في خطوة تنظيمية أخرى للقطاع المالي غير المصرفي، أصدرت هيئة أسواق المال تعميماً في نهاية الأسبوع الماضي إلى الشركات المالية الخاضعة لرقابتها، تلزمها فيه، بأن تتقدم لـ «الهيئة» بطلب ترخيص لمزاولة نشاط الأوراق المالية، مع كشف بالأنشطة المالية التي ترغب الشركة في مزاولتها، بحد أقصى نهاية يوم عمل 19 ديسمبر الجاري، وذلك وفقاً لنماذج مخصصة أرفقتها «الهيئة» بتعميمها.
وطلبت «الهيئة» من الشركات المعنية أن تتقدم لها بطلب إلغاء أي نشاط ضمن الأغراض المنصوص عليها في عقد تأسيسها ونظامها الأساسي، إذا لم ترغب الشركة في مزاولته، لشطبه من تلك الأغراض، محذرة من إمكانية إلغاء ترخيص أي شركة إذا لم تمارس أياً من الأنشطة المالية، التي ستحددها هي نفسها ضمن طلب الترخيص، أو توقفت عنها لمدة 6 أشهر متواصلة، بعد حصول الشركة على الرخصة اللازمة لممارسة تلك الأنشطة من قبل «الهيئة».
هذا التعميم، وإن كان موجهاً لجميع الشركات المالية غير المصرفية، من شركات وساطة واستثمار، فإنه يعني بالدرجة الأولى 92 شركة استثمار، مدرجة وغير مدرجة، في ظل أنشطة الأوراق المالية المتعددة التي تزاولها تلك الشركات، من تأسيس وإدارة للمحافظ والصناديق، وتقديم الاستشارات وغيرها، وهو ما يعني أنها مطالبة خلال 11 يوماً فقط من الآن، بتحديد الأنشطة التي ستزاولها كل منها، وإمكانية إلغاء أنشطة أخرى، على أن تأخذ الشركات بعين الاعتبار أن طلب الترخيص لنشاط معين وعدم مزاولته لفترة 6 أشهر، يعني إلغاء الترخيص، وهو ما يجعل الشركات الاستثمارية تسابق الوقت لتنفيذ ما ورد بذلك التعميم.
فوائد
وتعليقاً على جدوى تعميم «الهيئة» الأخير وتنفيذ ما ورد فيه، تحدد مصادر متابعة ذلك في النقاط التالية:
1 - فرز وغربلة قطاع الاستثمار، بحيث تركز كل شركة على أنشطة بعينها، بدلاً من تشتت بعضها في أنشطة متعددة، حتى غدت «سمك.. لبن.. تمر هندي» في ظل كثرة الأنشطة التي ينص عليها عقد تأسيسها ونظامها الأساسي، ودون أن يكون لتلك الشركات نشاط استثماري متميز وواضح لها. فمثل ذلك التعميم وتطبيقه سيكشف شركات استثمار من هذا النوع، ويجعلها أمام خيارين إما النجاح في أنشطة استثمارية محددة، أو الخروج من السوق في نهاية المطاف.
2 - هذا الأمر ستكون له انعكاساته في تخصص كل شركة استثمار بأنشطة مالية معينة، وإلغاء أنشطة أخرى لا تمارسها، أو لا تنشط فيها بشكل كبير ولا تحقق لها الكثير من الإيرادات.
3 - إذا كان هدف خطوة «الهيئة» السابقة بإلزام شركات الوساطة بزيادة رؤوس أموالها إلى ما لا يقل عن 10 ملايين دينار خلال 3 سنوات، يتمثل في تقليص عدد شركات الوساطة، عبر عمليات اندماج وتكوين كيانات أكبر، بما ينتج عنه تقديم خدمات أفضل، فإن التعميم الأخير من شأنه أيضاً أن يؤدي إلى الهدف نفسه في قطاع الاستثمار، فشركات استثمار ستجد نفسها في ظل ما فرضته عليها «الهيئة» من قواعد حوكمة في وقت سابق، وما ألزمها به التعميم الحالي، أمام خيارات محددة: إما تحديد أنشطة معينة والإبداع فيها بما يحقق لها إيرادات كافية للاستمرار، أو أن تندمج مع شركات استثمار أخرى لتكوين كيانات أكبر قادرة على البقاء، أو أن تخرج من السوق.
وفي هذا الإطار، تؤكد المصادر ان تعميم «الهيئة» يعتبر إحدى الخطوات التي سينجم عنها في نهاية المطاف تقليص عدد الشركات الاستثمارية إلى نصف ما هي عليه الآن تقريباً (92 شركة مدرجة وغير مدرجة).
4 - بتحديد الشركات الاستثمارية لأنشطة معينة تزاولها، فإن ذلك سيسهل من متابعة هيئة الأسواق لتلك الشركات ورقابتها بشكل أكبر، فأغراض الشركات ستكون محددة ومعروفة، بما يمكن «الهيئة» من متابعة تلك الأنشطة والقائمين عليها بصورة أفضل، ومعرفة مدى قدرتهم واستيفائهم للشروط المطلوبة لإدارة تلك الأنشطة، وفقاً لمتطلبات هيئة الأسواق في ذلك الجانب.
ملاحظات
في المقابل، فإن مصادر في شركات استثمارية أبدت امتعاضها من التعميم الأخير لـ«الهيئة»، قائلة إن تنظيم القطاع أمر مطلوب، لكن التعميم جاء في توقيت خاطئ لسببين: إن الشركات بشكل عام، ومنها شركات الاستثمار، منشغلة حالياً بإقفالات آخر العام وتسكير الميزانيات، فكان من الأفضل ألا تحشر «الهيئة» الشركات الاستثمارية في أسبوعين من آخر العام لتحديد الأنشطة التي تنوي مزاولتها، وأن تؤجل ذلك مثلاً إلى ما بعد انعقاد عموميات الشركات عن السنة المالية الحالية.
رأي آخر يرى أن التوقيت غير مناسب، لا الآن ولا بعد العموميات، قائلاً إن تشدد «الهيئة» يأتي في وقت غير مناسب، في ظل الأوضاع الاقتصادية وانخفاض أحجام التداول في سوق الكويت للأوراق المالية، وهو ما يجعل توقف أي شركة عن أي نشاط استثماري مرخص له بمزاولته لمدة 6 أشهر أمر وارد الحدوث، مقابل أن الفرصة في ذلك النشاط قد تأتي في أي وقت أيضاً، مضيفاً أن مثل ذلك التعميم سيكون مقبولاً لو أن السوق في وقت رواج، لكن أن يأتي في هذا التوقيت، إضافة إلى تشدد «الهيئة» في تطبيق قواعد الحوكمة على الشركات، فإن ذلك قد يؤدي إلى خروج عدد من شركات الاستثمار من السوق.
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: