شهد وضع الاستثمار الدولي لدولة الكويت بنهاية النصف الأول من عام 2025 تطورا إيجابيا على مستوى الأصول الخارجية ومتانة المركز المالي الكلي للدولة، مدفوعا بالنمو الملحوظ في الاستثمار المباشر للقطاع الخاص في الخارج، الذي ارتفع إلى نحو 18.42 مليار دينار مقارنة بـ 15.86 مليار دينار في نهاية النصف الأول من عام 2024، بزيادة سنوية قدرها 2.56 مليار دينار، وبما يعادل ارتفاعا نسبته نحو 16.1%.
ويعكس هذا النمو توسعا واضحا من قبل الشركات الكويتية والبنوك المحلية نحو تملك أصول استراتيجية واستثمارات قائمة على حقوق الملكية في الأسواق العالمية، حيث ارتفعت حقوق الملكية ضمن الاستثمار المباشر إلى 17.84 مليار دينار مقارنة بـ 15.4 مليار دينار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وذلك بزيادة قدرها 2.44 مليار دينار ونسبتها نحو 15.9%، كما تزايدت استثمارات شركات الاستثمار من 2.91 مليار دينار إلى 3.63 مليارات دينار، وذلك بزيادة قدرها 710 ملايين دينار وزيادة نسبتها نحو 24.5%.
ويأتي هذا التطور ضمن سياق تحسن صافي وضع الاستثمار الدولي للكويت، الذي ارتفع إلى 38.18 مليار دينار بنهاية النصف الأول من 2025، مقابل 34.13 مليار دينار بنهاية النصف الأول من 2024، بنمو سنوي نسبته 11.85% تقريبا، نتيجة نمو الأصول الخارجية بوتيرة أعلى من المطلوبات، وتدل هذه النتيجة على قوة الدولة في الحفاظ على وضع دائن صاف تجاه العالم الخارجي، أي ان الكويت تمتلك أصولا خارجية تتجاوز التزاماتها الخارجية بفارق مريح، مما يدعم مرونة الاقتصاد وتعزيز الثقة بالملاءة المالية للدولة على المدى الطويل.
وقد بلغ إجمالي الموجودات الخارجية للقطاع الخاص الكويتي 74.79 مليار دينار مقابل 65.21 مليار دينار قبل عام، حيث ساهمت عدة مكونات في هذا الارتفاع، أبرزها الاستثمار المباشر، إلى جانب الاستثمار في محفظة الأوراق المالية الذي ارتفع إلى 10.21 مليارات دينار مقارنة بـ 8.3 مليارات دينار، مدفوعا بارتفاع استثمارات حقوق الملكية من 3.07 مليارات دينار إلى 3.43 مليارات دينار، بزيادة نسبتها 11.9%، وزيادة أدوات الدين داخل المحفظة من 5.23 مليارات دينار إلى نحو 6.77 مليارات دينار، بزيادة نسبتها 29.6%، وهو ما يؤكد توسع دور البنوك المحلية والمستثمرين في السندات والأدوات المالية الدولية ذات العائد المستقر.
كما ارتفعت أدوات الدين ضمن الموجودات إلى نحو 575.2 مليون دينار، مقارنة بنحو 458.3 مليون دينار خلال النصف الأول من 2024، بزيادة نسبتها 25.5%، وارتفعت أيضا المشتقات المالية إلى 6.24 مليارات دينار مقارنة بنحو 3.41 مليارات دينار، أي بنسبة نمو بلغت 83.1%، في دلالة على نمو متسارع في نشاط التحوط وإدارة المخاطر لدى البنوك المحلية والمؤسسات المالية الكويتية، بما يتماشى مع الممارسات المالية العالمية المتقدمة.
وفي الوقت ذاته، شهد بند الاستثمارات الأخرى نموا مؤثرا ليبلغ 25.54 مليار دينار بدلا من 23.20 مليار دينار، مدعوما بارتفاع الودائع الخارجية للبنوك المحلية إلى 8.91 مليارات دينار مقارنة ب 7.93 مليارات دينار سابقا، بزيادة نسبتها 12.3%، إضافة إلى ارتفاع القروض الممنوحة لجهات خارجية من 10.21 مليارات دينار إلى 11.29 مليارات دينار، بزيادة نسبتها 10.5%، وكذلك زيادة الائتمان التجاري إلى 1.48 مليار دينار مقابل 1.44 مليار دينار، بزيادة نسبتها 3%، وهو ما يؤكد الدور المتصاعد للقطاع المصرفي الكويتي في توفير التمويلات وعمليات الوساطة عبر الحدود.
كما حافظت الأصول الاحتياطية لبنك الكويت المركزي على مستويات مستقرة بلغت 14.37 مليار دينار بنهاية النصف الأول من 2025، مقارنة بنحو 14.42 مليار دينار خلال النصف الأول من 2024، مع استقرار الذهب النقدي عند 31.7 مليون دينار وهو مسجل بالقيمة الدفترية، وتوازن حقوق السحب الخاصة، مما يعزز استقرار العملة واستدامة السياسة النقدية.
في المقابل، ارتفعت إجمالي المطلوبات الخارجية للكويت إلى 36.60 مليار دينار مقارنة بـ 31.07 مليار دينار في نهاية النصف الأول من 2024، وهي زيادة طبيعية في ظل توسع حركة رؤوس الأموال الدولية وثقة المستثمرين العالميين بالقطاع المصرفي الكويتي، فقد ارتفعت المطلوبات من الاستثمار الأجنبي المباشر في الكويت إلى 5.17 مليارات دينار مقارنة بـ 5.06 مليارات دينار، بزيادة نسبتها 2.1%، مع بقاء حقوق الملكية الأجنبية مستقرة عند مستوى آمن، ما يدل على محافظة المستثمرين الأجانب على حصصهم في المشروعات داخل الكويت.
كما سجلت مطلوبات محفظة الأوراق المالية نموا إلى 4.43 مليارات دينار مقارنة بنحو 3.69 مليارات دينار، بزيادة نسبتها 20%، نتيجة زيادة الاهتمام الأجنبي بأدوات الدين الكويتي، وارتفعت أيضا مطلوبات المشتقات المالية إلى 6.22 مليارات دينار مقارنة بـ 3.35 مليارات دينار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، بنسبة نمو بلغت 85.8%، في ظل تطور المنتجات المالية وعقود التحوط في السوق المحلي بالتوازي مع توسعها ضمن جانب الموجودات.
أما الاستثمارات الأخرى ضمن المطلوبات، فقد سجلت أعلى مساهمة في نمو الالتزامات الخارجية، مرتفعة إلى 20.77 مليار دينار مقارنة بـ 18.96 مليار دينار، بزيادة نسبتها 9.6%، نتيجة زيادة ودائع غير المقيمين والقروض الخارجية الموجهة للبنوك والقطاع المالي داخل الكويت، إضافة إلى ارتفاع المطلوبات قصيرة الأجل للقطاع الخاص والتزامات الحكومة العامة.
كما ان استمرار الفارق الإيجابي الكبير بين موجودات الكويت الخارجية ومطلوباتها يعزز مكانتها كدولة دائنة عالميا، ويوفر لها رصيدا قويا من القدرة على تمويل احتياجاتها دون اللجوء للاقتراض الخارجي، ويمنحها مرونة استراتيجية في مواجهة التقلبات الاقتصادية والجيوسياسية حول العالم، مع تأكيد أن القطاع الخاص الكويتي بات يلعب دورا أكبر في تكوين هذا المركز المالي الداعم لمستقبل الاقتصاد الوطني.
وتستند تلك البيانات إلى بنك الكويت المركزي والتي ترصد وضع الاستثمار الدولي لدولة الكويت، والتي تشتمل على الأرصدة الخارجية لكافة القطاعات عدا الحكومة العامة، وبالنسبة للحكومة العامة متضمنة فقط ضمن بيانات الائتمان التجاري وقروض الصندوق الكويتي للتنمية، وتشمل البيانات المجمعة للبنوك التجارية، والبنوك المتخصصة، والبنوك التي تعمل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، وتمثل بيانات مجمعة لشركات الاستثمار، والتأمين، والتمويل، والصرافة، وصناديق الاستثمار، وبعض وحدات القطاع الخاص غير المالي.
كن أول من يعلق على الخبر
                            
            
تحليل التعليقات: