نبض أرقام
07:57 م
توقيت مكة المكرمة

2025/09/24
2025/09/23

تخلي الصين عن امتيازات الدول النامية .. كيف يعيد رسم قواعد التجارة العالمية؟

03:53 م (بتوقيت مكة) أرقام - خاص

في إحدى اللحظات الفارقة على مسرح السياسة العالمية، وفي قلب مدينة نيويورك النابض، وبينما كان قادة العالم مجتمعين في قاعة الأمم المتحدة، أطلق رئيس الوزراء الصيني تصريحًا هزّ أركان النظام التجاري العالمي، معلنًا تخلي الصين عن المطالبة بامتيازات الدول النامية في منظمة التجارة العالمية، وعلى الرغم من أن القرار يبدو للوهلة الأولى بسيطًا، إلا أنه يمثل زلزالًا اقتصاديًا يعيد رسم قواعد اللعبة.

 

 

25 عامًا

- بدءًا من عام 1978، طبقت الصين سياسة الإصلاح والانفتاح، ما أدى إلى تحولات كبرى داخليًا وعالميًا، وبلغت ذروتها بانضمامها إلى منظمة التجارة العالمية عام 2001، لتصبح محركاً رئيسياً للنمو الاقتصادي العالمي، مع تطوير أنماط التجارة الإلكترونية والاستثمار، والتغلب على المنافسة بالهيمنة في سلاسل القيمة العالمية.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

مصنع العالم

- رغم أن لتصنيف الصين كدولة نامية في منظمة التجارة مزايا استراتيجية، مثل فترات انتقالية أطول لتطبيق التعريفات الجمركية وتسهيلات في دعم القطاعات المحلية، إلا أنها التزمت منذ البداية بتخفيضات جمركية تتجاوز الحد الأدنى المطلوب، ما ساعدها على بناء سمعة كشريك تجاري موثوق وجعلها المستفيد الأكبر من النظام متعدد الأطراف.

 

غير عادلة

- تُعرّف بعض الاقتصادات الكبرى نفسها كدول نامية، ما يمنحها إمكانية الاستفادة من مزايا المعاملة الخاصة والتفضيلية، مثل رفع التعريفات الجمركية واستخدام الدعم، ولطالما اعترضت الولايات المتحدة قائلة إنه لا يمكن تحقيق إصلاح ملموس لمنظمة التجارة العالمية إلا بعد تخلي تلك الدول عن المزايا التي ترى أمريكا أنها غير عادلة.

 

الضغوط العالمية

- اعتبرت الولايات المتحدة وأوروبا تمسك الصين بوضع الدولة النامية غير مبرر، خاصة بعد أن أصبحت ثاني أكبر اقتصاد عالمي بناتج سنوي يتجاوز 18 تريليون دولار، واستخدمت واشنطن هذا كذريعة لفرض رسوم جمركية بحجة أن امتيازات الصين تخلق منافسة غير متكافئة.

 

دوافع الصين للحفاظ على وضعها كدولة نامية

الدافع / المحور

 

التفسير الاقتصادي

الدخل الفردي

 

 

بلغ الناتج المحلي الإجمالي للفرد في 2024 نحو 95.75 ألف يوان، أي ما يعادل تقريبًا 13.5 ألف دولار، وتقول الصين إن الدخل الفردي، عند توزيعه على 1.4 مليار نسمة، يعتبر منخفضًا مقارنة بالدول المتقدمة.

 

الفجوة الريفية-الحضرية

 

 

في 2023، بلغ متوسط الدخل المتاح للفرد في الأسر الريفية 21.7 ألف يوان، أي نحو 40% من دخل الأسر الحضرية، ما يعكس أن مئات الملايين من الصينيين لا يزالون يعيشون في ظروف مماثلة للدول النامية.

 

تصنيف المنظمات الدولية

 

 

يصنف البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي الصين كدولة ذات دخل متوسط مرتفع، بينما يصفها صندوق النقد الدولي بأنها "اقتصاد ناشئ ونامٍ"، وهو ما يجعلها في مستوى يختلف عن الدول الغنية التي تتحمل مسؤوليات دولية أكبر.

 

السكان تحت خط الفقر

 

 

رغم نمو الاقتصاد الكلي، أظهرت البيانات أن 600 مليون صيني يعيشون على أقل من ألف يوان شهريًا، أي نحو 143 دولارًا، في عام 2020.

 

حداثة التنمية

 

 

تؤكد الصين أن نجاحها الاقتصادي الحديث هش نسبيًا، حيث بدأت الإصلاحات الكبرى في الثمانينيات فقط، ما يجعل مسارها التنموي مختلفًا عن الدول المتقدمة التقليدية.

 

 

الجنوب العالمي

- اعتبرت الصين الخطوة تعبيرًا عن "التزامها بدعم النظام التجاري متعدد الأطراف"، وأكدت أن هذا القرار "لا ينطوي على أي تغيير في وضع الصين كدولة نامية أو كعضو نامٍ في منظمة التجارة العالمية، سواء داخل إطار المنظمة أو في أي سياق آخر"، مضيفة أنها "تظل عضوًا أساسيًا في دول الجنوب العالمي وستبقى دائمًا دولة نامية".

 

ردود الأفعال

- رحبت واشنطن وبروكسل سريعًا بالخطوة واعتبرتاها بداية حقيقية لإصلاح منظمة التجارة، أما بعض الدول النامية فعبّرت عن قلقها من أن يؤدي تخلي الصين عن الامتيازات إلى إضعاف موقفها التفاوضي الجماعي داخل المنظمة، خصوصًا في ملفات الزراعة والدعم الحكومي.

 

 

آليات التطبيق

- يتطلب التطبيق خطوات قانونية معقدة، فلا توجد آلية رسمية داخل المنظمة تفرض على الدول إعادة تصنيف نفسها أو التخلي عن الامتيازات بشكل فوري، لذلك ستحتاج الصين إلى التفاوض مع الأعضاء الآخرين لإدراج هذا التخلي في الاتفاقيات المقبلة، ما قد يفتح جولة جديدة من المحادثات حول تعريف "الدولة النامية" ومعايير الأهلية.

 

إصلاح النظام

- قد يصبح قرار الصين محفزًا لإعادة صياغة مفهوم المعاملة التفضيلية، فهناك مقترحات دولية لاعتماد معايير كمية مثل نصيب الفرد من الناتج المحلي أو حصة الدولة من التجارة العالمية لتحديد الأهلية للامتيازات، بدلاً من التصنيف الذاتي الحالي، وفي حين قد يخلق مثل هذا التوجه نظامًا أكثر عدالة، لكنه قد يثير اعتراضات من دول نامية ترى أن وضعها الاقتصادي المعقد لا يمكن اختزاله في رقم واحد.

 

التداعيات الاقتصادية

- قد يزيد تخلي الصين عن الامتيازات من انفتاح أسواقها ويقوي قواعد المنافسة فيها، وهو ما قد يجذب استثمارات إضافية ويعزز دورها كمحرك رئيسي للنمو العالمي، لكنه ربما يزيد من التزاماتها في قطاعات حساسة مثل الزراعة، ما يتطلب إصلاحات داخلية أعمق لمواءمة السياسات المحلية مع الالتزامات الدولية.

 

المخاطر السياسية

- هناك مخاطر أن يُنظر إلى الصين على أنها تخلت عن تحالف الدول النامية لصالح تحسين علاقاتها مع الغرب، فإذا لم تقرن هذه الخطوة بسياسات داعمة للدول الفقيرة، فقد تفقد بكين نفوذها في "الجنوب العالمي"، وهو رصيد دبلوماسي عملت على بنائه لسنوات.

 

طفرة أم عثرة؟

- ستكون السنوات القادمة اختبارًا لقدرة منظمة التجارة على استغلال هذه اللحظة لإصلاح نظامها، فإذا نجحت، فقد نرى عصرًا جديدًا من التعاون التجاري القائم على معايير موضوعية، أما إذا بقيت الإصلاحات حبرًا على ورق، فإن قرار الصين سيبقى مجرد خطوة رمزية بلا تأثير فعلي على مسار النظام التجاري العالمي.

 

المصادر: أرقام – أسوشيتد برس - رويترز – تشانل نيوز آسيا – سيلك رود إنفو – ديفينس دوت إنفو

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.