نبض أرقام
04:43 م
توقيت مكة المكرمة

2025/09/26
2025/09/25

الذكاء الاصطناعي في التسويق: بديل للبشر أم داعم لهم؟

08:56 ص (بتوقيت مكة) أرقام

- في غرف الاجتماعات ووكالات التسويق حول العالم، يتردد صدى سؤال واحد بقلق: هل سيأخذ الذكاء الاصطناعي وظائفنا؟ الإجابة، وبشكل قاطع، هي لا.

 

- لكن الحقيقة الأكثر عمقًا وإثارة للقلق هي أنه سيعيد تعريف معنى أن تكون مسوقًا ناجحًا، وسيرسم خطًا فاصلًا لا يرحم بين المحترفين الحقيقيين وأولئك الذين كانوا يختبئون خلف قناع المهام الروتينية.

 

- إن الذكاء الاصطناعي لن يقود دفة الإبداع أو يرسم استراتيجيتك القادمة؛ ففي أفضل أحواله، هو مجرد متدرب ناشئ؛ خارق الذكاء، فائق السرعة، ومستعد دائمًا لإبهارك، لكنه يفتقر إلى البصيرة والحكمة، وفي أمس الحاجة إلى قائد يوجهه.

 

- وإذا أردت أن تتوقف عن إهدار وقتك في إنتاج محتوى مصطنع وعقيم، وأن تبدأ في تسخير هذه الأدوات لتحقيق نتائج حقيقية، فسيُرشدك هذا التقرير إلى كيفية إحكام السيطرة، وتقديم توجيهات أدق، وتحويل الذكاء الاصطناعي إلى قوة حقيقية تضاعف من إنتاجيتك.

 

وهم الكفاءة: لماذا تفشل أوامرك المقتضبة؟

 

 

- أغرقتنا موجة الدعاية الصاخبة بأن الذكاء الاصطناعي هو الحل السحري، وأن أدوات مثل شات جي بي تي هي يمكنها تولي المهام المعقدة.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

- لكن الحقيقة المرة هي أن معظم المسوقين يتعاملون معه كآلة بيع ذاتي؛ يُلقون إليه ببعض الأوامر المقتضبة والمبهمة، ثم يشكون من المخرجات الباهتة التي تشبه مقالًا أُعيد كتابته من عام 2017.

 

- المشكلة إذن لا تكمن في أدوات الذكاء الاصطناعي، بل في طريقة استخدامها؛ فالذكاء الاصطناعي لا "يفكر" بل "يتنبأ" بالكلمة التالية الأكثر احتمالاً.

 

- وهذا يعني أنه سيقدم لك دائمًا النتيجة المتوسطة، ما لم ترشده أنت إلى ما هو استثنائي. إنه مُضاعِفٌ للقوة وليس بديلاً عنها؛ وإذا كانت مدخلاتك ضعيفة، فستكون مخرجاته ضجيجًا رقميًا لا قيمة له.

 

عامله كمتدرب: فن توجيه الأوامر الدقيقة

 

- تخيل أنك عينت متدربًا جديدًا وطلبت منه "إعداد استراتيجية تسويقية". النتيجة الحتمية ستكون خليطًا من الارتباك والمصطلحات الرنانة الفارغة. ولا يختلف الذكاء الاصطناعي عن ذلك؛ فهو لا يحتاج إلى توجيهات أقل، بل إلى المزيد منها.

 

- لكي تحول طلبك من مجرد أمنية غامضة إلى موجز عمل متكامل، يجب أن يتضمن كل أمر توجيهي قائمة تدقيق استراتيجية:

 

- الجمهور: من تخاطب بالضبط؟ (مثال: أمهات عاملات يبحثن عن حلول سريعة).

 

- الهدف: ما الذي تسعى إلى تحقيقه؟ (مثال: زيادة الوعي، والحث على الشراء، وبناء الثقة).

 

- النبرة والأسلوب: كيف تريد أن يبدو المحتوى؟ (مثال: علمي وموثوق، أو ودي ومرح).

 

- القيود: ما الذي يجب على الأداة تجنبه؟ (مثال: تجنب المصطلحات المعقدة، لا تذكر المنافسين).

 

- إن الفرق بين أمر "اكتب مقالاً عن تغذية الكلاب" وأمر "اكتب مقالاً من 700 كلمة، يستهدف جيل الألفية من محبي الحيوانات الأليفة، مدعومًا ببيانات حديثة، وبنبرة علمية وموثوقة"، هو الفرق بين الفوضى والاحترافية.

 

التدريب المستمر: من المسودة الأولى إلى التحفة النهائية

 

- لا تتوقع الكمال من المحاولة الأولى. المسودة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي ليست المنتج النهائي، بل هي المادة الخام التي يبدأ عندها عملك الحقيقي كخبير استراتيجي.

 

راجعها كما تراجع عمل موظف مبتدئ:

 

1- أبرز نقاط الضعف والصياغات المبتذلة.

 

2- تخلص من الحشو والكليشيهات التي لا معنى لها.

 

3- حسن النبرة لتتحدث بلسان علامتك التجارية.

 

- بعد ذلك، قم بتعديل الأمر التوجيهي بناءً على ملاحظاتك وأعد تشغيله. قد تكون المسودة الأولى جيدة بنسبة 60%، لكن بحلول المسودة الثالثة، ستحصل على محتوى ممتاز يتحدث بصوتك. هذا الجهد ليس إضاعة للوقت، بل هو جوهر العمل الذي يميزك.

 

ترسانة الذكاء الاصطناعي: لكل مهمة سلاحها الخاص

 

 

- لا توجد أداة واحدة لكل المهام؛ إذ إن الاعتماد على شات جي بي تي فقط يشبه محاولة بناء منزل بمطرقة فقط. والمسوق الذكي يبني ترسانة متكاملة من أدوات الذكاء الاصطناعي:

 

- لصياغة المسودات والأفكار: لا يزال شات جي بي تي ملك الساحة ولكنه ضعيف في الحصول على بيانات آنية.

 

- للحصول على إحصاءات أو متابعة الأحداث الجارية: بيربلكستي (Perplexity) أو جيميناي (Gemini) هما الخيار الأمثل.

 

- للصور والمحتوى البصري: يُنصح باستخدام ميدجورني (Midjourney) أو أدوات الذكاء الاصطناعي في كانفا (Canva).

 

- للهيكلة والقوالب السريعة: يقدم جاسبر (Jasper) دعمًا ممتازًا.

 

- غني عن القول، إن لكل أداة مواطن قوة، والمحترف الحقيقي هو من يعرف متى يستخدم كل سلاح في ترسانته.

 

المستقبل ليس للآلات بل لمن يتقن قيادتها

 

- إليكم الحقيقة النهائية: لن يقضي الذكاء الاصطناعي على وظيفة المسوق المبدع، بل سيكشف أولئك الذين كانت أعمالهم مجرد مهام روتينية ويهمشهم.

 

- فإذا كان محتواك مجرد إعادة صياغة لما هو موجود، وإذا كانت استراتيجيتك هي "النشر من أجل النشر"، فسيتفوق عليك الذكاء الاصطناعي، ليس لأنه عبقري، بل لأنه أسرع في إنتاج المحتوى المتوسط الذي كنت تقدمه.

 

- والشاهد هنا أن المسوقين الذين سيزدهرون هم القادة؛ أولئك الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي لتسريع عملية العصف الذهني، لكنهم يحتفظون بالقرار النهائي.

 

- فالاستراتيجية، والتعاطف، والحدس، وفهم الفروق الثقافية الدقيقة، وقراءة ما بين سطور تردد العميل؛ هي المهارات البشرية التي لا يمكن أتمتتها.

 

- لا تسلّم مفاتيح القيادة للذكاء الاصطناعي، بل عيّنه كأذكى متدرب لديك. درّبه، وادفعه للأفضل، وضع له الضوابط والأهداف. فعندما تكون أنت المايسترو، سيصبح الذكاء الاصطناعي أقوى آلة في أوركسترا إبداعك.

 

المصدر: إنتربرينير

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.