نبض أرقام
01:02 ص
توقيت مكة المكرمة

2025/09/20
2025/09/19

الذكاء الاصطناعي والكفاءة في العمل .. هل تصلح الخوارزميات ما أفسده البشر؟

2025/09/17 أرقام

- في عالم الأعمال اليوم، يتردد صدى الوعود البراقة للذكاء الاصطناعي في كل قاعة مؤتمرات وركن مكتبي، ويُقدَّم لنا كحل سحري، وأداة تعد بتدريب أسرع، وأرخص، وأكثر كفاءة.

 

- لا يمكن إنكار قدرة الذكاء الاصطناعي على تلقيننا القواعد والأنظمة والأفكار، وقد نشعر بالامتنان لتلك الأدوات التي تخلصنا من التدريبات الإلزامية الرتيبة أو تقدم لنا إجابات سريعة.

 

- لكن خلف هذا البريق التكنولوجي، يكمن خطر جسيم: أننا نتعلم كل شيء، إلا ما هو مهم حقًا. فنحن نغلق الباب، ببطء ولكن بثبات، أمام أثمن أنواع التعلم: التعلم عن أنفسنا، وعن بعضنا بعضًا.

 

- نتحاشى اكتشاف أنماط سلوكنا الدفاعية، ونهمل إتقان فن الحوار البنّاء، ونتجنب مواجهة التحديات الصعبة كفريق متكاتف.

 

- وبدلًا من ذلك، نجد أنفسنا معزولين خلف الشاشات، في محاضرات افتراضية صمّاء، نأمل في أن تتمكن خوارزمية باردة من إصلاح ثقافة عمل متصدعة أفسدتها المشاعر الإنسانية المعقدة.

 

صدمة الواقع: حين تفشل الخوارزمية

 

 

- تجسد هذا الوهم بوضوح في تجربة يرويها أليكس شنايدر، المدرب المهني والاستراتيجي في الحكومة الفيدرالية الأمريكية.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

- طُبّق نظام ذكاء اصطناعي "مبتكر" لتخصيص وحدات تدريبية لكل موظف بناءً على تقييمات سرية من زملائه.

 

- بدت الفكرة ثورية على الورق، لكن على أرض الواقع، تحولت إلى صقيع من العزلة. كانت تجربة مجردة من أي تفاعل إنساني، خالية من الدفء والحوار، مما أثار تمردًا صامتًا بين الموظفين.

 

- لم يشعر أحد بأن التدريب قد لامس واقعه، ولم يتغير أي سلوك يُذكر. لقد كانت رسالة واضحة: الكفاءة الرقمية لا يمكن أن تحل محل التواصل الإنساني.

 

الذكاء العاطفي: العملة المفقودة في عصر الخوارزميات

- يؤكد شنايدر، بخبرته الطويلة، أن العقبة الحقيقية أمام الأداء المتميز ليست نقص المهارات التقنية، بل غياب الذكاء العاطفي.

 

- يتجلى هذا الغياب بوضوح في صور يومية مؤلمة: المدير الذي يتقن فن إلقاء اللوم على فريقه بدلًا من مراجعة قراراته، وزميل العمل الذي يستخدم العدوانية السلبية لدفن أي رأي معارض، والاجتماعات التي تموت فيها الأفكار العبقرية تحت وطأة الأصوات الأعلى والأكثر صخبًا.

 

- وتكمن المفارقة الصارخة في أن عملية تبني الذكاء الاصطناعي نفسها هي الدليل الأكبر على أزمتنا. فهذا التحول هو تحدٍ إنساني بالدرجة الأولى، يتطلب بناء الثقة، وتكريس الشفافية، وإدارة التغيير ببراعة.

 

- لكن بدلًا من إعداد كوادرنا البشرية لهذه المهمة، نسير في الاتجاه المعاكس. يروي شنايدر كيف تم إلغاء قسم التطوير التنظيمي بأكمله في وكالته، وإيقاف مجموعة تأمل أسبوعية كانت تمثل المتنفس النادر للتواصل الإنساني الصادق.

 

- المبرر؟ أنها "غير فعّالة" وفقًا لمقاييس الكفاءة الرقمية الجديدة.

 

خارطة طريق لاستعادة الروح الإنسانية

 

 

- إذا كانت الخوارزميات ليست الحل، فما البديل؟ يكمن الجواب في العودة إلى الجوهر، في إعادة الروح الإنسانية إلى قلب بيئة العمل. إليك أربع خطوات عملية لتحقيق ذلك:

 

المحاكاة العاطفية، لا الافتراضية: يتحدث الجميع عن الواقع الافتراضي، لكن ما نحتاجه حقًا هو "محاكاة المشاعر". يجب أن نتدرب بوعي على خوض المحادثات الصعبة، وتقديم النقد بطريقة بناءة، وتفعيل التعاطف. هذه هي المهارات التي تصنع الفارق عندما تشتد الضغوط في العالم الحقيقي.

 

إضفاء المعنى على التقنية: حتى عند استخدام وحدات تدريبية مدعومة بالذكاء الاصطناعي، يجب ألا تكون عملية آلية. ينبغي على الفرق أن تخصص وقتًا لمناقشة أهمية هذا المحتوى، وربطه برسالة المؤسسة وقيمها العليا. المعنى هو ما يحفز التعلم الحقيقي.

 

خلق طقوس للتعلم المشترك: قد يخصص الذكاء الاصطناعي المحتوى، ولكنه يهدد بعزلنا. لمواجهة ذلك، يجب خلق طقوس جماعية. حتى لو كان التدريب روتينيًا، كالأمن السيبراني، احجزوا قاعة، واحضروه معًا. تبادلوا أطراف الحديث عن المعاناة المشتركة من تغيير كلمات المرور. مجرد الوجود في مكان واحد يرسخ المعلومة ويعمق الروابط.

 

التفكّر كعادة يومية: الذكاء العاطفي ليس دورة تدريبية تنتهي، بل هو عضلة تحتاج إلى تمرين مستمر. تصبح الفرق التي تخصص وقتًا أسبوعيًا ثابتًا لمراجعة أدائها، ومناقشة تحدياتها، والاحتفاء بنجاحاتها، أكثر صمودًا وقدرة على التكيف.

 

الجوهر الإنساني في قلب المعادلة

- قد تبدو عائلاتنا "غير فعّالة" بمعايير الإدارة الحديثة؛ فهم يتحدثون بلا ترتيب، ويقاطعون بعضهم، ويختبرون صبرنا، لكنهم المصدر الأول للدعم والانتماء.

 

- ولا تختلف فرق العمل كثيرًا؛ إذ يتطلب بناء العلاقات القوية وقتًا وجهدًا، ولكنه الاستثمار الذي يجعل بيئة العمل أكثر متعة وإنتاجية.

 

- إن شعار المرحلة اليوم هو "إبقاء الإنسان في حلقة العمل" بينما تقود الخوارزميات. لكن في عالم التطوير البشري، يجب أن تُقلب هذه المعادلة رأسًا على عقب.

 

- فلتبقَ الخوارزمية في الحلقة لتساعدنا وتوفر لنا البيانات، لكن القيادة، والإلهام، والهدف، يجب أن تظل دائمًا وأبدًا للقلب الإنساني والعلاقات الصادقة. فهذه الأشياء هي المحرك الحقيقي لأي عمل عظيم ومثمر.

 

المصدر: سيكولوجي توداي

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.