تخيل مشهداً لطفل يركض هارباً من تي-ريكس مع موسيقى ليدي غاغا في الخلفية، أو قطط ترقص على أرجلها الخلفية مرتدية أزياء الشارع، أو مقطع فيديو من كاميرا جسم الشرطة يظهر اعتقال كومة من المعكرونة والجبن.
هذا هو المشهد الذي يقدمه لنا عصر الذكاء الاصطناعي في وسائل التواصل الاجتماعي… وهو، حتى الآن، فوضوي إلى حد كبير.
تطبيق سورا ( Sora ) من أوبن أيه آي ( OpenAI)، الذي ظهرت عليه بعض هذه المشاهد الأسبوع الماضي، هو آخر التطبيقات التي دخلت عالم وسائل التواصل الاجتماعي المعتمدة على الذكاء الاصطناعي.
هناك أيضاً تطبيق ميتا أيه آي ( Meta AI ) الذي يحتوي على خلاصة فيديو شبيهة بـ تيك توك TikTok تسمى فايبز Vibes، وميزة التحدث مع شخصيات الذكاء الاصطناعي عبر الرسائل المباشرة على إنستغرام، بالإضافة إلى أداة أيه آي ألايف AI Alive من تيك توك التي تحول الصور إلى مقاطع فيديو بأمر بسيط.

سباق محتدم
تأتي هذه التحركات ضمن سباق محتدم قد يحدد شكل الإنترنت في العصر القادم، إذ تسعى شركات التكنولوجيا الكبرى إلى إيجاد طرق للاستفادة المالية من الذكاء الاصطناعي، في ظل المخاوف من فقاعة محتملة في هذا القطاع.
غير أن محاولة دمج الذكاء الاصطناعي في منصات التواصل أثارت مخاوف واسعة على الشبكة، من انتهاكات حقوق النشر إلى مساهمة هذه الأدوات في انتشار المحتوى المضلل بسرعة غير مسبوقة.
فبعد أيام قليلة من إطلاق تطبيق سورا، صرح تشارلز ريفكين، الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة جمعية صناعة الأفلام الأمريكية، بأن “مقاطع الفيديو التي تنتهك أفلام وعروض وشخصيات أعضاء جمعيتنا قد انتشرت على خدمة أوبن أيه آي وعبر وسائل التواصل الاجتماعي” بسبب التطبيق.
في ردّه، أعلن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لـ أون أيه آي، في منشور على مدونة الشركة، عن خطط لمنح أصحاب الحقوق "تحكماً أكثر تفصيلاً" في إنتاج الشخصيات، واستكشاف نموذج مشاركة الإيرادات.

شخصيات محمية
الآن، تظهر رسائل الخطأ عند محاولة إنشاء محتوى باستخدام شخصيات محمية بحقوق الطبع والنشر مثل بيكاتشو أو سبونج بوب، مشيرة إلى أن المحتوى "قد ينتهك ضوابطنا المتعلقة بالتشابه مع محتوى طرف ثالث".
كما كشف ألتمان عن (سورا 2) Sora 2، مع سلسلة من مقاطع الفيديو التي أنشأها الذكاء الاصطناعي لنفسه، ما يمهد لعالم جديد حيث تصبح الفيديوهات غير الواقعية محور الخلاصات الاجتماعية للمستخدمين.
زاد الذكاء الاصطناعي المخاوف القديمة المتعلقة بالمعلومات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن أدوات متطورة مثل سورا، القادرة على إنشاء مقاطع فيديو تبدو حقيقية، رفعت هذه المخاوف إلى مستوى جديد، خاصة بعد اكتشاف سهولة إزالة العلامات المائية التي تشير إلى أن الفيديو تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي.
تضم مقاطع الفيديو الناتجة عن سورا بيانات سي2 بي آيه، وهو معيار صناعي خلف الكواليس يحدد مصدر الفيديو.
كما تقول الشركة إن تقنيتها تستطيع التعرف على الأشخاص والشخصيات العامة لمنع استخدام الذكاء الاصطناعي في إنشاء مقاطع مزيفة.
علامة مائية غير مرئية
وتضيف ميتا أن الوسائط التي تُنشأ عبر أدواتها تحمل "علامة مائية غير مرئية" لمساعدة الشركة على تتبع المحتوى الضار، إضافة إلى تصنيف المحتوى كمنتج بالذكاء الاصطناعي.
تتصاعد المخاوف أيضاً من أن روبوتات الدردشة بالذكاء الاصطناعي قد تكون ضارة بشكل خاص للمراهقين، بعد سلسلة من الدعاوى القضائية التي تزعم أن شخصيات الذكاء الاصطناعي في تطبيق كاراكتر أيه آي Character.AI ساهمت في مشكلات الصحة النفسية والانتحار بين الشباب.

حماية أقوى
وتوضح أوبن أيه آي أن سورا تشمل "حماية أقوى للمستخدمين الصغار"، مثل قيود على إنشاء محتوى جنسي ومنع البالغين من بدء المحادثات مع المراهقين.
وتضيف ميتا أنها تستخدم تقنيات لمنع البالغين الذين يظهر عليهم سلوك مريب من مشاهدة أو التفاعل مع محتوى المراهقين.
ثم يبرز سؤال مهم: هل يريد المستخدمون أصلاً أن تغمرهم هذه الفوضى الناتجة عن الذكاء الاصطناعي في خلاصاتهم؟
بحسب التجربة الأولية، لا تبدو الفوضى العشوائية في سورا وميتا أيه آي جذابة بما يكفي لجعل المستخدمين يواصلون التصفح بلا نهاية.
وللتوضيح، ليس الهدف من سورا وميتا أيه آي التصفح المستمر، بل تشجيع المستخدمين على إنشاء المزيد من مقاطع الفيديو باستخدام أدوات أوبن أيه آي وميتا، في محاولة لتصبح هذه التطبيقات المنصة المفضلة لجيل المؤثرين ونجوم الإنترنت القادمين، مع اعتمادهم المتزايد على الذكاء الاصطناعي.
واجهة لمشاهدة المحتوى
بيد أن التشابه الكبير مع تيك توك وغيرها من تطبيقات الفيديو القصيرة يوحي بأن هذه المنصات تسعى لأن تكون وجهة لمشاهدة المحتوى وليس مجرد منتدى للمبدعين.
والحقيقة أن هذا الجيل الجديد من وسائل التواصل الاجتماعي هو شكل جديد كلياً، ولا يزال كل من أوبن أيه آي وميتا يحاولان فهمه واستكشافه، حيث يلتقي الابتكار الرقمي بالفوضى البشرية، ويعيد تعريف ما يعنيه التفاعل الاجتماعي في عصر الذكاء الاصطناعي.
المصدر: سي إن إن
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: