أقر مجلس الشيوخ الأميركي تشريعاً ينظم العملات المستقرة المرتبطة بالدولار الأميركي، في خطوة تاريخية تُعد انتصاراً بارزاً لصناعة العملات الرقمية الصاعدة والرئيس دونالد ترمب.
وصوّت المجلس مساء الثلاثاء بأغلبية 68 صوتاً مقابل اعتراض 30، في لحظة نادرة من التوافق بين الحزبين داخل مجلس شديد الانقسام، رغم أن الجمهوريين عرقلوا جهود الديمقراطيين لمنع ترمب من تحقيق مكاسب مالية من مشاريعه الكثيرة المرتبطة بالعملات المشفرة أثناء توليه المنصب. وتبلغ القيمة السوقية لعملة مستقرة مرتبطة بترمب حالياً ملياري دولار.
في المقابل، يعمل مجلس النواب على إعداد تشريعه الخاص، بما في ذلك مشروع قانون أشمل ينظم السوق الأوسع للعملات الرقمية. وسيحتاج النواب الآن إلى اتخاذ قرار بشأن تمرير مشروع مجلس الشيوخ، أو التفاوض على صيغة تسوية بين المجلسين.
تشريع يتوج سنوات من الجهود التشريعية
جاء التصويت على العملات المستقرة تتويجاً لسنوات من الجهود التشريعية، ويُعتبر حتى الآن الإنجاز الأكثر واقعية لصناعة العملات الرقمية في الولايات المتحدة، بعد أن ضخت مئات الملايين من الدولارات لدعم انتخاب كونغرس صديق للعملات المشفرة.
وكان عمالقة الصناعة قد ضخّوا أموالاً طائلة في انتخابات العام الماضي ضمن أكبر تحالف تمويلي من لجان العمل السياسي في تاريخ الولايات المتحدة، ويخططون لخطوات مماثلة في انتخابات منتصف الولاية لعام 2026.
وسيتوجب على العملات المستقرة المرتبطة بالدولار أن تحتفظ باحتياطيات تعادل قيمتها بالكامل، على شكل ديون حكومية قصيرة الأجل أو أدوات مالية مماثلة خاضعة لإشراف الجهات التنظيمية على المستوى المحلي أو الفيدرالي.
ويأمل الداعمون أن يجعل هذا التشريع من العملات المستقرة وسيلة دفع سائدة. وقد أيد عدد من تجار التجزئة مشروع القانون، باعتبار أن هذه العملات قد تتيح معالجة أرخص وأسرع للمدفوعات مقارنة بمنتجات القطاع المصرفي التقليدي مثل بطاقات الائتمان والشيكات.
البنوك الصغيرة تحذّر
حذرت البنوك، وخصوصاً الصغيرة منها، من احتمال أن يؤدي المشروع إلى سحب الودائع وتقليص فرص الحصول على الائتمان. في المقابل، تدرس البنوك الكبرى إصدار عملاتها المستقرة الخاصة بها، التي تدرّ أرباحاً من الفوائد على الاحتياطيات.
وتعد سوق العملات المستقرة بالفعل قطاعاً مربحاً، إذ تجني شركة "تيذر هولدينغز" مليارات الدولارات من احتياطياتها.
كما أن شركات التكنولوجيا وغيرها من الشركات الكبرى غير المالية ستكون قادرة على إصدار عملاتها المستقرة الخاصة في حال تحوّل المشروع إلى قانون، ما قد يقلب مبدأ الفصل التقليدي بين القطاع المالي وقطاع الأعمال.
وقد فشلت عدة محاولات لتعديل مشروع القانون في مجلس الشيوخ، بما في ذلك تعديلات تتعلق بترمب، ومنافسة بطاقات الائتمان، وحماية المستهلك، ومخاطر احتمال إنقاذ حكومي مستقبلي للعملات المستقرة، التي لن تكون مشمولة بتأمين الودائع الفيدرالي.
ترمب ووزير الخزانة يدعمان المشروع
قال تيم سكوت، رئيس لجنة البنوك في مجلس الشيوخ، وهو جمهوري من ولاية ساوث كارولاينا، إنه يتوقع عقد جلسة استماع في يوليو بشأن مشروع قانون شامل لبنية سوق العملات الرقمية، لكنه لا يتوقع أن يُمرر في مجلس الشيوخ قبل الخريف.
ويواصل الداعمون، بمن فيهم الرئيس ترمب ووزير الخزانة سكوت بيسنت، الترويج لفكرة أن العملات المستقرة المرتبطة بالدولار يمكن أن تزيد من الطلب العالمي على الدولار والديون الأميركية.
من جهتها، قالت مجموعة من أعضاء الحزب الديمقراطي بقيادة عضو مجلس الشيوخ إليزابيث وارن، إن مشروع القانون لا يوفر حماية كافية للمستهلكين والنظام المالي في حال تعثّر مصدرو العملات المستقرة، ما يعرض العملاء لخطر فقدان أموالهم ويغذي مطالبات محتملة بإنقاذ حكومي من أموال دافعي الضرائب. كما عبّرت المجموعة عن رفضها تمرير أي تشريع لا يمنع استفادة ترمب المالية من العملات المشفرة.
وقال عضو مجلس الشيوخ الجمهوري بيل هاغرتي من ولاية تينيسي، الراعي الرئيسي للمشروع من جانب حزبه، إنه تحدث مع ترمب ويتطلع إلى تسليمه مشروع القانون "في وقت قريب جداً". وأضاف أنه يأمل أن يمرّر مجلس النواب مشروع القانون "بأسرع ما يمكن".
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: