عانت فرنسا ثالث انتكاسة ائتمانية خلال أسبوعين، بعدما وضعت وكالة "سكوب ريتنغز" (Scope) نظرة مستقبلية سلبية على تقييمها، في ظل مأزق سياسي حول كيفية التعامل مع تصاعد الدين العام.
قالت الوكالة في بيان لها الجمعة إنها أبقت على تصنيفها عند "AA-"، لكن ما دفعها للمراجعة هو "تراجع مالي كبير" بالإضافة إلى "توقعات سياسية أكثر صعوبة".
يأتي قرار "سكوب"، ومقرها في أوروبا، في أعقاب خفض فعلي للتصنيف من وكالتي "فيتش ريتنغز" و"دي بي آر إس". تعكس سلسلة التقييمات السلبية تراجع قدرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على سد الفجوات في المالية العامة بعد رهانه الفاشل على الدعوة لانتخابات العام الماضي، ما أفقد حزبه أي أغلبية برلمانية فاعلة.
تغييرات حكومية مستمرة في فرنسا
في وقت سابق من الشهر الجاري، عيّن ماكرون سيباستيان لوكورنو ليصبح خامس رئيس وزراء في غضون عامين، بعد أن وحّدت المعارضة صفوفها لإجبار فرانسوا بايرو على الاستقالة بسبب خططه لتخفيض العجز بشكل كبير.
وكلف ماكرون لوكورنو ببناء توافق حول الميزانية قبل تشكيل الحكومة. لكن رئيس الوزراء البالغ من العمر 39 عاماً لم يقدم حتى الآن مؤشرات واضحة حول التنازلات التي قد يقبل بها. ويطالب الحزب الاشتراكي المعارض، الذي يعتمد عليه لوكورنو للبقاء في منصبه، بجهود أقل لإصلاح المالية مقارنة بخطة بايرو، التي استهدفت خفض العجز إلى 4.6% من الناتج المحلي الإجمالي في 2026، من 5.4% المتوقعة العام الجاري.
في مقابلة مع صحيفة "لو باريزيان" نُشرت أمس، قال لوكورنو إنه لن يطرح ميزانية "تقشفية"، بل ستكون مبنية على عجز مستهدف عند نحو 4.7% في العام المقبل. أكد ضرورة الإبقاء على هدف خفض العجز إلى أقل من 3% بحلول 2029، لكنه شدد على أن البرلمان هو من سيقرر في النهاية.
ويزداد الضغط على لوكورنو مع استعداد النقابات العمالية ليوم ثان من التظاهرات والإضرابات المناهضة للتقشف في 2 أكتوبر المقبل، مطالبة بزيادة الضرائب على الثروة والإنفاق على البرامج الاجتماعية.
ارتفاع تكاليف الاقتراض لفرنسا
حذرت "سكوب" من أن "تصاعد عدم الاستقرار السياسي، وتزايد الانقسامات الحزبية والاستقطاب، والتحديات الاجتماعية والاقتصادية، كلها تُزيد غموض المستقبل أمام التوصل إلى تسوية سياسية واسعة النطاق لخفض العجز بشكل ملموس واستقرار مسار الدين إلى الناتج المحلي".
أدت الاضطرابات السياسية المرتبطة بالمالية العامة إلى موجات هبوط للأصول الفرنسية، ما رفع تكاليف الاقتراض بالنسبة لفرنسا مقارنة بنظيراتها الأوروبية، إذ تضاعف فارق العوائد مع السندات الألمانية منذ دعوة ماكرون للانتخابات العام الماضي.
كما تؤثر حالة الجمود وعدم اليقين على الاقتصاد الفرنسي، إذ يتردد كل من الشركات والأسر في الاستثمار والإنفاق. رغم أن الناتج الإجمالي نما بأكثر من المتوقع في النصف الأول من العام الحالي، إلا أن نشاط القطاع الخاص هبط في سبتمبر الجاري إلى أضعف مستوى له خلال 5 سنوات، وفقاً لمؤشر مديري المشتريات المركب الصادر عن "ستاندرد أند بورز غلوبال".
اختتمت "سكوب" بيانها بالقول إن "ضغوط الإنفاق وتدهور الآفاق الاقتصادية يثقلان كاهل الدين الحكومي العام، الذي يُتوقع -في غياب أزمات إضافية- أن يرتفع إلى 125% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030. سيعد ذلك من بين أسرع الزيادات حدة مقارنة بنظرائه في التصنيف".
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: