نبض أرقام
05:54 م
توقيت مكة المكرمة

2025/09/05
2025/09/04

التأمين التكافلي يثير جدلا حول مفارقة سرعة ازدياد عدد شركاته مقابل بطء نمو أعماله

2008/03/30 القبس

هل حققت شركات التأمين التكافلي الأهداف التي تأسست من أجلها؟ وهل تعتبر تجربتها التي لا تتجاوز الأعوام الخمسة في الكويت ناجحة؟ ولماذا يصف البعض هذا النوع من الشركات انه محدود النمو؟ وهل يمكن اعتبار هذا النوع من التأمين دخيلا على السوق؟

يرى خبراء في صناعة التأمين التكافلي أن شركات القطاع لم تنجح حتى الآن في تقديم نفسها كبديل قوي للتأمين التقليدي، بسبب ضعف مستوى الخدمات الذي تقدمه وعدم الابتكار، إلى جانب أنها تقلد شركات التأمين التقليدي دون تقديم ما هو جديد. كذلك انحصرت الاستراتيجية التي اتبعتها للمنافسة في السوق بطريقة حرق الأسعار.

من ناحية أخرى، حمل بعض المختصين وزارة التجارة مسؤولية فشل شركات التأمين التكافلي في تحقيق نمو وفوائض كبيرة بسبب ترخيصها لشركات كثيرة في فترة زمينة قصيرة.

وحول السبب وراء فتح بعض شركات التأمين التقليدي نوافذ منفصلة خاصة بالتأمين التكافلي، قال بعض المعنيين ان شركات التأمين التجاري وجدت في التكافلي نمطاً جديداًَ (موضة) في السوق، كان لا بد أن تتبعه. دون الاكتراث كثيرا بما يتطلبه العمل التكافلي من ضوابط ووجود هيئات رقابة شرعية تراقب عمل هذه الشركات.

وفيما يلي التحقيق الذي أجرته «القبس» مع عدد من المختصين.

الشامي
يرى رئيس مجلس الإدارة في شركة الأولى للتأمين التكافلي خليل الشامي أن شركات التأمين التكافلي العاملة في الكويت تهدف مع الأسف إلى الربح وليس إلى التكافل والتعاون في خدمة المشتركين، والمفروض أن يكون الهدف الأساس من عمل هذه الشركات هو تحقيق التكافل والتعاون بين حملة وثائق التأمين، ويجب أن يكون الربح نتيجة وليس هدفاً.

وعن تقييم التجربة، يقول الشامي انها لا تعتبر ناجحة في المرحلة الحالية، لانها لا تزال وليدة وفي مرحلة المخاض محلياً.

كما يضيف: ان هذه الشركات محدودة النمو بسبب القصور في فهم مبادئ التأمين التكافلي من جهة، وعدم وجود كوادر مدربة من الناحية التأمينية والقواعد الشرعية من جهة أخرى، إضافةً إلى القصور في الإشراف والرقابة عليها.

إلى جانب هذا، هناك دول أخرى سبقت الكويت في تطبيق وتنظيم وتشريع عمل التأمين التكافلي هي دول جنوب شرق آسيا، التي أصدرت من التشريعات ما يناسب ويضمن تطور القطاع واستمراره.

ومع ذلك، يعترف الشامي بأن هناك منافسة بين قطاعي التأمين التقليدي والتكافلي، لكنها تنحصر بالمنافسة التجارية البحتة، ولا توجد استراتيجيات معينة تتبعها كل من شركات القطاعين في منافسة إحداها الأخرى.

أما بالنسبة للعمليات والنوافذ والأنشطة التكافلية التي تقدمها شركات التأمين التقليدي، يقول الشامي ان السبب في ذلك أن شركات التأمين التقليدي وجدت في التكافلي نمطاً جديداًَ (موضة) في السوق، كان لا بد أن تتبعه. ولا يهم فيما يتطلب العمل التكافلي من ضوابط شرعية ووجود هيئات رقابة شرعية تراقب عمل هذه الشركات.

وعن حصة التأمين التكافلي، يتوقع الشامي أن تصل هذا العام إلى 20 في المائة من إجمالي سوق التأمين ككل في الكويت.

البحر
يقول المدير العام في شركة الكويت للتأمين الدكتور علي البحر أن عدد الشركات العاملة في مجال التأمين بالكويت زادت في السنوات الخمس الأخيرة بشكل ملاحظ إلى أكثر من 20 شركة، أغلبها يعمل في التأمين التكافلي. ومن هذا المنطلق ارتأت شركات التأمين التقليدي تقديم خدمات إسلامية تكافلية للحفاظ على حصتها، ولتزيد من عدد عملائها. أي أن السبب وراء افتتاح شركات التأمين التقليدي نوافذ تكافلية منفصلة هو تجاري وتسويقي.

ويضيف البحر: لا يوجد شك في أن شركات التأمين التكافلي أضافت بعداً تسويقياً وتجارياً لسوق التأمين وساهمت بانتشار الوعي والفكر والثقافة التأمينية.

ونفى البحر أن تكون شركات التأمين التكافلي محدودة النمو، لكنه في الوقت ذاته حمّل وزارة التجارة مسؤولية عدم تحقيق تلك الشركات فوائض ونموا كما يجب، بسبب ترخيصها لشركات كثيرة خلال فترة زمنية قصيرة.

وطالب بإعطاء هذه الشركات فرصة للنمو وللتوسع، وطالب الوزارة بالمساهمة في خلق قطاع قوي متماسك، وتعزيز القطاعات في الاقتصاد. واضاف: «لا نستطيع خلق كيانات قوية إذا خلقنا منافسين كثر في فترة زمينة قصيرة».

الحسن
يرى الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب في شركة الخليج للتأمين خالد الحسن أن النوافذ المنفصلة التي تقوم بافتتاحها شركات التأمين التقليدي تعود إلى تلبية متطلبات مجموعة من العملاء من المؤسسات والشركات الإسلامية التي ترغب بالتعامل مع شركات التأمين التقليدي، وذلك وفقاً للنظام الأساسي ومتطلبات اللجان الشرعية في المؤسسات الإسلامية.

ويقول الحسن ان شركات التأمين التقليدي تلجأ لفتح وحدات منفصلة تقدم خدمات تأمين تكافلية باستثمارات وحسابات وميزانيات منفصلة، كما تخضع للجان شرعية مختارة.

من ناحية أخرى، يقول الحسن انه لا يوجد شك في أن شركات التأمين التقليدي لها وضعها في السوق من حيث الإنتاجية والربحية والحصة السوقية بسبب الباع الطويل من الخبرة الذي تتمتع به.

إلا أن شركات التأمين التكافلي من جهتها، تقوم بالدور المطلوب منها وتخدم القطاع، ولا تزال في بداياتها، لذا لا يمكن تقييم تجربتها من حيث النجاح أو الفشل، إذ تحتاج هذه الشركات لمزيد من الوقت لتنمية مواردها وتوسيع رقعة عملائها وخدماتها، وجميع هذه الأمور مرتبطة بإدارتها.

وحول المنافسة، يرى الحسن أنه توجد منافسة بين شركات التأمين التكافلي والتقليدي تقوم على استراتيجية الحصول على عملاء وحصة سوقية، إلى جانب تحسين الخدمات وتطوير نطاق البيع وأساليبه، وتعزيز قدرة العاملين في المجال. وطريقة خدمة العملاء. إضافة إلى طريقة تقديم العروض ودخول المشاريع الكبيرة. والجدير بالذكر أن شركات التأمين التقليدي لا تزال تقود أكبر المشاريع في البلاد.

المنيس
يرى مساعد المدير العام في شركة عين للتأمين التكافلي معاذ عبدالله محمد المنيس أن شركات التأمين لم تحقق الأهداف التي تأسست من أجلها، على الرغم من أن دولة الكويت تعد من أقل الدول من حيث نفاذ شركات التأمين بقطاعيها الى السوق مقارنة بالدول الخليجية والعربية والعالم، وذلك يعود أولاً إلى الاعتقاد الخاطئ بأن نسبة النفاذ الضعيفة عائدة الى أن المانع الشرعي هو السبب الوحيد لهذا الضعف وهذا غير صحيح.
ثانياً : لم تأخذ شركات التأمين التكافلي حصة كافية في السوق بسبب عدم إضافة هذه الشركات للسوق خدمات جديدة، هذا والجدير ذكره أن التأمين كخدمة ليس جيداً حتى الآن في الكويت.

ثالثاً: عندما دخلت شركات التأمين التكافلي الى السوق، لجأت الى تقليد التأمين التجاري ولم تخرج عن الاطار والمنهج الذي تقدمه شركات التأمين التقليدي من حيث تقديم خدمات جديدة.

على الصعيد ذاته، يقول المنيس انه اذا نمت وسارت شركات التأمين التكافلي على الطريقة ذاتها التي تسير عليها شركات التأمين التقليدي، واذا استمرت بعدم التطوير والابتكار، فيمكن اعتبارها غير ناجحة.

وحول ما يقال من أن شركات التأمين التكافلي محدودة النمو، يوافق المنيس على هذه المقولة، ويرى أن السبب في ذلك عدم وجود ابتكار من قبل هذه الشركات الى جانب عدم وجود إيمان بمبادئ العمل التكافلي.

لكن ماذا عن الاستراتيجيات التي تتبعها هذه الشركات لمنافسة شركات قطاع التأمين التجاري أو التقليدي، يقول المنيس انها تلجأ لحرق الأسعار وهذا خطأ.

وحول ما يثار من أن شركات التأمين التكافلي دخيلة على القطاع، يقول نعم في حال واحدة إذا كان دخولها يتمثل فقط بحرق الأسعار وأخذ حصة فقط من سوق التأمين ككل، واستقطاب موظفين من شركات أخرى بطرق غير شرعية وغير أخلاقية، والقيام بممارسات غير شرعية، من حيث إعطاء عمولات للوسطاء بنسبة أكبر على أساس استقطابهم وعدم التعامل مع شركات أخرى.

مجيبل
يعتبر المدير العام في شركة أنشورنس كونسالتنت للوساطة عبد الهادي مجيبل أن أي تجربة تأمين جديدة في الكويت ناجحة، لان أي فلس يدخل في الصناعة يكون إيجابياً ويزيد من الوعي والمنافسة.

وان بعض شركات التأمين التكافلي حقق الأهداف من وراء تأسيسها بالرغم من عمرها القصير.

ويخالف مجيبل الرأي السائد من أن نمو شركات التأمين التكافلي محدود والسبب كما يرى انها استطاعت الوصول لمستهلكين عديدين وأنها موجودة في كل مكان.

لكنه، وفي الوقت ذاته رفض الاعتراف بوجود صناعة تأمين تكافلي، قائلاً: لا يوجد شيء اسمه إسلامي، وإنما هي مجرد فكرة تسـويقية ليس إلا. وذلك لان ميكانيكية توزيع الربح والخسارة موجـودة في صناعة التأمين عالمياً وليس فقط في التأمين التكافلي.

ولفت إلى أن المنافسة بين شركات التأمين التكافلي والتقليدي في الكويت تستند إلى حرق الأسعار التي يكون المستفيد الأكبر منها الزبون.

30 شركة
بلغ عدد شركات ووكلاء التأمين المصرح لها بممارسة أعمال التأمين مؤخرا وفق آخر إحصائية 30 شركة ووكالة. يبلغ عدد شركات التأمين التكافلي من الإجمالي 11 شركة. وعدد شركات التأمين وإعادة التأمين التقليدي 9 شركات.

في حين يبلغ عدد الشركات الأجنبيةالعاملة في الكويت في هذا النطاق 3، وعدد الشركات العربية 7 شركات.

إعادة التأمين ثغرة
يقول المدير العام في شركة شورى للاستشارات الشرعية عبد الستار القطان ان هناك مشكلة بارزة في المبدأ والتطبيق في التأمين التكافلي، ألا وهي أن كل شركة تأمين لا بد أن تمارس عملها من خلال إعادة التأمين لدى شركات إعادة التأمين، وعادة تكون هذه الأخيرة ذات رؤوس أموال ضخمة، مما يصعب الأمر على وجود شركة إعادة التأمين التكافلي. وفي هذا الصدد قال الفقهاء انه لا مانع من إعادة التأمين التقليدي من باب الضرورة، ويشترط لممارسة هذا الأمر أن تلتزم شركات التأمين التكافلي بعدم القيام بإعادة تأمين المخاطر بنسبة 100 في المائة وإنما تعيد التأمين بأدنى الحدود اللازمة لها بما تستطيع فيه ممارسة العمل بشكل صحيح ويرفع عنهم خطر الإفلاس والانهيار.

الفرق بين التأمينَين من وجهة نظر إسلامية
يقول رئيس الهيئة الشرعية في شركة السراج للاستشارات الدكتور نايف العجمي ان الفرق بين التأمين التكافلي والتأمين التقليدي يتمثل بأمور كثيرة، منها:

أن التأمين التكافلي يقوم على فكرة التبرع والتعاون على البر والتقوى، ولذا يكيفه الفقهاء المعاصرون بأنه عقد تبرع، بينما يقوم التأمين التجاري على فكرة الربح للشركة، فهو عقد معاوضة.

يشتمل التأمين التجاري على الغرر والجهالة كما يقول نايف العجمي الذي يضيف: وهذا محرم في عقود المعاوضات، والتأمين التجاري عقد معاوضة فيكون محرما لذلك، وهذا المعنى وإن كان موجودا في التأمين التكافلي فانه مغتفر، لأنه عقد تبرع، والغرر مغتفر في عقود التبرعات.

يوجد في التأمين التجاري التزام تعاقدي بين شركة التأمين والمؤَّمن لهم، وبحسب طبيعة هذا الالتزام، تلتزم الشركة تجاه المؤَّمن لهم بدفع التعويضات إليهم، وفي مقابل هذا الالتزام تستحق كامل الأقساط المدفوعة.

أما في التأمين التكافلي فلا محل لهذا الالتزام، لأن التعويض الذي تدفعه الشركة للمؤَّمن لهم يصرف من مجموع الأقساط المتاحة، فإذا لم تكن هذه الأقساط كافية للتعويض، فإن الشركة تطلب من أعضائها زيادة اشتراكهم لتعويض الفرق، فإن لم تكن الأقساط كافية يكون التعويض جزئياً بحسب الأرصدة المتاحة.

في التأمين التكافلي لا تهدف شركة التأمين إلى الاسترباح من الأقساط، فلا تأخذ الفرق بين أقساط التأمين التي يتم دفعها من المؤَّمن لهم والتعويضات التي تدفعها الشركة للمؤمَّن لهم.
أما في التأمين التجاري فإن الفائض من الأقساط يمثل ربحا للشركة مقابل التزامها بالتعويض وإن زاد عن الأقساط التي دفعها المؤمن لهم.

في التأمين التكافلي تخضع الشركة لأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية في جميع تعاملاتها، بينما تخضع في التأمين التجاري للقوانين التجارية المعمول بها في محاكم كل دولة.

تستثـمر شركات التأمين التكافلي فائض الأموال بصيغ الاستثمار الإسلامية، بينما تستثمر هذه الأموال في شركات التأمين التجاري وفقا لنظام الفائدة المحرم شرعا.

وزارة الداخلية تهدد شركات التأمين التكافلي
هددت وزارة الداخلية مؤخرا بشكل جدي شركات التأمين المحلية بإزالة مصاريف اصدار وثائق التأمين ضد الغير للسيارات وتبلغ 6 دنانير، بعد أن كانت شركات التأمين طلبت من الوزارة رفع نسبة التأمين ضد الغير.

ويعود السبب في ذلك الى أن شركات التأمين التكافلي المحلية أخذت تعطي نسبة 30 الى 40 في المائة من قسط التأمين للوسطاء للقيام بعمليات تجارية لمصلحة هذه الشركات، مما اثار بلبلة في سوق التأمين التكافلي ومشاكل عدة.

وذكرت وزارة الداخلية للمعنيين في هذا النطاق أنه طالما تعطون هذه النسب العالية من العمولات، فأنتم لا تحتاجون للدنانير الستة.
والجدير بالذكر انه لا يوجد سقف تعويض في البلاد، اضافة الى ان الكويت تعتبر اقل دول الخليج من حيث نسبة التأمين ضد الغير.