نبض أرقام
08:36 م
توقيت مكة المكرمة

2025/10/03
2025/10/02

من مختبر غير ربحي إلى تقييم 500 مليار دولار.. هل غيّرت أوبن إيه آي قواعد اللعبة؟

04:41 م (بتوقيت مكة) أرقام - خاص

لم يكن أحد يتخيل أن هذا المختبر، الذي بدأ كمنظمة غير ربحية بحتة، سيتحول بعد خمس سنوات فقط إلى اللاعب الأغلى في تاريخ الشركات الخاصة. 

 

كانت شرارة هذا التحول قبل سنوات قليلة، حين انطلق مشروع "جي بي تي-1" في عام 2018، كجنين رقمي صغير لديه القدرة على فهم اللغة بشكل بدائي، ومع كل إصدار، لم تُطوّر "أوبن إيه آي" نماذج لغوية فحسب، بل أعادت تعريف العلاقة بين الإنسان والآلة، وبعدما بلغ تقييمها نصف تريليون دولار، لم تعد مجرد شركة تقنية، بل أصبحت ترسم مصير الابتكار والاستثمار في عالم لم يعد يفصل فيه سوى خيط رفيع بين البحث العلمي الثوري والجشع التجاري الذي لا يرحم.

 

 

البداية والتحول

- تأسست "أوبن إيه آي" في عام 2015 كمنظمة غير ربحية بدعم مالي من شخصيات بارزة مثل "إيلون ماسك" و"ريد هوفمان"، بهدف تطوير ذكاء رقمي يفيد البشرية، وفي عام 2019، حدث التحول المفصلي عندما أعادت الشركة هيكلة نفسها إلى كيان "ربحي محدود" ما سمح لها بقبول استثمارات ضخمة، أبرزها من شركة "مايكروسوفت"، ومهد الطريق نحو عصر جديد من التسويق التجاري والنمو السريع.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

الأعلى قيمة

- شهد تقييم الشركة قفزات غير مسبوقة، فبعدما بلغ 29 مليار دولار في أوائل عام 2023، ارتفع إلى 300 مليار دولار في مارس 2025 بعد جولة تمويلية بلغت 40 مليار دولار قادتها "سوفت بنك"، ووصل خلال أكتوبر الجاري إلى 500 مليار دولار، لتتجاوز "أوبن إيه آي" بذلك شركات مثل "سبيس إكس" و"بايت دانس"، وتصبح الشركة الخاصة الأعلى قيمة في التاريخ.

 

نصف تريليون

- جاء التقييم الأخير للشركة، بعد بيع أسهم بقيمة 6.6 مليار دولار، تعود ملكيتها لموظفين حاليين وسابقين، وتُعتبر هذه الصفقة الثانوية دليلاً واضحاً على الثقة الهائلة التي يوليها المستثمرون لمستقبل الشركة، حيث تُمكن هذه الصفقات الموظفين والمستثمرين الأوائل من تسييل جزء من استثماراتهم، حتى قبل طرح الشركة للاكتتاب العام الأولي.

 

إيرادات قوية

- التقييم الضخم ليس مجرد توقعات أو آمال، بل هو رهان على نمو إيرادات الشركة المتسارع، فقد أفادت التقارير أن الشركة حققت 4.3 مليار دولار من الإيرادات خلال النصف الأول من عام 2025، ارتفاعاً من حوالي 1.6 مليار دولار في عام 2023 بأكمله، وتشير بعض التقديرات إلى أن معدل الإيرادات السنوية الحالي للشركة يقترب من 20 مليار دولار.

 

البنية التحتية

- تُخطط الشركة لاستثمارات ضخمة في البنية التحتية للحوسبة السحابية اللازمة لدعم نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة، فقد التزمت "أوبن إيه آي" بإنفاق 300 مليار دولار على خدمات الحوسبة السحابية من "أوراكل" على مدى السنوات الخمس المقبلة، فضلًا عن خططها لإنشاء خمسة مراكز بيانات جديدة بالتعاون مع "أوراكل" و"سوفت بنك" بتكلفة إجمالية تبلغ 500 مليار دولار، إلى جانب إعلان "إنفيديا" عن خطط لاستثمار 100 مليار دولار في مطورة "شات جي بي تي".

 

 

الفجوة التمويلية

- رغم التمويل الهائل الذي تجنيه "أوبن إيه آي"، فإن تقارير اقتصادية تشير إلى أن هناك فجوة تمويلية عالمية تُقدر بـ 800 مليار دولار قد تعزل الشركات الأخرى عن مستقبل الذكاء الاصطناعي، ويُقدر أن الطلب الهائل على القدرة الحاسوبية للذكاء الاصطناعي سيصل إلى 200 جيجاواط بحلول عام 2030، وهو ما يتطلب استثمارات سنوية بقيمة 500 مليار دولار في مراكز البيانات، في حين أن الإيرادات المستدامة المطلوبة لهذه الاستثمارات تقترب من تريليوني دولار سنوياً.

 

المنفعة العامة

- بالتزامن مع صعود تقييمها القياسي، تعمل "أوبن إيه آي" على تحويل ذراعها التجاري إلى "شركة منفعة عامة" وهذا الهيكل هجين وفريد؛ فهو يسمح للشركة بممارسة أنشطة ربحية وجمع تريليونات الدولارات اللازمة لتمويل تطوير الذكاء الاصطناعي العام بعيداً عن قيود التمويل الخيري، وقد أعلنت الشركة مؤخراً عن مذكرة تفاهم مع "مايكروسوفت" لإتمام هذا التحول.

 

 

التعديل الهيكلي

 - يهدف هذا التعديل الهيكلي إلى تلبية متطلبات زيادة رأس المال، مع ضمان أن الكيان غير الربحي الأصلي سيحتفظ بالسيطرة الإشرافية الكاملة على الشركة الجديدة، كما سيصبح مساهماً رئيسياً فيها بحصة تزيد قيمتها عن 100 مليار دولار، وتؤكد "أوبن إيه آي" أن هذا الهيكل الهجين يهدف إلى مواءمة المتطلبات التجارية مع الالتزام المستمر بضمان أن الذكاء الاصطناعي العام يخدم البشرية جمعاء.

            

القيمة الاقتصادية

- تُدرك "أوبن إيه آي" أن قياس الأثر الحقيقي للذكاء الاصطناعي العام يتجاوز المقاييس الأكاديمية التقليدية، ولهذا، قدمت الشركة معياراً جديداً للتقييم يُسمى "GDPval"، والذي يهدف إلى قياس أداء نماذجها على مهام واقعية ذات قيمة اقتصادية عالية، بدلاً من مجرد اختبارات الرياضيات أو البرمجة، ويغطي 1320 مهمة متخصصة عبر 44 وظيفة حيوية في أكبر تسعة قطاعات مساهمة في الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي.

 

نبوءة أم حتمية

- يمثل التقييم القياسي لـ "أوبن إيه آي" علامة فارقة في تاريخ الشركات الخاصة، مؤكداً أن الذكاء الاصطناعي التوليدي لم يعد مجرد ابتكار تقني، بل قوة اقتصادية هائلة. ليُصبح ذلك التقييم بمثابة "نبوءة ذاتية التحقق"؛ فكلما زادت قيمة الشركة، ارتفعت قدرتها على جذب المزيد من الاستثمارات والمواهب والشراكات، ما يرسخ هيمنتها على سوق المستقبل. ويبقى السؤال: هل يستطيع المختبر الذي بدأ بنوايا لصالح البشرية أن يوازن بين أهدافه الأخلاقية وبين الضغوط التجارية وسط التقييمات المالية الهائلة؟

 

المصادر: أرقام – رويترز – فورونوي آب – ميديم – أوبن إيه آي – ديج واتش

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.