يشغل ميناء خليفة بن سلمان مساحة قدرها 110 هكتارات من الأراضي المستصلحة ويقع في شمال شرق مملكة البحرين ويبعد 13 كم من مطار البحرين الدولي، كما أنه متصل بالطريق المؤدية إلى جسر الملك فهد، موفرا خدمات النقل البحري والخدمات الملاحية والخدمات اللوجستية على مستوى عال ووفقا لأعلى المواصفات والمقاييس والمعايير الدولية المعمول بها في هذا الشأن. وتبلغ تكلفة المشروع نحو 135 مليون دينار بحريني.
كما قامت وزارة المالية بتوقيع اتفاق مع شركة APM Terminals البحرين، والتي شملت خمسة عقود تتعلق بحقوق امتياز التشغيل والإدارة لميناء الشيخ خليفة بن سلمان، كما تتعلق العقود بحق تأجير وإدارة وتشغيل ميناء سلمان لحين اكتمال ميناء خليفة بن سلمان.
التخصيص
الحكومة وعبر مجلس التنمية الاقتصادية أدرجت هذه الخطوة، أي خطوة تأجير الميناء لشركة أجنبية في إطار تخصيص خدمات البنية التحتية التي سبقتها الكهرباء وغيرها، حيث قال وزير المالية الشيخ احمد بن خليفة بعد توقيع العقد إن حكومة البحرين حريصة على أن تكون عملية منح امتياز إدارة وتشغيل الموانئ الحكومية مثالاً يحتذى به للمضي في تنفيذ استراتيجية التخصيص طبقاً للخطة الموضوعة، مشيراً إلى أن التخصيص يمثل خياراً استراتيجياً لتعزيز مشاركة القطاع الخاص في مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية طبقاً للتوجهات العامة للقيادة السياسية.
وأضاف الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة أن استراتيجية التخصيص التي تنتهجها الحكومة تسير وفقاً لمنهجية محددة وفي إطار من الإفصاح والشفافية وتركز على ألا ينجم عنها آثار سلبية على العاملين في أي من القطاعات التي تشملها هذه الاستراتيجية، كما أوضح أن تحسين الخدمات في الموانئ من شأنه جذب المزيد من الاستثمارات في القطاع الصناعي والتجاري مما يساهم في تنشيط الاقتصاد الوطني وبالتالي زيادة معدلات النمو الاقتصادي.
ومن جانبه قال الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية إن توقيع عقود امتياز إدارة وتشغيل ميناء سلمان وميناء الشيخ خليفة بن سلمان سوف يساهم بشكل مباشر في تطوير البنية الاقتصادية لمملكة البحرين ويكرس دور القطاع الخاص كمحرك أساسي لمجمل الأداء الاقتصادي للمملكة، مشيراً إلى أن قطاع الموانئ يمثل ركيزة أساسية في القطاعات التي تشملها استراتيجية التخصيص وسوف تتبعه قطاعات أخرى طبقاً لما تنتهي إليه الدراسات المستفيضة التي يتم إجراؤها في هذا الشأن.
كما أشار إلى أن إدارة الموانئ من قبل القطاع الخاص تمثل اتجاهاً عالمياً أثبت نجاحه وفاعليته في زيادة كفاءة النقل البحري وزيادة معدلات التجارة البينية، الأمر الذي انعكس في الأخذ بهذا الاتجاه في الجانب الأكبر من الموانئ في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا والعديد من الدول كسنغافورة وهونج كونج وغيرها.
الفوائد الاقتصادية للتخصيص
يتفق الخبراء أن منح حق امتياز إدارة وتشغيل الميناء لشركات عالمية متخصصة من شأنه تحسين قدرة الميناء في منافسة الموانئ المجاورة عبر تحسين مستوى الإنتاجية في كافة عمليات الموانئ خاصة خدمات المناولة وخدمات محطة الحاويات. كذلك الاستفادة من الإمكانيات التقنية والإدارية والتسويقية للقطاع الخاص الأجنبي ممثلاً في شركة محطات مولر العالمية لزيادة حجم المناولة في موانئ البحرين.
كما سوف تسهم هذه الخطوة في خفض كلفة عمليات التصدير والاستيراد من خلال ربط موانئ البحرين بالدول المصدرة والمستوردة مما سيسهم في تحسين القدرة التنافسية للمنتجات البحرينية وتسويق الموانئ البحرية للبلاد بشكل فعال نتيجة لتواجد الشركة في 43 ميناء في مختلف إنحاء العالم، وذلك بالتعاون بين الشركة والمؤسسة العامة للموانئ البحرية.
كما ان تلك الخطوة سوف تسهم كذلك في تطوير عمليات تسويق الموانئ عالمياً وجذب شركات ملاحة عالمية وشركات تجارية واستثمارية للعمل في المنطقة الحرة المزمع تنفيذها في البحرين مستقبلا، علاوة على تطوير تجارة الترانزيت عبر استغلال ميناء.
ويشير مسئولون في الموانئ أن توقيع عقود الإدارة والتشغيل مع شركة محطات مولر لا يعنى تخلى الإدارة عن دورها في هذا المجال، حيث سيرافق ذلك هيكلة المؤسسة العامة للموانئ بحيث تتولى مسئولية الرقابة على مستوى الخدمات والرسوم المفروضة ومراقبة عمل الشركة فيما يتعلق بتطوير الموانئ.
كما أكدوا أن عملية التوقيع لن تؤثر سلبا على العمالة الوطنية في هذا القطاع، حيث وضعت الإدارة الحلول الملائمة بالتباحث والتشاور مع العاملين وعمدت إلى توظيف عدد كبير منهم حتى وصلت نسبة البحرنة في الشركة الجديدة إلى نحو 90%، كما أنها بدأت بتوظيف البحرينيين في إطار خطة لتوظيف 600 بحريني ستقوم الشركة بتدريبيهم وتأهيلهم في الموانئ التي تديرها في العديد من الدول، هذا إلى جانب توفير التدريب والتأهيل اللازم للموارد البشرية خاصة في قطاع المناطق الحرة.
الأهمية الاقتصادية للميناء
من المنتظر أن يحوِّل ميناء الشيخ خليفة بن سلمان البحري الجديد البحرين إلى مركز رئيسي للملاحة في شمال الخليج؛ بهدف خدمة دول المنطقة التي يبلغ حجم سوقها نحو 400 مليار دولار سنويا.
ووصلت أول حاوية تجارية إلى الميناء، الذي بلغت كلفة إنشائه ملايين الدولارات، في 15 أبريل الماضي، معلنة بدء مرحلة جديدة من النشاط الملاحي في البحرين التي تسعى إلى استغلال الميناء ليكون مركزا إقليميا لخدمة الدول الواقعة شمال الخليج مثل العراق وإيران والمملكة العربية السعودية والكويت بالإضافة إلى قطر.
واستثمرت «APM Terminal» الدنماركية، وهي مشروع مشترك مع شركة كانو البحرينية التي تملك حصة تبلغ 20 في المائة وتدير المشروع، نحو 62 مليون دولار لوضع أنظمة حديثة وآلات للمناولة في الميناء الذي يحتوي على أنظمة تقنية متطورة ونحو 6 مراس للحاويات، يبلغ عمق الواحد نحو 300 متر.
وتبذل جهود لجعل الميناء مركزا لاستقطاب السفن والحاويات المحمَّلة بالمواد التي يتم استيرادها إلى المنطقة، التي تشتد المنافسة فيها نتيجة لتواجد موانئ أخرى في دول مجاورة مثل ميناء الدمام في السعودية الواقع على ساحل الخليج العربي.
وتحتوي مرافق الميناء على أربع رافعات جديدة من طراز بوست باناماكس، تستطيع الوصول إلى 18 صفا من الحاويات، وجدار لرسو السفن يصل طوله إلى 1800 متر، وقناة بعمق 12.8 متر. وتتم عملية تجريف مستمرة للقناة؛ إذ من المقرر أن يصل عمقها هذا العام إلى 14 مترا، بينما يصل إلى 15 مترا في مطلع العام 2010 ليتناسب مع عمق حوض الدوران البالغ 15 مترا.
ويرى خبراء أن رؤية حكومة البحرين المتمثلة في إنشاء ميناء يتمتع بقابلية النمو لخدمة تطلعات البحرين العالمية أصبحت حقيقة واقعة اليوم. مع هذا الميناء، باتت البحرين تضع نفسها في مركز بارز كميناء مركزي مثالي في منطقة شمال الخليج العربي، لتقديم الخدمات إلى أسواق الخليج في السعودية والعراق وشمال إيران والكويت وقطر.
وتوفر البنية التحتية الحالية، والتي تضم مطار البحرين الدولي وجسر الملك فهد الواصل بالسعودية، وجسر «المحبة» المخطط لإنشائه ليربط بين البحرين وقطر، شبكة مواصلات تعزز موقع البحرين في قلب منطقة الخليج. وبالإضافة إلى ذلك، تقع إلى جانب الميناء الجديد منطقة البحرين اللوجستية، التي تعد أول مركز متعدد الاستخدام يركز على إعادة التصدير والفعاليات المضافة.
وسيرفع الميناء الجديد قدرة البحرين لمناولة الحاويات من 250 ألف حاوية، وهو المعدل الحالي، إلى نحو 800 ألف حاوية مع الميناء الجديد، ويمكن رفعها إلى 2,5 مليون حاوية مع إجراء عمليات توسعة إذا استدعت الحاجة.
المنطقة اللوجستية
يتوقع خبراء أن يشهد قطاع الخدمات اللوجستية في مملكة البحرين ازدهارا ملحوظا وطفرة نوعية، مع قرب افتتاح منطقة البحرين اللوجستية المجاورة لميناء خليفة بن سلمان والتي تبعد عن مطار البحرين الدولي مسافة 13 كيلومترا فقط، الأمر الذي يضمن فترة زمنية قصيرة لعمليات النقل اللوجستي البحري والجوي إلى/من منطقة الخليج.
في شهر يوليو الماضي، اعلنت شركة سيفا لوجستيكس (CEVA Logistics) التي تعد رابع اكبر شركة خدمات لوجستية «طرف ثالث» في العالم، عن نيتها لإنشاء مستودع يغطي مساحة 10.000 متر مربع في منطقة البحرين اللوجستية في ظل احتمال التوسع والانتشار.
إن الموقع الجغرافي لمملكة البحرين - التي تبعد عن المملكة العربية السعودية 40 كيلومترا فقط، فضلا عما تتميز به من خطوط ربط ممتازة مع قطر وبقية دول منطقة الخليج - من شأنه أن يمنح الشركات المتخصصة في توريد الأجهزة المرتبطة بقطاع النفط والغاز - قدرة ممتازة على الوصول إلى مختلف الأسواق. إن الجسر بين قطر والبحرين المزمع تنفيذه العام المقبل سيلعب دورا بارزا في تعزيز العلاقة والارتباط بين البحرين وقطر التي تحتوي على ثالث أكبر احتياطي غاز في العالم.
وخلال الشهر الماضي، عرضت المؤسسة العامة للموانئ البحرية المرحلة الأولى من قطع الأراضي والمستودعات في منطقة البحرين اللوجستية وهي معفاة من الضرائب أمام حشد كبير من المستثمرين.
وعبر مستثمرون عن تعطشهم لهذا النوع من الأراضي والمستودعات المعروضة على مساحة 750 ألف متر مربع بأسعار تنافسية في المرحلة الأولى بمنطقة البحرين اللوجستية التي من المتوقع أن تبلغ الاستثمارات فيها نحو 300 مليون دينار، وترفع القدرة الاستيعابية للواردات والصادرات إلى نحو 1,1 مليون حاوية، وتوفر أكثر من 2500 فرصة عمل مباشرة.
وقال رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للموانئ البحرية الشيخ دعيج بن سلمان آل خليفة: «إن منطقة البحرين اللوجستية تعد أول منطقة متطورة وتركز على الخدمات اللوجستية لإعادة التصدير وعمليات القيمة المضافة، ومن المتوقع أن تنجح هذه المنطقة في اجتذاب الشركات التي تحاول اتخاذ البحرين مقرّا لعملياتها».
وأوضح أن البحرين تسعى إلى أن تصبح مركزا بديلا للخدمات اللوجستية لخدمة أسواق دول المنطقة، مؤكدا أن النمو المتسارع الذي تشهده منطقة الخليج والبلدان المجاورة وخصوصا شبه القارة الهندية وشمال أفريقيا، يزيد من حجم الطلبات وبشكل كبير على التبادل التجاري، وشبكات المواصلات المختلفة بين هذه الدول، وتأتي ضمن ذلك أهمية المناطق اللوجستية، مشيرا إلى أن الخيارات البديلة أصبحت مطلبا أساسيّا لمواكبة النمو الحاصل في المنطقة.
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: