نبض أرقام
01:12 م
توقيت مكة المكرمة

2025/05/04
2025/05/03

الاندماج المالي الدولي

2007/03/30 البيان - قتيبة عبدالرحمن العاني
ساعدت عوامل العولمة المالية والتحرير الكامل لحركة رؤوس الأموال على اندماج أسواق المال العالمية مستفيدة من مزايا التنويع في الأصول والمحافظ المالية، بالإضافة إلى حدوث اختلاف في طبيعة التمويل التنموي لدى الدول النامية، والذي كانت تسيطر عليه البنوك والقروض المصرفية في السبعينات، ثم سيطرة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في أوائل الثمانينات وفي التسعينات أخذت موجات التدفقات الاستثمارية تتسارع في المحافظ المالية بين المؤسسات الاقتصادية.
 
وجدير بالذكر أن حجم هذه التدفقات إلى الناتج المحلي الإجمالي هو مؤشر على درجة الاندماج العالمي، ويقصد بالاندماج المالي الدولي اندماج الأسواق العالمية بمعنى تجاوز الحواجز الجغرافية والسياسية والاقتصادية والثقافية التي تقف عائقا أمام عمليات التبادل العالمي للسلع والأموال.
 
ولقد ترتب - على إزالة القيود التشريعية والتنظيمية والرقابية على التعاملات المالية بالأسواق الدولية - ابتكار الوسائل والأدوات المالية المتنوعة لمواجهة المخاطر المالية المحتملة تجاه الأسواق المالية إلى التكامل بل إلى الوحدة المالية كقطاع شبه منفصل عن بقية قطاعات النشاط الاقتصادي لدى غالبية الأسواق المالية في الدول المتقدمة والناشئة.
 
ولقد ساعد التطور التكنولوجي في وسائل الاتصالات على عولمة النشاط المالي واندماج أسواق المال العالمية حيث يزيد التقدم التكنولوجي من سيولة الأسواق المالية، وسهولة تدفق رؤوس الأموال والحصول على المعلومات بكلف ضئيلة، وتشير البيانات على أن العالم يتعامل من خلال البورصات والجهاز المصرفي في حوالي 2 تريليون دولار يوميا، في حين لا تتجاوز التجارة الدولية الحقيقية حوالي 50 مليار دولار يوميا،.
 
وهذا الأمر حول أغلب الاقتصاد العالمي إلى اقتصاد رمزي يغلب عليه الطابع النقدي، ويتمثل التغيير الكبير هذا في تغيير حجم الكتلة النقدية مع عدم تغيير الإنتاج الحقيقي والتجارة الحقيقية بنفس الدرجة، ولذلك فإن البنوك جعلت من النقود الناطق الرسمي باسم اقتصاداتها، لتعكس مدى قوتها أو ضعفها، وفي ظل هذه التطورات المتسارعة في مجال المؤسسات المالية والعمل المصرفي .
 
وهنا لنا وقفة فيما يتعلق بحجم الآثار الاقتصادية المترتبة على تلك الاندماجات وانعكاساتها على اقتصادات البلدان العربية ، بحيث يجب ألا ينظر إلى الآثار الاقتصادية للاندماجات الاقتصادية على أنها في الغالب آثار سلبية على الاقتصادات النامية، حيث قد ينجم عن هذه الاندماجات بعض الإيجابيات، وهنا يجب التفرقة بين أثر الاندماجات التي تتم بين المصارف الوطنية واثر الاندماجات التي تتم بين مصارف أو شركات غير وطنية أو بين شركة وطنية وأخرى غير وطنية.
 
فعند اندماج بنوك أو شركات وطنية ينجم عنها تكوين كيانات كبيرة قادرة على المنافسة الدولية، مع زيادة في تدفق الاستثمارات الأجنبية ، وخلق مزيد من فرص العمل وتحسين ميزان المدفوعات ، ولكن الشرط الأساسي لضمان استفادة الاقتصاد الوطني من هذه الجوانب الإيجابية للاندماجات هو أن تكون هذه الاندماجات غير مخالفة لقوانين وسياسات المنافسة المطبقة في الاقتصادات الوطنية.
 
ولقد أكدت النتائج على أن مصارف دول التعاون ومؤسساتها المالية (وهي جزء فعال في الأسواق المالية) بمختلف أحجامها تتأثر أولا بمستوى الكفاءة التشغيلية فيها، وان هذا الأمر ينعكس إيجابا في ارتفاع نسبة رأس المال إلى الأصول من ناحية، وارتفاع مستوى الربحية من ناحية أخرى، وهنالك خطوات يجب أن تتخذ لمجابهة ارتفاع حدة المنافسة عالميا ومحليا من شأنها تقوية كفاءتها التشغيلية.
 
كما انه من الضرورات الإستراتجية للمؤسسات المالية والبنوك أن تهتم بتوفير التدريب والتطوير الوظيفي للموارد البشرية الوطنية حتى يتسنى للبنك تخفيض التكاليف التشغيلية ورفع الإنتاجية والتأقلم السريع مع متغيرات العمل المصرفي سواء من ناحية الأدوات المالية والاستثمارية المعاصرة، أو من ناحية التطورات التكنولوجية المتلاحقة.
 
بالإضافة إلى ذلك، فلقد دلت النتائج القياسية على أنه من ناحية المنظور الاستراتيجي طويل الأمد للمصارف والمؤسسات المالية الخليجية، فمن المهم أن تدرس السلطات المعنية سياسات المنافسة أو الاندماجات كل حالة من حالات الاندماجات الوطنية على حدة، ثم تقرر السير في نهجه من عدمه في ضوء الاستفادة التي تحققها هذه الاندماجات للاقتصاد الوطني.