نبض أرقام
03:30 م
توقيت مكة المكرمة

2025/12/31
2025/12/30

حصاد الطاقة: تقلبات 2025 تفتح أبواب عدم اليقين في 2026

08:56 ص (بتوقيت مكة) أرقام - خاص


بعد بداية سنة مليئة بالتفاؤل مع تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة والزخم الذي صاحب وعوده الانتخابية وشعاره الشهير “Drill Baby Drill” لتشجيع التنقيب وإلغاء قيود إدارة بايدن على قطاع الطاقة، سرعان ما تلاشى هذا التفاؤل، خاصة في ظل المتغيرات والعوامل المتعددة التي ميزت المشهد، حيث ظهر عامل "المتغير ترامب" كعامل حاسم يحدد مسار الأسعار والاستثمارات وقرارات الشركات في أسواق الطاقة.

 

وشكلت سياسات ترامب ورسومه الجمركية أبرز العوامل التي أثرت على صناعة النفط، إلى حد وصفها من قبل مشاركين في مسح أجراه بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس خلال مارس وشمل 130 مديراً تنفيذياً بأنها كارثية. وأشار المشاركون إلى أن المخاطر السياسية تستدعي التوقف المؤقت عن الإنفاق في قطاع التنقيب والإنتاج، في ظل سياسات غير قابلة للتنبؤ.

 

وأدى هذا بالعديد من الشركات إلى تسريح موظفيها، حيث قامت بعض الشركات الكبرى مثل كونوكو فيليبس وشيفرون بتسريح ما يصل إلى 30% من موظفيها، وخفض الإنفاق وسط حالة عدم اليقين حول مستقبل أسعار النفط، خاصة بعد قرارات أوبك بلاس زيادة الإنتاج 137 ألف برميل يومياً اعتباراً من ديسمبر، مع تجميد الزيادات في الأشهر الثلاثة الأولى من 2026. كما توقع استطلاع أجراه بنك باركليز تراجع الإنفاق الرأسمالي في أميركا الشمالية بنسبة 5% في 2026 للعام الثالث على التوالي.

 

وأظهر آخر استطلاع للاحتياطي الفيدرالي في دالاس شهر ديسمبر أن الشركات تتوقع هبوط أسعار النفط في 2026، محددة سعر خام غرب تكساس عند 59 دولارًا للبرميل كسعر مرجعي عند تخطيط ميزانية 2026، مقابل 68 دولارًا سنة 2025، محذرة من أن أي انخفاض إضافي قد يقلص الإنفاق أكثر.

 

ومنذ يناير، انخفض سعر خام غرب تكساس الوسيط (WTI)، المؤشر المرجعي للخام الأمريكي، بأكثر من 18%، فيما أكد المشاركون أن عمليات الحفر تصبح غير مربحة إذا هبط السعر دون 60 دولاراً للبرميل، بسبب تأثير التعرفات الجمركية التي فرضها ترامب على الحديد والألمنيوم وغيرها من المواد التي تدخل في عمليات التنقيب والإنتاج.

 

وبحسب توقعات S&P Global Commodity Insights، فمن المرجح أن يتراجع إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة للمرة الأولى منذ عقد، باستثناء فترة جائحة كوفيد 19. إذ يُتوقع أن ينخفض الإنتاج بنسبة 1% في عام 2026 ليصل إلى 13.33 مليون برميل يومياً، بعد ارتفاع طفيف في 2025. بدعم من الإنتاج البحري. وتعزو الشركات هذا التراجع إلى انخفاض الأسعار، حيث هبط سعر البرميل إلى أقل من 58 دولاراً، أي ما يعادل نحو 45 دولاراً بأسعار عام 2015.

 

الحرب الروسية الأوكرانية

 

 

مع بداية العام، توقفت إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا نتيجة الحرب وفشل الطرفين في تجديد الاتفاق. ورغم أن هذا المسار لا يغطي سوى نحو 5% من احتياجات أوروبا، إلا أنه كبّد روسيا خسائر تقدر بنحو 6 مليارات دولار سنوياً، فيما فقدت أوكرانيا رسوم العبور ودورها كممر إمداد رئيسي. كما تكبدت سلوفاكيا أعباء إضافية تصل إلى 90 مليون يورو سنوياً لتأمين بدائل، إضافة إلى خسارة رسوم عبور تقارب 500 مليون يورو سنوياً.

 

المثير في الأمر، هو قيام قوات خاصة روسية بشن هجوم على وحدات أوكرانية في منطقة كورسك عبر التسلل داخل خط أنابيب غاز كان يُستخدم سابقاً لتصدير الغاز إلى أوروبا. وقطعت هذه القوات نحو 15 كيلومتراً داخل الأنبوب قبل أن تنفذ الهجوم من الخلف قرب بلدة سودجا، في إطار مساعي موسكو لاستعادة السيطرة على المقاطعة الحدودية قبيل أي مفاوضات محتملة لوقف إطلاق النار.

 

كما واجهت الهند ضغوطاً شديدة من إدارة ترامب وتهديداً بفرض رسوم جمركية كبيرة بسبب استمرارها في شراء النفط الروسي، إذ ارتفعت وارداتها من أقل من 100 ألف برميل يومياً في مطلع 2022 إلى نحو 1.8 مليون برميل يومياً هذا العام، ما يعادل نحو 40% من إجمالي وارداتها النفطية، مستفيدة من خصومات على الخام الروسي تراوحت بين 10 و20 دولاراً للبرميل مقارنة بخام برنت.

 

بالمقابل، تواصل شركة ويذرفورد الأمريكية توسيع أعمالها في روسيا رغم العقوبات، مع ارتفاع مساهمة السوق الروسية إلى 7% من الإيرادات وزيادة أصولها وموظفيها هناك، في وقت انسحب فيه منافسون أمريكيون، وسط اتهامات باستغلال ثغرات قانونية لمواصلة تقديم خدمات لقطاع النفط والغاز الروسي.

 

الصين: طوق نجاة روسيا وكندا

 

 

ومع عزم أوروبا التوقف نهائيًا عن شراء الغاز الروسي، وقعت روسيا والصين خلال سنة 2025، اتفاقاً ملزماً لبناء خط أنابيب غاز قوة سيبيريا 2 عبر منغوليا بسعة تصل إلى 50 مليار متر مكعب سنوياً ولمدة 30 عاماً بهدف تعويض خسارة السوق الأوروبية.

 

ومع تصاعد التوترات التجارية بين بكين وواشنطن، ارتفعت واردات الصين من النفط الكندي إلى مستويات قياسية، بالتزامن مع تراجع وارداتها من النفط الأميركي بنحو 90%، مدعومة بتوسعة خط أنابيب ترانس ماونتن التي وفرت وصولاً أوسع إلى نفط ألبرتا وزادت جاذبيته لدى المصافي الصينية.

 

كما اكتشفت الصين احتياطيات هائلة من مادة الثوريوم التي يمكن استخدامها في توليد طاقة نووية نظيفة ومستدامة، وتشير تقديرات جيولوجية إلى أنها تكفي لتلبية احتياجات الصين من الطاقة لمدة تصل إلى 60000 عام.

 

الشرق الأوسط: اتجاه جديد 

 

وفي منطقة الشرق الأوسط، برزت استراتيجية تأجير البنية التحتية كأداة رئيسية للتمويل. فقد وقعت أرامكو اتفاقية مع شركة بلاك روك بقيمة 11 مليار دولار لتأجير البنية التحتية لمشروع غاز الجافورة وإعادة تأجيرها لمدة 20 عاماً، في نموذج يُظهر قدرة الشركات على الاستفادة من أصولها لتأمين تمويل طويل الأمد. كما سبق أن قامت أدنوك وأرامكو ببيع حصص من شبكات خطوط الأنابيب لمستثمرين دوليين، وهو نهج مشابه لما تدرسه حالياً مؤسسة البترول الكويتية لتأجير جزء من شبكة خطوط الأنابيب بهدف جمع التمويل لخطة استثمارية ضخمة بقيمة 65 مليار دولار تشمل أنشطة الاستكشاف والإنتاج والبتروكيماويات.

 

أما على صعيد الاتفاقيات، فصادقت إسرائيل على التعديلات التي أُدخلت على اتفاق الغاز مع مصر في أغسطس الماضي، في صفقة تُعد الأكبر في تاريخها بقيمة 34.67 مليار دولار، تلتزم فيها بتزويد مصر بالغاز حتى عام 2040. يأتي ذلك في وقت حذّرت فيه وزارة المالية الإسرائيلية من احتمال مواجهة نقص في الغاز الطبيعي خلال السنوات الخمس والعشرين المقبلة، نتيجة زيادة الطلب المحلي على الطاقة وقوة صادرات الغاز، ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الكهرباء للمستهلكين.

 

أمريكا الجنوبية: الحصان الأسود

 

 

خلال العام، برزت غايانا كلاعب مهم في قطاع الطاقة العالمي، خاصة مع بدء الإنتاج من احتياطاتها الضخمة في منطقة Stabroek، مع خطط لرفع إنتاجها البحري تدريجياً إلى نحو 1.7 مليون برميل يومياً بحلول 2030 عبر عدة مشروعات تطويرية. ووفق وكالة الطاقة الدولية، من المتوقع أن تسهم غايانا إلى جانب البرازيل وكندا والولايات المتحدة مجتمعة بنحو ثلث نمو المعروض النفطي العالمي بحلول 2030.

 

في المقابل، عادت فنزويلا إلى صدارة المشهد بعد أن منحت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ترخيصاً مؤقتاً لشركة شيفرون، التي تسهم بنحو 10% من إجمالي إنتاج البلاد النفطي، لمواصلة عملياتها في البلاد. إلا أن هذا الانفتاح المحدود تزامن مع خطوات أميركية تصعيدية شملت تشديد القيود على الصادرات النفطية واستهداف ومصادرة ناقلات يُشتبه في نقلها خاماً فنزويلياً.

 

أما في المكسيك، فقد تعمقت أزمة شركة النفط الحكومية بيميكس خلال 2025، بعدما تجاوزت ديونها 125 مليار دولار بنهاية 2024، تشمل 100 مليار دولار ديوناً مالية و25 مليار دولار مستحقات للموردين، مقارنة بـ7.6 مليارات دولار فقط في 2018، ما يضع الشركة أمام تحديات مالية وتشغيلية متزايدة.

 

أوروبا: تشكيك في نوايا ترامب

 

حذر رئيس توتال، باتريك بوياني، من الاعتماد المفرط لأوروبا على الغاز المسال الأميركي لتعويض الغاز الروسي، مشككاً في نوايا ترامب الساعية لزيادة حصة الغاز الأميركي البالغ حالياً نحو 40% من احتياجات القارة، بما يضمن بقاء أوروبا تابعة ويستفيد منه الشركات الأميركية.

 

كما أثارت محاولات إعادة تشغيل خط نورد ستريم جدلاً واسعًا في ألمانيا، ما دفع الحكومة إلى دراسة تعديل قوانين مراقبة الاستثمارات لضمان قدرتها على منع أي صفقات تهدد استقرار السوق أو النظام العام، خاصة في ظل محاولات مستثمرين دوليين مرتبطين بترامب وأمريكا للاستفادة من الغاز الروسي، ما يثير مخاوف من تدخلات أجنبية تؤثر على سيادة القرارات الاقتصادية الألمانية وأمن الطاقة الأوروبي.

 

ومع تشديد أوروبا لقوانين الاستدامة، حذّرت الولايات المتحدة وقطر من أن توجيه الاستدامة المؤسسية الأوروبي، الذي يفرض غرامات تصل إلى 5% من الإيرادات العالمية على الشركات غير الملتزمة بمعايير حقوق الإنسان والبيئة في سلاسل التوريد، قد يهدد إمدادات الغاز الطبيعي المسال ويؤثر سلباً على تنافسية الاقتصاد الأوروبي.

 

وكما كانت 2025 سنة مليئة بالتقلبات والتحديات، نستقبل 2026 في ظل حالة متزايدة من عدم اليقين، حيث تتقاطع فرص النمو مع المخاطر الجيوسياسية والتحديات التشغيلية والمالية والسيبرانية، ما يفرض على الشركات والحكومات في القطاع تبني استراتيجيات مرنة وسريعة التكيف.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.