ماسك، قيمتها قد تصل إلى تريليون دولار على مدى عشر سنوات، ضجة واسعة في أسواق المال والدوائر الاقتصادية.
الحزمة، التي سيصوّت عليها المساهمون في نوفمبر تشرين الثاني المقبل، تُعتبر الأكبر في تاريخ الرؤساء التنفيذيين، لتتجاوز بكثير ما سبق أن حصل عليه قادة شركات التكنولوجيا الكبرى مثل أبل ومايكروسوفت.
وبحسب التفاصيل التي نقلتها وكالة رويترز، يحصل ماسك على نحو 96 مليون سهم مقيد بقيمة تقارب 31 مليار دولار وفق الأسعار الحالية، تُستحق خلال العامين المقبلين، مع إمكانية مضاعفة حصته لتصل إلى 25% من الشركة إذا نجح في تحقيق أهداف الأداء المرسومة.
انعكاسات مباشرة على سعر السهم
أغلقت أسهم تسلا تعاملات الجمعة على ارتفاع 3.6% لتصل إلى 350.84 دولار، في إشارة إلى أن الأسواق استقبلت الإعلان بقدر من التفاؤل، رغم أن السهم لا يزال منخفضاً 13% منذ بداية العام.
ويرى محللون أن الخطة تحمل في طياتها رسائل مزدوجة: من جهة، هي إشارة إلى ثقة مجلس الإدارة بقدرة ماسك على قيادة المرحلة المقبلة، ومن جهة أخرى، تضع ضغوطاً إضافية على المساهمين الذين يراهنون على صعود طويل الأمد لقيمة الشركة.
بحسب شركة «إيكويلار» لأبحاث التعويضات التنفيذية، فإن قيمة تعويضات ماسك المتوقعة لعام 2025 وحده قد تتجاوز 113 مليار دولار، ما يجعلها سابقة تاريخية في مجال الحوكمة.
مخاوف حوكمة الشركات
رغم الترحيب في الأسواق، وُجهت الخطة بانتقادات لاذعة من اتحادات عمالية وصناديق استثمارية كبرى، وصفتها بأنها «سابقة خطيرة» و«استحواذ على أموال المساهمين».
فالجدل لا يتعلق فقط بحجم الأموال، بل بطريقة اتخاذ القرار، فقد اجتمع مجلس إدارة تسلا مع محاميه 37 مرة ومع ماسك 10 مرات منذ فبراير شباط، قبل التوصل إلى الصيغة النهائية، وهو ما أثار تساؤلات حول مدى استقلالية المجلس عن نفوذ الرئيس التنفيذي.وتعود هذه الحزمة جزئياً إلى محاولة معالجة إخفاق الحزمة السابقة التي أُقرت عام 2018 بقيمة 56 مليار دولار وأبطلتها محكمة في ديلاوير العام الماضي، ولهذا نصت الخطة الجديدة على أن استحقاق الأسهم سيكون مشروطاً بنتائج التقاضي في حال أُعيد النظر في الخطة القديمة.
الرهان على الذكاء الاصطناعي والروبوتات
بعيداً عن الأرقام، تعكس الحزمة قناعة بأن تسلا لم تعد مجرد شركة سيارات كهربائية، بل مشروعاً تكنولوجياً متكاملاً يراهن على الذكاء الاصطناعي والروبوتات والسيارات ذاتية القيادة.
ويحذر مراقبون من أن رحيل ماسك كان سيُعرّض تسلا لخسارة كبار مهندسي الذكاء الاصطناعي الذين يقودون مشاريعها المستقبلية، خاصة في مجال الروبوت البشري «أوبتيموس» وشبكات القيادة الذاتية.
من وجهة نظر مؤيدي الخطة، فإن بقاء ماسك على رأس الشركة هو الضمانة الأساسية لاستمرار ريادة تسلا أمام منافسة محتدمة من عمالقة التكنولوجيا مثل غوغل ومايكروسوفت وأمازون، الذين يضخون بدورهم مليارات في تقنيات الذكاء الاصطناعي.
الرهان الأكبر يكمن في تقديرات تقول إن وصول تسلا إلى أهداف الخطة قد يرفع قيمتها السوقية إلى 8.5 تريليون دولار، أي أكثر من القيمة الحالية لشركات مايكروسوفت وميتا وغوغل مجتمعة.
لكن هذا السيناريو المتفائل يقابله تحذير من أن تخصيص موارد بهذا الحجم لصالح شخص واحد قد يُضعف قدرة الشركة على توجيه استثمارات استراتيجية إلى البحث والتطوير أو الاستحواذات الضرورية لتعزيز قدرتها التنافسية.
هنا ينقسم المساهمون بين فريق يرى في ماسك «الرجل الوحيد القادر على إطلاق كامل إمكانات تسلا»، وفريق آخر يعتبر أن شخصيته المثيرة للجدل وتصريحاته السياسية قد تُحوّل الحزمة من ميزة إلى عبء يهدد صورة العلامة التجارية.
الموقف الدولي من الحزمة
من الناحية العالمية، يتوقع خبراء أن تحذو شركات أخرى حذو تسلا إذا ما أُقرّت الحزمة، ما قد يعيد صياغة معايير التعويضات التنفيذية على مستوى وول ستريت.صناديق كبرى مثل «فانغارد» و«بلاك روك» أبدت سابقاً دعماً لحزم ماسك، وهو ما يعزز فرص إقرار الخطة الجديدة، فيما بقي موقف «ستيت ستريت» أكثر تحفظاً.
تصويت نوفمبر لحظة فاصلة
بين الحماس لمضاعفة قيمة الشركة ومخاوف الحوكمة والإنفاق المفرط، يترقب المستثمرون حول العالم اجتماع نوفمبر كاستفتاء على شخص إيلون ماسك نفسه بقدر ما هو استفتاء على مستقبل تسلا.
فإذا صوّت المساهمون لصالح الحزمة، فإن الشركة تراهن على قيادة ماسك لعصر جديد قد يجعلها القوة التكنولوجية الأكبر في العالم.
أما إذا رُفضت، فقد تواجه تسلا تحديات تتعلق بخسارة قائدها الرمزي في وقت بالغ الحساسية.
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: