توقعت مؤسسة ريستاد إنرجي أن تصل الانبعاثات الكربونية العالمية إلى ذروتها في عام 2026، مدفوعة بطفرة غير مسبوقة في الطاقة النظيفة والتحول السريع نحو الكهرباء الخضراء، في تحول يُعدّ الأسرع في تاريخ الطاقة الحديث.
ووفق تقريرها السنوي «السيناريوهات العالمية للطاقة 2025»، ارتفعت حصة الكهرباء النظيفة من إجمالي الطاقة العالمية من 9% في عام 2015 إلى أكثر من 14% في عام 2025، مع توقعات بإضافة أكثر من 700 غيغاواط من قدرات الطاقة المتجددة (الرياح والشمس) خلال عامي 2024 و2025.
وترى المؤسسة أن هذا الزخم يدفع العالم نحو مسار ارتفاع حرارة بحدود 1.9 درجة مئوية بحلول عام 2040، بفضل قيام نظام طاقة «هجيني» يجمع بين الوقود الأحفوري والطاقة النظيفة.
ملامح التحول العالمي للطاقة
قال يارند ريستاد، المؤسس والرئيس التنفيذي للمؤسسة، إن العالم يقف على «أعتاب حقبة جديدة من الطاقة» تقودها الكهرباء النظيفة، في وقت يشهد فيه النظام الطاقي العالمي تحولاً حقيقياً يتسارع مع انتشار السيارات الكهربائية وتراجع اعتماد محطات الكهرباء على الوقود الأحفوري.
وأشار إلى أن نصف القدرة الإنتاجية للكهرباء عالمياً باتت من مصادر متجددة، وأن سيارة من بين كل أربع سيارات جديدة تُباع اليوم كهربائية، وهو ما يعكس التحول السريع نحو كهربة الاقتصاد.
ثلاث خطوات لتحقيق التحول الكاملبحسب التقرير، يتطلب الانتقال الفعلي إلى نظام طاقة منخفض الكربون ثلاث مراحل أساسية: الأولى هي «تنظيف قطاع الكهرباء وتوسيعه»، ويمثل هذا القطاع الركيزة الأساسية لتقليص الانبعاثات حتى عام 2050، ويستلزم تحقيق سيناريو احتباس حراري أقل من 1.9 درجة مئوية استغلال 90% من فرص خفض الانبعاثات المحددة.
والمرحلة الثانية هي «كهربة جميع القطاعات تقريباً»، وتعد الكهربة الشاملة عاملاً حاسماً في المسارات التي تحدّ من الاحترار عند 1.6 درجة أو أقل، خاصة مع الانتشار الواسع للسيارات الكهربائية وتحسين كفاءة الطاقة في المباني والصناعة والنقل.
أما المرحلة الثالثة فهي «معالجة الانبعاثات المتبقية»، وذلك من خلال احتجاز الكربون أو استبدال الوقود الأحفوري ببدائل منخفضة الكربون، رغم أن تأثيرها يبقى محدوداً قبل منتصف القرن بسبب ارتفاع تكاليفها وتطبيقها المتأخر.
النفط والغاز صامدان.. لكن الكفة تميل للطاقة النظيفة
رغم تسارع التحول نحو الطاقة المتجددة، تتوقع ريستاد إنرجي أن يظل النفط والغاز مصدرين أساسيين للطاقة حتى ثلاثينيات القرن الحالي، مع بلوغ الطلب على النفط ذروته أوائل العقد المقبل وتباطؤ نمو الغاز قبل نهايته.
لكن النمو المتواصل في الطاقات المتجددة سيؤدي تدريجياً إلى تراجع هيمنة الوقود الأحفوري بحلول 2040، مع بقائه مكوناً أساسياً في قطاعات النقل والبتروكيماويات والطاقة الصناعية.
استثمارات الطاقة النظيفة تتفوّق عالمياً
تجذب التقنيات منخفضة الكربون حالياً استثمارات سنوية تتجاوز 900 مليار دولار، مقارنةً بـ735 مليار دولار فقط لقطاع النفط والغاز.
ويتوقع التقرير أن يتسع الفارق ليصل إلى 391 مليار دولار بحلول عام 2030، ما يعكس تحوّلاً كاملاً في تدفقات رؤوس الأموال نحو الطاقة النظيفة.وبحلول 2030، ستستحوذ الطاقة منخفضة الكربون على 46% من إجمالي الاستثمارات في قطاع الطاقة العالمي، مقابل 30% للوقود الأحفوري و24% لشبكات الكهرباء.
طاقة شمسية تقود المستقبلأ
وضحت ريستاد إنرجي أن الطاقة الشمسية ستكون القائد الأكبر للجيل الجديد من الكهرباء، إذ يُتوقع أن ترتفع قدرتها الإنتاجية من 1,868 غيغاواط في عام 2024 إلى 2,412 غيغاواط في 2025، أي بزيادة 544 غيغاواط خلال عام واحد فقط، بفضل تراجع التكاليف وازدهار الإنتاج في الصين والهند والولايات المتحدة.
نقطة تحوّل من الانبعاث إلى الانخفاض
خلص التقرير إلى أن الانبعاثات العالمية لثاني أكسيد الكربون ستبلغ ذروتها عام 2026، قبل أن تبدأ بالتراجع تدريجياً بفضل الانتشار السريع للطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية.
لكن المؤسسة حذّرت من أن التعهدات الوطنية الحالية (NDCs) لا تزال غير كافية لتحقيق هدف 1.5 درجة مئوية المنصوص عليه في اتفاق باريس للمناخ، مشددة على أن التحول الحقيقي يتطلب التزامات أقوى وسياسات أكثر جرأة في السنوات المقبلة.
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: