ظهر مصطلح حوكمة الشركات Corporate Governance أو “الحوكمة” على غرار مصطلحات أخرى مثل الخصخصة Privatization , والعولمة Globalization , وكلها مصطلحات حديثة عهد على اقتصاديات الدول النامية ومؤسساتها ووحداتها الاقتصادية.
وقد تعاظم الاهتمام بمفهوم حوكمة الشركات خلال العقود القليلة الماضية نظرا للانهيارات المالية والأزمات الاقتصادية التي شهدتها العديد من الدول في أسواق المال والشركات , والتي كان احد أهم أسبابها عدم الإفصاح الكامل والشفافية فيما يتعلق بالمعلومات المالية والمحاسبية للعديد من الشركات والوحدات الاقتصادية في أسواق المال.
ويشير مفهوم حوكمة الشركات الى مجموعة من الأطر التنظيمية والإدارية والقانونية والمالية التي تنظم العلاقة بين الإدارة والملاك(المستثمرين والمساهمين) وأصحاب المصالح الأخرى Stakeholders .
كذلك يتضمن هذا المفهوم الهيكل الذي يتم من خلاله وضع أهداف الشركة مع تحديد مسارات تحقيق تلك الأهداف ونظم الرقابة على الأداء.
وينبغي أن يتضمن نظام الحكومة الجيد حوافز مناسبة للإدارة حتى تستطيع تحقيق الأهداف.
والتي هي في الواقع مصالح حملة الأسهم وغيرهم من أصحاب المصالح.
الأهداف التي تسعى حوكمة الشركات إلى تحقيقها:
- تعظيم أداء الشركات.
- وضع الأنظمة الكفيلة بتجنب أو تقليل الغش وتضارب المصالح والتصرفات غير المقبولة مادياً وإداريا وأخلاقياً .
- وضع أنظمة الرقابة على إدارة الشركة وأعضاء مجلس إدارتها .
- وضع أنظمة يتم بموجبها إدارة الشركة وفقاً لهيكل يحدد توزيع كل من الحقوق والمسئوليات فيما بين المشاركين (مجلس الإدارة والمساهمين).
- وضع القواعد والإجراءات المتعلقة بسير العمل داخل الشركة والتي تتضمن تحقيق أهداف الحوكمة.
ونظرا للاهتمام المتزايد بمفهوم حوكمة الشركات فقد أصدرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OCED في عام 1999 مبادئ حوكمة الشركات , والمعنية بتطوير الاطر القانونية والمؤسسية لتطبيق حوكمة الشركات في الشركات العامة أو الخاصة وسواء المتداولة أو غير المتداولة في أسواق المال.
حيث ركزت هذه المبادئ على الجوانب التالية:
مبادئ حوكمة الشركات :
- تحديد حقوق حملة الأسهم .
تهدف حوكمة الشركات الى وضع إطار قادر على حماية وتسهيل ممارسة حملة الأسهم لحقوقهم .
- المعاملة العادلة لجميع حملة الأسهم الكل على حد سواء. تهدف حوكمة الشركات الى توفير معاملة عادلة لجميع حملة الأسهم , بمن فيهم حملة الأسهم الذين ينتمون الى الأقلية , ويجب أن يعطى جميع حملة الأسهم الفرصة للدفاع عن حقوقهم.
- تحديد دور أصحاب المصالح .
تضمن حوكمة الشركات الإقرار بحقوق أصحاب المصالح المنصوص عليها في القانون أو عبر اتفاقيات متبادلة .
وتشجيع التعاون النشط بين الشركات وبين أصحاب المصالح من اجل خلق الثروة وفرص العمل واستدامة مشروعات الأعمال.
الإفصاح التام والشفافية الكاملة وفق أسس مالية ومحاسبية سليمة . من أهم أهداف حوكمة الشركات ضمان الإفصاح الدقيق في الوقت المناسب عن كل الجوانب المالية التي تتعلق بالشركة بما في ذلك الأداء والوضع المالي.
- تحديد مسئوليات مجلس إدارة الشركة .
تضمن حوكمة الشركات ضمان التوجه الاستراتيجي للشركة , والرقابة الفعالة على الإدارة من قبل مجلس الإدارة , وضمان مسؤولية مجلس الإدارة تجاه الشركة وحملة الأسهم .
وفي هذا الصدد اقترحت مؤسسة التمويل الدولية IIF أن يتم إصدار بنود تشريعية لحوكمة الشركات يمكن ان يتم تضمينها بكل من قوانين أسواق المال ولوائح الشركات , كما تؤكد المؤسسة انه على الرغم من أهمية البنود التشريعية , إلا أن الأمر الذي يفوقها أهمية هو مدى كفاءة المناخ التنظيمي والرقابي حيث يتعاظم دور أجهزة الإشراف والرقابة في متابعة الأسواق .
نائب رئيس مجلس الإدارة لشئون حوكمة الشركات
نظرا للاهتمام المتزايد بحوكمة الشركات فقد استحدثت بعض الشركات العالمية منصب نائب رئيس مجلس الإدارة لشئون حوكمة الشركات وكانت شركة “فايزر” للصناعات الدوائية من الشركات السباقة في هذا المجال , حيث أوكل لنائب رئيس مجلس الإدارة لشئون حوكمة الشركات مسئوولية التحدث الى المستثمرين , وفتح حوار يسمح بتبادل الآراء بين الجانبين , حيث تهدف الشركة الى فهم أفضل للقضايا التي تواجه صناعة الأدوية .
تجارب الدول المتقدمة في مجال حوكمت الشركات
- قامت العديد من الدول المتقدمة بخطوات هامة فى سبيل تدعيم فعاليات حوكمة الشركات , وفيما يلي نعرض لبعض هذه التجارب . الولايات المتحدة :
قامت بورصة نيويورك باقتراح قواعد للقيد تلزم الشركات بتحديد مديرين مستقلين لحضور اجتماع مجلس الإدارة .
كما قامت الرابطة القومية لمديري الشركات NACD بتشكيل لجنة لمتابعة مخاطر الشركات لتدعيم المديرين المستقلين والمراجعة الدورية للمخاطر المحتملة .
اليابان :
أعلنت بورصة طوكيو (TSE ) أنها ستقوم بوضع دليل للتطبيقات الجيدة لحوكمة الشركات لكي تهتدي بها المؤسسات اليابانية .
وذلك في سبيل الإعداد لمعايير محلية يابانية تتفق مع القانون التجاري الياباني .
المفوضية الأوربية :
قامت المفوضية الأوربية بتكليف فريق عمل ببروكسل لمهمة تطوير وتوحيد الإطار التشريعي لقانون الشركات بهدف تدعيم الإفصاح وحماية المستثمرين .
أمريكا اللاتينية :
قامت سبع دول في سان باولو بتفعيل مشاركتهم في رابطة مؤسسات حوكمة الشركات بأمريكا اللاتينية .
الآثار المتداعية لحوكمة الشركات على أسواق المال .
إن وجود نظام لحوكمة الشركات ينطوي على العديد من الإجراءات التى من شأنها ضمان استقرار وكفاءة سوق المال في اى بلد ومن هذه الإجراءات :
- وجود نظام فعال للتداول الالكتروني .
- تطبيق نظم التسوية والمقاصة والحفظ المركزي آليا.
- وجود قواعد فعالة للقيد في البورصة .بحيث تضمن عدم إدراج الشركات الخاسرة او الصغيرة .
- وجود معايير محاسبة ومراجعة تتسق مع معايير المحاسبة والمراجعة العالمية .
- إلزام الشركات بتقديم تقارير مالية مراجعة ومعتمدة من جهات محايدة بشكل منتظم وربع سنوي.
- إنشاء جمعية للمحاسبين والمراجعين القانونيين , قد تكون تابعة لهيئة سوق المال , تكلف بمراجعة التقارير المالية للشركات , على أن تتلقى أتعابها من هيئة سوق المال وترفع إليها نتائج تقاريرها .
أخيرا فان التطبيق الجيد لمبادئ حوكمة الشركات إذا ماتم انجازها بشكل سليم فإنها تمثل سبيل التقدم لكل من الأفراد والمؤسسات والمجتمع ككل , لان ذلك يضمن للأفراد قدرا مناسبا من الضمان لتحقيق ربحية معقولة لاستثماراتهم , كما تضمن تلك الآليات قوة وسلامة أداء المؤسسات , ومن ثم تدعيم واستقرار تقدم الأسواق المالية والاقتصاديات والمجتمعات .
آخر الكلام:
حوكمة الشركات الجيدة تؤدى الى : تقليل المخاطر , تحفيز الأداء , تحسين فرص الوصول الى أسواق رأس المال , تحسين القدرة على تسويق المنتجات والخدمات , تحسين القيادة , زيادة الشفافية والقابلية للمحاسبة الاجتماعية.
لاتهتم حوكمة الشركات فقط بالشركات العامة أو المدرجة للتداول في سوق الأوراق المالية ,فنحن جميعا نعلم ان 90% أو أكثر من الصفقات في مختلف أنحاء العالم تتم عن طريق شركات إما خاضعة لإدارة العائلة أو مملوكة عائليا.
إن معايير الإفصاح والشفافية هي عصب مبادئ حوكمة الشركات .
تحليل التعليقات: